قلب يسوع وقلب الإنسان

 تــقــديــــم

"قلب يسوع وقلب الإنسان " هـو مجـموعـة من التأملات لإلقـاء الضوء علـى وصيّة يسوع العظـمى لنـا أن نحب اللـه من كل القلب وكل النفس وكل القدرة، مع مقارنـة لحب يسوع للإنسان وموقف الإنسان إزاء ذلك الحب العجيب. ويحـوى الكتاب أيضاً على جزء عن تكريـم قلب يسوع الأقدس وبعض الصلوات التى وضعتهـا الكنيسة الكاثوليكية بهذا الخصوص والتى تقال عادة فـى شهر يونيو من كل عام.

فلنشكر الرب لأجـل نعمة وبركة وموهبـة روحـه القدوس التى منحنـا إياهـا من أجل بنيان بعضنـا البعض فـى الـمسيح يسوع "لأجل تكـميل القديسين ولعـمل الخِدمـة وبنيان جسد الـمسيح إلـى أن ننتهـى جميعنا إلـى وحدة الإيـمان ومعرفة إبن الله"(افسس12:4-13). وأطلب من الرب أن يكون هذا الكتاب سبب بركة للجميع.

الشماس نبيل حليم يعقوب

لوس أنجلوس فـى يونيو2002

 

الفهـرس

1. قلب يسوع وقلب الإنسان

2. حب يسوع

3. قلبـاً طاهراً أخلق فيّ يا الله

4.عبادة شهر قلب يسوع الأقدس

5. رغبات يسوع

6. وعود يسوع

7. الـموانع التى تعيق الإنسان

8.كيف يمكننا ان نكرّم قلب يسوع الأقدس

9. الرحـمة الإلهيـة

10. صلاة لقلب يسوع الأقدس

11. طلبة قلب يسوع الأقدس

12. هـل ما جاء فى طلبـة قلب يسوع الأقدس لــه أصول إنجيليـة؟

13. مسبحـة وتسعاويـة لقلب يسوع الأقدس

14. صـلاة

15. مـراجـع

 

 قلب يسوع وقلب الإنسان

تقدم الكنيسة الكاثوليكية فـى شهر يونيو من كل عام تكريم خاص لقلب يسوع الأقدس كرياضة دينية موضوعها هو قلب يسوع والـمتوقد حباً نحو البشر والـمُهان من هؤلاء البشر. وإختيار الكنيسة لشهر يونيو بالذات لـممارسة هذا التكريـم لأنـهـا رغبة السيد الـمسيح نفسه من أن يكون هناك تكريم وعيد خاص لقلبـه الأقدس وهذه الرغبـة قـد أعلنهـا للقديسة مرجريت ألاكوك. وأمـا إختيار القلب كموضوع للتكريم لأن قلب الإنسان كـما هو معروف هو ينبوع الحب ومركز العواطف.

إن التأمـل فـى صِفات قـــلــب يسوع سيجعلنا نعرف أكثـر وأكثـر كيف أن قلب يسوع هـو قلب مُحب، مُقدس، ومـركز حميع القلوب، وهو أيضاً قلب الكنيسة حتى يستطيع كل واحد منـا أن يقول مع بولس الرسول:"ومـا لـيّ من الحياة بإبن الله الذى أحبنـي وبذل نفسه لأجلي"(غلاطية20:2). أمـا إذا مـا تأملنـا فـى صفات قلب الإنــسان فسوف نجده ممـلوء مـحبة للعالـم وحبـاً للذات وبعداً عن الله. وبـمقارنـة قلب الإنسان مع قلب يسوع،يـمكن للإنسان أن يـمتحن قلبـه فيصرخ إلـى الله طالبـاً "ماذا يجب أن يصنع" فيرشده الروح القدس لكي يعود إلـي "الطريق والحق والحيـاة"(يوحنا 6:14).

 أولا: قــلب يــسوع

1.                     قلب مـُحب

قلب يسوع،هو قلب الله،وإلهنا إلـه مُحب لأن "الله محبة"(1يوحنا8:4) ولقد أحبنا إلى الـمنتهى وهذا ما أعلنه الوحي الإلهـي على لسان ارميا النبي القائـل:" مـحبة أبـديـة أحببتك من أجل ذلك أدمت لـك الرحمة" (أرميا3:31)، وردده أيضاً على لسان رسول الأمم: "أما الله فيدّل على مـحبتـه لنـا بأنـّه إذ كنـّا خطأة بعد ففى الآوان مات الـمسيح عنّـا"(رومية8:5-9).

وهذا القلب الـمُحب يتلذذ بحبنــا، ويفرح بقدومنـا إليـه، وينتظر دائـما عودتنـا إليـه، ويحفظنـا دائـماً:

– إلهنا يتلذذ بـمحبتنا

 كما جاء فى سفر الأمثال "نعيمي مع بني البشر" (أمثال 8:31).

– إلهنا يفرح بقدومنا إليه ويضمنا الى صدره

 كما نرى فى مثل الإبن الضال "وفيما هو بعيد رآه أبوه فتحنن عليه وأسرع وألقى بنفسه على عنقه وقبـّله" (لوقا 2:15).

إلهنا يقف بصبر ينـتظر إجابتنا مع حبه

 "ها أنذا واقف على الباب أقرع" (رؤيـا 20:3).

إلهنـا يحفظنـا ويحـمينـا

فهو القائـل:"كما يحرّك النسر عُشّه وعلى فراخِـه يُرِّف ويبسط جناحيـه ويأخذهـا ويحـملهـا على مناكبـه "(تثنية11:32). والله هو الذى"بريشـه يُظللك وتحت أجنحتـه تعتصم. لاتخشى من هول الليل ولا من سهم يطير فى النهار ولا من وباء يسرى فى الدُجى. لا يُصيـبك شر ولا تدنو ضربـة من خِبائك. لأنـه يُوصي ملائكتـه بك ليحفظوك فى جميع طرقـك"(مزمور4:90-16).

هـذا القلب الـمُحب منحـنـا مواهب عـِديدة كأن نُصبح من الـمختارين، وأن نكون أبناء لله، وأن نحصل على معرفـة أسرار الـملكوت وأيضاً أن نحصل على مـجد الأبنـاء:

+ حبـه لنـا جعلـه يخـتارنـا

فهـو القائل:"ليس أنتم إخترتـمونـي بل أنـا إخترتكم" (يوحنا16:15).

+ هـو الذى أحبنـا أولاً

يشرح القديس يوحنـا الرسول لنـا الـمعنى الحقيقي لـمحبة الله لنـا:"إنـما الـمحبـة فـى هذا أننـا لـم نكن نحن أحبـبنا الله بل هو أحبنـا فأرسل إبنـه كـفّارة عن خطايـانـا"(1يوحنا10:4).

 

+ حبه جعلنا أبناء لـه

يُعلن يوحنا أيضاً عن كلـمة الله وعن النور الحقيقي الذى يُنيـر كل إنسان قائلاً: " فأمّـا كل الذين قبلوه فأعطى لهم سلطانـاً أن يكونـوا أبناء الله"

(يوحنا 12:1). ويقول الرسول بولس لنا:"إذ لـم تأخذوا روح العبوديـة أيضاً للـمخافـة بل أخذتم روح التبنـي الذى ندعو به أبـّاً أيهـا الآب" وهـذه البنـوة تعطينـا أن نكون ورثـة الله كـما يُعلن لنـا الرسول بولس:"حيث نحن أبناء فنحن ورثـة ورثـه الله ووارثون مع الـمسيح" (رومية14:8-17).

+ حبـه أعطـانـا معرفـة لأسرار الـملكوت

فالسيد الـمسيح قال لتلاميذه: "أمـا أنتم قد أُعطيتم معرفـة أسرار ملكوت السموات"(مت 9:13)

+ حب يسوع أعطانا مـجد البنين

لهذا قال القديس بولس:" قد أورد الى المجد أبناء كثيرين" (عبرانيين 10:2).

هذا القلب الـمُحب يشبـه حب الراعـى لقطيـعه:

 فيسوع هـو الراعـى الصالح "انا الراعي الصالح"  (يوحنا11:10).

وكما جاء عنـه فـى النبؤات:" كراع يرعى قطيعه بذراعه، يجمع الحملان

وفى حضنه يحملها ويقود الـمُرضعات" (أشعيا 11:40)،وأيضاً "هـآنذا أنشد غنمـي وأفتقدهـا أنـا"(حزقيال11:34).

 أنـه "الراعي الصالح الذى يعرف خاصته،انه ليس بالأجير الذى ليس براع وليست الخراف له ، بل هو الراعي الذى يدعو الخراف بأسمائها وهى تتبعه لأنها تعرف صوته فيعطيها الحياة الأبدية فلا تهلك للأبد ولا يخـتطفها أحد من يـده" (يوحنا1:10-16).

هـذا القلب الـمُحب الذى يحب بلا نـهايـة ويبذل نفسه من أجلنـا:

" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بـه بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا16:3).

"بهذا تتبيـّن مـحبة الله لنـا أنّ الله أرسل إبنـه الوحيـد إلـى العالـم لنحيـا بـه"(1يوحنـا9:4).

هـذا القلب الـمُحب نراه فى مواقفه الـمكتوبـة فى الأناجيل:

يسوع الـمسيح "الذى إذ هو فـى صورة الله لـم يكن يعتد مساواتـه لله إختلاساً لكنه أخلى ذاتـه آخذاً صورة عبد صائراً فـى شِبه البشر وموجوداً كبشر فـى الهيئة" (فيليبي 6:2-7)، فتجسد على الأرض من العذراء مريـم (لوقا31:1-32). "ووضع نفسه" (فيليبي8:2) فكانت ولادتـه فـى مزود حقيـر ببيت لحم(لوقا4:2-6)، وعاش حياتـه فى الناصرة تلك التى قال عنهـا نثنائيل"لم يخرج منهـا شيئ صالـح" (يوحنا46:1)، "وصار يُطيع حتى الـموت موت الصليب"(فيليبي8:2).

حب يسوع نراه مدونـاً ومعلنـاً فـىكلماتـه و أفعالـه و تعاليـمه ومعجزاتـه والتى تبرهـن جميعهـا على حبـه للإنسان كغفرانـه للمرأة الزانية،وحبه للأطفال(لوقا15:18-17) وشفاؤه للعمي والعرج والبُرّص وذوي الأمراض (مرقس32:1-34)،ومع تحننه لأرملة نايين(لو11:7-17) وحديثه مع السامريـة (لوقا5:4-30)،وعند بكائه على قبر لعازر وإقامته من بين الأموات (يوحنا1:11-44)، وحتى عندما أسلمه يهوذا الأسخريوطي مازال يلّقبه بإسم "صاحب" (مت 50:26).

حب يسوع ظاهـر فلقد أعطـانـا جسده ودمـه فـى سر التناول الـمقدس (لوقا19:22-20)، وترك لنـا أمـه القديسة مريـم لتكون أمـاً لنـا فـى شخص يوحنا الحبيب (يوحنا26:19-27)،و فـى آلامـه ومـوتـه على الصليب وقيامتـه من بين الأموات ولهذا قال رسول الأمم: "كـما أحبنـّا الـمسيح وأسلم نفسه لأجلنـا قُربانـاً وذبيحة لله رائحـة طيـّبـة"(افسس2:5).

هـذا القلب الـمُحب نراه ونلمسه فى كل جوانب حياتنا،فهو حب شخصي: كشخص يوحنـا الحبيب والذى قال بطرس عنـه "التلميذ الذى كان يسوع يُحبـه ..وهو الذى كان إتكأ فـى العشاء على صدره وقال يارب من الذى يُسلّمك"(يوحنا20:21). وعن لعازر الذى أقامـه الرب من الأموات كانت رسالة أختاه مريم ومرثـا ليسوع:"يارب ها إنّ الذى تحبـه مريض"(يوحنا3:11)،ولهذا قال اليهود عندما رأوا دموع يسوع "أنظروا كيف كان يُحبـه"(يوحنا36:11).

أنشد داود عن حب الله مرنـماً:"أين أذهب من روحك وأين أفرّ من وجهك إن صعدت الى السماء فأنت هناك وإن إضجعت فى الجحيم فإنت حاضر، إن إتخذت أجنحة الصبح وسكنت أقاصي البحر فهناك أيضا يدك تهديني ويـمينك يـمسكني" (مز5:138-10).

وكما صرخ فى القديم إشعياء النبي قائلا :"فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون" (أش 18:40). وهنا أقول فبمن تشبهون قلب يسوع وأي شيئ تعادلون؟

2. قلب مقدّس

هـو مقدّس،لأنه قلب الله و لأن إلهنا قدوس كـما جاء فـى العهد القديم  "إنـى أنـا الرب إلهكم ..فإني انا قدوس" (لاويين44:11). وكما جاء فى تسبحة العذراء "اسمه قدوس" (لوقا 49:1) ، وكما أعلن الـملاك لـمريم: " القدوس الـمولود منك" (لوقا35:1).

بــل إنه سميّ "قدوس القديسين" كما جاء فى نبؤة دانيال (دانيال 24:9) ، وحتى الشياطين كانت تصرخ وتقول: " نحن نعرفك من أنت أنت قدوس الله" (مرقس24:1).

3. ملك جميع القلوب ومركزهـا

فلابد أن تخضع له كل القلوب وإلا لفقد قلب الإنسان كل شيئ

"إن كان أحد لا يحب الرب يسوع فليكن أناثيما" كما أعلن الرسول بولس (1كورنثوس 22:16).

4. هو الهيكل الذى نقدم عليه الذبيحة الأكثر قبولا لدى الآب:

فيسوع "قد أخذ عاهاتنا وحمل أوجاعنا..وجعل نفسه ذبيحة إثم " كما تنبأ إشعيا فى القديم (اشعيا 4:53-12).

والقديس بولس الرسول يقول:" وفيه رضي الآب أن يحل الـملء كله وأن

يصالح به الجميع لنفسه"و "أما الله فيدل على محبته لنا بانه إذ كنا خطاة بعد ففي الأوان مات المسيح عنا" (رومية 8:5-9).

"الـمسيح هو الذى مات بل قام أيضا وهو عن يـمين الله وهو يشفع أيضا فينا" (رومية 34:8).

" فلذلك هو قادر أن يُخلّص على الدوام الذين يتقرّبون به إلـى الله إذ هو حيّ كل حين ليشفع فيهـم"(عبرانيين25:7).

5. هو قلب الكنيسة

كما كانت الكنيسة فى القديم قلب واحد ونفس واحدة كـما جاء فـى سفر أعـمال الرسل:"ولـمّا حلّ يوم الخمسين كانوا كلهم معاً فى مكان واحد"(أعمال1:2)،"وكانوا مواظبين على تعاليم الرسل والشركة فى كسر الخبز والصلوات"(أعمال42:2)،"وكان جميع الـمؤمنين معاً وكل شئ مشتركاً بينهم"(اعمال44:2).

ويقول الرسول بولس لنا:"فأنتم جسد الـمسيح وأعضاء من عضو"

(1كورنثوس27:12) و أيضاً:"كذلك نحن الكثيرين جسدُ واحد فى الـمسيح وكل واحد منا عضو للآخر"(رومية 5:12).

"ان يسوع الـمسيح هو هو أمس والـيوم والى مدى الدهر"(عب 8:13).

