كيــارا لوبيك.. رائعة العصر الحديث

خاص بالموقع – الخميس 20 أكتوبر 2001

رائعة العصر الحديث هى أن يرتفع الإنسان إلى أعلى درجات التأمل وأن يبقى في الوقت نفسه بين الآخرين! إنساناً بين غيره من البشر.. بل هى أن ينزل بين الجموع لتتشّرب الجموع ما هو إلهي.. بل هو أيضاً أن يشارك قريبه الفرح والألم.. الجوع والعطش.. مصاعب الحياة والآمال والطموح وذلك على مثال رائعة العصر وجميع العصور : يسوع ومريم اللذان يجمعان خصائص الله والإنسان! (من أقوال أحباء كيارا لوبيك).

إن كيارا لوبيك (Chiara Lubich) الإيطالية هى مؤسسة "مجموعة الفوكولاري" من أجل خدمة فئات عديدة من المجتمع الدولي دون تفرقة وتمييز بين دين أو طائفة أو ثقافة وبهدف تحقيق الأخوة الشاملة وبناء عالم أكثر اتحاداً بين جميع الأديان والأجناس البشرية تحت شعار: "المحبة تنتصر على كل شىء " وكان الناس الذين كانوا يتوافدون إليها يُطلقون على المجموعة كلمة فوكولاري وهى كلمة إيطالية معناها المكان الذي يُحرق فيه الخشب لكى يُعطي الدفء لمن حوله. وهكذا الفوكولاري يحاول أعضاؤه أن "يحرقوا" أنانيتهم محبة ً للإنسان الذي يخدمه لكى يعيش يسوع وسطهم ويجعل نار المحبة تنتشر وتنتشر… وفي هذا الصدد قال عنها أحد البوذيين الذي حضر صلاة الجناز يوم وفاتها : "إن كيارا لم تكن مهتمة فقط في رسالتها إلى تنمية إيمان المسحيين واتحادهم بالمحبة.. وإنما رسالتها كانت موجهة أيضاً لنا لأنها أحبت الجميع دون تمييز..  لأننا كلنا أبناء لأب واحد وكلنا إخوة في البشرية".

وهكذا احتضننت في حركتها ليس فقط الكاثوليك وإنما أيضاً مسيحيين أرثوذكس وبروتستانت وبعض المسلمين من أمريكا دون أن تتدخل في أعتقاداتهم ودينهم. وانطلاقاً من حبها للإنجيل قامت بنشر ثلاثة (3) مليون نشرة عن الإنجيل عنوانها : " كلمة الحياة " التي تُرجمت إلى ثمانين (80) لغة ومنتشرة في كل أنحاء العالم. إن عدد العاملين في حركة الفوكولاري: مائة واربعون (140) ألف من جنسيات مختلفة و أثنان (2) مليون عضو منتسب في نشاطها الروحي والخيري.

وجدير بالذكر أن البطريرك أثناجورس الراحل كان صديقاً حميماً للأخت كيارا وغيوراً على نشر رسالتها.

وفي مصر أيضاً – منذ عام 1975 – هناك مجموعة نشيطة تعمل في صمت الصلاة ونشر الإنجيل بتواضع ووداعة المسيح مثل الخميرة في مجتمعنا المصري.. مع إندماجهم الكلي في كنائسهم ورعاياهم والعمل سوياً على : اكتشاف الله محبة كأب لكل البشرية..  وإرادة الله كطريق قداسة للجميع .. والإنجيل المعاش كإجابة على محبة الله لنا.. ومحبة القريب والمحبة التبادلة لأنها هى وصية يسوع الجديدة وحضور يسوع في وسطنا كما وعدنا إذا بقينا في المحبة..  واحتضان يسوع المصلوب والمتروك كمفتاح للوحدة. واخيراً التمسك بمريم العذراء أم الوحدة كنموذج للمحبة لكل البشرية.

وفي ختام وصيتها توصي كيارا الجميع قائلة : " إذا كان علىّ مغادرتكم اليوم فإني أريد أن أفسح المجال أمام يسوع الموجود في داخلي والذي أن يكررّ لكم :"أحبوا بعضكم بعضاً… لتكونوا بأجمعكم واحداً." (الإنجيل)

الأب/ يوسف المصري