تاريخ الإعلام ورأي الكنيسة الكاثوليكية فيه

 

في يوم الاثنين الموافق 29 نوفمبر لسنة 2010 دعا الحبر الأعظم قداسة البابا بندكتس السادس عشر وسائل الإعلام الكاثوليكية إلى "خدمة الحقيقة بشجاعة"، وأود بهذه الدعوة الحبرية أن أسرد للقارئ الحبيب تاريخ الإعلام(الميديا)، ورأي الكنيسة الكاثوليكية وأحبارها المبجلين في شأن الإعلام.

 

1- نشأت الإعلام:

أ- الإعلام الورقي:

وافانا التاريخ أولى صحِيْفة هي مخطوطات تنشرها الحكومة في الأماكن العامة، وكانت أول صحيفة إخبارية هي: "أكتا دييرنا" أو (الأحداث اليومية)، التي بدأت في روما سنة 59 قبل الميلاد. وأول صحِيْفة يومية ظهرت في العالم صدرت في الصين واسمها«ديا باو» (أخبار العاصمة الصينية) وذلك في سنة400ميلادية.

وعندما اكتشفت حروف الطباعة عن يد يوحنا جوتنبرج سنة 1438، وطبع نص الكتاب المقدس لأول مرة في تاريخ العالم الذي استغرق من سنة 1452-1456.  وكانت أول صحِيْفة مطبوعة منتظمة النشر في أوربا هي أفيزا رليشيتن أودر تسايتونج، بستراسبورج بألمانيا سنة 1609،  وصدرت أول صحيفة في إنجلترا عام 1622وهي ويكلي نيوز.

وعندما تمّ إنشاء مطبعة بمجمع انتشار الإيمان بروما أو البروبغندةcongregatio de propaganda fide   والتي أوكلت من قبل الأحبار الرومانيين إلى الكردينال فرنسيس إنغولي الذي اتخذ له مساعدًا رجلاً ماهرًا بحفر الحروف اسمه فرنسيس كابولين, وكان باكورة مطبعة البروبغندة تفسير التعليم المسيحي الواسع للكردينال بلّرمينوس اليسوعي وعرّبه إلي اللغة العربية الخوري حنا الحصروني الماروني, وطبع سنة 1627, ثم توالت بعد ذلك تآليف أخري كإجابة الراهب كودانولس على أحمد ابن زين العابدين (1637).

ومن هذا الزمن انتشرت الطباعة، وأيضًا قد وافانا التاريخ أن أول مجلة عرفها العالم صدر عددها الأول في شهر  يناير لسنة 1731 وكان إسمها «مجلة الجنتلمان»(The Gentlman\’s Magazine)  

، وكان صاحبها "إدوارد كيف" أوّل من استخدم كلمة Magazine بمعنى مجلة، ومعناها الأصلي مستودع الأفكار أو المعلومات، والذي يدهش فيها أنها مشتقة من الكلمة العربية "مخازن". وفي سنة 1739 صدرت ثاني مجلة عرفها العالم هي«الاسكتلندية» The Scots Magazine، وكانت أول جريدة مصرية هي:«الوقائع المصرية»، وتأسست في عهد الوالي محمد علي باشا في يوم 3 ديسمبر لسنة 1828.

وكان هنري غلياردو (قنصل فرنسا في حيفا) أول من أرّخ للصحافة العربية، حين كان ترجمان دولته في القاهرة، وكتب عام 1884 تقريرًا بالفرنسية حول هذا الموضوع. وجاء بعده جرجي زيدان فكتب في العدد الأول من مجلته الهلال  التي صدرت في الأول من شهر سبتمبر لسنة 1892مقالاً من ثماني صفحات بعنوان الجرائد العربية في العالم. عدّ فيه 147 صحيفة حتى ذلك التاريخ.

ب- الإعلام المرئي:

1- قام توماس أديسون (1847-1931) ومساعده بتطوير صندوق يعرض صورا ثابتة بواسطة مصدر ضوء اسمه (نيتسكوب)، وهو عبارة عن صندوق يعرض صورا ثابتة تتحرك بواسطة مصدر ضوء.

2- في سنة 1895 سجل الأخوان "أوجيست" و"لوميير" اختراع أول جهاز يمكن من خلاله بث عرض سينمائي أطلق عليها اسم  السينماغراف .