ويسوع هـو الذى أحب كنيستـه أي جسده و"إنـّا أعضاء جسده من لـحمـه ومن عِظامـه" (أفسس30:5)، لهذا جاء قول الرسول عن حب يسوع لكنيسته:"أحبّ الـمسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلهـا ليقدسّهـا مُطهرّاً إياهـا بغسل الـماء وكلـمة الحيـاة ليُهديهـا لنفسه كنيسة مجيدة لا كلَف فيها ولا غضَن ولا شيئ مثل ذلك بل تكون مقدسة منـزهّـة عن كل عيب"(أف25:5-27).

هـذا هـو قلب يسوع الـمُحب ومركـز كل القلوب التى تتوق إلـى الحيـاة الأبـديـة.

ثـانيـا: قلب الإ نـــسان

1.                     فــاتــر :

كما جاء عن ملاك كنيسة اللاذقية:" إنـّي عالـم بأعمالك إنك لست بارداً ولا حاراً وليتك كنت بارداً أو حاراً ولكن بـما إنـك فاتـر ولا حار ولا بـارد فقد أوشكت أن أتقيأك من فمي"(رؤيا 15:3-16).

2.                     فيـه محبة العـالم:

كـما جاء فـى رسالة القديس يعقوب:"أمـا تعلمون أنّ مـحبة العالم عداوة لله فمن آثـر أن يكون حبيباً للعالم فقد صار عدو لله"(يعقوب 4:4).

3.                     مـملوء بـحب الذات :

عندمـا يردد الإنسان فـى أحيان كثيـرة قول قاين فى القديـم عندمـا سألـه الرب عن أخيـه :"ألعلي حارس لأخي"(تكوين9:4)

وتـتملّكنا الأنانية ونسينا من دعانا قائلاً:" من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه" (متى 24:16).

4. ناسيا الله

كما أعلن الرب فى القديم على لسان أرميا النبي "ان شعبي قد نسيني أياما بلا

عدد" (ارميا 32:2)،وكما ردد أيضا "قد نسيك كل محبيك" (أر 14:30).

لهذا جاء الوحي الإلهـي على لسان هوشع النبي قائلاً:"لـما رَعوا شبعوا وارتفعت قلوبهم لذلك نسونـي" (هوشع 6:13).

5. عديم الإكتراث :

كما أعلن العبد الكسلان :"قال يارب اني علمت انك رجل عنيف تحصد من حيث لا تزرع وتجمع من حيث لم تبذر فخفت وذهبت ودفنت وزنتك فى الأرض" (مت 24:25). وكما جاء فى مثل الـملك الذى أولـم وليمة ودعا أحبائه "ملك أولم فى عرس ابنه ولكنهم لم يـبالوا ومنهم من ذهب الى تجارته والأخرون أمسكوا عبيده فشتموهم وقتلوهم" (مت 2:22و5). ورسالة القديس بولس الى تيموثاوس تحمل خلاصة ما هو قلب الإنسان فى وقتنا الحاضر :" مـحبين لأنفسهم وللمال مفتخرين متكبـرين عاقين للوالدين كافرين للمعروف فجاراً لا ود لهم ولا عهد مُلقيّ فِتنة داعرين شرسين مُبغضين للصلاح خوانين مُقتحمين منتفخين مُغلبين حب الذات على حب الله" (2تيموثاوس 2:3-5).

والأن بعد أن عرفنـا حقيقة قلب الإنسان من ضعف ونكران أمام عظمة محبـة وقداسة قلب الله، يأتى السؤال كما سأل الجموع يوحنا الـمعمدان فـى القديـم عندما قالوا "ماذا يجب أن نصنع" (لو 10:3):

1.                     مجاوبـة سريـعة

يقول الـمرّنم:"اليوم اذا سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم"(مز8:94) لهذا فمطلوب مجاوبة سريعة لدعوة الرب لنـا ونتذكر قولـه:"أنا أذهب وستطلبونني وتموتون فى خطاياكم" (يوحنا21:8).

2.                     أن نقبل اليه بلا نفاق

فالرب يقول على لسان اشعيا النبي:"لا سلام للمنافقين" (اش21: 57)، ونتذكر قول الرب يسوع:" كذلك انتم يرى الناس ظاهركم مثل الصديقين وانتم من داخل ممتلئون رِياء وإثما" (مت 28:23).

3. أن نكثر من الصلاة

الصلاة الدائمة هى رغبـة يسوع "صلوا كل حين ولا تـملّوا" (لو 1:18).

4. الشكر الدائم

يدعونـا الرسول بولس قائلاً:" اشكروا فى كل شيئ لأن هذه هى مشيئة الله فى الـمسيح يسوع من جهتكم" (1تسالونيكي18:5).

5. أن نتقدس

ينصحنا القديس بطرس قائلاً:" بل على مثال القدوس الذى دعاكم كونوا انتم قديسين فى تصرفكم كله فانـه كُتب كونوا قديسين لأنـي أنـا قدوس"

(1بط 15:1-16)،لأنه بلا قداسة لن يرى احد الرب كـما جاء فـى رسالة القديس بولس للعبرانييـن:"إقتفـوا السلام مع الجميع والقّداسة التى بدونهـا لا يُعايـن الرّب أحد"(عب 14:12).

6. أن نـؤمـن بـه

"ليحل الـمسيح بالإيـمان فى قلوبكم حتى إذا تأصلتم فـى الـمحبـة وتأسستم عليهـا تستطيعون أن تدركوا مع جميع القديسين ما العرض والطول والعلو والعـمق وأن تعرفوا محبـة الـمسيح التى تفوق الـمعرفـة لكي تـمتلئوا إلـى كل ملء الله"(أفسس17:3-19).

7. أن نحفظ الوصايـا

ينصحنـا القديس يوحنـا قائلاً:"وهذه هى الـمحبة أن نسلك على حسب وصايـاه"(2يو 6).

ويقول السيد الـمسيح:"إن حفظتم وصايـاي ثبـتم فـى مـحبتـي" (يوحنا10:15).

8. أن نتـوب توبـة صادقـة

قال بطرس لسيمون الساحر"لأن قلبك غير مستقيم أمام الله.فتب عن شرك هذا وأطلب الى الله عسى ان يغفر لك فكر قلبك" (أع 22:8).

ويطلب الرب منـا ذلك على لسان يوئيل النبي قائلاً: "والآن يقول الرب توبوا الـّي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والإنتحاب ومزّقـوا قلوبكم لا ثيابكم وتوبوا الى الرب فإنـه رؤوف رحيم طويل الآنـاة وكثيـر الرحـمة"(يوئيل 12:2-13).

9. أن نقوم بقراءة الكتب الـمقدسة

كما طلب الرسول بولس من تلميذه تيموثاوس قائلاً:"واظب على القراءة" (1تيموثاوس 13:4)،لأن "الكتاب كله قد أُوحي به من الله وهو مفيد للتعليم والحِجاج وللتقويم وللتهذيب بالبـِر" (2تيمو 16:3).

10. ان نبادله حباً بحب من كل القلب وبكل القدرة

كانت هذه هى إجابـة السيد الـمسيح لأحد الفريسيين" أحبب الرب الهك من كل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك هذه هي الوصية العظمى والأولى" (مت 37:22-38).

11. أن نصنع رحمة مع القريب

"انى اريد رحمة لا ذبيحة ومعرفة الله أكثر من المحرقات" (هوشع 6:6). ولكن قد يقول البعض هذه قائمة بعشر خطوات لـمقابلة حب يسوع لنا انها قائمة طويلة،أهي وصايا عشر أخر؟ أو قد نردد قول الشاب الغني الذى جاء ليسوع متسائلاً عن إرث الحياة الأبديـة وجاءت إجابـة يسوع له قائلاً:"قد عرفتَ الوصايـا" وسرد له خمس فقط من وصايا الله العشرة،وهنا أجابه الشاب الغنـي:"أما تلك فقد حفظتها منذ حداثتي"(لوقا21:18).

لا، انها وصية واحدة يطلبها منـا يسوع اليوم ان ننفذها،وصية واحدة ليست بـجديـدة "هذه وصيتـي أن يُحبّ بعضكم بعضاً كـما أنـا أحببتكم" (يوحنا12:15). ووصيته لنـا ببساطـة هي:

أحبب الرب من كل قلبك أحبب الرب من كل نفسك

أحبب الرب بكل قدرتك أحبب قريبـك كنفسِك

(متى37:22-39).

ولابـد من الـمـجاوبـة على هذا الحب فكـما يقول الرسول "إن كان أحد لا يحب ربّنـا يسوع الـمسيح فليكن مُبسلاً"(1كورنثوس22:16).

فلنصلّي إلى الرب وندعوه أن يعطينـا قلباً واحداً،قلباً لحمياً،وينـزع القلب الحجري تحقيقاً لوعده فى القديم لحزقيال النبي لكي نسلك فى رسومـه،ونحفظ أحكامه..فنكون له شعباً وهو يكون إلهنا (حز26:36) آميـن.

 ___________________

 

 حــــب يــســـــــــــــــوع

عند التأمـل فـى حب يسوع للإنسان يظهـر سؤالاً هـامـاً كيف يـمكن للإنسان أن يجاوب على حب يسوع حتـى يُسر القلب الأقدس؟ للإجـابـة على هذا السؤال علينا أن نتأمـل فـى النقاط التاليـة:

أولا-ركائـز الحب

ثانيا- حب يسوع

ثالثا- كيفية التجاوب مع حب يسوع

أولا: ركائز الحب

يقوم الحب على ركائز ثلاث هى:

(1) الجودة (2) الـمعرفـة و (3) التشابه أو الـمشابهة

(1) الجـودة:

يـميل الإنسان عادة إلى الشيئ الجيّد فى ذاتـه. فأي إنسان يرغب فى شيئ يـميل إليه إذا آمن بأنه جيّد. هذه الجودة التى نعشقها فى الغير قد تكون جودة خارجية ، أو جودة ذات نفع وفى هذه الحال نحب الغير بسبب ما يجلبه لنا من نفع أو ربح أو لأي باعث آخر لنا فيه مصلحة مـا. خير نسعى إليه ومادام الخيـر يأتـي يظلّ تـمسكنا، وحيث لا نلمح شيئا من الخيـر يظلّ القلب على غير إكتراث. وقد نحاول دوماً فى أمور حياتنا أن نـملأها بأمور تلوح لنا أحياناً بأنها جيّدة من أحد الوجوه ولكن قد تكون تقديراتـنا خاطـئة أحيانـاً.

(2) الـمعرفـة :

لا بـد من الـمعرفـة،إذ يستحيل أن نحب ما ليس لنا بـه معرفة. الـمعرفـة ضرورية فى البدء، وكلمـا إزدادت العلاقة يزيد الحب وتزيد الـمعرفـة.

(3) الـتشـابـه :

قد لا يعني هذا ضرورة أن يكونا الـمتحابـان متماثلين حقيقة وفعلاً، بل قد يعنى أن الواحد منهما حاصل فى الحال على ما بوسع الأخر أن يحصل عليه فيما بعد، فإبن الإنسان نفسه تأنس وأحب الإنسان وصار إنساناً ليتمكن الإنسان من مماثلة الله سبحانه وتعالـى.

بعد أن عرفنا ركائز الحب والتى هـىالجودة،الـمعرفة،والتشابـه،فهل ياترى سوف نجد فى حب يسوع لنا تلك الركائز الثلاث؟

ثانيا: حب يسوع

جودة حب يسوع ومعرفته لنا ومشابهته لنا فى كل شيئ ما عدا الخطية نجدها فـى الصِفات التاليـة:

 

– حب يسوع أبدي

فهو القائل:"محبة أبدية أحببتك من أجل ذلك آدمت لك الرحمة" (أر 3:31)

" قد أحب خاصته أحبهم الـى الـمنتهى" (يو 1:3).

-حب يسوع رفعنا إليه

فهو القائل:" لا أسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يصنع سيده ولكننى سـمّيتكم أحبائي لأنـي أعلمتكم بكل ما سمعت من أبي"(يو 15:15).

– حب يسوع لا يدين

فهو القائل:" انـي لـم آت الى العالـم لأدين العالـم"(يو47:12).

– حب يسوع معزّي

فهو القائل:"لا أدعكم يتامى"(يو 18:14)،وأيضـاً "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يوحنا6:14).

 حب يسوع شخصي

 فهو القائل:"انا الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني"(يو14:10) و ايضاً: "أنا الذى اخترتكم"(يو16:15).

 – حب يسوع لا مثيل لـه

" لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديـة"(يو 16:3).

 – حب يسوع جعلنا أبناء الله

" فأمـا كل الذين قبلوه فأعطى لهم سلطاناً أن يكونوا أبناء الله" (يو12:1).

– حب يسوع فيه رجاء

فهو القائل:" ان سألتم شيئا بإسمي فإني أفعله"(يو 14:14)،" كما أحبني الآب

كذلك أنـا أحببتكم " (يو 9:15).

فـــلــمْ يأتــي يسوع الـى العالـم لكي يـملأ بطون الآلاف من الخبز والسمك..

ولـم يأت الى العالم لكي يفتح عيني أعمى أو لكي يبرئ أبرصــاً أو يشفي مفلوجـاً..

ولـم يتجسد لكي يقيم موتى من موتاهــم.

فـلـم تكن تلك هى الأسباب التى دعت يسوع أن يتجسد.

إنه حب يسوع للإنسان حب يخلّص.

" ويدعون اسمه يسوع لأنه هو الذى يخلّص شعبه من خطاياهم"(متى 21:1).

حب يسوع جيّد للإنسان فلقد أعطاه مـجد البنين

"أخذتم روح التبني الذى ندعو به أبا أيها الآب"(رو 15:8-16).

حب يسوع جيـّد للإنسان لأنه أعطاه الحياة الأبدية.

حب يسوع أعطى الإنسان الـمعرفة..معرفة الآب والإبن والروح القدس.

حب يسوع أعطى الإنسان معرفة ما لـم تراه عين ولم تسمع به أذن أورشليم السماوية.

حب يسوع أعطى الإنسان معرفة كلمة الله وفكر الرب وحياة السماء.

حب يسوع أعطى الإنسان أن يشابهه..خليقة جديدة..إنساناً جديداً

"ها قد مضى القديم وها أن كل شيئ قد تجدد" (2كو 17:5).

الحب والـمحبـة:

عـن معـنى الـمحبـة كـما جاءت فـى العهـد الجديـد والذى قد كُتب باللغة اليونانيـة سوف نجد أنـه جاءت فيـه ثلاث كلمات تحمل معنى الـمحبة وهى:EROS,PHILEO, and AGAPE ،ولكن كل كلمة تختلف فى مضمونها. فكلمة EROS تعنى ان الشخص يحب ولكن بشروط معينة ولا يـمكنه الـمساعدة، وكلمة PHILEO تعنى ان الشخص يحب إذا وجد شيئ يجذبـه نحو الشخص الآخر،أما كلمة AGAPE فتعنى ان الشخص يحب بلا شروط وهذا هو نوع حب الله للإنسان والذى لا يعتمد على مشاعر حسية بقدر ما يرتكن الى الفعل ذاتـه.وعـن صفات الـمحبـة فلقد تم وصـفهـا على لسـان القديـس بولس فى رسالته الأولـى الى كورونـثوس :  الـمحـبـة تـتأ نـى وتــرفـــق ..

المحـبـة لا تحـــسد ولا تتباهــى ولا تنـتـفـــخ..

ولا تـأتـي قــباحــة ولا تـلتـمـس مـاهـو لـهـا..

ولا تحــتد ولا تـظـن الســوء.. ولا تفــرح بالظــلـم , بل تفــرح بالحــق..

و تحـتـمـل كـل شـيئ ..وتــصــدق كـل شـيئ.. وتـرجـو كـل شـيئ..وتـصــبـر على كــل شـيئ .. المحــبـة لا تـــســقط أبـداً " (1كو4:13-8).

