أعياد أمّنا مريم العذراء في الطقس الإسكندري القبطي الكاثوليكي

خاص بالموقع- 05/07/2012

يخبرنا التقليد الكنسي أن أمنا مريم العذراء هي ابنة يواكيم وحنة فكانت مريم ابنتهما فتاة صغيرة، فاختارها الله في عمرها الشبابي (16-18) لواحد من أهم المطالب التي كان يطلبها من أي إنسان وهو الطاعة، وقد نشعر أحيانا في ظروفنا في الحياة لا تؤهلنا لخدمة الله ولا تحدنا اختيارات الله فقد يستخدمها منا إذ وثقتنا به، فتظهر من خلال تحية الملاك أن الله اختارها اختيارا شخصيا من نوعه وتجاوبت مع هذا الاختيار وهذه الدعوة واختيار الله لها مجاني وهذا نستلهمه من البشارة عندما قال الملاك لها: «أيتها الممتلئة نعمة الرب معك نلت حظوة عند الله» لو1/28-30. وكما قالت أليصابات: «مباركة أنت في النساء» لو 1/42.فمريم هي الوحيدة في الكتاب المقدس أخذت هذا التعبير (الامتلاء بالنعمة) ويصفها الملاك جبرائيل بأنها ممتلئة نعمة وهي بمثابة اسم لمريم وأكثر منه صفة لها أو وصفا لحالتها وهذا ما نقوله في النصوص الطقسية لشهر كيهك وخاصة في نص الذكصولوجية الرابعة:«أرسل جبرائيل خادم الخلاص. أرسل العبد الغير جسداني إلي العذراء الغير الدنسة. أرسل جبرائيل أقامنا بالدعوة الجديدة أرسل الحر إلي الفتاة العفيفة» ومريم قبلت البشارة من الملاك حتى أنها قالت للملاك: «ها أنا امة الرب فليكن لي حسب قولك» لو1/38. فإذن مريم تجاوبت مع هذه الدعوة بحريتها قبول العلاقة الشخصية وتسليم ذاتها بالله ونستلهم علاقة والله كان في انتظار تجاوبها الحر، فالله يحققه مع الإنسان برضي الإنسان والله حقق الخلاص بقبول مريم واختياره لها ورسالته الموجهة لها، كانت مثالا بلا شك لابنها يسوع المسيح. وهذا نستلهمه من خلال نصوص العهد الجديد:-   

1– قبولها للبشارة في لو 1/26-38، مت 1/18-25.

2-زيارتها لأليصابات في لو1/39-56.

3– الولادة بيسوع المسيح في مغارة بيت لحم في لو2/1-20، مت2/1-12.

4-ختان يسوع المسيح وتقدمته للهيكل عن يد سمعان الشيخ ونبؤته المليئة بالألم ولابنها في لو2/21-40.

5– اللجوء إلي أرض مصر مت 2/13-15.

6-الرجوع من أرض مصر والإقامة في الناصرة مت2/19-23.

7– المسيح الطفل في الهيكل في لو2/41-50.

8– معجزة الخمر في عرس قانا الجليل في يو2/1-12.

9– مريم وشعورها وتصرفها كأم تحت عود الصليب في يو19/25-27.

10– حضور مريم مع الرسل في أورشليم أع 1/14.

  فإذن أمنا مريم كانت مثالا حيًّا وعندما قال يسوع«طوبي لمن يسمع كلمة الله ويحفظها» لو11/28. ونستلهم من هذه الآية أن مريم كانت مثل رائع وقدوة في حياة ابنها حتى أن يسوع المسيح عرف أن أمه مريم سمعت كلمة الله وحفظتها وتأملتها في قلبها. ويريد يسوع أن يجعل من أمه مريم أما لكل من يؤمن به. وعلى حسب التقليد القبطي أن أمنا مريم العذراء عاشت على الأرض58 سنة و8 شهور و16 يومًا.

  وإننا نصنف أعياد أمنا مريم العذراء حسب كتاب «قطمارس الأناجيل»، طبع بالمطبعة التجارية الحديثة، في عهد رئاسة غبطة الأنبا إسطفانوس الأول بطريرك الأقباط الكاثوليك، وكاردينال الكنيسة الجامعة، القاهرة، 1980:

1- في 10 توت (20/9[إذا كانت السنة بسيطة]،أو21[إذا كانت السنة كبيسة]) عيد ميلادها، وتذكار الصورة التي رسمها القديس لوقا الإنجيلي ممثلة السيدة العذراء وابنها الإلهي.

2- 21 بابة(31 أكتوبر[إذا كانت السنة بسيطة]، أو أول نوفمبر[إذا كانت السنة كبيسة]) تذكار النعم التي تفاض على العالم بواسطة أمنا مريم العذراء وتلك الذكرى تعمل شهريًّا.

3-11 هاتور(20 نوفمبر[إذا كانت السنة بسيطة]، أو 21 نوفمبر[إذا كانت السنة كبيسة]) تذكار نياحة القديسة حَنَّة أمّ العذراء مريم.

4-3 كيهك(12 ديسمبر[إذا كانت السنة بسيطة]، أو 13 ديسمبر[إذا كانت السنة كبيسة]) تذكار دخول السيدة العذراء إلى الهيكل.

5- 12 كيهك(22 ديسمبر[إذا كانت السنة بسيطة]، أو 22 ديسمبر [إذا كانت السنة كبيسة]) عيد الحبل بلا دنس لأمنا مريم العذراء.

