الحرية الدينية هي من ثمار المسيحية

 

بقلم نانسي لحود

روما، الإثنين 7 مايو 2012 (ZENIT.org)

انبثقت الحرية الدينية من المسيحية وهي اليوم تشكل "الرابط الإجتماعي" في المجتمع، بحسب ما أعلنه المطران رولان مينورات رئيس أساقفة ديجون في مداخلة له عن موضوع "إعلان كرامة الإنسان" la déclaration Dignitatis Humanae للمجمع الفاتيكاني الثاني (1965) في روما، خلال الدورة التي أعدها المعهد الفرنسي- مركز سان لويس بالتعاون مع جامعة لاتران، والتي حملت عنوان "إعادة قراءة المجمع الفاتيكاني الثاني" في 3 مايو 2012.

يعتبر المطران مينورات أن نص "كرامة الإنسان" هو أحد "النصوص الرئيسية للمجمع الفاتيكاني الثاني": من ناحية الحرية الدينية، "هذا النص له تأثير مباشر على العلاقات بين الكنيسة والدول، وبين العلاقات المسكونية والعلاقات بين الأديان".

المسيحية أعطت حرية الدين

يؤكد المطران مينورات أنه لا يمكن للكنيسة ألا تدافع عن حرية الدين فمن التربة المسيحية انبثقت الحرية الدينية وأثمرت. في الواقع، جعلت المسيحية من الدين خيارًا شخصيًّا، مع التمييز بين الإنتماء الديني، والثقافي أو العرقي. إن "التمييز الأساسي" بين "ما لقيصر وما لله" يجعل من الممكن إزدهار الحريات الأساسية التي تتمتع بها المجتمعات الغربية. تحمل المسيحية الحرية الدينية و"كأنها ضرورة داخلية لطبيعتها" وبما أن الحرية الدينية اتلدت من المسيحية فهي توفّق ما بين الحقيقة الدينية وحرية الضمائر، وما بين دولة القانون والتعددية في المجتمع، بالإضافة الى الحرية الشخصية للأفراد والحرية المشتركة للكنيسة. يشهد المسيحيون اليوم، على حد تعبيره، "تقدم العلمانية" وجميع القوانين تشكل تعدّيا على حرية الضمير والدين" من خلال فرضها على سبيل المثال "معايير مخالفة لاحترام الحياة والزواج".

الحرية الدينية والروابط الإجتماعية

يشير المطران مينورات أن الحرية الدينية الحديثة والمتحررة من أي مفهوم للحقيقة الدينية الموضوعية، تفترض "الحياد الديني للدولة" أي لم يعد الدين الرابط الإجتماعي المقدس بل اتخذت مكانه الحرية الدينية. في القرن العشرين اعتبرت حرية الضمير "كحرية عدم الإيمان" أي "التحرر من العقيدة والأخلاق الكاثوليكية"، واعتُبرت حرية العبادة كفصل جذري بين الكنيسة والدولة. تعتبر الحرية الدينية "كقانون مشتق من مثالية التعددية الديمقراطية" وتصبح مرادفًا "للنسبية الدينية" وبعض المؤمنين يفهمون الحرية الدينية "كحرية شخصية للإيمان والقيام بما نشاء حتى في داخل الكنيسة". أما البعض الآخر فيفهمها و"كأنها خيار فردي حميم لا يؤثر على الحياة العامة": فما هي الحرية الدينية الحقيقية؟

كيف يساهم نص "كرامة الإنسان" ؟

يقول المطران مينورات أنه بالنسبة الى نص "كرامة الإنسان" فالحرية الدينية هي حق تأسس على "كرامة الإنسان". هذه الكرامة "متجذرة في طبيعة الإنسان الذي خُلق حرًّأ وقادرًا على السعي من أجل الحقيقة". مع ذلك، فإن الحق الذي يتناوله الإعلان هو "حق طبيعي ذاتي" وليس حقًّا "يسمح بأي شيء باسم الدين". في الواقع، "الإيمان هو الإنخراط بالله وإطاعة كلمته بحرية وليس اعتناق رأي شخصي".

أما بالنسبة الى الدولة، فهي "في خدمة الإنسان": إذا "عليها أن تضمن حرية المواطنين في نهجهم الديني وضمان احترام المساواة في حقوق الجميع". في الوقت عينيه يجب أن تتجنب شيئين أساسيين: "لا يجب فرض الإيمان ولا يجب ممارسة الإيديولوجية العلمانية".