ونشـيد الإنـــشـاد يــصـف الـمحبـة بـإنهـا "قــويـة كالـمـوت..مــيــاه كثيرة لا تستطيع ان تـطفئ الـمحـبـة والسـيـول لا تـغـمـرهــا” (نـش 7:8). وبتأملنـا فى هـذه الصفات نجـدهـا فى هـذا القلــب،قلب الحبيـب الذى أحبــنا الى الـمنتهــى. لقد قال السيد الـمسيح ان كل الوصايا والشرائع يـمكن ان تتلخص فى كلمة واحدة ألا وهى "الـمحبة "(متى36:22-40).

والرسول بولس يقول ان هناك ثلاث فضائل تثبت "والذى يثبت الآن هو الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة وأعظمهن الـمحبة" (1كورنثوس13:13).

والرسول يوحنا يعرّف لنا الـمحبة قائلاً: "وانـما الـمحبة فى هذا اننا لم نكن نحن أحببنا الله بل هو الذى أحبنا فأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا"(1يوحنا10:4)،ويقول أيضا "من لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة"(1يوحنا8:4).

ان الله محبة ولقد خلقنا نحن لكي نَحب ونُحب ولكن خطايانا هى التى فصلتنا عن الله وعن الآخرين وأيضا عن أنفسنا لهذا قال الرسول بولس:"فإنـي لا أعرف ما أنـا عامله لأنّ ما أريده من الخيـر لا أعـمله بل ما أكرهـه من الشر إيـّاه أعـمل"(رومية 15:7)،ولهذا صرخ قائلاً:"الويل لي أنـا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد الـموت هذا"(رومية24:7).

ثــالــثــاً :كيف نتجاوب مع حب يسوع؟

نرجع الى ركائز الحب الثلاث: الجودة..الـمعرفة..الـمشابهـة

حب الإنسان ليسوع من جهة الجودة:

حب الإنسان ليسوع هو إما لأمر مـا،وإما فقط فى الضيقات،وإما فى الـمناسبات،أو حباً للظهور والحصول على مديح الناس.

_ أقـول بأنـي أحب يسوع فهل حبي بلا غرض؟ أم أشابـه شعب الخمس خبزات الذى قال عنهم السيد الـمسيح:" انكم تطلبونني لأنكم أكلتم الخبز وشبعتم" (يو 26:6) ، أو أشابـه الشاب الغني الذى مضى حزينا؟.

– أقول اني أحب يسوع فهل حبي ليسوع حب يبقـى للنهايـة؟ أم أعمل مثل نيقوديموس الذى جاء اليه سراً خوفاً من اليهود؟ وأخاف أن أردد قول الرسول " من يفصلنا عن محبة الـمسيح أشدة أضيق…" (رو25:8).

– أقول اني أحب يسوع فلماذا أتهـرب من مسؤوليـة الخدمـة فـى الكنيسة وبهـذا أقول انى لست من الجسد؟، أو انى لست عضواً،أو انى لست رِجلاً،أو يـداً أو عيناً فى جسد يسوع وأقف مشلولاً فى جسد الـمسيح السري،الكنيسة،فلا أخدم أو آتي للكنيسة وأشارك بـمواهب الروح القدس التى فـيّ والتى وهبهـا لـي الله؟. لقد نسينـا قول الرسول: "فأنتم جسد الـمسيح وأعضاء من عضو" (1كورنثوس 27:12).

– أقول اني أحب يسوع فلماذا أخفي مواهبي وخدماتي وعطائي وصلاتي وبدلاً من التنافس فى رفع إسم يسوع يكون الجسد فى شِقاق وضعف؟

وعن حب الإنسان ليسوع من جهة الـمعرفة:

– أقول اني أحب يسوع فهل أعرفـه مثل معرفة بولس الرسول الذى قال:"عرفته وعرفت قوة قيامته". كانت معرفـة بولس الرسول ليسوع معرفة عميقة،قويـة،وليست معرفة وقتيـة،سطحية أو عابـرة. ولكى تكون لدي هذه الـمعرفـة هـل أقرأ الإنجيل،كلمة الله الـمقروءة؟، وهـل أستعمل الوسائط التى تـمنحها الكنيسة لـي لأقترب من يسوع لأعرفه جيداً؟.

هـل أحضر النهضات الروحية؟،وهل أتـمم الفرائض من صلوات وأصوام وصدقـات؟؟..وهل..وهـل .

فالرب يدعونا " فليكن فيكم من الأفكار والأقوال التى فى الـمسيح يسوع "

(فيليبي5:2)، ومن أجـل أن يكون لنا هذا لابد أن نعرف يسوع حتى نفهم ونعي ونتعلم ما هى أفكار وأخلاق يسوع .

– أقول اني أحب يسوع فهل أعرّفـه للآخرين بأعمالي وتصرفاتي ومحبتي؟

"فنحن سفراء الـمسيح كأنّ الله يعظ على ألسنتـنـا"(2كورنثوس20:5).

– أقول اني أحب يسوع فهل أحمل أسمه بفخر كـما يطالبنـا " باركوا إسمه" (مز5:96) ، "افتخروا بإسمه القدوس" (مز 3:105) فلا نجعل اسمه سبب عـار.

أمـا عن حب الإنسان ليسوع من جهة التشابه:

-أقول انى أحب يسوع فهل أشابهه فى محاربة الشر والخطية فلا أكون فى شركة مع بليعال؟. لقد قال الرب "أخرجو من بابـل" (اشعيا20:48) ، "إعتزلوا يقول الرب"(2كورنثوس 17:6).

 – أقول أنا أحب يسوع فلماذا لم نترك العالم وكل شيئ فى العالم؟ ونسينـا قول الرسول لنـا: " لا تحبوا العالم ولا ما فى العالم لأن كل ما فى العالم هو شهوة الجسد وشهوة العين وفخر الحياة "(1يو 15:2-16)؟

أقول انى أحب يسوع فهل حملت الصليب؟ وهل نسينـا القول"من لا يحمل صليبه ويتبعني لا يكون لي تلميذا"(متى38:10)؟.

أقول أنا أحب يسوع فلماذا لم أثبت فى كرمته " فالغصن لا يستطيع أن يأتى بثمر من عنده إن لم يثبت فى الكرمة" (يو 4:15-15). والثبات فى الكرمة يعني الثبات فى الكنيسة لأن الكنيسة هى كرم الرب.

والآن يأتـى السؤال كيف يكون التجاوب الحقيقي مع حب يسوع :

1.                     أن نحبه 2.أن نصغي لصوته

3.أن نتبعه دون غرض عالـمي 4.أن نحمل اسمه بفخر

5.أن نحمل صليبه برضى وشكر 6 .أن نعيش لأجله

7.                     أن نعمل لأجله 8. أن نتحادث معه بالصلاة

فهل يأخي وأختي من منظري ولغتي وتصرفاتي وهدوئي ومحبتي وطاعتي وخدمتي ورعايتي لأسرتـي ينظر الناس الـمسيح فـي " فيمجدوا الله" (مت 16:5) "فنحن سفراء الـمسيح" (2كو20:5).

فلنعود الى تقييم حبنا ليسوع هـل هو حب حقيقي أم…..؟

إن لـم نعرف الحب و نثبتـه فـى قلوبنـا وأفعالنـا فإننـا لا شيئ ..

فلنـملأ بالحب قلوبنـا لأن النعمة فينـا.

فنـحن مــدعوون للقداسة فلا شيئ يلهينـا عن ذلك لأننـا لسنـا من العالم (يوحنـا 19:15)، فلا نترك أسلحتـنـا وسلاحنـا هو حب يسوع "فـمن يفصلنـا عن محـبّة الـمسيح أشّدة أم ضيـق أم جوع أم عري أم خطر أم إضطهاد أم سيف"(رومية35:8).

 ____________________

 

 "قلباً طاهـراً أخلق فـيّ يا الله" (مزمور12:50)

الحياة مع الله تستلزم الحياة بلا دنس وفـى قداسة وفى نقاوة وبر وصلاح. ولكي يحصل الإنسان على حياة النقاوة يلزمه ان يكون له قلب نقي طاهر.

ان القلب فى الـمفهوم الإنجيلي هو القاعدة التى تصدر عنها كل مفاعيل الحياة الروحية والجسديـة،فصاحب الأمثال يعلن:"فوق كل تحفظ إحفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة"(أمثال23:4).

ولكن لـماذا إختار الله قلب الإنسان ليكون مكانا مخصصاً لـه دون سواه؟

فهو القائل:"يابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي"(أمثال26:23)، وكانت أول وصية للإنسان "تحب الرب إلهك من كل قلبك"(تثنية5:6)، وأيضا كانت إجابة السيد الـمسيح لأحد علماء الناموس عن أعظم الوصايا فى الناموس" أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك.هذه هى الوصية العظمى والأولى"(متى37:22)،وأيضاً يقول الوحي الإلهي:"ويل للقلب الـمتوانـي إنه لايؤمن ولذلك لا حمايـة له"(يشوع بن سيراخ5:2).

قلب الإنسان هو الـمُعبّـر عن حالة الإنسان النهائية إن كان صالحاً أو شريراً "فالإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يُخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر"(لوقا45:6). فيستحيل ان يتكلم الإنسان دون أن يكشف عن قلبه شاء أو أبَى لأنـه مكتوب:"انـه من فضلة القلب يتكلم الفم"(لو45:6)، ولأنه من القلب"تخرج الأفكار الرديئة القتل الزنى الفجورالسرقة شهادة الزّور التجديف"(متى19:15).

ان عمل الشر فى الإنسان هو تلويث القلب بالشرور والشهوات فيصبح كنـز القلب شريراً فينضح بالشرور،بل أحيانا يضيف الشر إلى ذلك إمكانية إعطاء قلب غاش للإنسان فيتكلم بالصالحات حتى يخفى ما بـه من الشرور فيتكلم هذا الإنسان بالصالحات ليوهم الناس انه صالح مع انه شرير،وهذا ما ذكره السيد الـمسيح عن الكتبة والفريسيون"كذلك أنتم يرى الناس ظاهركم مثل الصدّيقين وأنتم من داخل ممتلئون ريآءً وإثماً"(متى28:23)،وايضاً قال لهم:"أنتم تزّكون أنفسكم أمام الناس لكن الله عالم بقلوبكم لأن الرفيع عند الناس هو رِجسُ أمام الله"(لوقا15:16).

وأيضا يذكر الله هذا على لسان اشعيا النبي قائلاً:"ان الشعب يتقّرب إليّ بفيـه ويكرّمني بشفتيه أما قلبه بعيد عني"(اشعيا 13:29).

وفى الـموعظه على الجبل قال السيد الـمسيح فـى إحدى تلك التطويـبات:"طوبى لأنقياء القلوب فإنهم يُعاينون الله"(متى8:5)،وفى مثل الزارع نجد كلمة الله والقلب (متى18:13-23). لذلك وجب على الإنسان ان يكون قلبه نقي حتى يـمكنه الحيـاة مع اللـه.

يقول القديس مكاريوس الكبير:"القلب هو القاعدة التى تنبثق منها الشخصية بكل مكوناتها وميزاتها ومركز القدرات والطاقات والذكاء والبصيرة والإرادة والحكمة والرؤيـا".

فالقلب الشرير يلوث الإرادة وينجس الـميول والغرائز الطبيعية ويصير كل شيئ غير طاهر فى عين ذلك الإنسان وفى يديـه دون أن يدري.

"ان كل شيئ طاهر للأطهار فأما الأنجاس والكفرة فمالهم شيئ طاهر بل بصائرهم وضمائرهم نجسة"(تيطس15:1).

لذلك كان عمل الله بالنسبة للقلب هو إنتزاع القلب الشرير جملة وخلق قلب جديد يغرسه الله فى الإنسان. قلب جديد فيصبح الإنسان إنساناً آخر،لذلك صرخ داود فى القديم قائلاً:"قلباً نقيّاً أخلق فيّ يا الله وروحاً مستقيماً جدّد فى أحشائي"(مزمور12:50).وحزقيال النبي يتنبأ على لسان الله واعداً الـمؤمنيـن قائلاً:"أعطيكم قلباً جديداً واجعل فى حشاءكم روحاً جديداً وأنزع من لحمكم قلب الحجر وأعطيكم قلباً من لحم وأجعل روحي فى أحشاءكم وأجعلكم تسلكون فـى رسومي وتحفظون أحكامي وتعملون بـها"(حزقيال26:36-27).

كيف يمكن خلق هذا القلب الجديـد؟

الله هو الذى بدأ كما جاء برسالة القديس بولس"أما اللـه فيدل على محبته لنا

بانه إذ كنا خطأة بعد ففى الآوان مات المسيح عنا فبالأحرى كثيراً إذا قد بررنا بدمه نخلص من الغضب لأنّا إذ كنا قد صولحنا مع اللـه بموت ابنه ونحن أعداء فبالأحرى كثيراً نخلص بحياته ونحن مصالحون"(رومية8:-10).

وأيضا فى رسالته الى أهل كولوسي:"قد صالحكم فى جسد بشريته بالـموت ليجعلكم قديسين بغير عيب ولا مشتكى أمامه"(كولوسي22:1). وكما جاء برسالة القديس يوحنا"وبهذا تبين محبة اللـه لنا ان اللـه أرسل ابنه الوحيد الى العالم لنحيا به وإنـما الـمحبة فى هذا اننا لم نكن نحن أحببنا الله بل هو أحبنا فأرسل إبـنه كفّارة عن خطايانـا"(1يوحنا9:4-10).

ورسول الأمم يدعونـا أن ننبذ "الإنسان العتيق الفاسد بشهوات الغرور" وأن نتجدد وأن نلبس "الإنسان الجديد الذى خُلق على مثال الله فـى البـِر وقداسة الحـق"(أفسس22:4-24).

الله هو الذى أحب الإنسان حتى ان ايوب يصرخ قائلاً:

"ما الإنسان حتى تستعظمه وتـميل اليه قلبك"(ايوب17:7).

الله لا يهتم بحب العواطف مهما كان عنيفاً لأنه حب ينطفئ فى طريق الحياة حينما تنجرح العواطف أو تـهان.

لذلك أصبحت تنقية القلب بالنسبة للمحبين لله أمراً بالغ الأهمية والخطورة لأن الله لا يطلب ولا يرضى بالحب النصفى او الجزئي،فلابد ان يكون كل القلب للـه لهذا قال يعقوب الرسول:"أما تعلمون أن مـحبة العالم عداوة للـه فمن آثر ان يكون حبيباً للعالم فقد صار عدواً للـه"(يعقوب4:4).

ومعنى كل القلب هو تصفيته تماما من كل شوائب او ميول جسدية وتطهيره من كل الأوثان والـمعبودات السريّة ولهذا قال القديس يوحنا:"لاتحبوا العالم و ما فى العالم إن كان أحد يحب العالم فليست فيه محبة الآب لأن كل ما فى العالم هو شهوة الجسد وشهوة العين وفخر الحياة"(1يوحنا15:2-16).

فقدس الأقداس أي القلب ينبغى ان يُقدس ويزين للـه فقط،أي انه بقدر  ما نخلع الإنسان العتيق بكل شروره نستطيع أن نظهر فى قوة الإنسان الجديد الإلهي كقول الرسول:"إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذى يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه"(كولوسي9:3-10).