3- في عام 1925 تم ربط الصوت مع الصورة وبدأ أول فيلم ناطق بالتاريخ.

4- عطلت الحرب العالمية صناعة السينما في أوروبا بينما نجحت في الولايات المتحدة الأمريكية، وتم اختيار  هوليود  كمركز لصناعة الأفلام  دخلت السينما عصرها الذهبي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

5- وكان أول عرض فيلم سينمائي تجاري في العالم، كان في 28 ديسمبر لسنة 1895 في الصالون الهندي بمقهى"جران كافيه" بشارع كابوسين بالعاصمة الفرنسية – باريس.

6- وأمّا أول عرض سينمائي في مصر بعد هذا العرض بحوالي أسبوع واحد فقط بمقهى:"زواني"، وأول عرض بالقاهرة كان في 28 يناير 1896 بدار سينما: "سانتي" بالقرب من فندق شبرد(القديم) بالأزبكية. 

أمّا أول فيلم روائي مصري، فكان فيلم: "قبلة في الصحراء" إنتاج وبطولة الأخوين: "إبراهيم لامّا" و"بدر لامّا" والذي عرض في سينما الكوزموجراف الأمريكانى  بالإسكندرية في أول مايو لسنة 1927.

وبعد هذه البانوراما البسيطة والمتواضعة جدًا، أود أيها القارئ الحبيب أن الإعلام المرئي في أيامنا هذه له تأثير كبير على عقول البسطاء، والعلماء أيضًا، وربما ولا شك على الكنيسة.

 

2- الإعلام هو أساليب التغيير الاجتماعي:

قال أحد الفلاسفة: «أعطني مسرحًا وخبزًا، أعطيك شعبًا» ولو أن هذا الفيلسوف يعيش بيننا اليوم لطلب: «فيلمًا سينمائيا» بدلاً من المسرح، فقد أصبح الفيلم هو المؤثر الأول في شرائح المجتمع البشري، وصاروا المشاهدين يتأثرون تأثيرًا كبيرًا لا حد له من الصور الناطقة التي لها ذات أثر قوي في الحياة الاجتماعية في حياة الجماهير.

ويجب على الإعلام أن يعيش الوظائف الأربعة هذه:

 

أ- الوظيفة الأولى: تحديد المنتج الملائم:

يجب أن يخلق منتجًا اجتماعيا جديدًا لسد احتياجات لم تشبع بعد، أو أن يصمم منتجًا أفضل من المنتجات المتوفرة في السوق. ولابد للمسوق للإعلام أن يعرف ما بداخل شرائح المجتمع، فالمجتمع مخدّر تمامًا عن الواقع، فأين نشر ثقافة المحبّة؟، والسلام؟، قبول واحترام الآخر كما هو؟… وهذا ما قاله الطيب الذكر قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني، في الخطاب الذي ألقاه أمام أخصائيين في الإعلام، لوس أنجلس، يوم 15 سبتمبر لسنة 1987:«يتعيّن على العاملين في المجال الإعلامي – وفي سبيل الخير العام- أن يبذلوا ما بوسعهم، للاتصال بالأشخاص، لا لمخاطبتهم وحسب. وهذا يعني أن يتعرّفوا إلى احتياجات الأشخاص، وأن يدركوا جهودهم ويعرضوا جميع أشكال الاتصال، مع الإحساس بما تقتضيه الكرامة الإنسانية».

 

 

ب- الوظيفة الثانية: تصميم المنتج الملائم:

يجب على المسوقين للإعلام أن يراعي الآتي:

1- أن يكون التقديم للموضوع بشكل يتلاءم مع الفكرة أو الممارسة.

2- إظهار المنتج بشكل يدعم طريقة تقديم الموضوع.

3- الحرص على أن تدعم رسائلهم ما يدعون إليه، بحيث تنسجم هذه الرسائل مع طبيعة الفكرة أو الممارسة؛ فعندما نسوق لقضية أو فكرة تشتمل على شيء مادي ملموس.

 

جـ- الوظيفة الثالثة: التغيير:

يجب على الإعلام أن يضع من ضمن أهدافه رقيّ  شرائح المجتمع إلى حياة أفضل، وتشمل الآتي:

1- تغيير معلومات الأفراد.

