ماذا يحدث مع أقباط مصر؟

ندوة في المركز الكاثوليكي للإعلام

 

 

جل الديب، الثلاثاء 25 أكتوبر 2011 (Zenit.org)

عقدت ظهر اليوم الثلاثاء 25 أكتوبر ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان:  "ماذا يحدث مع أقباط مصر؟" تضامناً معهم لما يتعرضون له من أعمال عنف واعتداءات، شارك فيها راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان، الأب انطونيوس مقار ابراهيم، أمين عام رابطة الأقباط الكاثوليك في لبنان، الأستاذ إدوار بيباوي، أمين عام اتحاد الرابطات المسيحية في لبنان، رئيس الرابطة السريانية، الاستاذ حبيب فرام، عضو الرابطة المارونية، الأستاذ طلال الدويهي، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، حضرها عدد كبير من المهتمين والإعلاميين.

بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالمنتدين والحضور وقال:

نجتمع اليوم لنطلق صرخةً تضامنية مع إخواننا الأقباط ولنعلن استنكارنا لما يتعرضون له من أعمال عنف وانتهاك لكرامتهم. هذه الإعتداءات شوّهت ربيع مصر، الذي صنعه الشعب المصري مسلمين ومسيحيين الذين وقفوا جنباً إلى جنب ضد الظلم والقهر والفقر، وها هم اليوم أي المسيحيون يجنون ثمار نضالهم قتلاً ودهساً أثناء تظاهرة يطالبون فيها بحقوقهم ليتساووا مع سواهم من أبناء أرضهم.

متسائلاً: "هل الثورة تعني ترسيخ مبادىء القهر والاستبداد؟ هل تعني فوارق في الحقوق وتساوي في الواجبات؟ هل تعني الثورة التعامل مع المسيحيين على كونهم أهل ذمّة؟ هل تعني الثورة عدم الإعتراف بدين الآخر والتعامل معه على اساس أنه إنسان كافر؟أم أن الثورة هي انتفاضة على الظلم وانتصار للحق على الباطل ودعوة إلى المساواة في الحقوق والواجبات؟

أضاف: "إن ما يحدث في مصر تحت عنوان "ربيع العرب" هو خريف المسيحيين الأقباط، وعندما تكلم صاحب الغبطة، مار بشارة بطرس الراعي عن الهواجس التي تحيط "بربيع الثورات" في العالم العربي خاصةً لما يتعرض له المسيحيون في مصر، قامت الدنيا ولم تقعد وبدل من أن يبددوا هذه الهواجس، جاء الجواب مجزرة من ابشع المجازر قتلاً وتنكيلاً".

تابع: "لهذا فإننا ندعو إخواننا المصريين وبنوع خاص المسلمين منهم، إلى إعادة قراءة المرحلة الجديدة التي تعيشها مصر، وبناء الدولة المدنيّة الحديثة التي تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات، ولا فرق بين مواطن وآخر إلاّ بفضل ولائه لأرضه وشعبه ووطنه، والشعب المصري هو شعب طيّب قادر على بناء مثل هكذا دولة".

وختم بالقول: "لا يجوز بعد اليوم أن يُهمش المسيحيون وهم من صنّاع تاريخ مصر وليسوا طارئين في بلدهم، داعياً المجلس العسكري إلى العمل لترسيخ الوحدة بين المصريين من خلال تأمين الحقوق بالتساوي لجميع المواطنين، وإلى إجراء تحقيق شفاف لجلاء ملابسات هذه المجزرة وإتخاذ الإجراءات القانونيّة ومحاسبة المتورطين فيها. ونسأل الله أن يرحم أنفس الشهداء الأبرياء الذين سقطوا في هذه المجزرة، نتمنى الشفاء العاجل للجرحى، ولدولة مصر الاستقرار والتقدّم والإزدهار".

ثم قدّم الأب انطونيوس ابراهيم لمحة عن الكنيسة القبطية عبر التاريخ جاء فيها:

"الكنيسة القبطية على مر التاريخ كنيسة الايمان والمحافظة عليه مبنية على الرسل والاباء والشهداء الذين رووا أرض مصر بدمائهم التي أنتبت الكثير والكثير من القديسين".

 أضاف: "هناك جهات ربما تكون في الداخل أو الخارج تحاول تدمير العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر. فالمصرى بطبعه غير ميال للعنف، ولا يجرؤ على ارتكاب هذا الجرائم الملازمة لنا في العقدين الأخيرين كاحداث الزواية الحمراء والمنيا وابوقرقاص والكشح وأسيوط ونجع حمادي وكنيسة القديسين في الاسكندرية والمقطم وهذه الاحداث في معظمها اعتداء على  املاك  المسيحيين ومقدراتهم من جهة والهجوم على  الكنائس سواء بالهدم أو الحرق أو الهجوم المسلح وقتل المؤمنين أثناء الصلاة وتادية واجباتهم الروحية من جهة أخرى وكان أخر هذه الاحداث الهجوم العنيف بالدبابات والذخيرة الحية على متاظرين يقومون بمسيرة سلمية للمطالبة بحقوقهم في بناء الكنائس والعمل بقانون دور العبادة الموحد وعدم التمييز بين ابناء الوطن الواحد وفي الحقوق والواجبات  ولكن للأسف تحولت المظاهرة السلمية الى مجزرة ذهب ضحياتها  أربعون قتيلاً اعتبرتهم الكنيسة في صفوف الشهداء واكثر من ثلاثمئة وخمسين جريجاً .