ان نقاوة القلب تعنى تنفيذ مشيئة اللـه القدوس وهناك رابطة قوية ما بين نقاوة القلب وطهارة الجسد والإيمان،ولهذا يقول القديس اغسطينوس:"الـمؤمن يجب ان يؤمن بحقائق الإيـمان لأنه بإيـمانه سيطيع اللـه وبطاعته للـه سيحيا فى الخير وإذا عاش فى الخير سيعمل على تطهير القلب دائماً وبنقاوة القلب يمكنه ان يفهم بماذا يؤمن". هنا ينبغى أن يبرهن الإنسان عن إيمانه بوجود اللـه وذلك بصلاته وسلوكه مع الناس بمقتضى اوامر الله ووصاياه ولهذا فلقد قيل"من ثمارهم تعرفونهم"(متى16:7).

ان الإيمان باللـه شيئ ومحبة الله شيئ آخر،ولكن اذا إجتمعا ظهر منهما قوة جديدة هى الثقة باللـه "وهذه هى الثقة التى لنا به إن كنا نسأله شيئاً بحسب مشيئته فإنه يستجيـبنا"(1يوحنا14:5).

فهل من منظرى ولغتى وتصرفاتى وهدوئى ومحبتى وطاعتى وخدمتى ورعايتى لأسرتى ينظر الناس الـمسيح فيّ"فيمجدوا الله"(متى16:5)،فالرسول بولس يقول:"اننا صرنا منظراً للعالم للملائكة والناس"(1كورنثوس9:4).

ولكن يبقى السؤال كيف يحصل الإنسان على نقاوة القلب والشهادة الحيّة للمسيح يسوع؟

ان الكنيسة بأسرارها الـمقدسة والتى تعتبـر "وسائط للنعـمة" تساعد الإنسان الـمؤمن على تطهير القلب والحياة بدون دنس مع اللـه.

· سر المعموديـة:

"ان كان احد لايولد من الماء والروح لايقدر ان يدخل ملكوت الله"(يو5:3)

فالمعمودية أعطت للقلب ولادة جديدة وتطهيراً من الخطايا ومنحت الإنسان نعمة التبني والخلاص من عقوبة الخطية وأخذ ميراث الحياة الأبدية.

· سر الـميرون او الـمسحة الـمقدسة:

"وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس.."(1يوحنا20:2)

"لكن الـمسحة التى نلتموها منه تثبت فيكم.."(1يوحنا 27:2)

وفيه يـُمنح الـمؤمن موهبة حلول الروح القدس عندما يضع الكاهن يده على رأس الـمعمّد وينفخ فيه الروح القدس ويُدهن بالزيت الـمقدس.

· سر الشكر او الافخارستيا

"من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبديـة"(يوحنا 51:6-57)

ويحذرنا القديس بولس قائلاً:"لأن من يأكل ويشرب وهو على خلاف الإستحقاق إنـما يأكل ويشرب دينونة لنفسه"(1كورنثوس29:11).

· سر التوبة او الإعتراف او سر المصالحة

نفخ الرب يسوع بعد قيامته فى وجه تلاميذه قائلاً:"خذوا الروح القدس. من غفرتم خطاياهم ُتغفر لهم ومن أمسكتم خطاياهم تُمسك لهم"(يوحنا22:20)

لهذا فضرورى جداً الذهاب الى سر الإعتراف بتوبـة حقيقية وندامة كاملة.

ان إنسحاق القلب ضروري وشرط جوهري لازم للتوبة الحقيقية،لهذا جاء على لسان يوئيل النبي قول الرب القائل:"إرجعوا اليّ بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وإرجعوا الى الرب الهكم لأنه رؤوف رحيم بطيـئ الغضب وكثيـر الرأفـة ويندم على الشر"

(يوئيل12:2-13).

· سر مسحة المرضى

"أمريض احد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلّوا عليه ويدهنوه بزيت باسم

الرب وصلاة الإيمان تشفى الـمريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغـفر لـه"(يعقوب14:5-15)

· سر الزيـجة

الزواج ناموس مقدس أسسه اللـه تعالى منذ البدء وقد باركه يسوع بحضوره لعرس قانا الجليل (يوحنا2:2)، ولهذا قال السيد الـمسيح للفريسيون الذين جاءوا ليجـرّبـوه:"أما قرأتـم إن الذى خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان واحداً إذا ليس بعد اثنين بل جسد واحد فالذى جـمّعه اللـه لا يفرّقـه إنسان"

(متى4:19-6).

ونتذكر قصة طوبيا الإبن والـملاك روفائيل الذى نصحه قائلاً:"استمع فأخبرك من هم الذين يستطيع الشيطان ان يقوى عليهم إن الذين يتزوجون فينفون اللـه من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل الذين لا فهم لهما أولئك للشيطان عليهم سلطان"(طوبيا16:6-18)،"لأنّـا بنو القديسين فلا ينبغى لنا ان نقترن إقتران الأمم الذين لا يعرفون اللـه"(طوبيا5:8).

· سر الكهنـوت

"وهو أعطى البعض ان يكونوا رسلا والبعض انبياء والبعض مبشرين والبعض

رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد الـمسيح"

(افسس11:4-12). "لا يأخذ احد هذه الوظيفة بنفسه بل الـمدعو من اللـه كما هارون ايضاً"(عبرانيين4:5).

أن الكنيسة تعمل بكل الوسائل لتقديم "وسائط النِعمـة" لـمعاونة الإنسان الجديد فى جهاده الروحـي.

والآن هل لنا هذا القلب الجديـد؟

هـل يرى الناس فينـا قلب يسوع ويـمتلئون من الروح القدس بحلولنا فى منازلهم؟

هـل نحمل قلب سخي يحب ويغفر ويساعد الآخريـن؟

هـل نحمل قلب بتول لا يشتهى سوى الحيـاة الأبـديـة؟

هـل نحن فعلا قد حافظنـا على القلب الجديد الذى غرسه فينا يسوع فى خلقه الإنسان الجديـد؟

هـل نـأتـى الى الكنيسة ونحاول بكل الطرق ان نستفيد بكل وسائط النِعـمة التى تقدمهـا لنـا فنعترف ونسمع الكلمة ونعمل بها ونتوب بصدق ونتقدم لأخذ خبز الشركة بإستحقاق،ونحترم الكهنوت وندعو الكنيسة فى أمراضنا وأتعابنـا وأفراحنا وأحزاننـا،ونعطى الكنيسة بكل سخاء دون تردد او مداراة تحت اي ستار،ونقدم أولادنـا للتعليم الكنسي ليزدادوا معرفة بالقدوس؟

الإنسان الجديد ذو القلب الجديـد هو تتويج لـمجد وعمل الرب يسوع لأنـه مكتوب " إن كان أحد فـى الـمسيح فهو خليقة جدبدة. قد مضى القديم وها إنّ كل شيئ قد تجدد"(2كورنثوس17:5).

الخليقة الجديـدة هـو وجــود دائــم إلــى الأبــد مـع الرب، ولا يـكـون هـذا الوجـود فقط فـى مـحـنـة،أو تـجـربـة، أومـنـاسـبـة أو أي ظـروف مـن ظـروف الـحـيـاة،بــل هـو وجــود دائـــم،لأن الرب دائــم الـوجـود.

أيــوجــد تــأكـيـد أكـثـر مـن ان "عـمانوئيل الذى تفسيره الله معنـا"(متى23:1) هـو خـالق هذا القلب والإنسان الجديد؟

الله هذا الذى أحبـنـا إلـى الـمنتهـى ووضـع قـلـبـه فـى قـلـوبـنـا وجعل مقامـه فيـه(يوحنا23:14).

فلنسـيـر فـى هـذا الإيـمان دائـمـا متذكـرين بأن يسوع قـد فـدانـا، والفـداء شـمـل كـل شيئ، فكان التـطهـيـر الذى يـُبـعـد عـنـا كـل نـجـاسـات الـعـالـم،وكـل مـغـريــاتـه،وكـل كـبـريـائـه وكل ما فـى العالـم من قلق وخوف وإضطراب.

وهـذا الفداء قـادر دائـمـا أن يـصـُد عـنـا كـل تـجارب الـعـدو فنـنتصر دائـماً على عـدو خـلاصـنـا لأن قـوة الرب فـيـنا تـعـضـدنـاوتـسـنـدنـا.

والآن هـَب لـنـا "قلباً طاهـراً أخلق فـيّ يا الله"وروحك القدوس لا تنـزعـه منـا لكى نفهـم ونتأمـل معنى أنـنا خليقـة جديدة وبروحك نعـمل فـى هـذا العالـم فـيتمجد اسـمك الآن وإلى دهر الدهـور. آميـن.

 _________________

 

 عِبــــادة شـــهر قــلــب يـــســـوع الأ قـدس

أصل عبادة قلب يسوع الأقدس:

قبل الرجوع الى تاريخ عِبادة قلب يسوع الأقدس يلزمنا اولا تعريف كلمة "قلب"،فلا يـمكننا ان نتفهم هذه العِبادة بـمعناها الحقيقي او الهدف منها ما لم نتعرف على معنى كلمة "القلب"،ولـماذا أختيـر كموضوع للعبِادة والإكرام؟.

ان القلب عموما فى الإستخدام البشرى هو رمز للعواطف والـمشاعر كأن نقول مثلاً"ذو قلب كبير" على الإنسان الذى يصنع رحمة أو يغفر لـمن يُغضبه، أو "ذو قلب حامي" على الإنسان الذى له غيرة ظاهرة للعمل.

والرمز حسب تعريف القواميس هو علامة مرئية لشيئ غير مرئي أو ملموس. والقلب يستخدم ايضا لتعريف الشخص بكل كيانـه،فقلب الإنسان هو رمز طبيعي لشخصيته وتعريفاً بنشاطه،وهو الـمركز الروحي والإرادي والعقلي لنشاط الإنسان.والقلب أيضا هو العضو اللحمي فى جسم الإنسان.

1.                     سر القلب الأقدس كما جاء فى الكتاب الـمقدس

يحوي الكتاب الـمقدس فى عهديه القديم والجديد أكثر من ألف موضع ذكر فيها القلب بجميع ما سبق من معانى شخصية وروحية وعضوية،فالعهد القديم وحده حوى هذا التعبير 858 مرّة،منها 113 مرّة فى مزامير داود وحدها، اما العهد الجديد فذكرت فى الأناجيل اكثر من 25مرّة ورسائل القديس بولس اكثر من 50 مرّة.

ان إستخدام تعبير "القلب" كما جاء فى الكتاب الـمقدس لـه عدة معان:

أولاً:جـاء بـمعناه التشبيهي أو الـمجازي كما جاء فى الأمثلة التالية عن قلب الله:

+ "ورأى الرب ان شر الانسان قد كثر على الأرض وان كل تصور أفكار قلوبهم انما هى شر فى جميع الأيام فندم الرب انه عمل الانسان على الأرض وتأسف فى قلبه"(تكوين5:6-6).

+ "لماذا تقّسون قلوبكم كما قسّى المصريون وفرعون قلوبهم"(1ملوك6:6).

+ "واعطيكم رعاة على وفق قلبي فيرعونكم بعلم وعقل"(ارميا15:3).

والتعبير الكتابي عن "قلب الله"،مع ان الله روح وليس له قلب او جسد، ليس إلاّ طريقة لتوصيل الحقيقة عن الله بصورة مجازيـة،ولهذا فيمكننا استخدام ما ذكره الكتاب المقدس عن "قلب الله" لتوصيل حقيقة "قلب يسوع" لنـا لأن يسوع هو "ضياء مجده وصورة جوهره"(عبرانيين3:1).

ثانيـاً: جـاء بـمعنـاه الرمـزي أو النبوي

ان كل ما جاء فى العهد القديم من رموز عن الـمخلّص الـمنتظر وعن

الآمـه والذى قد تحقق فى مـجئ السيد الـمسيح وموتـه وقيامته سوف نجد أن هناك بعض التعبيرات والتى قيلت عن "قلب الـمسيّا"، منها ما يلي:

+"كالـماء انسكبت وتفككت جميع عظامي.صار قلبي مثل الشمع.ذاب فى وسط أحشائي"(مزمور15:21).

 +"قد كسر قلبي العار والشقاء وإنتظرت من يرثي فلم يكن ومن يعزّي فلم أجد"(مزمور21:68).

+"لذلك فرح قلبي وابتهج مجدي وجسدي ايضا سيسكن على الرجاء. لأنك لا تترك نفسي فى الجحيم ولا تدع قدوسك يرى فساداً"(مزمور9:15-10).

ثالثـا: جـاء كتعبيـراً عن حب الله للإنسان

ويمتلئ ايضا الكتاب الـمقدس بالعديد من الآيات التى تعبر عن حب الله للإنسان مثل ما جاء كالتالى:

-"لا لأنكم اكثر من جميع الشعوب لزِمكم الرب وإصطفاكم فإنـما أنتم أقل من جميع الشعوب لكن لـمحبة الرب لكم ومحافظته على اليمين التى اقسم بها لآبائكم أخرجكم الرب بيد قديرة وفداكم من أرض العبوديـة"

(تثنية7:7-8).

"إسمع يا إسرائيل إن الربّ إلهنـا ربُّ واحد فأحبب الرب إلهك بكل قلبِك وكل نفسِك وكل قُدرتك. ولتكن هذه الكلـمات التى أنـا آمرك بهـا اليوم فـى قلبك"(تث4:6-6).

"انـا لحبيبي وحبيبي لـي" (نشيد الأناشيد2:6).

"من بعيد ترآى لـي الرب. إنـي أحببتك حباً أبديـاً فلذلك اجتذبتك برحـمة" (ارميا3:31).

"إذ كان إسرائيل صبيّاً أحببته ومن مصر دعوت ابني"(هوشع1:11).

 "إنـي أجتذبهم بحبال البشر برُبط الحب وأكون لهم كـمن يرفع النيّـر عن فكوكهم وأمدّ لـه وأطعـمه"(هوشع4:11).

"قالت صهيون قد خذلنى الرب ونسيني السيّد.أتنسى الـمرأة مُرضعها فلا ترحم ابن بطنها لكن ولو أنّ هؤلاء نسين لا أنساك أنـا. هآنذا على كفّي رسـمتك"(اشعيا14:49-16).

– وفـى الأمثاـة التى جاءت على لسان السيد الـمسيح كمثل الراعى الصالح(يوحنا1:10-18)، ومثل الإبن الضال(لوقا1:15-31)،ومثل السامري الصالح(لوقا30:10-37)، ومثل الدرهـم الـمفقود (لوقا8:15-10) أو مثل الخروف الضال(متى11:18-14)،ففـى كلـماتهـا ومواضيعهـا تعبيـراً عن حب الله للإنسان.

التعبيرات التى جاءت على لسان السيد الـمسيح والتى تعكس عن قلبـه وحبـه نحو البشر، فعندما رأى الجموع والزحام وكـما جاء "لـم يكن لهم ما يأكلون" ذُكر قولـه للتلاميذ:"إننـي أتحنن على الجـمع"(مر2:8)، وعندما رأى أورشليم تلك الـمدينة التى أحبهـا وكيف أنهـا تحيا فـى خطاياهـا "بكى عليهـا"(لوقا41:19).

العديد من معجزات الشفاء وإقامة الـموتى تعكس محبة الرب يسوع وعطفه وحنانـه حتى ان اليهود قالوا عنـه أمام قبر لعازر"انظروا كيف كان يحبه"(يوحنا36:11).

لهذا دعانـا الرسول بولس لكى نعرف حب يسوع "ليحل الـمسيح بالإيـمان فى قلوبكم حتى إذا تأصلتم فى الـمحبة وتأسستم عليهـا تستطيعون أن تدركوا مع جميع القديسين ما العرض والطول والعلو والعمق وأن تعرفوا محبّة الـمسيح التى تفوق الـمعرفـة لكي تـمتلئوا إلـى كل ملء الله"(افسس17:3-19).

