خاص بالموقع- 28/04/2012
كثيرًا ما نسمع الآن بالنصح عن الإبتعاد عن السمن والزبدة لأنها تضر بالصحة، وعليه يُنصح بشرب الحليب الخالي مِن الدسم. ونسمع أيضًا حين يود أحدهم أن يصف شيئًا أُستعمل وتُرك بلا فائدة للآخرين ولم يبقى منه سوى المظهر الخارجي، فيقول: "بقي حليبًا بلا قشفة". والجميع يعلم بأن الحليب الخالي مِن الدسم يكون كالماء لا يُنتج لبنًا.
في العهد القديم، حين أراد الله أن يُكلّم شعبه ويصف الأرض التي وعدهم بها قال: "أرضًا تدُرُّ لبنًا حليبًا وعسلاً" (تثنية الإشتراع 11:8-9)، ومع تجسّد كلمة الله بالرب يسوع نُدرك أن هذه الأرض هي قلبه القدّوس، والآتي إليها يأكل اللبن الدسم طوال حياته ويتعلّم كيف يرذل الشر ويختار الخير (أشعيا 7:13-15؛ 21-22).
ولعلنا لا نتقرّب مِن كلمة الله وقلوبنا مليئة بالنصائح التي تجعلنا نبتعد عن قشفة الحليب ودسمه، لكي لا نتعمّق بالإيمان ونكتشف المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه الله وخلقه [فالعامل بحقل الله يحتاج لكل سعرة حرارية ليعمل بكل طاقته، والعامل الذي لا يتغذّى جيدًا لا يستطيع أن يعمل بقوة]، ونُريد حليبًا خالي مِن الدسم لنرسم به فقط إشارة الصليب على أنفسنا وتبقى هذه الإشارة على الجسم مِن الخارج دون أن تدخل إلى القلب فتُغذّيه بدسمها.
كلام الرب دَسِم. والقشفة والزبد واللبن الذي تنتجه لا حدود لفائدتهم لنا، ولا يمكن أن يكون دسمًا مُضرًّا يُخافُ منه، ولكن هذا ما يضعه في عقولنا الشيطان فيجعل أقوالاً في أفواه بعضهم بأن التقرّب من كلمة الله والعمل بها لن يوصل إلى شيء سوى التزمّت والتخلّف والإبتعاد عن الحريّة والمتعة في حين أنّهُ يوصل إلى البر والتقوى.
للحصول على طبقة ثخينة من القشفة علينا أن نغلي الحليب على نار هادئة مع التحريك المستمر دون ضجر، وقبل الغليان يُترك التحريك وتبدأ القشفة بالتكوّن والصعود إلى أعلى،ثم يزال القدر مِن على النار قبل أن تتمزّق القشفة، ويُترك الحليب ليبرد مع تغطيته بقطعة قماش تسمح للبخار بالخروج قبل أن يُدخل إلى الثلاجة لعدة أيام ليتماسك الدسم ويُصبح طبقة ثخينة. وهكذا الحال مع كلمة الله للإستفادة منها: تحتاج إلى نار وصبر ومجهود وثبات ووقت للتغيير للحصول على نتائج جيّدة (سفر يشوع إبن سيراخ الإصحاح الثاني).
الله محبة
?نيران إسكندر