2- تغيير إدراك الأفراد.

3- تغيير اتجاهات الأفراد.

وإذا الإعلام أخذ على عاتقه هذا التغيير نجد تغيير في المعرفة، وفي الفعل، وفي السلوك اليومي، وأيضًا في المبادئ والقيم الإنسانية.

 

د- الوظيفة الرابعة: الأمانة:

إذا فقد الإعلام مصداقيته سقط من نظر شرائح المجتمع، ويجب أن يعيش الأمانة في كل شيء، فيجب على الإعلام أن ينقل الحقيقة كما هيّ، دون أن يقلل من شأنها، فإذا كان الكلام على غير معناه، أو على عكسه، فيكون هناك خداع وتضليل. وهذا مسيء إلى الحقيقة، وإلى القريب. وهذا يوقع البلبلة في شرائح المجتمع، فلا يعود الناس يفهمون ما يقال لهم. وهذه البلبلة غالبًا ما نشاهده من وسائل إعلام هذا اليوم، فيطلق الخبر، ويأتي من يكذبه، ثمّ من يؤكده، ويعلّق عليه، ويسرد ظروفه، إلى ما هنالك من أقاويل، حتى ليضيع القارئ، ولا يعود يعرف أين تكمن الحقيقة؟. وهذا هو الأذى بعينه. ومن طبع الحقيقة أن تشرق كالشمس.  

 

 3- الإعلام وتغيير الوسائل القديمة:

هبت علينا تكنولوجيا حديثة دون أن نستعد لها بكل المقاييس والمستويات، حتى أصبحت ضرورية في حياتنا اليومية.

 

1- من السبورة إلى شاشات الكمبيوتر والإنترنت والدش والموبايل:

منذ قدم البشرية، والإنسان تعلّم القراءة والكتابة في آن واحد من خلال اللوح الأسود المعلّق على جدران فصول التعليم، وتلك الأصابع المسمّى بالطباشير، وهذه ساهمت في تعليم البشر عبر مئات لا بل آلاف السنين، ومن هذا التعليم تخرّج آباء وأنبياء ومعلّمين وقديسين وعلماء….

ولقد تطور استخدام السبورة، فتغير لونها الأسود إلى ألوان أخرى، وتعددت أشكالها، فمنها من يحمل، ومنها ثابت، ومنها متحرك، وأخيرًا استبدلت باللوحات الوبرية واللوحات الورقية المتنوعة بألوان كثيرة، ويُسطّر عليها بأقلام الفلوماستر المتعدد أيضًا بألوان كثيرة.

 

2- من المكتبة المتكدسة بالوثائق والكتب والموسوعات إلى بنك المعلومات:

وصف البابا يوحنا الثالث والعشرون عالم الإعلام بأنه: «عالم تفجير التقدم التكنولوجي». في رسالته العامة بعنوان:«تقدّم الاكتشافات الرائعة» الصادرة عام 1957، قال البابا بيوس الثاني عشر أنه  ينبغي أن ننظر إلى وسائل الإعلام على أنها "هبات من الله" وهي "وسائل جبارة موضوعة في متناول البشر تتطلب من المعنيين بتداولها حساً عالياً بالمسؤولية"، كما عبر يوحنا بولس الثاني.

من جهته، وصف البابا بولس السادس وسائل الإعلام الحديثة: «بأنها سيدة التفكير العام والمعلمة التي تتوجه إلى الراشدين فيما يتوجه المعلم التقليدي إلى التلاميذ فقط وفي فترة زمنية محددة، أنها تؤدي للجنس البشري خدمات جليلة إذا استُخدمت على وجه سليم، ولها القدرة على التثقيف والترفيه في آن». في أواخر الخمسينات من القرن العشرين ظهرت شاشات الكمبيوتر والإنترنت والدش والموبايل، فألغت كل الوسائل القديمة، ومع تقدم مجالات التكنولوجيا الحديثة  الإلكترونية تغير مفهوم  المكتبة مرة أخرى وصارت إلى بنك: "المعلومات" حيث تختزن المعلومات في سائر مجالات المعرفة البشرية. وقد تنوعت بنوك المعلومات، ومنها ما تخصص في مجالات معينة، ومنها بنوك خاصّة بالصور أو الأخبار أو الأعمال التجارية وأعمال البورصة أو الطقس أو الأحداث الجارية أو الأخبار المرئية.