رابعـاً: معـان مباشرة

فلقـد ذُكر أيضا القلب مثلاً فى العهد الجديد فـى الـمواضع التاليـة:

+"طوبى للأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله"(متى8:5).

+"فعلم يسوع أفكارهم فأجاب وقال لهم بـماذا تفكّرون فـى قلوبكم"

(لو22:5).

+"لأنه حيث يكون كنـزكم هناك يكون قلبكم"(لو34:12).

+"فقال احدهما للآخر اما كانت قلوبنا مضطرمة فينا حين كان يخاطبنا فى الطريق ويشرح لنا الكتب"(لوقا32:24).

+"تعالوا إلي يا جميع الـمتعبين والـمثقّلين وأنا أريحكم.إحملوا نيـري عليكم وتعلّموا مني أنّي وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لأنفسكم"

(متى28:11-29).

+"لأنه بالقلب يؤمن الإنسان للبِر وبالفم يعترف للخلاص"(رومية10:10).

+"وبما إنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم داعيّاً أبـّا آيها الآب"

 (غلاطية6:4)

من هذا الإستعراض عـما جاء عن معنى "القلب" فى الكتاب الـمقدس يـمكن إستنتاج ما يلي:

ان قلب الإنسان هو عموما مركز العواطف ويعبـّر عن الإنسان نفسه.

ان تعبير القلب له معناه الرمزي او التشبيهي.

ان كلمة القلب قد إمتد معناها ليشمل قلب الله وقلب الإنسان.

ان الله قد أظهر بوضوح قلب الـمسيّا الـمنتظر.

على الرغم من عدم وجود نص صريح يذكر اي شيئ عن قلب يسوع او عن إكرام لهذا القلب لكن من الـممكن الوصول الى أصل فكرة تقديم الإكرام لقلب يسوع ألا وهى تقديم كل القلب لله والتعويض الكاف من البشر عن الخطايـا والسهوات.

2. سر الـمسيح كما جاء فى الـمجامع الـمسكونيـة

"من هو الـمسيح؟"، على إجابة هذا السؤال الهام قامت الكنيسة منذ نشأتها بالرد على كل الهرطقات والبِدع التى تمس سر الـمسيح وسر التجسد ومن أجل هذا إنعقدت الـمجامع الـمسكونية فى نيقية و القسطنطينية وأفسس وخلقيدونية وأعلنت الكنيسة مبدأ إيمانها والـموجود فى قانون الإيمان والذى تؤمن بـه جميع الطوائف الـمسيحية فى هذه الأيـام. ان السيد الـمسيح هو إنسان تـام وإلـه تـام وان لاهوتـه لـم يفارق ناسوتـه لحظة واحدة ولا طرفـة عيـن.

ولهذا فالتكريم الـمقدم لقلب يسوع ليس مقدمـاً للقلب ذاتـه ولكن لكون هذا القلب هو قلب شخص يسوع الـمسيح "الكلمة" الإنسان التام والإلـه التام أو الإله الـمتأنس. لهذا فلقد تم تقديم الإكرام لقلب يسوع الأقدس كرمز لحب الـمخلّص السمائي للآب الأزلـي ولجميع البشر وذلك بـمعرفة العديد من باباوات الكنيسة وعلماء اللاهوت والقديسين والـمؤمنين.

 

3. تكريم القلب الأقدس فى تاريخ الكنيسة

يمكن تقسيم تاريخ الكنيسة وتاريخ تقديم الإكرام للسيد الـمسيح عمومـاً إلى عدة فترات كالتالى:

1.                     الفترة الأولى أوالعصر الذهبي:

وذلك من القرن الثانى وحتى السادس الـميلادي والذى يذخر بالعديد من مؤلفات آباء الكنيسة أمثال هيبوليتس الرومانى(130-235)، والقديس ايريناوس(130-202)،والقديس امبروسيوس اسقف ميلان(339-397)، والقديس يوستين الشهيد(100-163)، وترتليان(160-235)،والقديس كيرلس الأسكندري،والقديس البابا جريجورى الكبير(540-604) والتى دافعت ليس فقط عن معتقدات الكنيسة ولكن ما حوته ايضا من التأملات الروحية عن قلب يسوع ينبوع الـماء الحي الذى انسكب من جروح السيد الـمسيح:"لكن واحد من الجند فتح جنبه بحربة فخرج للوقت دمُ وماء"(يوحنا34:19)،تحقيقاً لـما أعلنه من قبل:"إن عطش احد فليأت إليّ ويشرب"(يوحنا37:7).

وفى هذه الفترة ايضا تم نشر بعض الصلوات والـمخصصة للتعويض عن خطايا البشر فى حق الله.

وفى هذه الفترة ايضا بدء الحج للأراضى الـمقدسة وخاصة بعد عام 325م

وإكتشاف صليب يسوع وما قامت به القديسة هيلانة أم الإمبراطور هرقل من مجهودات فى تشييد الكنائس فى كل مكان، ولهذا فلقد ظهرت فى هذه الفترة الصلوات الـمقدمة للسيد الـمسيح وجروحاته على الصليب،وامتلأت بعض الطقوس السريانية والقبطية وغيرها بصلوات لدم السيد الـمسيح الـمسفوك من جنبه الـمطعون. ومن ضمن ما جاء فى هذه الفترة ما كُتب عن نشأة سرالعماد وسر الإفخارستيا من هذا الجنب الـمطعون،وعموما كان يوجد دائما فى الكنيسة نوعا من الإكرام والعِبـادة الـمخصصة لحب الله و"الذى أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى تكون لنا الحياة الأبديـة"،وايضا لحب يسوع الذى بذل ذاتـه من أجل البشر،ولكن لم يكن هناك إكرام مخصص لقلب يسوع بالذات.

2.                     الفترة الثانية أو العصر الـمظلم:

وذلك من القرن السابع إلى القرن الحادى عشر الميلادى وهو يعرف "بالعصر الـمُظلم" فى تاريخ الغرب لسقوط الإمبراطورية الرومانية وغزو البرابرة وفيها إندثرت بعض الكتابات ولكن تم الإحتفاظ بالعديد منها فى أديرة الرهبانيات وأشهرها رهبنة البندكيت التى اسسها القديس بندكيت(480-553). خلال هذه الفترة تم الإحتفاظ بنفس تعليم الآباء عن ان الماء الحي للنعم السماوية والذى ينبع من جنب يسوع الـمطعون،وهذا ما كتبه كلا من:القديس بيديه St.Bede(637-735)و Alcuin(735-804)،والقديس بطرس دميانSt.Peter Damian(مات 1072)و القديس انسلم.

 3. الفترة الثالثة أو بداية العصور الوسطى:

وذلك فى الفترة من عام 1100وحتى 1250م وفيها نجد العديد من النصوص التى توضح كيف بدأت بعض العِبادات الخاصة للقلب الأقدس ونشر التأملات فى سفر نشيد الأناشيد كقصيدة حب الله للنفس البشرية،وفيها ايضا تم الإعتراف بإمكانية وضع الصليب وعليه الـمصلوب على الـمذبح فى الكنيسة، وتم تأليف بعض الترانيم عن قلب يسوع الأقدس.

ومن آباء هذه الفترة سوف نجد مثلاً القديس برنارد(1070-1135).

3.                     الفترة الرابعـة

من القرن الثانى عشر وحتى القرن الرابع عشر الميلادى، وفيها انتشرت الرهبانيات وانتشرت عبادة قلب يسوع مع غيرها من العِبادات وظهرت كتابات للقديس فرنسيس الأسيزي فى عام 1267م،والقديسة مارجريت مارى والقديس البرت الكبير(1206-1280م)،والقديسة لوتجراد(ماتت1246)،والقديس بونافنتورا(مات 1274)،ووجدت بعض الممارسات التقويـة ضمن رهبانيات الدومنيكان والبندكتيون والتى خُصصت لجروحات السيد المسيح ومن بينها القلب الجريح كعلامة لجرح الحب،وتم نشر بعض الصلوات لقلب يسوع الأقدس. وفى تلك الفترة وحتى القرن السادس عشر بدأ إنتشار إكرام قلب يسوع ولكن كان فى حدود ضيقة ضمن الرهبانيات او ممارسات شخصية. وبداية من القرن الخامس عشر انتشرت الصلوات للقلب الأقدس فى انحاء عديدة من اوربـا.ويرجع لرهبنة الدومنيكان والفرنسيسكان الدور الكبير فى إنتشار الإكرام لقلب يسوع وكان للقديس فرنسوا دى لاسال (1567-1622م) العديد من الـمؤلفات بهذا الشأن. وقام ايضا رهبان الآباء اليسوعيين من بدء القرن السادس عشر بنشر العديد من الـمؤلفات عن قلب يسوع الأقدس ومنهم القديس St.Francis Borgia ,St.Alphonsus Rodriguez.و فى هذه الفترة وجدت ايضاً بعض الظهورات للسيد الـمسيح لبعض قديسي الكنيسة امثال القديسة كاترين السينائية (ماتت 1380) والقديسة جرترودة وغيرهم والتى ظهر لهم السيد الـمسيح مظهراً لهم جراحاتـه الـمقدسة. وبعد موافقـة العديد من أساقفة الكنيسة بفرنسا تم الإحتفال بعيد القلب الأقدس لأول مرة يوم 20 أكتوبر من عام 1672.

4. القديسة مارجريت مارى ألاكوك ورسالتها السماوية

فى حـوالـي عـام 1673ترآى السيد الـمسيح لإحدى الراهبات وإ سمها

مارجريت ماري ألاكـوك (1647-1690) فى فرنسا وأراهـا قلبه الأقدس مـحاطـاً باللهيب وفوقه علامة الصليب وناداها قائلاً:"ها هو قلبي الذى أحب البشر حتى تفانـى لأجلهم ولا يلحقه منهم سوى الجفاء والفتور".وظهر لها مرة أخرى بجروحاته الخـمـس: اليد اليمنى،اليد اليسرى،القدم اليمنى،القدم اليسرى،والجنب الأيـمـن. وأعلن لها عن حبــه الإ لهي اللا متناهي للبشر وطلب منها قائلا:"خففّــي أنت على الأقل من آلامي بالتعويض عن خيانات البشر بقدر ما تستطعين ". وذكر لها السيد الـمسيح كيف يخونــه البشـر امــام حبــه لــهم . وتوالت الظهورات وفى كل مرة يظهر وقلبــه ملتهب كما نراه الآن فى الصور الـمرسومة. وكان رد الراهبة :كيف أستطيع التعويض عن ما لحقك يا رب من خيانات إخوتـي البشــر؟.

وسجـّـلـت القديسة مارجريت ماري هذه الرغبات والوعود وحاولت نشرها ولكن كانت فى حدود ضيقــة وماتت بعدها فى 17 اكتوبر من عام 1690.

وفى عـام 1833 وفى أحد اديرة راهبات القديس اغسطينوس فى باريس, أبدت أحد تلميذات الرهبنة وتدعى أنجيل دى سانت لا كروا الى رئيسة الدير فى ذاك الوقت القديسة جيروم لماذا لا تخصص الكنيسة شهرا كاملا لتكريم قلب يسوع أسوة بالـشهر المريمي والذى بدأ فى ممارسته من القرن السادس عشر،وبالفعل بدء إعداد بعض القراءات والصلوات لقلب يسوع وتم الإستعانة بما كتبته القديسة مرجريت ماري وكذلك الأب كروازيـه والأب Galliffet وغيرهم وبعد موافقة السلطات الكنسية مثل البابا كليمنت الثالث عشر (1765) والبابا بيوس السادس (1794) تم البدء فى نشر هذه العبادة والتكريم فى الأديرة والكنائس والعائلات.

وفى 11يونيو عام 1899 أعلن البابا لاون الثالث عشر ضرورة تكريس كل الـمؤمنين انفسهم لقلب يسوع الأقدس وقال:"ها انه اليوم مقدمة لنا راية اخرى الهية بها رجانا الا وهى قلب يسوع الأقدس الساطع فى وسط اللهيب والـمرتفع فوق الصليب فلنضع به ثقتنا".

ومن عهد البابا لاون الثالث عشر(1878-1903) وحتى البابا يوحنا بولس الثانـي (1978- ) بدء باباوات الكنيسة الكاثوليكيـة فى حث العالم الكاثوليكي على تقديم الإكرام والتعويض اللائق لقلب يسوع الأقدس وضرورة التأمل بعظائم قلب يسوع وعجائب عطفـه وحنانـه نحــو البـــشر وذلك بإصدار العديد من الرسالات البابويـة. فلقد أصدر كلاً من البابا بيوس العاشر فى عام 1906،و البابا بيوس الثانـى عشر فى عام 1956 والبابا بولس السادس فى عام 1965، والبابا يوحنا بولس الثانـى فى عام 1984 وعام 1986 وعام 1994 وعام 1999 العديد من الرسائل الباباويـة لحث كل الـمؤمنيـن أن يكون حب يسوع ماثلاً دائـماً أمامهـم وأن نضع حب الله فوق أي إهتمامات أخرى دنياويـة وضرورة ممـارسة الرياضات والإكرامات الضروريـة لـنمو الحيـاة الروحيـة للوصول للقداسة التى يطلبهـا الله منـا الذى "إختارنـا فيـه من قبل إنشاء العالـم لنكون قديسين وبغيـر عيب أمـامـه بالـمحبة"(افسس4:1).

لا يـمكن القول بتاتـا ان عبادة القلب الأقدس قد ظهرت فجأة فى الكنيسة نتيجة لظهورات السيد الـمسيح للقديسة مارجريت مارى الاكوك ولكن سوف نجد انـه نتيجة لوجود العديد من الأشخاص الذى آمنوا بأهمية التعبير لقلب يسوع عن حبهم لـه وتعويضه عن تلك الإهانات التى لحقت بـه من البشر. ولا غرابـة فـى ذلك فتاريخ الكنيسة يحوى العديد من حوادث ظهور للسيد الـمسيح من بعد صعوده إلـى السـماء لبعض الناس لتلقينهـم بعض الحقائق والسابق إيداعـها للكنيسة وذلك بقصد زيـادة إعلان ونشر لتلك الحقائـق الإيـمانيـة. فالسيد الـمسيح قد ظهـر لتلميذي عـمواس "ثـم أخذ يُفسر لهـما من موسى ومن جـميع الأنبيـاء ما يختص بـه فـى الأسفار كلهـا"(لوقـا26:24)، وظهـر لشاول الطرسوسي ويدعوه" إنـاء مختـار ليحمل إسمي أمام الأمم والـملوك وبني إسرائيل"(أع15:9).وكذلك فـى عام 312م ظهر للـملك قسطنطين وطلب منـه رسم علامـة الصليب عند حربـه ضد الـملك مكسنس الـمشهود بعدائـه للدين الـمسيحي وبالفعل إنتصر الـملك قسطنطين وآمـن بالدين الـمسيحي وشيّد الكنائس ومنذ هذا التاريخ إزداد الـمؤمنون تقوى وإكرام نحو عود الصليب الـمقدس. وظهـورات السيد الـمسيح لبعض القديسين وإن قـد إستمر حتى هذا القرن فـما هـى إلاّ تعبير حقيقي عن محبـة الله للإنسان ورغبتـه فـى عودة نفوس عديدة للإيـمان بالـمسيح مع تجديـد الحيـاة الروحيـة، فهناك مازال خطـأة كثيـرون لـم يعودوا إلـى الله ، وما زالت هناك طوائف عِدة قسّمت الكنيسة – جسد الـمسيح السريّ – وهذا مـما يسبب ألـماً للجسد كلـه. ومـا زالت هناك الـماديـة والتى هـى الإلـه السائد بين البشر وتركـوا الله فحق ما قاله السيد الرب عن علامات الأزمنـة عن أن البشر عند إقتراب الـمنتهـى "يـمقت بعضهم بعضـاً ويقوم أنبيـاء كثيـرون ويضلّون كثيـريـن ولكثـرة الإثـم تبـرُد الـمحبـة من الكثيـريـن"(متى10:24-12).