وتساءل: "لماذا العنف ضد الأقباط ومن وراءه؟ هناك عدة أسبابٍ نذكر منها –  : الكراهية الشديدة التى تكنها التيارات الإسلامية لكل من هو غير مسلم، وهم مستعدون لعمل أى شئ وارتكاب أى جرائم ضد غير المسلمين وخاصة اليهود والمسيحيين.

– البطالة والفساد وانتشار الآمبة والتربية على التعصب والبغض وعدم الانفتاح والحوار وقبول الاخر. وهذه العوامل وانها لها الدور الرئيس فيما تشهده مصر والمسيحيين من إضطهاد وقتل مستمر وأغتصاب بنات والترويع بالاقباط ونعتهم بالكفار  كلها امور تدخل تحت مبدأ جرائم  ضد الإنسانية… فما يقع على الأقباط هو جرائم ضد الإنسانية ضد العقيدة والله لايقبل بمثل هذه الامور.

وختم: "تَعَتبر الكنيسةُ القبطيةُ نفسَها، وهي كيانٌ دينيٌّ قويّ وشخصيةٌ مسيحيةٌ واضحة المعالم، مُدافِعاً قوياً عن الإيمان المسيحي. وقد لعبت دوراً هاماً في الحركة المسيحية العالمية. لأنّها من بين الروّاد الذين أنشأوا "مجلس الكنائس العالمي "و"مجلس كل كنائس أفريقيا و "مجلس كنائس الشرق الأوسط". وتلعب دوراً هاماً في إدارة الحوار بين كنائس الكاثوليك والأرثوذكس الشرقيين، والمشيخيين والبروتستانت للتواصل الى إتفاقٍ حول المبادئ العقائدية والايمانية التي مازلت موضع جدل بينها."

ثم كانت كلمة الإستاذ ادوار بيباوي فقال:

مصر.. أمّ الدنيا، هي الآن أقرب أن تكون الأم الحزينة، تبكي شهدائها الأقباط، الذين لونت دمائهم مياه النيل. فالاقباط في مصر يتعرضون لأعنف إضطهاد متواصل شهده العالم منذ الفتح العربي.

تابع: "الآن نشأت منذ سبعينات القرن الماضي نزعة سلفية تحت مسمى الوهابية: وهي منتشرة بين الملايين اللذين تشبعوا تلك الثقافة، وذلك أدى إلى تغيير عميق في المجتمع المصري وهذه النزعة السلفية منتشرة في كل العالم العربي ولكنها أخذت أبعاداً خطيرة في مصر".

وعن الإسلام قال: الإسلام الذي عرفناه وقرأناه ودرسناه يقول: "لتجدن أقربهم مودة الذين قالوا أنّا نصارى، ذلك لأن فيهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون".

أضاف: "الآن ماذا تفعل السلطات الحاكمة في مصر أمام موجات العنف السلفي؟؟ هذه السلطات تسايرهم تلاطفهم تحاورهم وتخطب ودهم، فلا تطلق نار أسلحتها عليهم ولا تضربهم ولا تطاردهم وتدهسهم بالملالات كما حدث في هلوكوست ماسبيرو، لانها تعلم أن الجحيم الذي سيخلقه هؤلاء السلفيين يحتاج إلى قبضة قوية تمسك بالأمور مما يؤدي ويبرر بقاء العسكر في الحكم.

وأعتبر: "أن إنفجار المظاهرات القبطية قد تأخر كثيراً لان أسبابه قائمة منذ زمن طويل. فبناء جامع يصدر تصريحه خلال ساعات أو أيام أم الترخيص لبناء أو ترميم كنيسة فيحتاج إلى أكثر من خمس سنوات في أحسن الأحوال. وأما إعلان المجلس العسكري الحاكم في مصر عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في مجزرة ماسبيرو فسوف تنهي مهمتها كالعادة بتمييع الموضوع وتخدير الأقباط كما في كل الحوادث السابقة".

وتابع:"إن مصر والعالم العربي سائرون في درب المجهول، سوريا، ليبيا، العراق، لبنان ونموذج السودان وجنوبه ماثل أمام أعينهم، فهل من عبرة يستلهمها أولي الأمر لإبعاد هذه الكأس المرة التي يشربونها حتى الثمالة؟

وختم "بمناشدة الحكام العرب وشعوب المنطقة بأن لا خلاص لنا ولهم إلا بالدولة المدنية الديمقراطية التي تحمي وتصون جميع أبنائها".

