دور مسيحيي الشرق الأوسط في الحوار بين الشرق والغرب

ندوة في الوكالة البطريركية في روما

 

 

روما، الثلاثاء 8 مايو 2012 (ZENIT.org).

نظّمت الوكالة البطريركية في روما ندوة حوارية تحت عنوان: "دور مسيحي الشرق الأوسط  في الحوار بين الشرق والغرب".

شارك فيها رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان الكاردينال جان لوي توران، رئيس أساقفة بيروت للموارنة ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بولس مطر، والأب سمير خليل اليسوعي.أدارت الندوة الدكتورة أمل حزين ضو، وحضرها سفراء الدول المعتمدين لدى الكرسي الرسولي ، سفير لبنان العميد جورج خوري ، سفير فرنسا  برونو جوبرت، سفير كوريا هونغ سون هن ، سفير قبرص جورجيوس بولدس، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيخ علي أكبر نصاري، والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في الدولة الإيطالية السيد كريم خليل، وسفير جمهورية العراق لدى الفاتيكان حبيب محمد هادي الصدر، وممثلين عن سفراء كل من دولة البرازيل، أفغانستان وباكستان، السفير البابوي المطران ادمون فرحات ، و الزائر الرسولي لكنيسة السريان الكاثوليك في أوروبا المطران ميخائل جميل، ومدير المركز الكاثوليكي والوكيل البطريركي لكنيسة الأرمن الكاثوليك في روما الأب جورج دنكاية، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو بو كسم، ووكلاء الرهبانيات المارونية في روما، ؛الأب سليم الرجي، الأب إلياس جمهوري ، الأب ماجد مارون، القيم البطريركي الماروني في روما، الخوري جوزيف صفير، وحشد من الكهنة والرهبان والراهبات ورجال الفكر والسياسة المهتمين بالحوار بين الأديان.

بدايةً رحب الوكيل البطريركي الماروني في روما الخورأسقف طوني جبران بالمنتدين والحضور مشدّداً في كلمته على الدور الذي لعبته المدرسة المارونية في روما، منذ بدايتها حتى يومنا، في عملية التواصل بين الشرق والغرب كجسرٍ متين للحوار المنفتح على إحترام الآخر وقبوله والتفاعل معه على قاعدة الحوار البّناء الذي يحترم القيّم الإنسانية والأخلاقية التي هي عنصرٌ جامع وموحد بين الأديان السماوية، مستحضراً في هذا المجال، ما قد دعا إليه غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، من خلال  شعاره البطريركي "شركة ومحبة"، داعياً إلى الإنفتاح والتواصل بعيداً عن قيود التعصب ومعتبراً أن كل انسان هو قيمة مضافة تعزز روابط التلاقي بين الشعوب.

بعدها أدت جوقة المدرسة البطريركية المارونية في روما، بقيادة الخوري فريد صعب، الأناشيد المريمية والمزامير التي تدعو للسلام  والصلاة.

ثم كانت المداخلة الأولى للكاردينال توران تحت عنوان: "الكنيسة الجامعة بالمقارنة مع القيم الإنسانيّة والدينيّة":

"شدد فيها على المسيرة التاريخية بين الشرق والغرب، مركزاً على أهمية دور مسيحي لبنان ،بتجربة العيش المشترك ،عارضاً بتسلسل تاريخ الشرق وأهمية الدور المسيحي فيه حتى في احلك الظروف عندما إعتبر مسيحيو الشرق "مسيحي الدرجة الثانية "، واعتبر توران: " أن مسيحي الشرق لهم ألحق وقد اثبتوا بجدارة  على مدى العصور، صلابة وجودهم وقيمة تمركزهم  وإنفتاحهم من خلال القيم والفضائل المسيحية التي تربوا عليها" .

وأشار الكاردينال توران  "إلى  توجيه الأنظار وأخذ العبر من إختبارات مسيحي الشرق، مشدداً على نقاط  ثلاث : "الرؤية الحقيقية السليمة تجاه مسيحي الشرق كنموذج حي للعيش المنفتح" وعلى "النقد البناء لعمليات العيش المشترك والأخذ بعين الإعتبار كل الظروف القاهرة والحروب والآلام التي تمخض فيها الشرق"،  وعلى "الإيمان بأن الإله الواحد ومحبّة القريب هما الجامع لإنجاح عمليةالتواصل والحوار".

