كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء

 

الفاتيكان، الإثنين 16 أبريل 2012 (ZENIT.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان نهار الأحد 15 أبريل 2012.
* * *
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء،
في كلّ سنةٍ نحتفلُ بالفصح ونعيشُ من جديدٍ ما اختبره تلامذةُ يسوع الأوّلون في لقاءهم مع القائم من بين الأموات: يروي إنجيل يوحنّا أنّ التلامذة رأوه يظهرُ فيما بينهم في العليّة مساءَ ذلك اليوم الذي قام فيه من بين الأموات وهو "اليوم الأوّل من الأسبوع" ورأوه من ثمَّ بعد "ثمانية أيّامٍ" (راجع يو 20: 19، 26). أمّا هذا اليوم الذي سمّي فيما بعد "الأحد" فهو يومُ الجماعة المسيحيّة التي تجتمعُ لتحتفلَ بالعبادة أي بسرّ الافخارستيا ، وهذه عبادةٌ جديدة مختلفة عن تلك التي يحتفل بها اليهود يومَ السبت. والاحتفال بيوم الرب هو دليل قاطعٌ على قيامة المسيح لأنّه الحدث الوحيد الفائق للطبيعة الذي جعلَ المسيحيّين يؤمنون بغير يوم سبت عند اليهود.
الأمس كما اليوم، إنّ العبادة المسيحيّة ليست إلّا إحياءً لأحداثٍ ماضية، ما هي تجربة غامضة أو شخصيّةٌ أو خاصّة بل إنّ العبادة المسيحيّة هي لقاءٌ مع الرب الذي هو الله هو من لا يحدّه الزمان والمكان الحاضر وسطَ الجماعة والذي يتحدّث إلينا عبر الكتب المقدّسة ويكسر لنا خبز الحياة الأبديّة. العلامات هذه تجعلنا نعيش الخبرةَ ذاتها التي عاشها الرسل أي أن نرى يسوع من دون أن نعرفه؛ أن نلمسَ جسده الجسدَ الحقيقيّ البعيد كلّ البعد عن ما هو أرضيّ.
ما يحمله لنا الإنجيل مهمٌّ جدًّا ففي هذين الظهورين على التلامذة في العليّة سلّم يسوع عليهم قائلًا مرّاتٍ عدّة: "السلام لكم!". (يو 20: 19. 21. 26). وأصبح لهذه الطريقة الشائعة التي نتمنّى فيها "شالوم" أي السلام إطارًا جديدًا: هي الآن هبة السلام التي يعطيها يسوع وحده لأنّها ثمرة انتصار الخير على الشرّ. إنّ "السلام" الذي يعطيه يسوع إلى رفاقه هو ثمرة حبّ الله الذي قاده إلى الموت على الصليب ونزف دمائه كحمل متواضعٍ طيّعٍ "ملؤه النعمة والحقّ". (يو 1، 14) .
ولهذا أراد الطوباويّ يوحنّا بولس الثاني أن يكرّس يوم الأحد بعد الفصح للرحمة الإلهيّة وذلك عبرَ أيقونةٍ محدّدة وهي تلك التي فيها جنب المسيح المطعون بحربةٍ والذي تفيض منه الدماء والمياه كما رأى يوحنّا بعينيه (راجع يو (19: 34، 37) . ولكنّ يسوع قد قام وانبثقت منه هو القائم من بين الأموات أسرار الفصح والمعموديّة والافخارستيا: ومن اقترب من هذه الأسرار بإيمانٍ له الحياة الأبديّة.
إخوتي وأخواتي الأعزّاء، فلنستقبل نعمة السلام الذي أعطانا إيّاها يسوع القائم من بين الأموات، ولتمتلئ قلوبنا برحمته! فنستطيع نحن أيضًا بقوّة الروح القدس، الروح الذي أقام المسيح من بين الأموات، أن نحملَ إلى الآخرين نِعَم الفصح ولتستمدّها لناالعذراء مريم كليّة القداسة، أم الرّحمة.
***
نقلته إلى العربية بياتريس طعمة – وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية