كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

 

روما، الاثنين 19 سبتمبر 2011 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر نهار الأحد قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي من الساحة الداخلية للقصر الرسولي في كاستل غاندولفو.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

في ليتورجيا اليوم، تبدأ قراءة رسالة القديس بولس إلى أهل فيليبي أي إلى أعضاء الجماعة التي أسسها الرسول بنفسه في مدينة فيليبي، المستعمرة الرومانية العظيمة في مقدونية، والموجودة حالياً في اليونان الشمالية. وصل بولس إلى فيليبي خلال رحلته التبشيرية الثانية، بعد أن أبحر من شاطئ الأناضول وعبر بحر إيجيه. كانت هذه المرة الأولى التي يبلغ فيه الإنجيل أوروبا. وهذه الأحداث دارت قرابة العام 50، أي بعد مرور حوالي عشرين سنة على موت يسوع وقيامته من بين الأموات. مع ذلك، في الرسالة إلى أهل فيليبي، يوجد نشيد للمسيح يقدم مسبقاً ملخصاً كاملاً عن سره: التجسد، إخلاء الذات، أي الذل حتى الموت على الصليب، والتمجد. هذا السر عينه أصبح "متحداً" بحياة الرسول بولس الذي يكتب هذه الرسالة عندما كان سجيناً ينتظر صدور حكم بحقه بالحياة أو الموت. يقول: "فالحياة عندي هي المسيح، والموت ربح لي" (في 1، 21). هذا معنى جديد للحياة، للوجود البشري، يرتكز على الشركة مع يسوع المسيح الحي؛ ليس فقط كشخصية تاريخية، ومعلم حكيم، وزعيم ديني، بل أيضاً كرجل يسكن فيه الله شخصياً. موته وقيامته هما البشرى السارة المعدة لبلوغ جميع البشر والشعوب وذلك انطلاقاً من أورشليم، ولتبديل كافة الثقافات من الداخل بتعريفها إلى حقيقة أساسية عبارة عن أن: الله محبة، تأنس في يسوع وبتضحيته، افتدى البشرية من عبودية الشر بإعطائها رجاءً موثوقاً.

كان القديس بولس رجلاً يلخص ثلاثة عوالم فيه: اليهودي، واليوناني، والروماني. وليس من قبيل المصادفة أن الله أوكل إليه رسالة حمل الإنجيل من آسيا الصغرى إلى اليونان ومن ثم إلى روما، وبناء جسر يحمل المسيحية إلى أقاصي المعمورة. اليوم، نشهد حقبة من الكرازة الإنجيلية الجديدة. وتنفتح آفاق واسعة على إعلان الإنجيل فيما تدعى مناطق ذات تقليد مسيحي قديم إلى إعادة اكتشاف روعة الإيمان. وأبطال هذه المهمة هم رجال ونساء يستطيعون أن يقولوا على مثال القديس بولس: "فالحياة عندي هي المسيح". هم أفراد وعائلات وجماعات يوافقون على العمل في كرم الرب، على مثال صورة إنجيل هذا الأحد (مت 20: 1، 16). هم عمال متواضعون وأسخياء يطلبون أن يكافأوا فقط بالمشاركة في رسالة يسوع والكنيسة. يكتب القديس بولس أيضاً: "إن كان لي أن أحيا في الجسد، فحياتي تهيئ لي عملاً مثمراً. لست أدري أي الاثنين أختار! (في 1، 22): الوحدة التامة مع المسيح ما بعد الموت أو خدمة جسده السري على هذه الأرض.

أيها الأحباء، الإنجيل بدّل العالم، وهو ما يزال يبدله كنهر يروي حقلاً شاسعاً. فلنصل للعذراء مريم لكي تنضج في الكنيسة جمعاء دعوات كهنوتية ورهبانية وعلمانية لخدمة الكرازة الإنجيلية الجديدة.

***

نقلته إلى العربية غرة معيط (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2011