محبة الله وأخوةّ الانسان

الاب انطونيوس مقار ابراهيم 

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

 

ماذا تعني لنا محبة الله؟ وكيف نعيش معاً الأخوة المسيحية الحقة؟ وهل لنا نمارس حقيقةً حياة الشركة والمحبة؟ وما الذي يتبادر الى ذهننا عندما نقول الاخوة المسيحية؟ هل هي أمرٌ سهل؟ أم أمرٌ مُكلف؟هل في في مقدورنا ان نحياة المحَبةَ الاخوّية والاخوّة المُحِبةِ على مثال مَن أحَبنّا أولاً؟

بدايةً أود القول بأن الطريق المستقيم والصحيح لممارسة الأخوة المسيحية هو حط السلوك في محبة الله أو المحبة الالهية لأن هذه المحبة تشمل كافة جوانب الانسان " أحب حتى المنتهي" وبذل ذاته لخلاص الانسان كما أن الأُخوّة المسيحية الحقيقية ليست بالأمر السهل، بل هي أمرٌ مُكلفٌ؛ لأنها تعني الحب العميق الذي يُسَرّ ويفرح بالبذل والتضحية،العطاء. ومن يفعل هذا ومع إعطاء الجهد والتعب والوقت وحتى من ماله الخاص فهو مستحقٌ أن يمنح لقب ”الأخ“ ويستطيع بفضل هذا العطاء أن يحيا حياة الأخوة المسيحية الحقى والمجرد تماماً من الانانية وحب الذات والساعية بالجهد الى مساندة الضعفاء والمحتاجين،والعاملة دائماً على بقاء باب العطاء والمودى مفتوح امام جميع الاخوة، على مثال من وضع نفسه لأجلنا، وبهذا تثبت محبة الله فيه،"يا أولادي، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق"(1يو3: 16).«إن قال أحدٌ: إني أُحب الله وأبغض أخاه، فهو كاذب؛ لأن مَن لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يُبصره؟  ولنا هذه الوصية منه: أن مَن يحب الله يحب أخاه أيضًا» (1يو4: 20، 21).

والمحبة الإلهية الحقيقية هي أن تكون

أ-مبدأ يحرِّك كيان الانسان كله أمام إحتياج اخيه الاخر.

 ب- اليد الممدودة لمساعدة ونهضة المعوزين والمحتاجين.

ت-القلب المسرور و القادر على المسامحة والمغفرة والستر دائماً لإخطاء الاخر.

ج- العين الباكية على محنة وشدة الاخر ومشاطرته إيهما.

وما أروع أن يتسم الانسان أو أن يجمع في ذاته نعمة المحبة الإلهية والأُخوّة المسيحية“ حتى تولد في كيانه "المحبة الأخوية" التي هي «من الله» (1تس4: 9)، وتؤهلنا الى حياة التمتع بعضنا مع بعض وإختبار عيش الحياة في مناخ وأجواء بيت الآب، هنا على الارض

والمحبة الأخوية هي المحبة القادرة على أن تجعل المؤمن يتكلم وينطق بعمل الله العظيم في كل الظروف والاحوال ولجميع الاشخاص الذين في شركة معه، ولاسيما من هم في المسيح وكل الذين مات المسيح لأجلهم. أي إنها محبة تتجه «نحو جميع القديسين» (أف1: 15)، كما أنها محبة تتجه ليس فقط نحو الاشخاص الذين نميل إليهم، أو مَن  تشابه أفكارهم وشعورهم وعاداتهم واهتماماتهم وممارساتهم أفكارنا إنما هي أن أكون وأنشغل بالضعيف،المسكين،المعوز،الجريح،المتروك، المرفوض وأتجه إليه بمحبة صادقة تسمو فوق ضعفه،ومسكنته وعوزه وجرحه حتى ننهض معاً ونخرج من الازمات والزلات والعثرات.

 يتوجه القديس بولس الرسول الى اهل تسالونيكي بهذه التوصيات الهامة والتي نحن في أمس الحاجة لها " فيقول اما عن الأزمنة والأوقات فلا حاجة أن اكتب اليكم فأنتم تعلمون ان يوم الرب يأتي كلص في الليل . وانتم أيها الاخوة لستم في ظلام أنتم ابناء النور ابناء النهار  علينا ان نتيقظ دائماً ونلبس الايمان والمحبة درعاً ورجاء الخلاص خودة لأن الله لم يدعنا للسخط بل لإقتناء الخلاص بربنا يسوع  الذي مات عن الجميع ليحيا فيه الجميع  لذا أسألكم أيها الاخوة

1-                    أن تُجلُّوا الذين يتعبون بينكم ويَرنسونكم بالرب.

2-                    أن تحبوهم أيضاً غاية المحبة لأجل عملهم .

3-                    أن تكونوا في سلام بعضكم مع بعض.