 إذاً فإن عبادة،أوتكريم قلب يسوع ما هى إلا رياضــة دينيــة موضـوعهـا هو قلب يسوع والـمتوقـد حبـا ً للبشـر والـُمهان من هؤلاء البشر. ولا يـمكن القول ان موضوع هذه العبادة هو هذا القلب بإعتباره منفصلاً عن اقنوم الكلمة الـمتجسد،ولا انها توجه فقط لهذا القلب دون باقى ناسوت السيد الـمسيح،ولا انها توجه إلى الجزء الـمادى من جسم الـمسيح الـمعروف بإسم القلب،ولكن إنـما توجّه الى الشيئ الـمرموز بالقلب وهو حب يسوع نحو البشر،أليس هو القائل لنا"تعلموا مني فـإنـى وديع ومتواضع القلب"(متى29:11).

ان العبادة لهذا القلب بإعتبار انه رمز لحب يسوع نحو البشر هو ضرورة لذا قال بولس الرسول:"إن كان أحد لا يحب ربنا يسوع الـمسيح فليكن مُبسلاً"(1كورنثوس22:16). وهـى أيضاً إستجابـة لدعوة الحب التى يقدمهـا قلب يسوع الـمخلّص لنـا فهـو الذى أحبنـا دائـما:"لكن الله لكونـه غنيـّاً بالرحـمة ومن أجل كثـرة مـحبتـه التى أحبّنـا بهـا"(افسس4:2).

وبالتأمل فى حب يسوع لنا يضرم فى قلبنا لهيب الـمحبة نحوه ويجعلنا نهتف مع الرسول:"فمن يفصلنا عن محبة الـمسيح أشدة أم ضيق أم جوع أم عريّ أم خطر أم إضطهاد أم سيف..فاني لواثق بأنه لاموت ولا حياة ولا ملائكة ولا رئاسات ولا قوات ولا أشياء حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خلق آخر يقدر ان يفصنا عن محبة الله التى هى فى الـمسيح يسوع ربنا"(رومية35:8-29).

إذن هى رياضة نتأمل فيها ونعرف بقدر إستطاعتنا من هو يسوع ومقدار حبــه لنــا و هى أيضا صلوات وإماتات وأعمال نقدمها تعويضا عن الإهانات.

وهـذا الإكرام لا يتعارض البتـة مع أي إكرام آخـر يقوم بـه الـمؤمنيـن وهذا بعد موافقـة السلطة الكنسية كالإكرام الـمقدم لـمراحل الصلب الـمقدس فـى أيام الصوم الكبيـر والتى يتم فيهـا التأمـل والصلاة فـى طريق الجلجثـة، أو إكرام الـمقدم للسيد الـمسيح فـى سر القربان الأقدس والذى يُحتفل بـه فـى يوم خميس العهد أو فـى تكريس أول جمعة من كل شهر، أو الإكرام الـمخصص لقلب مريم الطاهـر، فـمثل هذه الـممارسات التقويـة كلهـا تؤدى إلـى هدف واحد وهو تقديس الأنفس.

 _____________________

 

رغبــات يســوع والتى أعلنــها

للراهبة القديسة مارجريت مارى الاكـوك:

1. الـمثــابــرة على إحيــاء السـاعـة المقـدسـة

[كتذكار للوقت الذى قضاه السيد الـمسيح فـى بستان الزيتون، ويُحتفل بـه عادة فـى كل أول خميس من كل شهر].

"أ هـكذا مـا قـدرتـم أن تســهــروا معــى ســاعــة واحــدة , إسهروا وصـلوا لئلا تدخلوا فى تجربة” (متى 40:26).

2. تقديس أول جمعـة من الشهر بالصلوات والـمناولة التعويضية

[ كتذكار لذبيحة الصليــب و يوم الجمعـة العظيـمة]

"ولــي صـبـغـة أصطبـغ بهـا ومـا أشـد تضـايـقـي حتـى تـكـمـل "(لو 50:12).

3. حـضـور الذبيـحة الإ لهيــة

حضور ومشاركـة فعليـة،كاهن وشعب،وبـإستحقاق كامـل "لقـد إشـتهـيت شـهوة ان آكـل هـذا الفصــح مـعـكـم قبل أن أتـألـم"(لو 15:22)،" إ صـنـعـوا هذا لـذكري “ (لو 19:22).

 4. مـمـارسـة التنــاول اليومـي

"إ ن لـم تـأ كـلـوا جسد إ بن البشر وتشربوا دمــه فلا حياة لكم

فى أنفسكـم” (يـوحنا 54:6).

5. الظمــأ الشديــد الى خلاص الأنفــس

كتذكار لصرخـة السيد الـمسيح وهو على الصليب:" أنـا عـطـشـان "(يو 28:19 )،ودعوتـه لنـا لنشر ملكوت السموات "كمـا أرسلتني الى العـالم أرسلتهم أنا ايضا الى العالـم" (يو18:17 ).

6. الإ حتفال بعيد قلبـه الأقـدس

[ كتذكار للأعياد التى فرض الله على شعبه القديم كأعياد تذكاريـة مثل الفصح]. ولقد قال السيد الـمسيح للقديسة مارجريت مارى:"أطلب ان يقام في اليوم الواقع بعد ثمانية أيام لعيد القربان , عيد حافل لتكريم قلبي وليتناول فيه المؤمنون القربان المقدس تعويضا عن خطاياهم التي تلحق بي والإهانات فى سر محبتي ". كما جاء فى القديم:"أعــيـاد الرب التى تنادون بهـا محافـل مقـدسـة تلك هي أعـيـادي” (ألاحبار 2:23)

7. أن يتمجـد الآب السمــاوي ويمــلك على القلوب

" أنـه ينبغى لـي ان أكون فيمـا هو لأبــي" (لو 49:2)،"بهـذا يتمجــد أبـي أن تـأتـوا بـثـمـر كـثيـر وتكـونـوا لـي تلامــيذ"(يو 8:15).

 ________________________________

 

 وعــود السيــد الـمسيـح للمتعبديـن لقلبــه الأ قدس

1.       إ نــي أهبــهم كـل النعم الازمــة لهم فى دعوتهم

2.       إ ني أضــع السلام فى عــائــلا تهــم

3.       إ نــي أعزّيــهــم فى أحزانهــم وشــدائـدهـم

4.       إ نـي أكون ملجــأهـم الآميـن فى حياتـهم وخاصة عند

 مـما تـهـم

5.       إ نـي أسـكب بركـات وافرة على جميع أعمالهم ومشروعاتهم

6.       يجد الخـطـأة فى قلبـي ينبوع الرحمـة الفيـّاض

7.       تحصل النفوس الفاترة على حرارة التقوى

8.       ترتقي النفوس الحـارة سـريـعا فى طريـق الكمـال

9.       إ نـي أبـارك البيوت التى تعرض وتكرم فيها صورة قلبي الأقدس

10. إ نـي أمنح الكهنـة موهبة يلينون بها القلوب القاسية

11. من ينشر ويذيع هذه العبادة يُرسم إسـمه في قلبي ولن يمحى منه أبدا

12.إن الذين يتناولون فى يوم الجمعة الأولى من كل شهر مدة تسعة شهور متتوالية أهبهم نعمة الثبات الى النهاية فلا يموتون دون أن يتقبلوا الأسرار الـمقدسـة.

ان وعود السيد الـمسيح والتى أعلنها فى ظهوراتـه للقديسة مارجريت مارى الاكوك ليست بجديدة فـما هى إلاّ نموذج من تلك الوعود التى قالها يسوع فى حياتـه على الأرض ودونـتها الأناجيـل:

"الحق اقول لكم لو كان لكم ايمان مثل حبة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من ههنا الى هناك فينتقل ولا يعسر عليكم شئ"(متى19:17)

"وهذه الآيات تتبع الـمؤمنين يخرجون الشياطين بإسمي ويتكلّمون بألسنة جديدة ويحملون الحيات وإن شربوا شيئا مميتا فلا يضرّهم ويضعون أيديهم على الـمرضى فيتعافون"(مرقس17:16).

"إنّ فى بيت أبي منازل كثيرة وإلاّ لقلت لكم فاني منطلق لأعد لكم مكانا. واذا إنطلقت وأعددت لكم مكانا آتى وآخذكم اليّ لتكونوا أنتم حيث أكون أنـا"(يوحنا2:14-3).

"فكل ما تسألون الآب بإسمي فأنا أفعله ليتمجد الآب فى الإبن. وان سألتم شيئا باسـمي فإنـي أفعله"(يوحنا12:14-13).

"انا اسأل الآب فيعطيكم معزيـاً آخر ليقيم معكم الى الأبد"(يو16:14).

"لا ادعكم يتامى اني آتى إليكم. عن قليل لا يرانى العالم اما انتم فتروني لأنيّ حيّ وانتم ستحيون"(يو18:14-19).

– مـا جاء فـى التطويبات فـى الـموعظة على الجبل(متى3:5-11).

الـموانـع التى قد تعيق الإنسان عن التجاوب مع حب يسوع

1.       الفتــور والجفــاف

هو الشعور بعدم الـميل للصلاة والتحجج بأعذار كأن نقول إننا لا نعرف كيف نصلي؟ أو لمـاذا نصلى؟ أو ليس لي حاجة من الرب؟،أوأنا بأحضر القداس وهذا يكفي.ولكن تــذّكر قول الكتاب "إنك فاتر لا حـار و لا بارد فقد أوشكت أن أتقـيـأك من فمـي" (رؤ 16:3).

ويمكن التغلب على هذه الحالة بقرأة بعض سير القديسين والإستعانة بصلاة الأجبية والترنــم او سماع شرائط تراتيل والترنيم معها وفى نفس الوقت الإيمــان بأنك تحادث حبيب او صديق فلــما الخوف او التردد؟ . إذهب الى الكاهن وإعترف بهذه الحالـة وإسمع الى إرشاد الروح القدس على لســانه.فتــش أيضـا فى نفــسك عن خطايا لــم تعترف بـها من قبـل.

2.حب الذات

"من أراد أن يتبعني فليكفر بنفـسة ويحمل صليبه ويتبعنى " (متى 24:16)

و فى مثل الفريسي والعشـّار دروس فى هـذا الموضوع "وقال هذا المثل لقوم كانوا يثقون بأنفسهم بأنهم صدّيقون ويحـتقرون غيرهم( لو10:18).

" مـن يـمـيـزك وأي شـيئ لك لم تأخــذه وإن كنـت قد أخذت فلمـاذا تفتخر كأنك لم تأخذ"(1كورنثوس7:4).

3.مــيل متــملــك

غريزة الإمتلاك،الشـهرة،التســلط على الآخرين وهى غرائز طبيعية فى الإنسان او عادات مكتسبة مثل الشتيمة – النميمة – الحلف – شرب الخمر – الطمع – عين الإشتهاء. وفى تجربة ابليس ليسوع فى البريـة (متى 11:1) سوف نجد مثال كيف يستخدم الشرير الغرائز الإنسانية للسيطرة على الإنسـان . فغريزة التملك نجدها فى تجربة ان تصير الحجارة خبزاً وقد حاربها السيد المسيح بقبول الحياة فى فقر “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” فحب المـال هو أصل كل الشـر. وغريزة الشهره نجدها فى تجربة السقوط من أعلى الهيكل فيراه الناس ويؤمنوا وكم من مرة حاولوا أن يملكــوه ولكن السيد المسيح كانت مملكـتـه هى قلوب البشر،وغريزة التسلط على الآخرين ونجدها فى تجربة السجود للشيطان للحصول على سلطان هذا العالم ولقد حارب الرب يسوع هذا بالتواضع " لأنـي أعطيتكم قدوة حتى إنكم كما صنعت انا بـكم تصنعـون انتم أيـضا” (يو15:13). فلنبحث فى نفوسنــا ونـفـتــش مـا هو الـميل الذى يـبعدني عن حـب يــسوع."لكن أثـامكم فرقـت بينكم وبين إلهـكـم وخطايـاكـم حجبت وجهـ ـه عنكم فلا يسمــع" (أشعيا 2:59).

4.كبريــاء ســرّيــة

تظاهر – مسرة عند المديح – مسرة أن يعرف بين الناس بالتقوى من الاهتمام الفعلى بخلاص الآخرين – غـم خــفي بسبب نجـاح الآخرين أو حصولهم على ثمرة من ثمار الروح القدس – حزن شديد بعد السقوط فى الزلات – صفر اليدين من الآعمال الصالحــة – قشـرة رقيـقة تخفى شهوات حقيقية،عدم الإنتمـاء الى الكنيسة،بدع وهرطقات،الدفاع عن الكنيسة بروح فردية لا جمــاعـيـة.

" إنك لا تفطن لـما للـه لكن لـمـا للناس" (متى 23:16).

"إحـذروا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بلباس الحملان وهم فى الباطن ذئاب خاطفـة , من ثمارهم تعرفونهم "(متى15:7).

 ____________________

 

 كيف يـمكننا أن نكرّم قلب يســوع الأقدس؟

هاكم وسائل يستطيع أي مسيحي أن يـمارسـها :

عليك أن تبـذل جـهـدك نحو إنتشار الإكــرام لقلب يســوع فمن لا غيرة فيه لا حب فيه كما يقول القديس أغسطينوس.

1.       الـمَــثـل والقدوة:

" كـن مـثالاً للمـؤمـنين فى الكـلام والتصـرف و المحــبة والإيمــان والعفـاف"(1تيموثاوس12:4). بالصلاة لقلب يسوع وحضور القداس الالهي بكل انتباه وحضور القداس الـمخصص لقلب يسوع الأقدس فى اول جمعة من الشهر والإحتفال بعيد القلب الأقدس، وغيرها من الأعمال التقويـة التى تقود الآخريـن لحب وتكريم يسوع.

2.       الصلا ة لقلب يسوع ليُعرّف الناس بذاتــه:

" ليس الغارس بشيئ ولا الساقي بل الله الذى ينمي” (1كو 7:3).

3. تعليمها للآخرين

 توزيع نشرات دعوتهم لحضور الكنيســة – الصلاة الجماعية

 4. الـمواظبة على قراءة الكتب المقدســة

"إن الكتاب هو مفيد للتعليم وللحجاج و للتقويم وللتهذيب بالبر "

(2تيموثاوس16:3).

5. تقديـم أعـمال اليوم لقلب يسوع

فى بدء كل صباح نقدم خلال صلاتنـا كل أعمالنا وافراحنا ومتاعبنا فى هذا اليوم للسيد الـمسيح وأن نردد مثلا:"يا قلب يسوع ساعدنى لكى احبك اكثر واكثر"،او "يـا يسوع انى اقدم جميع اعمالى الى قلبك الأقدس" وبهذا نتنبـه دائما من ان الرب موجود معنـا دائـما.

6. تكريس الأسرة للقلب الأقدس

بالصلاة الجماعية مع الأسرة امام صورة السيد الـمسيح وقراءة التأملات الروحية عن عظمة حب يسوع ومفاعيل النعم الإلهية التى ينالها كل افراد الأسرة من تكريسهم لقلب يسوع.

