الزمن في حياة المؤمن

الزمن في حياة المؤمن

بقلم الأب متى شفيق

يخبرنا القديس متى في الفصل 14 من بشارته، عن معجزة مشي يسوع على الماء.

بداية ، وجب ان نشير الي معنى بعض الرموز الكتابية المتفق عليها؛ السفينة = الكنيسة ، البحر = العالم (عالم الشر).

لقد ألزم المسيح التلاميذ ان يدخلوا السفينة (الكنيسة): ((وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى الْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ الْجُمُوعَ.  وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِداً لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. )) اي الساعة السادسة مساء تقريبا. أبطئ مجيئ الرب، والتلاميذ ينتظرون في السفينة (الكنيسة).  (وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ) أي ساعة الفجر ولنقل الساعة الرابعة صباحا تقريبا أتى اليهم الرب مشيا على الماء!

 معنى ذلك ان التلاميذ انتظروا في السفينة (الكنيسة) ويطول انتظار التلاميذ للرب من اول الليل حتى قرب الفجر، 10 ساعات تقريبا. والسفينة تكافح بهم ضد هجمات البحر(العالم). الاجواء المحيطة بالسفينة اجواء ظلمة، وصراع، وعدم استقرار، وخوف. كثير من الأسئلة : عن سبب تأخر مجيء الرب! وعن سبب عدم افصاحه مسبقا عن طول وقت الانتظار! لقد قال انه سيصرف الجموع وسيلحق بالتلاميذ! فما الذي حدث له او معه؟؟

زمن الانتظار

انه لزمن ثقيل على النفس، تمر لحظاته وكأنها دهور تتحدى صبر البشر بحركتها الوئيدة. لقد طال غياب المعلم، ومضت ساعات ولم يأتِ بعد. وما زاد الانتظار سوءا أن البحر استفرد بالسفينة مريدا ان يغرقها.

زمن الصراع

إنه وقتما تكون الكنيسة المجاهدة وسط البحر وفي انتظار الرب، فإن رسالتها هي الجهاد والكفاح ضد الشر والاجتهاد ان تكون وسط العالم. لكن كالسفينة فوقه ، وليست غارقة فيه! ((وَأَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. ))

زمن الخوف

البحر الهائج والريح المعاكسة، ظلام الليل، تأخر مجيء المعلم قد يؤدي الي تسرب الخوف الي نفوس المؤمنين ركاب السفينة. ((وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ.  فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: ((إِنَّهُ خَيَالٌ)). وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا!  )) الخوف جعلهم يرون الحق خيالا! ويرون نبع السلام كأنه شبح. الخوف حول فرصة التسبيح والتهليل بقدوم الحبيب بعد طول انتظار الي صراخ وفزع.

زمن المجيء

الرب هو الذي أتى الينا في تجسده وهو الذي سياتي الينا في مجيئه الثاني. يعطي الرب بركة وسلام يمنح القلب الخائف طمانينة. ينزع القلب الرعدة ليعطي قلب البطولة الروحية. ((فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً : تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا((

زمن الشك

فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ : ((يَا سَيِّدُ ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ ، فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ((  عندما تجف الروح من طول الانتظار وعدما يسيطر الخوف على النفس. وعندما تفوق اعمال الرب على توقعاتنا: نقول ان كنت أنت هو؟  وهذا شك حميد يفضي الي ايمان يجعل بطرس يخطو مشيا على الماء. بتصريح من المسيح مشي بطرس على العالم وعينه وقلبه صوب المسيح. فَقَالَ: ((تَعَالَ)). فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ.  وقد كان لبطرس ما اراد. ولكن العالم لن يستسلم بهذه السهولة ، فاشتدت الريح لتزعزع قلب بطرس وتدخل الي قلبه الخوف من جديد. وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ.  وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ ، صَرَخَ قَائِلاً : ((يَا رَبُّ ، نَجِّنِي ! )) ما اروع هذه الصلاة القصيرة العميقة : يا رب نجني ! طوبى لك يا سمعان بطرس فقد عرفت انه المنجي وانه المخلص.

زمن الخلاص

انه زمن الآن او لنقل زمن الحظة الآنية. فالرب الذي تاخر في المجيء كل هذه الساعات دون ان يعلن لتلاميذه عن سبب تاخره. هوهو نفسه يسرع لحظة طلب الخلاص لينجي بطرس "في الحال"  فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: ((يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟))

زمن العبادة

((وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ.  وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ.)) بالمسيح وحده تنتصر الكنيسة على العالم وتنجو من الغرق في هموم بحر العالم الزائل. عندئذ يسجد كل من في السفينة (الكنيسة) للمسيح. ويعلنون الحق قَائِلِينَ: ((بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ.!))