شريعة محكمة الضمير

 د. وسيم السيسى – ١/ ١/ ٢٠١١

المصري اليوم

لم يولد فى قصر بل فى مكان فقير! لم يتقلد منصباً من مناصب الدولة، لم يعش أكثر من ٣٣ عاماً، لم يعلم أكثر من ٣ سنوات، لم يترك كتاباً من بعده! وبعد ألفى عام يحبه ويحمل اسمه أكثر من ألف مليون إنسان!

جاء إلى عالم.. كان الرومانى فيه سيد العالم بسيفه! واليهودى فيه سيد العالم بحق إلهه!

وكلهم مثال للهمجية.. والقسوة والاستعلاء.. وسحق الإنسان!

جاء ليقول لهم إن الله هو رب الإنسان وإنه هو ابن الإنسان.

هدم شريعة الاستعلاء وجاء بشريعة الحب!

هدم شريعة النصوص والطقوس وجاء بشريعة الضمير!

هدم شريعة النفاق والرياء وجاء بشريعة القلب النقى والضمير السليم!

هدم تحجر العقائد الوثنية عند الرومان، وتحجر العقائد الكتابية عند بنى إسرائيل، وعلمهم أن الإنسان بما يضمره ويفكر فيه، وليس بما يأكله أو يقيمه من معابد ليصلى فيه!

هدم شريعة الأشكال والظواهر.. وجاء بشريعة اسمها محكمة الضمير.

كان ثورياً شجاعاً.. دخل الهيكل وقلب موائد الصيارفة، وقال لهم: هذا البيت للصلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!

وخاطب اليهود.. يا أولاد الأفاعى.. كيف ستهربون من نار جهنم؟!.. أنتم كالقبور البيضاء من الخارج، ومن الداخل عظام ينخر فيها السوس!

أيها المنافقون المراءون: تنظفون خارج الكأس وأنتم من الداخل اختطاف ودعارة!

قيل لكم: عين بعين.. أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر!

قيل لكم: لا تقتل وإلا تستحق نار جهنم.. أما أنا فأقول لكم: من قال لأخيه يا أحمق.. يستحق نار جهنم!

قيل لكم تحب قريبك وتبغض عدوك.. أما أنا فأقول لكم: أى فضل لكم أن تحبوا من يحبونكم.. ولكن.. أحبوا أعداءكم.. باركوا لاعنيكم.. وأجركم عظيم فى السماء!

أحبه الله فى قرآنه الكريم وقال عنه: وجيهاً فى الدنيا والآخرة ومن المقربين، يحيى الموتى.. يشفى الأعمى والأكمه والأبرص.. ويخلق من الطين على هيئة الطير، وجعل فى قلوب أتباعه رأفة ورحمة.

أحبه ساندور الهندى.. وحين بلغ من عمره الثالثة والثلاثين.. بكى ساندور، لأنه سوف يعيش أكثر مما عاش سيده!

أحبه أمير الشعراء وقال:

وُلد الرفق يوم مولد عيسى

والمروءات والهدى والحياء

لا وعيد لا صولة لا انتقام

لا حسام لا غزوة لا دماء

ملكٌ جاور التراب فلما

ملَّ نابت عن التراب السماء

وصفه بابليوس لثيليوس حين شاهده:

سمعت عن رجل صانع معجزات، ذهبت لأراه: طويل القامة.. جبينه عريض ناعم.. عيناه زرقاوان فيهما بريق حاد جداً، لم يره أحد يضحك، ورآه البعض يبكى.. لطيف إذا دعا أو علم.. حازم إذا لام أو أنب.. يتحدث كمن له على الناس سلطان، ويبدو على وجهه سيماء الملوك والأمراء (عباس محمود العقاد: المسيح).

ترك لنا كلمته – السلام – وذهب.. سلامى أتركه لكم سلامى أعطيكم.. وترك لنا وصاياه وذهب.

وصية أوصيكم بها.. أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا!.. فهل نفذنا وصيته؟ يرد علينا أمير الشعراء مخاطباً ملك الحب والسلام:

عيسى سبيلك رحمة ومحبةٌ

فى العالمين وعصمة وسلامُ

يا حامل الآلام عن هذا الورى

كثرت عليه باسمك الآلامُ

waseem-elseesy@hotmail.com