7. الإنضمام لبعض الأنشطة التى تكرّم قلب يسوع

 كالجمعيات الخيريـة والـمؤسسات والآخويات والتى تعمل على نشر الإكرام والتمجيد للسيد الـمسيح وإظهار عظمة محبتـه للبشر.

 ___________________

 

 

 الرحـمة الإلـهـيــة

فـى السنوات الأخيـرة من القرن الـماضى

وبعد موافقـة السلطة الكنسية فى أبريل 1978

بدأ الـمؤمنون فـى ممـارسة إكرام مخصص

للرحـمة الإلهيـة والتى قد وضعت صلواتهـا

الراهبـة القديسة مارى فوستينـا

كوالاسكا St. Maria Faustina Kowalska

والتى أعلنت الكنيسة قداستهـا فى30أبريل

من عام 2000، بعد أن ظهر لهـا السيد الـمسيح فى عام 1931 معلنـا لهـا ضرورة تذكرة البشر والكنيسة برحـمة الله الشاملة لكل العالـم وللخطأة. ففـى إحدى تلك الظهورات جاء السيد الـمسيح برداء أبيض وإحدى يديـه مرتفعة بالبركـة، والأخرى ملتصقة بالرداء جهة الصدر، وكان يخرج من الصدر شعاع ذو لون أحمر وشعاع آخـر بلون باهت. وطلب السيد الـمسيح منهـا أن ترسم صورة كـما شاهدتهـا، وشرح لهـا معنى الشعاع الباهت والذى يرمز للـماء والذى يعطى الحيـاة للأنفس، والشعاع ذو اللون الأحمر يرمز للدم والذى هو حيـاة الأنفس. والـماء يذّكرنـا بـماء الـمعموديـة وبدموع التوبـة وبينبوع الـماء الحـي "أمـّا من يشرب من الـماء الذى أنـا أعطيه له فلن يعطش إلـى الأبد بل الـماء الذى أعطيـه له يكون فيه ينبوع ماء ينبع إلـى الحياة الأبديـة"(يوحنـا13:4-14). والدم يذّكرنـا بالعشاء الربـّانـي الذى "هو دم العهد الجديـد الذى يُهراق عن كثيرين لـمغفرة الخطايـا"(متى28:26).

ولقد خرجـا الشعاعان من عـمق القلب الأقدس منذ كان يسوع معلقـاً على خشبة الصليب كتعبيـر عن الرحـمة التى يرسلهـا الله للبشر. وطلب منهـا السيد الـمسيح أن يخصص عيداً تذكاراً للرحـمة الإلهيـة، وكذلك ضرورة الإعتراف والتناول الـمقدس. وقال السيد الـمسيح للقديسة فوستينـا:"أريد أن تُكرس صورتـي هذه فـى الأحد التالـى لعيد القيامـة على أن يكون هذا اليوم عيداً مخصصاً للرحـمة، وفـى هذا اليوم سيكون أعـماق قلبي الرحيـم مفتوحـاً لكل من يأتـى للـمصالحـة معـي ومعترفـاً بخطايـاه ونادمـا من كل قلبـه ويتقدم بإستحقاق للتناول الـمقدس فسوف أغفـر لـه خطايـاه".

ولقد قامت القديسة بالفعل برسم تلك الصورة وكتبت تحتهـا:

"يا يسوع أنـي واثـق بك" لأنـه فـى يسوع يجب أن تكون ثقتنـا.

إن رسالـة السيد الـمسيح عن الرحـمة الإلهيـة كـما أعلنهـا للقديسة فوستينـا ليست بإعلان جديد بل هـى للتذكـرة فقط فطالـما أعلنت الكنيسة فـى تعاليمهـا أن الله رحيـم وغافر للخطايـا وأننـا أيضاً يجب أن نُظهـر الرحـمة والـمغفرة لبعضنـا بعض.فـى الصلاة الربيـّة نصلي قائليـن:"أغفر لنـا ذنوبنـا كـما نغفر نحن لـمن أساء إلينـا"(متى12:6)،وفـى موعظـة السيد الـمسيح على الجبل جاء قولـه:"طوبـى للرحـماء فإنهم يُرحمون"(متى7:5)، لهذا فالكنيسة تعلـمنا دائـماً أن نكون رحـماء وذلك بالقيام بأعمال ماديـة ملموسة وأعـمال أخرى روحيـة.

والأعـمال الـماديـة مثالهـا هو:تقديم طعام لجائع – تقديم ماء لعطشان – تقديم كساء لعريان – تقديم إيواء لـمن بلا مسكن – زيارة مسجون – زيارة مريض – أودفن ميت.

وأعمال الرحـمة الروحيـة فـمثالهـا هـو:تقديم نصيحة لخاطئ – تقديم إرشاد لـمن لا يعلم – تقديم نصح لـمن يشك – تقديم العزاء للحزانـى – الصبر أمام من أي غضب – الـمغفـرة لـمن آساء إليك – أوالصلاة من أجل الأحياء والـموتـى.

يجب دائـما أن نتذكر قول القديس يعقوب:" إن الدينونـة بلا رحـمة تكون على من لا يصنع رحـمة"(يعقوب 13:2)، وفـى أمثال السيد الـمسيح عن السامري الصالـح(لوقا25:10-37) وعن الغني ولعازر (لوقا19:16-31)، تحـمل تعليـماً أساسيـاً وهو أن الرحـمة لـمن يرحـم ومن أن الله يكافـئ فقط من يرحـم فهو القائل: "حينئذ يقول الـملك للذين عن يـمينه تعالوا يا مباركي أبـي رِثوا الـمُلك الـمُعدّ لكم منذ إنشاء العالـم. لأنـي جُعت فأطعمتمونـي وعطشت فسقيتمونـي وكنتُ غريبـاً فآويتـمونـي وعُريـانـاً فكسوتـمونـي ومريضاً فعُدتـمونـي ومحبوساً فأتيتـم إلـيّ" ( متى34:25-40).

إن هذه الرسالـة لتقديم إكرام خاص للرحـمة الإلهيـة له معنـى عـميق هو دعوة البشر لفهـم أكثـر وأقوى بأن حب الله ليس لـه حدود ومتاح لكل إنسان وخاصـة للأشرار.

إن الرحـمة الإلهيـة هـى قلب الكتاب الـمقدس فإننـا إذا مـا تأملنـا كيف أن الله أظهـر عِظم مـحبـتـه ورحـمته لنـا فـى تجسده وموتـه على الصليب وقيامتـه ليعـطى الحيـاة الأبديـة لكل من يؤمن بـه فيـمكننا بتلك الثقـة أن نسأل رحـمتـه تعالـى وفـى نفس الوقت يلزم أن نثبت هذا عـمليـاً بأن نرحـم نحن الآخريـن، لهذا قال يوحنـا الرسول:"بهذا قد عرفنـا الـمحبّة أنّ ذاك قد بذل نفسه من أجلنـا فيجب علينـا أن نبـذل نفوسنـا من أجل الإخوة"(1يوحنا16:3).

لقد أعلن الله لـموسى فـى العهد القديـم عن ذاتـه قائلاً لـه أن "الرب إلـه رحيـم ورؤوف طويل الآنـاة كثيـر الـمراحم والوفاء"(خروج6:34). وفـى قصة شعب الله الـمختار وتعامل الله معـهم نجد أنهـا تحمل معنـى واحد كيف أن الله مملوء رحـمة. وفـى العهد الجديد إزداد هذا الإعلان عن رحـمة الله ومحبـتـه فجاءت كلـمات القديس يوحنا:"لأنـه هكذا أحبّ الله العالـم حتى إنـه بذل ابنـه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن بـه بل تكون له الحيـاة الأبديـة"(يوحنا16:3). ولهذا جاءت أيضاً كلمات القديس بطرس:"مبارك الله أبو ربنا يسوع الـمسيح الذى على حسب رحمته الكثيرة ولدنـا ثانيـة لرجاء حي بقيامـة يسوع الـمسيح من بين الأموات لـميراث لا يبلى ولا يفسد ولا يضمحل محفوظ فـى السموات لكم"(1بطرس3:1-4).

فلنسأل الرحـمة من اللـه بثقـة فهو القائل: "إسألوا فتعطوا..لأن كل من يسأل يُعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح لـه"(متى7:7-8). وهو أيضاً القائل:" طوبـى للرحـماء فإنهـم يُرحـمون"(متى 7:5)

ولقد قال السيد الـمسيح للقديسة فوستينـا فـى إحدى ظهوراتـه لهـا: "ان النفوس التى تلتجئ إلـى رحـمتي تسرّنـي، ولتلك النفوس فأنـا أعطيهـا أكثـر ممـا تطلب. إن كل نفس قد إلتجأت إلـى رحـمتي لا تُرد خـائبـة. أنـا أفتح قلبي كينبوع حـي للرحـمة فلتأت النفوس وترتوي منـه ولتقترب إلـى بحر الرحـمة هذا بثقـة عـظيـمة، وكلـما كانت ثقـة النفس بـي قويـة فستنال رحـمة منـي أكثـر ".

إن الثقـة بالله تعنـى أن الله هو كل شيئ فـى حياتـي حتى فـى أحلك الأوقات فنردد قول السيد الـمسيح عندمـا كان فـى بستان الزيتون" لكن لا تكن مشيئتـي بل مشيئـتك"(لوقا42:22).

 ___________________

 صــلاة الى قلب يسوع الأقدس

يا يسوع يا مخـلص البشر هـا نحن جـاثـون أمـامـك بإتضاع نـادمـين عـمـا لـحـق ويـلـحـق بك كل يوم من الإهـانـات وعدم الـمحـبة. فتنازل وإقبل صلاتنا وخالص إتضاعنا عمـا أسأنا به نحو قلبك الأقدس.

ياقلب يسوع يا أقدس القلوب وأحنها، أي شيئ لم تفعل لكي تكون مـحبوبـاً من البشرفإنك قد هجرت لأجلهم جلال عظمـتك ومجدك وبذلت دونهم كل شيئ حتى أهرقت دمك الطاهر إلى أخر نقطة على الصليب. وجعلت نفسك لإنقضاء الدهر تعزية لنا ونوراً وقوة فى مسالك هذه الحياة،ولكننا بدلا من أن نقابل الحب بالحب لم نكف عن الإساءة اليك.

ومن ثَّم نسألك الـمغفرة ياأيها القلب الذى لا يعرف غير الـمحبة وإصفح عن جميع آثامنا وهفواتنا التى سببت الحزن لقلبك الأقدس، وعن تراخينا ومناولاتنا الفاترة وسيرتنا عديـمة التقشف.

يـا قلب يـسـوع يـا ينبوع كل الـخيرات نطلب منك اليوم أن تُكـثر نِعـمك علينا وأن تَـسكن أنت فى قـلوبنـا فتطـهرنـا وتعيدنا إلـى كرمِك وتفـتح لنـا يومـاً أبواب الفردوس لنـحـيا هـنـاك معـك إلى دهر الداهرين آمين.

 طَلَبـة قلب يسوع الأقدس

كيـرياليسون           كريستاليسون          كيـرياليسون

يـا ربنا يسوع الـمسيح                         أنصت إليـنا

يـا ربنا يسوع الـمسيح                         استجب لنـا

أيهـا الآب السماوي الله                                ارحـمنـا

يـاإبن الله مخلص العالـم                               ارحـمنـا

أيهـا الروح القدس                                     ارحـمنـا

أيهـا الثالوث القدوس الإله الواحد                     ارحـمنـا

يـا قلب يسوع إبن الآب الأزلـي                       اشعل قلبنـا بمحبتك

يا قلب يسوع الـمصور من الروح

 القدس فى أحشاء الوالدة البتول                      اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الـمتحد جوهريـا بكلمة الله     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع ذا العظمة غير الـمتناهية               اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع هيكل الله الـمقدس                      اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع خباء الرب العلي                       اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع بيت الله وباب السماء          اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع آتون الـمحبة الـمضطرم               اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع مقر العدل والـمحبة                    اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع لـمفعم جوداً وحبـاً              اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع لجّة الفضائل كلهـا                     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الجدير بكل تسبحة                     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها           اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الحاوي كل كنز الحكمة والعلم اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع مسكن ملء الـلاهوت كلـه     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع موضوع سرور الآب                  اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الذى من فيضه أخذنا جميعا           اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريـة           اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الطويل الآناة والكثير الرحمة          اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الغني لكل من يدعونك         اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة                  اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنـا                     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الـموسع عاراً لأجلنـا           اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الـمنسحق لأجل أرجاسنا               اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الـمطيع حتى الـموت           اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع الـمطعون بالحربـة                     اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع مصدر كل تعزيـة                      اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع حياتنا وقيامتنـا                 اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع صُلحنـا وسلامنـا                       اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع ذبيحة الخطـأة                  اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع خلاص الراجيـن                       اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع رجاء الـمائتيـن                 اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا قلب يسوع نعيم جميع القديسين                    اشعل قلبنـا بمحبتك

يـا حـمل اللـه الحامـل خطايـا العالـم انصت الينـا

يـا حـامـل اللـه الغافـر خطايـا العالـم  استجب لنا يارب

يـا حمل اللـه الرافـع خطايـا العالـم            ارحمنـا يارب

كيـريـاليسون كريستياليسون كيـريـاليسـون.

صلاة:

       يـا يسوع الوديع والـمتواضع القلب

       اجعـل قلبنـا مثل قلبك

 ________________      

هـل ما جاء فى طَلَبـة قلب يسوع الأقدس

 لــه أصول إنجيليـة؟

كانت دائـما طَلَبـة قلب يسوع الأقدس معروفـة ومنتشرة بين مكرمّي السيد الـمسيح،حتى تمت الـموافقة عليهـا بصورتهـا الحالية من البابا ليون الثالث عشر فى 2 أبريل من عام 1899،ليستخدمها كل الـمؤمنين فى الكنيسة الجامعة،وبتلك الـموافقة الـمقدسة ذاع إنتشارهـا.

ربـما قد لا يعتقد البعض ان محتويات الطَلبَة لها اصول إنجيليـة وتعكس ما تؤمن بـه الكنيسة عن الـمسيح يسوع،ولشرح ذلك يـمكن تقسيم الطَلبة الى ستة اقسام كـما يلي:

1.الجزء الأول

تبدأ كل الطَلَبات بطلب الرحمة من الرب مع دعوة وتوسل للثالوث الأقدس:

طلب الرحـمة "كيرياليسون" من الله الآب، والله الإبن، والله الروح القدس، والثالوث الأقدس الإلـه الواحـد.

2. الجزء الثانـى

وفيـه يأتـى التركيز على علاقة قلب يسوع مع الله الآب والروح القدس:

+ يـا قلب يسوع إبن الآب الأزلـي

"أجاب سمعان بطرس قائلاً أنتَ الـمسيح إبن الله الحي"(متى16:16).

+ يـا قلب يسوع الـمصور من الروح

 القدس فى أحشاء الوالدة البتول                     

"فإن الـمولود فيها إنما هو من الروح القدس"(متى20:1)

3. الجزء الثالث

يبدأ فى التركيـز على شخص الكلـمة وكل ما علّمتة المجامع المسكونية فى نيقية وافسس وخلقيدونية والتى أعلنت بوضوح مفهوم الكنيسة الجامعة عن شخص الـمسيح وكوّنت الأساس لإكرام قلب إلهنـا والـمتحد جوهريـا بالكلـمة الإلهية والذى هو هو قلب الله.