 

4- رأي الكنيسة الكاثوليكية في الإعلام:

ينص التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية في استعمال وسائل الاتصال الاجتماعيّ في البند رقم 2493:«لوسائل الاتصال الاجتماعيّ، في المجتمع الحديث، دور خطير في الإعلام وتعزيز الثقافة والتنشئة. ويتنامى هذا الدور بفعل التقدّم التقنيّ وشمول الأخبار المنقولة وتنوعها، والتأثير الحاصل في الرأي العام».

وأيضًا في البند رقم 2494:«الإعلام بالوسائل الحديثة هو في خدمة الخير العام. فالمجتمع له الحق في إعلام مبنيّ على الحقيقة والحريّة والعدالة والتضامن:

"إن حُسن مزاولة هذا الحقّ يقضي بأن يكون الإعلام الاجتماعيّ في مضمونه صادقًا على الدوام وكاملاً، مع مراعاة حقوق عدالة المحبّة؛ وأن يكون إلى ذلك، لائقًا في صيغته متلائمًا مع موضوعه، أي مراعيًا، في الحصول على الأخبار ونشرها، قدسيّة الشرائع الأدبية وحقوق الإنسان وكرامته"»

3- رقم 2495:«لا مناص لجميع أعضاء المجتمع من القيام، في هذا المجال أيضًا، بما عليهم من واجبات العدالة والمحبّة؛ لذلك يجتهدون، بطريق وسائل الإعلام هذه أيضًا، أن يخلقوا رأيًا عامًّا سليمًا. فالتضامن يبدو كنتيجة لإعلام صادق وصائب، ولحريّة تداول الأفكار، التي تُعزّز معرفة الآخرين واحترامهم».

4- رقم 2496: «تستطيع وسائل الاتصال الاجتماعيّ (وعلى الخصوص الوسائل الجماهيريّة) أن تولّد عند مستعمليها شيئًا من انعدام النشاط، فتجعل منهم مستهلكين للرسالات والمشاهد على غير حذر. فعلى هؤلاء أن يفرضوا على أنفسهم الاعتدال والنظام إزاء الوسائل الجماهيريّة. وعليهم أن يكوّنوا لأنفسهم ضميرًا مستنيرًا ومستقيمًا ليقاوموا بسهولةٍ أكبر التأثيرات الأقل صلاحًا».

5- رقم 2497: «والمسؤولون عن هذه الوسائل مُلزَمون، بحكم مهنتهم الصحافية، أن يخدموا الحقيقة، وأن لا ينتهكوا المحبّة، عندما يذيعون المعلومات. وعليهم أن يجتهدوا في أن يحترموا ويراعوا على قدم المساواة طبيعة الأحداث وحدود الحكم الناقد للأشخاص. وعليهم تجنّب الوقوع في تشويه سمعة الناس».

6- رقم 2498: «ترتبط السلطة المدنية بواجباتٍ خاصّة بسبب الخير العام. فعلى السلطات العامّة أن تدافع عن حرّية الإعلام الحقيقيّة والصوابيّة وأن تصونها. وعلى السُّلطات العامّة، عندما تُصدر الشرائع وتسهر على تنفيذها، أن يتأكّد لها أنّ سوء استعمال الوسائل لا يؤدي "إلى التسبّب بأضرارٍ جسيمة للأخلاق العامّة ورقيّ المجتمع". وعليها معاقبة الإساءة إلى حقوق كلّ إنسان في سُمعته وسرّية حياته الخاصّة. وعليها أن تُعطي المعلومات المتعلّقة بالخير العام في أوانها وبصدق، أو أن تجيب عمّا عند الشعب من قلقٍ له مبرّراته. وما من شيء يُمكن أن يسوّغ اللجوء إلى المعلومات الكاذبة لتوجيه الرأي العام بطريق الوسائل الجماهيريّة. ويجب أن لا تُسيء هذه التدخّلات إلى حريّة الأفراد والجماعات».

