حوار: مايكل فيكتور – وطني
*مطران الأرمن الكاثوليك لـوطني
نعيش بالأمل والرجاء….ولا مكان لمتعصب بيننا
*أخشي علي الثورة ممن يريدون سرقتها
* كثيرون يسعون للهجرة…والكنيسة تشجع التمسك بالوطن
مصر…احتضنت علي أرضها جنسيات عديدة…انصهروا في بوتقتها بعد أن ذابوا في عشقها ..من هؤلاء العاشقين كانت الجالية الأرمينية. شأنهم شأن المصريين…منهم من شارك في ميدان التحرير, ومنهم من وقف ضمن باقي الشعب في اللجان الشعبية لحماية الأرواح والممتلكات في فترة غياب الأمن, ومنهم من أدلي بصوته في الاستفتاء…الكل لبي نداء مصر عندما نادت…وزاد ارتباط الأرمن بباقي أفراد الشعب بعد ثورة 25يناير.
هذا ما بدأ به غبطة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك حديثه خلال حواره معنا من داخل صالون البطريركية بوسط القاهرة.
*بداية…نود أن نتعرف عن الأرمن الكاثوليك؟
**الأرمن ينتمون إلي العرقالآري وهم مزيج من شعوب البلقان وجبال الألب, والكنيسة الأرمينية عانت كثيرا من الاضطهادات وبرغم هذا لم ينفصلوا عن تعلقهم بإيمانهم ومسيحيتهم حتي صارت كنيسة الشهداء, إذ وصل عدد شهداء الكنيسة عام1915 إلي مليون ونصف المليون في مجازر الأتراك العثمانيين, ولكن يعود للكنيسة الأرمينية الفضل في جمع شمل الأمة والحفاظ علي كيانها وهويتها سواء في الوطن الأصلي أو في بلاد المهجر.
*ما رأي نيافتكم في ثورة شباب مصر وأنتم لكم نظرة في مجتمع نعيش فيه سويا؟
**الثورات هي عملية تغيير جذري لواقع حال لإحلاله ببديل أفضل, والشباب في الوقت الحالي طمح إلي أبعد الحدود, وأريد هنا أن أوضح أن القناعة شئ جميل ولكن الأجمل هو الطموح…فعندما يريد الشباب أن يحقق كل خير لشخصه أو لعائلته أو لبلاده فإنه يسعي لتحقيقه بودون النظر إلي راحته أو إلي مصالحه الشخصية, فهو يثور حين تنهار الأوضاع الاجتماعية المعاشة ويصبح من الضروري إيجاد بدائل جيدة لها.
*ماذا تقصد نيافتكم بالتغيير إلي الأفضل؟
**التغيير شئ مطلوب ولكن علينا أن يكون التغيير بالفعل وليس بالكلام… والتغيير يأتي أولا بـالقلب فعلي الإنسان أن يعرف حقوقه وواجباته تجاه الوطن جيدا, وأن يعمل وسط جماعة حيث لا يصلح أن يعمل من أجل نفسه…وهذا ما حدث في بداية الثورة, كثير منا تعجب مما يقول الشباب, ولكن عندما تجمعوا مع بعضهم البعض وأصبحت رؤيتهم واحدة نحو التغيير والبناء للأفضل نجحت الثورة…والسيد المسيح يقول لناأتيت لتكون عندهم حياة وتكون الحياة عندهم أفضل ولدينا مثال عن رفض الفساد هو دخول السيد المسيح الهيكل, فعندما وجد البائعين طردهم أي إنه لايريد فسادا داخل المكان بل شفافية ووضوح ومحبة.
*هل هناك مخاوف تنتاب نيافتكم تجاه الثورة؟
**نحن نعيش اليوم مرحلة انتقالية مهمة في تاريخ مصر, تتطلب منا جميعا توخي الحذر في كل شئ, وأن نمد شباب 25يناير بكل نصيحة, وعليهم أن لايتركوا مبادئ ثورتهم لكي لاتؤخذ الثورة من أيديهم..
*رأينا شباب الأرمن في ميدان التحرير…بماذا كنت تنصحهم؟
**شباب الأرمن شباب مصري يعيشون علي أرضها ويعانون الكثير من المشاكل, ويشعرون مثل باقي إخوتهم بالفساد, طالبوا مع باقي الشعب من ميدان التحرير بمستقبل أفضل…أما عن نصيحتي لهم فكانت دائما أن ينقلوا صورة مصر من خلال أعمالهم إلي العالم أجمع ليعلم الجميع أن ثقافة وحرية وبناء مصر في أيدي شبابها الواعي, الطموح, والمثقف المحب لوطنه.
*وهل زرتم ميدان التحرير؟
**بالتأكيد ذهبت بنفسي إلي ميدان التحرير أكثر من مرة, وكم كنت أشعر بالشباب الذي بدأ ثورته بروح الإخلاص ولكن اساءني كثيرا دخول البعض الذين أرادوا أن يحولوها إلي ثورة تعصب وتفريق بين الناس..
*ماذا تقصد نيافتكم من دخول عناصر أخري؟
**أقصد هنا البلطجية الذين سرقوا ونهبوا البلاد وأضاعوا فرحة الثورة بأعمالهم.
*كيف تري نيافتكم وضع المسيحيين الفترة القادمة؟
**سنظل شعبا يعيش دائما بالأمل والرجاء ونحن لا ننسي وصية السيد المسيح لنا أنتم نور العالم…أنتم ملح الأرض فإني أطلب أن نكون مسيحيين جميعا مؤمنين لكنيستنا وتعليمها ورسالتها…فعلينا أن نشعل نورا حيث الظلام, ونضع السلام حيث الحرب, ونصنع الرجاء حيث اليأس..وأنصح أن نكون حكماء ويدا واحدة للحفاظ علي كنيسة المسيح.
*ظهرت روح تعصب بالبلاد بعد الثورة؟ ما تعليق نيافتكم؟
**علينا -مسيحيين ومسلمين- أن نقف صفا واحدا لنقضي علي أي روح تعصب تخلق في مصرنا الحبيبة, علينا أن ننتبه لهذه النقطة جيدا, وأن ننشر روح الوسطية في التفكير والآراء, وأري أن من هو متعصب إسلاميا فهو ليس بمسلم ومن هو متعصب مسيحيا فهو ليس بمسيحي, لأنه لا يوجد مكان لمتعصب علي أرضنا وبيننا.
*ماذا تقول نيافتكم للمسيحيين الذين يفكرون في هجرة البلاد؟
**من بعد الأحداث الأخيرة في مصر وسائر البلاد العربية, كثيرون يسعون من أجل الهجرة, لأنهم يريدون الاستقرار والأمان وبناء مستقبل أفضل لأولادهم, ولكننا ككنيسة لا نشجع ذلك وقد أكدنا جميعا بطاركة ومطارنة خلال اجتماعنا في أكتوبر من العالم الماضي بالفاتيكان في السينودس الخاص بالشرق الأوسط بأهمية البقاء في بلادنا, وأن الإنسان المؤمن لا يترك بلاده ويهاجر…فنحن ككنيسة نريد أن نبقي لنحافظ علي جذورنا وتاريخنا.
وإنني كأرمني أقول إننا عندما دخلنا إلي مصر أصبحنا جزءا لا يتجزأ من مصر وعلينا أن نحافظ عليها ولانتركها ولاننسي أفضالها علينا, فهذه الأرض نحن منها وإليها.