الفنان قد يكون أكثر تأثيرا من رجل الدين
أجري الحوار – محمد عبدالقدوس:
يلاحظ أن المتدينين لهم عادة موقف متشدد من الفن وأهله !وهناك بالطبع استثناءات أشهرها في بلادنا أبونا » بطرس دانيال « ، مدير المركز الكاثوليكي للسينما، وهو فنان أصيل، وعازف ماهر للبيانو، بالإضافة إلي أنه مسئول عن » كورال « الأطفال بالكنيسة وعددهم 25 طفلاً، وآخر للكبار يضم ثلاثين من أصحاب الأصوات الحلوة من الجنسين !
سألته في البداية عن موقف كنيسته من الفن ويتمثل في نظرة متميزة وفريدة من نوعها ..أجاب قائلاً : البداية كانت سنة 1936 عندما أرسل بابا روما » بيبوس الحادي عشر « مرسوماً رسمياً إلي كنيسته في أمريكا يطلب فيها تشجيع السينما الناشئة في ذلك الوقت بهوليوود والعمل علي أن تكون في خدمة الأخلاق والقيم الدينية وهكذا رأينا إنشاء مراكز داخل الكنائس لتشجيع هذا النوع من الفن، وكانت مصر سباقة في هذا المجال، حيث ولد المركز الكاثوليكي للسينما الذي أتشرف بأن أكون رئيسه سنة 1948، وقام علي أكتاف عدد من الرواد علي رأسهم الناقد السينمائي » فريد الميزاوي « ، والأب » بطرس فرانسيس «.
ويطلق محدثي بطرس دانيال مفاجأة حين يقول : أري الفن أكثر تأثيراً من الوعظ إذا أحسن استخدامه لخدمة تعاليم السماء، ففي هذه الحالة يكون دور الفنان أهم من رجل الدين التقليدي، خاصة أنه الأكثر انتشاراً .
واستشهدنا بالشيخ الغزالي !
قلت له : فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمة الله عليه له قول مأثور في هذا الموضوع، يقول إنه لا يوجد تناقض بين تعاليم الدين الصحيحة والفن الراقي، فإذا حدث بينهما تعارض فاعلم أن هناك خطأ ما .. أما أن التشدد هو الغالب في النظرة الدينية للفن أو أن هناك انحلالاً يقدم باسم الفن !! سألت » أبونا « عن رأيه في هذا القول، فقال هذا صحيح تماماً لأن الله هو إله الجمال والحب والخير ولذلك لا يمكن أن ترفض تعاليمه الفن الذي يعبر عنه ويدعو إلي القيم السامية، ويعالج مشاكل المجتمع بطريقة أخلاقية .
انتهزت هذه الفرصة لأسأله عن السينما النظيفة وهو تعبير يعترض عليه كثير من الفنانين؟
اتسعت ابتسامته التي كانت تزين وجهه طيلة مدة اللقاء، وقال : أنا شخصياً لا أعترض علي ذلك، بل إن السينما النظيفة هي الأساس الذي نستند عليه في منح جوائز المركز الكاثوليكي للسينما .
وشرح مايعنيه قائلاً : مسابقة هذه السنة هي رقم 59 وتبدأ من 11 فبراير وتستمر أسبوعاً كاملاً، وهناك لجنة اختيار للأفلام برئاستي تقوم بترشيح أفضل الأعمال التي عرضت في السنة المنصرمة ويشترط فيها دوماً أمور ثلاثة أولها أن يكون فيلماً جيداً من الناحية الفنية، وكذلك الناحية الأخلاقية مهمة جداً، فلا يكون في العمل المقدم ما يخدش الحياء أو يدعو للرذيلة ويتنافي مع الآداب العامة، ولابد أن يكون الفيلم المرشح له رسالة اجتماعية، وتعرض الأفلام التي تنطبق عليها المعايير الثلاثة علي لجنة تحكيم لاختيار الفائز منها، واللجنة في هذا العام برئاسة المخرج المخضرم توفيق صالح ! وإلي جانب ذلك سنقوم في مهرجان هذه السنة بتكريم الفنانة العظيمة شادية، بالإضافة إلي عدد من نجوم الكوميديا .. سمير غانم وميمي جمال ومحمود القلعاوي .
أنا إنسان
طلبت من أبونا بطرس دانيال أن أتعرف عليه عن قرب فقال : أنا إنسان هذه هي الصفة التي أعتز وأفتخر بها، ولمعلوماتك في عيد الأضحي الماضي أرسلت تهاني إلي جميع أصدقائي، فاتصل بي ثلاثة منهم قائلين : نحن مسيحيون، قلت لهم لقد نجحت في رسالتي، فأنا لا أفرق بين مسلم ومسيحي، في كل تعاملاتي .
وأضاف قائلاً : نشأت بالإسكندرية في أسرة ملتزمة ومتدينة ونحن سبعة إخوة وترتيبي الرابع بينهم .. وقررت منذ الصغر أن أكون راهباً، حيث وجدت الرهبان بمدرستي واسمها » سانت كاترين « قدوة ومثلاً أعلي، وتأثرت جداً بواحد منهم بالذات اسمه الأب » جاكومو « وهو من كرواتيا ولا يعرف العربية وكانت تكفي ابتسامته للتفاهم معنا دون لغة، وبعد دراستي للاهوت سافرت إلي إيطاليا، حيث حصلت علي ماجستير في الإعلام من إحدي جامعاتها، وبعد عودتي خدمت بمنطقة المقطم ثم في الإسكندرية بحي الإبراهيمية، وأخيراً بالقاهرة، حيث أصبحت مديراً للمركز الكاثوليكي للسينما، ومهمتي في هذا المركز تشجيع الفن الراقي، وتلك المهمة أراها خدمة كبري لرسالة السماء .
عن الوفد