4- رقم 2499: «تندّد الأخلاق بآفة الدول التوتاليتاريّة (شكل من أشكال الحكم، نقيض الديمقراطية، أحد الأنظمة التسلطية، ظهر هذا الشكل من الحكم في عشرينيات القرن الماضي) التي قاعدتها تزوير الحقيقة، والتي تمارس بالوسائل الجماهيريّة تسلُّطًا سياسيًّا على الرأي، والتي تتلاعب بالمتَّهمين والشهود في الدعاوي العلنيّة، وتتصوّر أنّها تثبّت تسلّطها عندما تخنق وتقمع كل ما تعتبره بمثابة جريمة رأي».

 

5- فكر الأحبار الرومانيين في الإعلام:

من حبرية الطيب الذكر قداسة البابا إكليمنس الثالث عشر، وهو الذي اهتم اهتمامًا كبيرًا حول طباعة الكتب ودور الكنيسة في التوعية، ثمّ أخذ الأحبار الرومانيين على عاتقهم هذه المهمّة، وقد سطّر قداسة البابا بيوس 12 يوم 21 يوليو 1945:«إن الذين يتخذون من الإعلام حرفة لهم، يقومون بمهمّة خطيرة، شاقّة، تخف بها المخاطر، فهم يتعرضون مثلاً للاصطدام بمن يتعمدون إخفاء الحقيقة جرًّا لغنم، ويترصّد هذا الخطر على الأخص المراسلين الذين يتجشّمون مشقة السفر إلى أربعة أقطار العالم لتغطية الأحداث»  وأعلن البابا بيوس الثاني عشر، إنشاء لجنة بابوية خاصة بالسينما والراديو والتلفزيون، ثم ثبتها البابا يوحنا الثالث والعشرون عام 1959 كلجنة دائمة في الفاتيكان، وحين انعقد المجمع الفاتيكاني الثاني خصص في الدورة الثانية: من 28 سبتمبر إلى 4 ديسمبر لسنة 1963، وانعقدت أثنائها 44جلسة،  وصدرت في نهايتها أي4 ديسمبر لسنة 1963: « قرار وسائل الإعلام الاجتماعية».

 وبعد هذا القرار المجمعي أي في السنة 1964صيّر البابا بولس السادس اللجنة البابوية الخاصة بالسينما والراديو والتلفزيون إلى لجنة حبريه لوسائل الإعلام الاجتماعية، مضيفاً إلى دائرة صلاحياتها الإعلام المكتوب، ومنذ 2 مايو 1967 ومع البابا بولس السادس، درج البابوات على إصدار رسائل حبرية سنوية في مناسبة اليوم العالمي لوسائل الإعلام الاجتماعية، الذي يُنظّم عادة يوم الأحد السابق لعيد العنصرة من كل سنة في معظم أنحاء العالم. وأكد قداسة البابا بولس السادس: «أنه من الأهمية بمكان أن تعطى، فضلاً عن الإعلام الواضح النزيه،  رؤية مسيحية عن الواقع والأحداث؛ وهذا ما تأخذه الصحيفة الكاثوليكية على عاتقها- وهذا مبرّر وجودها-، ولكنّها وياللأسف غالبًا ما تكون وحدها […] كيف السبيل كي نضفي على رأي العام والتربية الإجتماعية معنى أدبيًا متينًا قويمًا سليمًا منفتحًا، إن لم يرتفع كلّ يوم صوت صحيفة جريئة حرّة، تكون صدى أمينًا لثقافتنا الكاثوليكية، وحافزًا على نشر رسالتنا والمسيحية» والجدير بالذكر هو أن الكنيسة قد أعلنت القديسة كلارا، عذراء أسيزي، شفيعة لأهل الإعلام التلفزيوني، والقديس فرنسيس الساليزياني شفيعاً لأهل الصحافة، والملاك جبرائيل شفيعاً لأهل الإعلام الإذاعي. تضمنت هذه الرسائل السنوية نظرية الكنيسة إلى وسائل الإعلام ودورها التربوية وتأثيرها على الناس، وكذلك نظرتها إلى الإعلاميين وواجباتهم نحو المجتمعات، وقد حفلت هذه الرسائل بتعاليم قيمة على المستوى التربوي تشكل نظرة الكنيسة إلى التربية الحديثة في مختلف أبعادها.