بعدها ألقى المطران بولس مطر المداخلة الثانية تحت عنوان:"مسيحي الشرق والربيع العربي"جاء فيها:

"اعتبرأن الربيع العربي لن يزهر إلا بتساوي حقوق العيش بين المسيحيين والمسلمين، لأن الإشكالية المطروحة لا تندرج في خانة قبول أو رفض هذا الربيع العربي، انما الدعوة أشمل وأوسع وتدعونا مباشرةً إلى إنفتاحٍ سليم وعدم التمادي بالاجتهادات والادعاءات".

 كما ذكر مطر "بأهمية العودة إلى الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" والمفاصل الأساسية التي تبنى عليها قواعد التفاهم والإصغاء والحوار الحق، مشيراً في الوقت عينه إلى دور المجمع الخاص بكنيسة الشرق الأوسط، الذي دعا إليه قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، والذي من كلامه نفهم دور المواطنية وقيمتها وعظم الحرية ومسؤوليتها، فنعي وندرك أن المواطنية حق والحرية هبة من الله" .

 وختم سيادته بالقول: " أن مسيحي الشرق مدعوون إلى التمسك بقيمهم المسيحية، ليكونوا كالخمير في العجين، ولكي يتمكنوا من أن يكونوا دائماً وأبداً على أهبة الإستعداد لقراءة علامات الأزمنة، والتمسك بانتمائهم وهويتهم المشرقية، وعدم التأثر والخوف الشديد من المستجدات على مختلف الصعد ، فدعوة المسيحي مزدوجة فيها الرسالة والفطنة لإكمال المسيرة الإيمانية الشرقية بعزمٍ وتفاهم وحوار".

ثم كانت مداخلة الأب الدكتور سمير خليل اليسوعي تحت عنوان "الهوية الدينية للشرق الأوسط" جاء فيها:

عرض خلالها لمحة فلسفية مشرقية شاملة، أظهرت بطريقة تصاعدية أهمية الفكر العربي المشرقي وقيمة إنتماء الشعوب وتمسكهم بأرضهم وإنتمائهم وأديانهم، معبراً عن آثار الجروح التي خدشت كيان الشرق وكرامة الإنسان، جراء الكم اللامحدود من الإنقسامات والنزاعات والحروب الدينية والسياسية والإقتصادية، فحولته في أحيانٍ كثيرة لعيش العداوة مع أخيه الإنسان.

كما أوضح الأب سمير في سياق حديثه عن "أهمية وضرورة الحفاظ على ألهوية الشرقية ، هذا الشرق الذي كان وما زال نموذجاً حياً للغنى بتعددية الطوائف والأديان"، وعن "أهمية إحترم  الأخرين بموجب القيم والفضائل المسيحية".

وقد انطبعت مداخلته بأسلوبه الخاص وأمثاله الحياتية المعاشة والتي أظهر من خلالها "أهمية معرفة ألعوائق والعواقب لمنع التواصل الغير السليم بين الأديان عامةً والمسيحية والإسلام بشكلٍ خاص" .

وختم بالدعوة إلى إحترام "الحرية" ما دامت من لدن الله هبةً مجانيةً لكل إنسان…

ثم دار النقاش بين المحاضرين والحاضرين واختتمت الندوة بمداخلة لسفير جمهورية العراق لدى الفاتيكان، السيد حبيب محمد هادي الصدر بيّن فيها:  "أهمية الدور الريادي الذي لعبه مسيحيو الشرق في النهضة العربية وعلاقاتهم الوطيدة والبناءة مع العالم الغربي، والتي يستوجب استعمالها اليوم لتبديد المعلومات المغلوطة عن الشرق (…) والشعوب العربية، وبشكلٍ خاص بعد أحداث 11 أيلول 2001، والتي نجم عنها مواقف غربية مجحفة حيال القضايا العربية والإسلامية الملحة، داعياً إلى تأسيس نظام داخلي أمني يلتزم به الجميع للتفاهم وعلى السلوك القويم لبناء أسس التعايش بين الشرق والغرب على إختلاف الأديان والثقافات بعيداً عن كل تهميشٍ أو خلفياتٍ عرقية وفكرية ودينية…

ختاماً كان  لقاء عائلي جمع الحاضرين على مائدة الوكالة البطريركية المارونية في روما.

* * *

تقرير المركز الكاثوليكي للإعلام