4-                    أن تؤنّبواالمتكاسلين،وتشجعواصغيري النفوس،وتسندوا الضعفاء

5-                    أن لايجازي أحدٌ آخر على شَرٍ بشر

6-                    إفعلوا على الدوام الخير بَعضُكم لبعض.

7-                    كونوا فرحين على الدوام وصلوا بلا انقطاع شاكرين الرب كل حين في المسيح يسوع.

إذا لاحظنا اخوتي الاحباء التركيز على ضرورة مساندة الضعفاء ومشاركتهم (1تس5: 14).ولماذا التشديد على الضعفاء؟

 الضعفاء في فهم حقائق الإيمان المسيحي فيقول الرسول بولس مَن في مفهومنا المسيحي للحقيقة الايمانية أن الضعيف هو الشحص الذي يحترم كلام الله والمقيد بأمور طقسية وشكليات وله ضمير حساس يدقق في أصغر الامور ولا سيما قواعد الاكل والشرب في الاصوام وخلطه بين الامور الثانوية والامور الجوهرية في الحياة وطريقة التعامل مع الرب فهذا الضعيق هو مازل مكبل بالقيود ولم  يصل بعد إلى الحرية التي له في المسيح،لذا يقول الرسول بولس من  كان ضعيفاً في الايمان فأقبلوه بغير مباحثةٍ في الآراء"رو14/1"."لذا فعلينا نحن الأقوياء أن نحمل ضعف الضعفاء ولا نرضي أنفسنا،فليرضِ كل واحدٍ منا القريب للخير ولأجل البنيان"رو 15: 1"  

كما أنه من الوجب علينا نحن الاقوياء أن نساند الضعيق والفقير في الأمور الزمانية وكافة حاجاته المادية والروحية "لأنه مغبوطٌ هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع20: 35).

والمحبة الحقة لا تقوم فقط مساندة الضعيف بل في مواساة المُتعبين والمرضى جسديًا وتشجيع المُهان والمُضطَّهد والذليل النفس والذي بلا معونة من الآخرين.

فنحن بجب علينا ان لاننسى بأننا لسنا كُلنا حكماء حسب الجسد ولا ولا كُلنا أقوياء وإنما الله اختار الجهلاء ليخزي بهم الحكماء واختار الضعفاء ليخزي بهم الاقوياء"1كو1ولا نخجل من القول بأَّنا كنا ضعفاء ويقبل كل واحد منا الاخر بكل الحب والفطنة الروحية (رو14: 1).ولنحرص على تجنب كل إهانة أو إغاظة أو جرح الشعور أو الإساءة إلى الأخ الضعيف ولنعمل جاهدين على أن نرضي بعضنا بعضاً بكل السرور والخير لأجل البنيان(رو15:1).بهذا النهج نشترك جميعنا أقوياء وضعفاء في تتميم عمل الله الفدائي وتمجيد اسمه القدوس (رو15: 7-13).

ليثق كل واحد منا في دعوة الرب له  والطريق الذي يجب عليه أن يسلكه للاستمرار وفي الخدمة والرسالة وعيش حقيقي لحياة الشركة والمحبة نحو جميع الناس لأن هذه الشركة هي شؤكة جسد الرب ودمه الثمين أن اتم به عمل الفداء العظيم لإننال التعزيات والبركات والعطايا الالالهية التى جمعت كل النفوس متحددةً في المسيح يسوع .

إخوتي الاحباء: لننظر الى بعضنا البعض نظرة المحبة والتحنن والرأفة فهناك الكثير من حولنا يعانون الاحزان والأوجاع والاضطهاد والجوع والعطش والحرمان،ونمد لهم يد المعونة والمساعدة والمساندة أيضاً من خلال عيشنا الحقيقي لكلمة الله في الانجيل والنظر الى القديسين والرسل والشهداء والتمثل بحياتهم ونهاية سيرتهم وتمسكهم القوي بالايمان ولنكن لبعضنا بعضاَ الدليل والاشارة الطريق والنور المعونة والسند التعزية والرأفة لمجد الله. صلاة ختامية:

يا رب يسوع المسيح يامن أنت في شركة تامة مع الاب اعطنا يارب وأهلنا لنكون نحن أيضاً في شركة ومحبة مع بعضنا بعض ومعك انت. انزع منا كل خصام ولا تسمح أن يتسلط علينا الشر بل نجنا منه ومن طرقه الملتوية حتى ننبذ كل خلاف وكل تفرقة وكل روح خبيث وأن نتحد معاً بروح واحدة روح المحبة والشركة الكاملة ورباط السلام وأجعل يارب ما يؤذينا ويخسرنا يتحول عاجلاً الى ما يفيدنا وينفعنا فأنت أب رحيم وحنون ورؤف لك المجد من الأن وعلى الدوام وإلى أبد الابدين آمين.