وفي يوم الإعلام لسنة 1988 تحدّث قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني:«تنمو اليوم وسائل إعلام الجماهير نموًّا مذهلاً. والروابط التي تنسجها بين الشعوب والثقافات تمثّل أثمن ما تأتي به. ولكنّي أعلم أنّكم أنتم رجال الإعلام، تعون النتائج الوخيمة التي قد تشوّه هذه العلاقات بين الشعوب والثقافات: إعلان شأن الذات، وبإمكان احتقار المختلفين أو رفضهم، أن يزيد من مخاطر التوتّرات والانقسامات. ومثل هذه المواقف تولّد العنف، وتنحرف عن الإعلام الصحيح وتحطّمه، وتجعل كلّ علاقة أخوية مستحيلة.

غير أنّ احترام الآخر، وحسّ الحوار، والعدالة، وأخلاق الحياة الشخصيّة والاجتماعيّة السليمة، والحريّة، والمساواة، والسلام في الوحدة، والعمل على المحافظة على كرامة الإنسان، والقدرة على المشاركة والتقاسم، كلّ هذه قيَم لا بدّ منها في ممارسة دور الإعلام… وإذا نظرنا إلى فعّاليّة هذه الوسائل، فإنّ القواعد الأخلاقيّة تفرض ذاتها على المسؤولين عنها لكي يقدّمها للأشخاص والجماعات صورًا تشجّع على تداخل الثقافات دونما تعصّب، وعنف، فيما هي تخدم الوحدة».  وأيضًا في حبريته أي في العام1989 رفع اللجنة الحبرية لوسائل الإعلام الاجتماعية إلى مصاف مجلس حبري لوسائل الإعلام الاجتماعية.

 

6- صلاة اليوم العالمي للإعلام التي قيلت في يوم الأحد 14 أيَّار 1971:

المحتفل: نحمد الله الذي حبا البشرية، خدمة للحقيقة، وسائل الإعلام العجيبة، رافعين إليه ضراعات حارة، متواصلة، كي يهب جميع الناس امكانية الولوج إلى صلب الحقيقة، فتتركز حياتهم على سلوك سويّ مستقيم.

لازمة:حسب الخيار.

القاريء: فلنبتهل إلى الله كي يُلهم رعاة الكنيسة فيعوا وسائل الاعلام الاجتماعي ويستطيعوا أن يعتمدوها، كي يسلّطوا على أحداث الحياة أضواء رسالة الإنجيل التي وكلها الله إليهم لضمان خلاص االبشر أجمعين.

لازمة: حسب الخيار.

القاريء: لنتضرع إلى الله، حتى تتوافر في العالم أجمع، لوسائل الإعلام، إمكانية التنقيب عن حقيقة نابعة من الحرّية، يكون هدفها الواضح التقدم الإنساني وتوطيد السلام بين الشعوب.

 لازمة: حسب الخيار.

القاريء: لنبتهل إلى الله حتى يتحلل متسلّمو مقاليد الوسائل العصرية، في الإذاعة، بشجاعة وجرأة، فيؤثرون خدمة الحقيقة-وهي حق لجميع الناس- على آرائهم الذاتية ومنافعهم الخاصّة، وهكذا يتحقق التصميم الإلهي لخلاص الإنسانية.

لازمة: حسب الخيار.

القاريء: لنضرع إلى الله، من أجل القائمين بمهنة الإعلام من صحفيين، وسينمائيين وتقنيين، كي، في وعيهم مسؤولياتهم، يتقيدوا أبدًا في عملهم بأصول الموضوعية والتجرد واحترام الكرامة الإنسانية وخير الحياة الاجتماعية وتقدير رسالة الكنيسة.

لازمة: حسب الخيار.

القاريء:ولنبتهل إلى أبناء عصرنا، وبالأخص فئة الشباب، كي يتمكنوا أن يميّزوا في مجموعة المعلومات والنداءات التي تذاع كل يوم، بين ما هو خطأ ومُفسد، وما هو حقيقي وصالح لهم لإخوتهم البشر.

لازمة: حسب الخيار.

