ننصح كثيرا أولادنا وشبابنا، ونوجه لهم النصيحة المألوفة:" بطل شقاوة.. خليك عاقل " وكانت والدتي تنصحني دائماً وتقول لي: "يا ابنى ، عقلك فى رأسك تعرف خلاصك !"العقل وسيلة لاستيعاب الحقيقة التى هى صفة من صفات الله . العقل هبة الله للإنسان ..شعاع من نور الله ..به نفكر ونريد ونختار ونصل الى الله… والعقل المستنير والناضج، يختار الخير والصلاح .. يختار ما يريده الله.. لأنه الحق كله والخير كله .. مصدر العلوم والثقافات والحضارات كلها .
والسؤال هنا الذى يفرض نفسه هو: ماهى الأفكار التى تسيطر على عقلنا ؟ المال أم العاطفة أم الشهوة أم السلطة ؟ ربما عقلنا فى حالة فراغ أو غياب أو خمول أو ضياع. كلنا نلاحظ ونختبر أن الحياة مليئة بأفكار كثيرة ونظريات غريبة قد تتناقض احيانا ، مع العقل السليم ومع هدف الحياة.
وبعد أن أصبح العالم قرية صغيرة نتيجة التقدم العلمى الهائل والتكنولوجيا الحديثة.. بعد أن صار الكمبيوتر والمحمول الضيف الدائم بل والصديق الملازم ..أتساءل: أين عقلى من هذه المؤثرات الخارجية ؟والجواب لابد من اللجوء الى الايمان ..الى البصيرة.. الى النظرة المستنيرة بكلمة الله التى تكشف لى الحقيقة كلها ، فأستطيع بها أن أميز الخير عن الشر .. والصالح عن الباطل.. والمفيد عن الضار .. هذه البصيرة.. هذه النظرة الايمانية.. تكشف لى انى لست وحدى فى هذا الكون .. وانما هناك كائن أزلى خالق الكون.. مصدر العلم والثقافة والحضارة ..سيد التاريخ ..إله وإنسان عاش معنا .. السيد المسيح ..لابد من العوده اليه دائماً لكى ينيرنا ويهدينا.. به أستطيع أن أتخلص من الغرور والسطحية وأهوائى ..وأطير فى آفاق الإبداع والتعمق والتجديد والعلم والتقدم الحضارى.. شاكراً فضله دائماً .. به أستطيع أن أتخلص من الأنانية والإنغلاق على ذاتى للعبور نحو الآخر.. نحو كل انسان ..لأبنى معه حضارة الحب والثقافة ..حيث انفتاح الحوار المبنى على الإحترام والتقدير المتبادل .. للوصول معاً الى معرفة الحق كله ..أن النظرة الإيمانية للعلم والثقافة والحضارة ، تدفعنى أن أرفع عقلى وقلبى وحياتى الى خالق السموات والأرض، الى خالقى وشعلة عقلى، ليضىء بنوره فى كل كيانى ، لأكون كمرآة تعكس ثقافة الحق والحب لكل من حولى ..فأكون له، بدورى ،نوراً وطريقاً يقوده نحو من قال بالأمس واليوم والى الأبد : "انا هو الطريق والحق والحياة " (يو 6:14 )
الأب/ يوسف المصرى