+ يـا قلب يسوع الـمتحد جوهريـا بكلمة الله

"والكلمة صار جسداً وحلّ فينا وقد ابصرنا مجده مجد وحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً"(يوحنا14:1).

+يـا قلب يسوع ذا العظمة غير الـمتناهية

"ومتى جاء ابن البشر فى مجده وجميع الملائكة معه فحينئذ يجلس على عرش مجدِه"(متى31:25). "وايضاً أقول لكم إنكم من الآن ترون ابن البشر جاساً عن يمين القدرة وآتيا على سحاب السماء"(متى64:26).

"لأنه به خلق جميع ما فى السماوات وعلى الارض ما يرى وما لا يرى عروشا كان او سيادات او رئاسات او سلاطين.بـه وإليه خُلق الجميع"

(كولوسى15:1).

"وهو ضياء مجده وصورة جوهره وضابط الجميع بكلمة قوته. وبعدما طهّر الخطايا جلس عن يمين الجلال فى الأعالي"(عبرانيين3:1).

+ يـا قلب يسوع هيكل الله الـمقدس

"أجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وانا فى ثلاثة أيام اقيمه..أما هو فكان يعني هيكل جسده"(يوحنا 19:2-21).

"ولكن تأتى ساعة وهى الآن حاضرة إذ الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق"(يوحنا23:4).

+يـا قلب يسوع خباء الرب العلي

"أما المسيح الذى قد جاء حبراً للخيرات الـمستقبلة فبمسكن أعظم وأكمل لم يصنع بأيد أي ليس من ذلك البناء.وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل الأقداس مرّة واحدة فوجد فداءً أبديـاً"(عبرانيين11:9-12).

"والكلمة صار جسداً وحل فينا وقد ابصرنا مجده مجد وحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقاً"(يوحنا14:1).

+يـا قلب يسوع بيت الله وباب السماء         

عندما رأى يعقوب فى حلم "كأن سلّماً منتصبة على الأرض ورأسها الى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها"(تكوين12:28)، فقال "ما أهول هذا الـموضع ما هذا إلاّ بيت الله هذا باب السماء"(تكوين 17:28).

"الحق الحق اقول لكم انكم سترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر"(يوحنا51:1).

4. الجزء الرابع

وفيه يتم التركيز على الكنوز العظيمة لقلب يسوع:

+يـا قلب يسوع آتون الـمحبة الـمضطرم    

"وان تعرفوا محبة الـمسيح التى تفوق الـمعرفة لكي تـمتلئوا الى كل ملء الله"(اف15:3).

"الـمِذّوب للفضة والبودقـة للذّهب وكذا الإنسان مع فم مـادِحِه"

(ام21:27).

"محصهم كالذهب فى البودقة وقبلهم كذبيحة محرقـة"(حكمة6:3).

+يـا قلب يسوع مقر العدل والـمحبة

+يـا قلب يسوع الـمُفعم جوداً وحبـاً

"التى إنمّا إحتملها الله لإظهار برّه فى هذا الزمان حتى يكون هو باراً ومُبررّاً من له الإيمان بيسوع المسيح"(رومية26:3).

"لأن محبة الله قد افيضت فى قلوبنا بالروح القدس الذى أُعطي لنا(رو5:5).

+يـا قلب يسوع لـجّة الفضائل كلهـا

"أدهانك طيبة العَرف واسمك دهن مهراق فلذلك احبتك العذارى"(نشيد الأناشيد2:1).

"أحببت البر وابغضت الإثم فلذلك مسحك إلهك يا الله بدهن البهجة افضل من شركائك"(عبرانيين9:1).         

+يـا قلب يسوع الجدير بكل تسبحة

"وحين يدخل البِكر الى المسكونة ثانية يقول وتسجد له جميع ملائكة الله"

(عبرانيين6:1).

"وهم يسبّحون تسبيحة جديدة قائلين مستحق انت ان تاخذ الكتاب وتفض ختومه لأنك ذُبحت وافتديتنا لله بدمك من بين كل قبيلة ولسان وشعب وأمـة"(رؤيا9:5).                     

+يـا قلب يسوع ملك جميع القلوب ومركزها

"وأخضعت كل شيئ تحت قدميه"(عبرانيين8:2).

"وأعطيهم قلباً واحدا واجعل فى احشائهم روحا جديدا وانزع من لحمهم قلب الحجر وأعطيهم قلبا من لحم"(حزقيال19:11).

"وأوتيهم قلباً واحداً وطريقاً واحداً ليتقوني جميع الايام"(ارميا39:32).   

+يـا قلب يسوع الحاوي كل كنوز الحكمة والعلم

"المكنون فيه جميع كنوز الحكمة والعلم"(كولوسى3:2).

+يـا قلب يسوع مسكن ملء الـلاهوت كلـه  

"فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا"(كولوسى9:2).

+يـا قلب يسوع موضوع سرور الآب               

"وإذا صوت من السماء قائلا هذا هو ابني الحبيب الذى به سُررت"

(مت17:3).

"وفيما هو يتكلم إذا سحابة منيرة قد ظللتهم وصوت من السحابة يقول هذا هو ابني الحبيب الذى به سُررت فله اسمعوا"(متى5:17).

5. الجزء الخامس

وفيـه يتم التركيز على قلب يسوع كمصدر وينبوع لكل صلاح وتشمل صلوات جميلة تحض على تفريغ كل القلب وملؤه بالمسيح يسوع.

+يـا قلب يسوع الذى من فيضه أخذنا جميعا

"ومن امتلائه نحن كلنا اخذنا ونعمة مكان نعمة"(يوحنا16:1).            

+يـا قلب يسوع رغبة الآكام الدهريـة

"بركات ابيك تضاف الى بركات آبائي الى منية الإكام الدهرية" (تك26:49) "إني رافع عيني الى الجبال الى حيث تأتى منه نصرتى"(مزمور1:120).

+يـا قلب يسوع الطويل الآناة والكثير الرحمة       

"الرب الرب إله رحيم ورؤوف طويل الأناة كثير المراحم والوفاء"(خر6:34)

+يـا قلب يسوع الغني لكل من يدعونك

"فلا فرق بين اليهودى واليوناني إذ للجميع رب واحد غني لكل من يدعوه" (رومية12:10).

+يـا قلب يسوع ينبوع الحياة والقداسة

"لأنّ عندك ينبوع حياة وبنورك نعاين النور"(مزمور10:35).

"من آمن بي فكما قال الكتاب ستجرى من جوفه انهار ماء حي"(يو38:7)

"وكلهم شربوا شرابا روحيا واحدا فانهم كانوا يشربون من الصخرة الروحية التى كانت تتبعهم والصخرة كانت المسيح"(1كورنثوس4:10).

+يـا قلب يسوع الضحيّة عن آثامنـا

"وهو كفارة عن خطايانا وليس عن خطايانا فقط بل عن خطايا العالم كله ايضا"(1يوحنا2:2).

+ "يـا قلب يسوع الـموسع عاراً لأجلنـا

"يبذل خده لمن يلطمه ويشبع تعييراً"(مراثى ارميا30:3).

مزمور 21

"لا صورة له ولا بهاء فننظر اليه ……"(اشعيا2:53-12).

+يـا قلب يسوع الـمنسحق لأجل أرجاسنا

"جُرح لأجل معاصينا وسُحق لأجل آثامنا"(اشعيا5:53).

+يـا قلب يسوع الـمطيع حتى الـموت

"فوضع نفسه وصار يطيع حتى الموت موت الصليب"(فيليبي8:2).

"ومع كونه إبناً تعلم الطاعة بما تألم به"(عبرانيين8:5).

+يـا قلب يسوع الـمطعون بالحربـة

"لكن واحد من الجند فتح جنبه بحربة فخرج للوقت دم وماء"(يو34:19).

+يـا قلب يسوع مصدر كل تعزيـة

"تعالوا إليّ يا جميع الـمُتعبين والـمُثقَّلين وأنا أريحكم" (متى28:11).

+يـا قلب يسوع حياتنا وقيامتنـا

"فقال لها يسوع انا القيامة والحياة.من آمن بي وإن مات فسيحيا" (يو25:11)

"لأن الحياة قد ظهرت ورايناها ونشهد ونبشركم باحياة الابدية التى كانت عند الآب فظهرت لنا"(1يوحنا2:1).

+يـا قلب يسوع صُلحنـا وسلامنـا

"وان يصالح به الجميع لنفسه مسالما بدم صليبه ما على الارض وما فى السماوات"(كولوسي20:1).

"وجاء يسوع ووقف فى وسطهم وقال لهم السلام لكم"(يو19:20).

+يـا قلب يسوع ذبيحة الخطـأة

"لأن هذا هو دمي للعهد الجديد الذى يهراق عن كثيرين لـمغفرة الخطايا"(متى28:26).

+يـا قلب يسوع خلاص الراجيـن

"فكل من يدعو باسم الرب يخلص"(رومية13:10).

+يـا قلب يسوع رجاء الـمائتيـن

"فإنا ان كنا نؤمن ان يسوع قد مات ثم قام فكذلك سيحضر الله الراقدين بيسوع معه"(1تسالونيكى13:4).

+يـا قلب يسوع نعيم جميع القديسين   

"ولا حاجة للمدينة الى الشمس ولا الى القمر ليضيئا فيها لأن مجد الله انارها ومصباحها الحمل"(رؤيا23:21)

"وينظرون وجهه ويكون اسمه على جباههم"(رؤيا4:22).          

6. الجزء السادس

تُختم الطلبـة بطلب رحمة الله.

   —————

 

 مسبحة قلب يسوع الأقدس

تتألف مسبحة قلب يسوع الأقدس من خمس مجموعات من الحبات كل منها تُسمى بيتـاً وكل بيت مؤلف من عشرحبات وعلى كل حبّة يُتلى صلوات خاصة لقلب يسوع، وتتخلل البيوت حبات كبيرة يتلى عليهـا مرة واحدة الـمجد للآب والصلاة الربانيـة،وهـى فـى تكوينهـا وترتيبهـا تشابـه كثيـراً الـمسبحة الورديـة التى تتلى للقديسة مريـم العذراء.

+عند الصليب: يـا يسوع أعطنـا قلبك كوديعـة لحبك وملجأً فنجد فيـه الآمـان أثنـاء حياتنـا والراحـة عند ساعـة ممـاتنـا. آميـن.

+ أبـانـا الذى فـى السـموات

+ 3 مرات السلام الـملائكـي

+ قانون الإيـمان

+ عند الحبـة الكبيـرة ( 5 مرات) تتلى الصلاة الآتيـة عوضاً عن الصلاة الربيـّة:" أيهـا الآب الأزلـي انـى أقدم لعظـمتك دم سيدنـا يسوع الـمسيح الثـمين للغايـة وفاء عن خطايـاي – ولأجـل إحتياجات الكنيسة الـمقدسة."

+ عند الحبات الخـمسون يقال الآتـى (عـوضـاً عن السلام الـملائكى):

"يـا يسوع الوديع والـمتواضع القلب – إجعل قلبي مثل قلبـِك". أو يقال[ يا قلب يسوع الأقدس الـمشتعل بالحب لنـا،أشعل قلوبنا بـحبـك].

+ بـدلاً عن الـمجد للآب يقال:

"يـا قلب مريـم الحلو – كن خلاصـي".

 __________________

 تسعاويـة فعّالـة لقلب يسوع الأقدس

1.                     يـا يسوع أنتَ قلتَ:"إسألوا فتعطوا. أطلبوا فتجدوا. إقرعوا فيفتح لكم"(متى7:7)، هوذا أنـأ أقرع وأطلب وأسأل منك يا رب نعـمة (تقال النعمة الـمطلوبـة).

– صلاة أبـانـا الذى السموات والسلام الـملائكي والـمجد-

 ياقلب يسوع الأقدس أنـي أضع كل ثقتـي بك

2.                      يـا يسوع أنتَ قلت:"فكل ما تسألون الآب بإسمـي أفعلـه ليتمـجد الآب فـى الإبـن"(يوحنا12:14)، فهوذا بإسمك يارب أسأل الآب نعـمة (تقال النعمة الـمطلوبـة).

– صلاة أبـانـا الذى السموات والسلام الـملائكي والـمجد-

 ياقلب يسوع الأقدس أنـي أضع كل ثقتـي بك

3.                     يـا يسوع أنت قلتَ:"السـماء والأرض تزولان وكلامـي لا يزول"(لوقا33:21)، هوذا قد تشجعت بتلك الكلـمات الأكيدة وأسألك يارب نعـمة (تقال النعمة الـمطلوبـة).

– صلاة أبـانـا الذى السموات والسلام الـملائكي والـمجد-

 ياقلب يسوع الأقدس أنـي أضع كل ثقتـي بك

يـا قلب يسوع الأقدس يا من هناك شيئ واحد فقط مستحيل لديك وهو أن لا تقدم الرحـمة والـمحبـة لنـا من خلال قلب مريـم الطاهـر ، الأم الحبيبـة فأقبل طلبتـنـا هذه بشفاعتهـا وشفاعـة القديس يوسف وجـميع القديسيـن ليتـمجد إسمك. آميـن

 ______________________

 

صـلاة:

يـا يسوع أنت ذو القلب الرحيم. الكليّ الجودة والصلاح. أنت ترانـى وتحبنـي. أنت رحيم وغفـور. إذ لا يـمكنك أن ترى الشقاء دون أن ترغب فـى مداواتـه، هـا أنـي أضع كل رجائـي فيك وواثق بأنك لن تهـملنى وأن أنعاماتك تفوق دائـما آمالـي. فحقق لـي يايسوع جميع وعودك. وإمنحني النعـم اللازمـة لحالتى وضع السلام فـى عائلتي وعزّنـي فـى شدائدي. وكن ملجأي مدة حياتـى وفـى ساعـة موتـى. إن كنتُ خاطئاً فانـى سأجد فى قلبك ينبوع الـمراحم. أو كنتُ فاتراً فى إيـماني فأنـى سأزداد بواسطتك حرارة. أو كنتُ حاراً فأنـى سأرتقي درجات الكمال. أنعم عليّ يايسوع بنعمة خاصة أليّن بهـا القلوب القاسية. وأنشر عبادة قلبك الأقدس وأكتب إسمي على قلبك الـمعبود كى لا يُمحى إلـى الأبـد.

 ___________________

 

الـمراجــع:

1. "رد الثلاثة واربعين سهم"-المنسنيور فرنسيس قزمان 1945

2. كتاب شهر قلب يسوع – الأب يوسف لويس 1958

1. Catchism of the Catholic Church, Liguori Publication 1994

8.              “Heart of the Redeemer”, Timothy T.O’Donnell,S.T.D.,Ignatius

 Press,1992

9.              Catholic Encyclopedia:Devotion to the Sacred Heart of Jesus

10.          “Consecration to the Sacred Hear –Annum Sacrum-, Encyclical of Pope Leo XIII, May 25, 1899.

11.          “On Devotion to the Sacred Heart”, Haurietis Aquas, Encyclical letter of His Holiness Popoe Pius XII-May 15, 1956-Published by Daughters of St. Paul, U.S.A, 1998

12.          “The Unfathomable Riches of Christ”, Investigabiles Divitias Christi, Apostolic letter of His Holiness Pope Paul VI, February 6, 1965, Published by Daughters of St. Paul, U.S.A, 1998

13.          “His Heart is the Heart of the Church”, L’Osservatore Romano, Message by Pope John Paul II for the Centenary of the Consecration of the Human Race to the Sacred Heart of Jesus given on June 11, 1999.

                           

 نبيل حليم يعقوب

 لوس انجلوس- يونيو 2002