القاريء: أيّها الرب يسوع، أنت الذي أرسلك الآب"نور الأمم" نتضرع إليك قائلين: أنرنا بروحك، حتى تحررنا الحقيقية التي تنقلها وسائل الإعلام من الضلال، ومن الشّر، وساعدنا كي نسير وراءك أنت"الطريق والحق والحياة" إلى الأبد.

الشعب: آمين.

 

 

7- المصادر:

1- «التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكية»، عرّبه عن الطبعة اللاتينيّة الأصليّة الميروبوليت حبيب باشا وآخرون، المكتبة البولسية، لبنان، 1997.

2- «المنجد في اللغة والأعلام»، دار المشرق بيروت، الطبعة الحادية والأربعون، 2005.

3- أسرة تكنولوجيا المعلومات بالأسقفية، «مدخل إلى… التكنولوجيا والخدمة»، القاهرة، الطبعة الثانية، 2009.

4- بولس السادس(البابا)، « يوم الإعلام العالمي الأحد 14 أيَّار 1972»، اللجنة البابوية المعنيّة بوسائل الإعلام، د. ن، 1972.

5- حبيب جرجس(الأرشيدياكون)، «الوسائل العملية للإصلاحات القبطية آمال وأحلام يُمكن تحقيقها في عشرة أعوام»، بيت مدارس الأحد القبطي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1993.

6- دنتسنغر – هونرمان، «الكنيسة الكاثوليكية في وثائقها»، الجزء الأول،  ترجمة، الفكر المسيحي بين الأمس واليوم=27، منشورات المكتبة البولسية، بيروت، لبنان، 2001.

7- دنتسنغر – هونرمان، «الكنيسة الكاثوليكية في وثائقها»، الجزء الثاني، ترجمة، الفكر المسيحي بين الأمس واليوم=28، منشورات المكتبة البولسية، بيروت، لبنان، 2001.

8- لجنة المؤتمرات بأسقفية الشباب، «شبابنا إلى أين؟!»، القاهرة، 2010.

9- المجلس البابوي لوسائل الإعلام، «قواعد التعاون المسكوني وما بين الأديان على الصعيد الإعلامي»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان، 1989.

10- المجلس الحبري للثقافة، «من أجل راعوية الثقافة»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان، 1999.

11- المجلس الحبري لوسائل الإعلام والاتصال الاجتماعية، «أخلاقيات في الانترنت»،  منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان،2002.

 12- المجلس الحبري لوسائل الإعلام والاتصال الاجتماعية، «الكنيسة والانترنت»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان،2002.

13- المجلس الحبري لوسائل الإعلام والاتصال الاجتماعية،«آداب الدعاية وأخلاقيتها»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان،1997.

14- المجلس الحبري لوسائل الإعلام والاتصال الاجتماعية، «وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعية، أخلاقيات وآداب»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان،2000.

15- مجموعة من المؤلفين، «الإعلام المسيحي الرسالة… الواقع… الآفاق»، منشورات مجلس كنائس الشرق الأوسط، القاهرة، 1999.

16- المركز القبطي لتنمية الموارد البشرية بأسقفية الخدمات، «مدخل إلى… تنمية المهارات»، القاهرة، 2006.

17- مني سعيد الحديدي، سلوى إمام عليّ(الدكتورتان)، «الإعلام والمجتمع»، مكتبة الأسرة، الأعمال الخاصة، مهرجان القراءة للجميع، القاهرة، 2004.

18- موسى(الأنبا)، «الشباب ووسائل الإعلام»، القاهرة، 2006.

19- موسي(الأنبا)، « الشباب وتكوين الأسرة»، القاهرة، 2007.

20- هويدا مصطفى(الدكتورة)، «الإعلام والأزمات المعاصرة»، مكتبة الأسرة، سلسلة العلوم الإجتماعية، القاهرة،  2009.

21- يوحنا بولس الثاني(البابا)، «التقدّم السريع»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان،2005.

22- يوحنّا بولس الثاني(البابا)، «إلى أهل الفن»، منشورات اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان،  لبنان، 1999.

بنعمة الله

أخوكم الأب إسطفانوس دانيال جرجس عبد المسيح

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما

ومراسل الموقع لأبرشية سوهاج

 stfanos2@yahoo.com