الزواج المختلط حسب القانون الكنسي الشرقي والغربي

 

للأب هاني باخوم

سكرتير غبطة بطريرك الأقباط الكاثوليك

روما الثلاثاء 31 مايو 2011 (ZENIT.org).

إن تعبير "الزواج المختلط" كان يعني سابقا الزواج بين شخص كاثوليكي وآخر غير معمد، أي غير مسيحي، لكن مع سينودس الأساقفة عام 1967 ومن بعده مع وثيقة "الزواج المختلط" للبابا بولس السادس بتاريخ 31/ 3/ 1970[1]، أصبح  هذا التعبير يعني الزواج بين شخص مسيحي كاثوليكي وآخر مسيحي غير كاثوليكي. في هذه المقالة سنستعرض التحذير من الزواج المختلط بدون إذن السلطة الكنسية المختصة، والشروط لإعطاء هذا الإذن حسب القانون الشرقي والغربي.

أولا وقبل كل شيء، نجد أثر التحسّن الكبير في العلاقات المسكونيّة والتقدم الملموس في تعزيز الحوار بين المسيحيين فيما يخص هذا الأمر. من قبل كان اختلاف المذهب، أي انتماء احد  الشخصين إلى كنيسة أو جماعة غير كاثوليكية، مانع لإتمام الزواج بطريقة صحيحة مع الشخص الكاثوليكي (ق 50 ش. ق.). بالإضافة إلى الشروط القاسية للتفسيح من هذا المانع (ق 51 – 54 ش. ق.). مع المجمع الفاتيكاني الثاني، بدأت تغيرات جذرية في هذا الأمر القانوني. فأصبح الزواج المختلط غير مصرح به دون إذن السلطة الكنسية المختصة، وفقد صفته كمانع مبطل وأصبح فقط مانعاً للإيجاز وللشرعية. بمعنى أن من يَقدُم على زواج مختلط بدون إذن السلطة الكنسية يعقد زواجاً صحيحاً ولكنه غير جائز (ق 1124 ح. ق. ل.، ق 813 ق. ك. ش.).

– من له حق إعطاء الاذن؟

الرئيس الكنسي المحلي، أي الأسقف الذي يتبعه الشخص الكاثوليكي، بحكم مسكنه أو شبه مسكنه، يستطيع أن يمنح الإذن بهذا الزواج المختلط لسبب صوابي، ولكن لا يمنحه إلا بعد استيفاء الشروط التي يحددها القانون.

– ما هي تلك الشروط؟

– الشرط الأول يخص الشخص الكاثوليكي. فيجب عليه أن يُعلن عن استعداده لإبعاد اي خطر ممكن أن يهدد إيمانه الكاثوليكي وعقائده. بجانب ذلك عليه إعطاء وعد صادق بأنه سيبذل كل ما في وسعه لكي يُعمد جميع الأبناء وينشئهم في الكنيسة الكاثوليكية (ق 1125 بند 1 ح. ق. ل.، ق 814 بند 1 ق. ك. ش.).

نلاحظ ان القانون واقعي، فلا يستطيع ان يجبر على فعل شيء في المستقبل في حين وجود طرف آخر قد يمنع الشخص الكاثوليكي من تحقيقه. فيكتفي القانون بالوعد وإعلان الاستعداد، أي النية الحسنة والتصميم على القيام بذلك.

– ثانياً، يجب أيضا على الشخص الكاثوليكي إبلاغ الطرف الآخر، في وقته، بهذه الوعود التي اتخذها على نفسه، وبهذا يتم التأكد ان الطرف الغير كاثوليكي على وعي وإدراك كامل لنية الطرف الكاثوليكي فيما يخص حياته الروحية الخاصة وتنشئة الأبناء (ق 1125 بند 2 ح. ق. ل.، ق 814 بند 2 ق. ك. ش.).

– الشرط الثالث هو للطرفين معا ويخص إطلاع الفريقين على غايات الزواج وخصائصه الجوهرية. فالقانون يريد ان يتأكد من أن الطرفين على وعي كامل بالعقيدة الكاثوليكية فيما يخص الزواج، وغاياته وخصائصه الجوهرية، وان كلا الطرفين لا يستبعد أي أمر منها.  لانه من المحتمل ان تكون عقيدة الطرف الغير كاثوليكي مخالفة لعقيدة الزواج الكاثوليكي ومفاعيله (ق 1125 بند 3 ح. ق. ل.، ق 814 بند 3 ق. ك. ش.).