ثم كانت كلمة الأستاذ طلال الدويهي فقال:

"النزعة الوهابية التعصبيّة تنتشر في كل البلاد العربية ولكنها في مصر أخذت ابعاداً خطيرة".

تابع: "إن مصر ورأها العالم العربي ذاهبون إلى جحيم اين منه الدكتاتوريات المدنية او العسكرية… فالدكتاتوريات الدينية أخطر بكثير".

وإنفجار تظاهرة الأقباط المسيحيين تأخر كثيراً فاسبابه قائمة منذ زمن. لنقول للمسلمين العرب اولاً: "يجب أن يرتفع صوت المسلمين، صوتهم الخافت مسؤول يجب أن يرتفع لمنع الكارثة التي تحدق بالمجتمعات العربية والتي ستقود إلى جهنم في اسرع ما يتصور طلاب السلطة من العسكريين في مصر، الأقباط ليسوا حطب يحرق، الأقباط الأساس في مصر وشمال افريقيا. واعتبر أن "الصوت الخافت عند الإسلام مسؤول عن الإنحدار التعصبي بما أصاب أقباط مصر أبناء الحقيقة المصرية".

وختم بالقول: "نعم متضامنون مع إخوتنا أحرار مصر، الراحة الأبدية لشهداء مصر الأقباط وهو المثال المسيح صلب وقام.

واختتمت الندوة بكلمة السيد حبيب افرام فقال:

"إنها طقوس مملة. أن نعتلي منبراً للخطابة، بعد كل مجزرة. فنحن بلهاء جبناء نعد ضحايانا. نبكي مع  مهجرينا ونجلس نندب على حالنا. نمحو ذاكرتنا. لا نريد أن نتعلم من عبر التاريخ.  من هو المطران فرج رحو، او الأب رغيد كني، او الأب يوسف عادل عبودي؟ ماذا يعني سيفو؟ متى كانت سيميل؟ دانيال ميناالشهيد هل سمعنا به؟ ميخائيل سند الذي ارسلته المحكمة العسكرية الى مصح عقلي.

أضاف: "مكتوب علينا ان نموت صامتين وان نرحل دون جلبة لأن صوتنا قد يعكر صفو العالم العربي الضائع بضجيجه. او قيلولة العالم الغربي المتغرغر بكلام فارغ عن حقوق انسان وحريات".

تابع: "قوموا من نومكم. من لا مبالاتكم. من انانيتكم. أيها المسيحيون المشرقيون. اني انادي ما بقي فيكم من كرامة من رجولة من ايمان من رجاء، هل معقول أن يهاجر مئة ألف قبطي من آذار حتى الآن، أن يسفك دمهم حتى ما بعد ما سموه ثورة وحتى دون حجج، وأن تبقى حقوقهم السياسية موضوع سخرية وبناء حائط في كنيسة جريمة عصر تستحق هيجان الجماهير.

وتسائل: "هل معقول ان يقتلع الكلدان السريان الاشوريون من بلاد الرافدين وأن تسلب اراضيهم ويذبح مطارنتهم ولا من يسأل أو يهتم؟ ونبقى نحن هنا في بيروت نلهث وراء زواريب سياسات ضيقة ولا نثور ولا نصرخ ولا نحمّل العالم مسؤوليته؟

هلْ ممكن أن تجتمع الجامعة العربية وعلى جدول اعمالها بند واحد وعنوان يصرخ "المسيحية المشرقية في قلبنا"؟.هلْ يمكن ان يدعو افتاء لبنان الى لقاء يقول فيه ان المساواة في الحقوق يكاد يضاهي عقيدتنا. هلْ المجلس العسكري في مصر، أو الأزهر، أو الاخوان المسلمون على درجة من الجرأة لكي ينفضوا كل عفن معاملة الأقباط نحو دستور وقوانين ومراسيم تؤكد المواطنة. هلْ معقول ان الاعلام في مصر يحرض ضدّنا؟ وان فتاوى يرشح من بعضها حقد ديني ومذهبي وتكفيري؟ هلْ معقول ان رئيس وزراء العراق وصفنا "بالجالية المسيحية" ثم اعتذر؟

وختم : "قضية المسيحية المشرقية. فينا. هي نحن في أحزابنا في كنائسنا التي ستكون حجارة دوننا كما في طورعابدين. نؤمن اولاً. نناضل أولاً. لا نخاف. لا من أنظمة دكتاتورية ولا من اصوليات لا الاولى انصفتنا ولا الثانية تبشر بالخير. ثم في دينامية حراكنا مع أبناء أوطاننا نحو شرق جديد وثقافة جديدة عنوانها تنوع وتعدد وحقوق انسان وجماعات. هكذا يكون الربيع المسيحي المشرقي".