ضيفٌ أجباري

بقلم رواء أفّو البنّا – بغداد

إنه الضيف المستتر المرافق لنا بكل خطوة من خطوات حياتنا ومنذ أن نصرخ صرختنا الأولى لنُسَجَل في سجل الأحياء وإلى أن نصرخ صرختنا الأخيرة أو نوَدع بهدوء الملائكة لنُسَجّل في سجل الوفيات ..غريبٌ هو هذا الضيف فهو على إستعداد للدخول وبدون أي إستئذان وبسرعة البرق ليتم مهمته كما أن بوسعه أن ينتظر فترات مختلفة من السنين ممكن سنة أو عشرين أو خمسين أو مئة وأحياناً يتعدى صبره المئة فنصبح من المعمرين، المهم أنه يدخل لا محال لأنه لا يتقبل رشاوي ومآدب ضيافة كما أنه لا يعير اهتماماً للحزن الذي يسببه دخوله المفاجئ إلى المكان الذي يقصده وبدون دعوة من أحد، ثقيلٌ هو هذا الضيف الذي يتغذّى على أنفاس أحبتنا ويشرب من دمهم و يحلّي بدموع وآهات من تبّقى من المحيطين حول من خطف بدون وداع .

 أكيد توضّحت الصورة لكم أحبتي عن هوية هذا الضيف!!

إنه الموت طبعاً فكم من مرة سمعنا هذا الخبر: لقد مات فلان وماتت فلانة، ونحسبها نهاية الكون في بعض الأحيان ولكنها مجرد أيام أو شهور أو سنين حتى نستعيد رجاؤنا وأملنا من الأله الذي حطّم الموت، فنستمر بالحياة من جديد ولكن العجيب بالأمر أننا نستمر وكأن الذي فارقنا قد أخذ معه هذا الضيف الثقيل بدون رجعة، وتعاد الكرّة مرات ومرات وبدون جدوى ، فالحياة تبقى بنظرنا حياة مديدة ويبقى هذا الضيف خلف الكواليس ينتظر الفرصة المناسبة ليدخل ويعلن أن أحدنا سيكون التالي.

إنه فقط الايمان بالقائم من بين الأموت هو الذي يجعلنا نقول: أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية (1كو 15 : 55)