– ما هي الصيغة القانونية الواجب استخدامها في الزواج المختلط؟

القاعدة العامة هي انه ولو كان احد الطرفين، المقدمين على عقد الزواج، على الأقل قد عُمّد في الكنيسة الكاثوليكية أو تم قبوله فيها، يجب الالتزام بصيغة الاحتفال القانونية التي اقرها الشرع وهذا لصحة الزواج. فبدون تلك الصيغة القانونية يصبح الزواج باطلاً وكأنه لم يكن (ق 1127 بند 1 ح. ق. ل.، ق 834 بند 1 ق. ك. ش.).

– ما المقصود بالصيغة القانونية؟

هي الطريقة التي ينصها القانون للاحتفال بالزواج بين طرفين احدهما على الأقل كاثوليكي. وهي عبارة عن رتبة مقدسة يحتفل بها أمام الرئيس الكنسي المحلي او الكاهن المؤهل لمنح البركة بحضور شاهدين على الأقل (ق 1108 بند 1 ح. ق. ل.، ق 828 بند 1 ق. ك. ش.).

فالصيغة القانونية نستطيع أن نلخصها في مايلي:

–         تبادل الردى بين الطرفين؛

–         حضور ومباركة الكاهن المؤهل لمنح البركة أثناء رتبة مقدسة؛

–   حضور شاهدين على الأقل.

– كيفية التفسيح من هذه الصيغة القانونية؟

لمعرفة هذه الإمكانية من التفسيح يجب التميّز بين نوعين من الزواج المختلط:

1 – الزواج المختلط بين طرف كاثوليكي وطرف غير كاثوليكي من الطقس الشرقي.

في هذه الحالة، فإن الصيغة القانونية للاحتفال بالزواج تكون مجبرة فقط للإيجاز وليس للصحة. بمعنى انه إذا تم زواج شخص كاثوليكي مع آخر غير كاثوليكي ينتمي لأحد الطقوس الشرقية، فزواجه يكون صحيحاً ولكنه غير جائز. وهذا الشيء ينبع من ان الكنيسة الكاثوليكية تعترف بصحة الأسرار لدى الكنائس الشرقية غير الكاثوليكية، فلذا تعترف بصحة الزواج (ق 1127 بند 1 ح. ق. ل.، ق 834 بند 2 ق. ك. ش.).

2- الزواج بين طرف كاثوليكي وأخر ينتمي الى كنيسة او جماعة غير كاثوليكية غربية.

الصيغة القانونية والتفسيح منها، في هذه الحالة، هو شرط أساسي لصحة الزواج وليس فقط لإيجازه. فإذا تزوج شخص كاثوليكي مع آخر غير كاثوليكي لا ينتمي للطقوس الشرقية، بصيغة غير الصيغة القانونية التي يحددها القانون او بدون التفسيح منها يكون هذا الزواج باطلاً، وليس له أي مفاعيل قانونية (ق 1127 بند 1 ح. ق. ل.، ق 834 بند 1 ق. ك. ش.).

التفسيح من هذه الصيغة القانونية لشخص ينتمي لكنيسة كاثوليكية شرقية محفوظ للكرسي الرسولي أو للبطريرك الذي لن يمنحه الاّ لسبب خطير جداً. بالنسبة لمؤمني الكنيسة اللاتينية، فالرئيس الكنسي المحلي، هو الذي له هذا الحق في التفسيح (ق 1127 بند 2 ح. ق. ل.، ق 835 ق. ك. ش.).

في حالة خطر الموت يحق ايضا للرئيس الكنسي المحلي لكنيسة شرقية كاثوليكية إعطاء هذا التفسيح (ق 796 بند 1 ق.ك.ش.). وفي حالة التعذر للوصول الى الرئيس الكنسي المحلي وهناك خطر الموت، هذا الحق يعود للكاهن الذي عليه منح بركة الإكليل (ق 796 بند 2 ق.ك.ش.).

في الختام يوصي القانون الكنسي الرؤساء الكنسيّين ورعاة النفوس بالاهتمام والعناية بالطرف الكاثوليكي بعد إتمام زواجه المختلط ورعاية الأولاد ثمرة هذا الزواج في كل ما يخص الناحية الروحية من تعليم عقائدي وممارسة الأسرار المقدسة (ق 1128 ح. ق. ل.، ق 816 ق. ك. ش.).

المراجع:

شروحات مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، مجموعة مؤلفين، تنسيق الاب أنطوان راجح، البولسية، لبنان 2005.

الأب غالب بدر، شرح أحكام الزواج، منشورات المعهد الاكليريكي 34، 2005.

J. Prader, Il Matrimonio in Oriente e Occidente, Pontificio Istituto Orientale, Roma 1992.

التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكي، منشورات الرسل، لبنان 1999.

[1] أعمال الكرسي ألرسولي (1970) 257 وما يليه.