6-21 طوبة( 29 يناير[إذا كانت السنة بسيطة]، أو 30 يناير[إذا كانت السنة كبيسة]) تكريس أول كنيسة دُعيت باسم العذراء والدة الإله في أيام الرسل.

6-29 برمهات(7 أبريل) عيد البشارة للعذراء مريم والدة المخلّص.

7-7 برمودة (15 أبريل)تذكار يواقيم أبى العذراء مريم.

8-أول بشنس(9 مايو) تذكار ميلاد العذراء مريم.

9-21 بشنس(29 مايو) تذكار والدة الله.

10- 8بؤونة(15 يونيو) تذكار تكريس كنيسة السيدة العذراء بهليوبوليس(المطرية) المدعوة بالحمام.

11-21 بؤونة(28 يونيو) عيد تكريس كنيسة السيدة العذراء مريم أيام الرسل بمدينة أتريب، وتذكار تشييد كنيسة باسمها في مدينة فيلبانيس (قيصرية فيلبس).

12- أول مسري(7 أغسطس) عيد القديسة حَنَّة أمّ العذراء مريم.

13- 7 مسرى(13 أغسطس) فيه بشارة يواقيم بالسيدة العذراء مريم.

14-16 مسرى(22 أغسطس) عيد انتقال أمنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، وهذا آخر عيد لأمنا مريم العذراء في السنة الطقسية، في حبرية قداسة البابا بيوس الثاني عشر(1939-1958) أعلن قداسته الدستور الرسولي الخاص بتحديد انتقال مريم إلى السماء في الأول من شهر نوفمبر لسنة 1950: «إن جميع حجج الآباء القديسين وجميع تأملاتهم هذه ترتكز على الكتاب كما على أساسها الأخير. فهو يُرينا بوجه ما، أم الله الجليلة القدر متحدة بأوثق الاتحاد بابنها الإلهي وتقاسمه دائمًا ما يجري له. فيبدو إذن كالمستحيل أن نرى تلك التي حبلت بالمسيح وولدته، وغذّته بلبنها، وحملته على ذراعيها، وشدته إلى صدرها، مفصولة عنه بعد هذه الحياة الأرضية، إن لم يكن بالروح فبالجسد على الأقل، فبما أن فادينا هو ابن مريم لم يستطع هو الخاضع تمامًا للشريعة الإلهية، إلا أن يكرم لا الآب الأزلي فحسب، وإنما كذلك أمه المحبوبة. فبما أنه كان قادرًا على أن يكرمها هذا الإكرام العظيم بأن يحفظها من فساد الموت، فيجب الاعتقاد بأنه فعل ذلك حقًا.

لابدّ خصوصًا من التذكر أن مريم، منذ القرن الثاني، يقدمها الآباء القديسون كحواء الجديدة، الخاضعة بلا ريب لآدم الثاني، ولكنها وثيقة الاتحاد به، في محاربة العدو الجهنمي، في معركة هي، كما سبق تمثيلها في البشارة: «وأَجعَلُ عَداوةً بَينَكِ وبَينَ المَرأَة وبَينَ نَسْلِكِ ونَسْلِها فهُوَ يَسحَق رأسَكِ وأَنتِ تُصيبينَ عَقِبَه» (تك3: 15)، كان لابدّ أن تؤدي إلى الانتصار الكامل على الخطيئة والموت المقرونين دائمًا معًا في كتابات رسول الأمم:« لَمَّا كُنَّا لاَ نَزالُ ضُعَفاء، ماتَ المسيحُ في الوَقْتِ المُحدَّدِ مِن أَجْلِ قَوْمٍ كافِرين»(رو5: 6)، «عَن يَدِ إِنسان أَتى المَوتُ فعَن يَدِ إِنسانٍ أَيضا تَكونُ قِيامةُ الأَموات، وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح، كُلُّ واحِدٍ ورُتْبَتُه. فالبكرُ أَوَّلاً وهو المَسيح، ثُمَّ الَّذينَ يَكونونَ خاصَّةَ المسيحِ عِندَ مَجيئِه. ثُمَّ يَكونُ المُنتَهى حِينَ يُسَلِّمُ المُلْكَ إِلى اللهِ الآب بَعدَ أَن يَكونَ قد أَبادَ كُلَّ رِئاسةٍ وسُلطانٍ وقُوَّة. فلا بُدَّ لَه أَن يَملِكَ حتَّى يَجعَلَ جَميعَ أَعدائِه تَحتَ قَدَمَيه. وآخِرُ عَدُوٍّ يُبيدُه هو المَوت»(1كو15: 21-26)، «ومتَى لَبِسَ هذا الكائِنُ الفاسِدُ ما لَيسَ بِفاسِد، ولَبِسَ الخُلودَ هذا الكائِنُ الفاني، حينَئذٍ يَتِمُّ قَولُ الكِتاب: قدِ ابتَلَعَ النَّصْرُ المَوت فأَينَ يا مَوتُ نَصْرُكَ؟ وأَينَ يا مَوتُ شَوكَتُكَ؟ إِنَّ شَوكَةَ المَوتِ هيَ الخَطيئَة، وقُوَّةَ الخَطيئةِ هيَ الشَّريعة. فالشُّكرُ للهِ الَّذي آتانا النَّصْرَ عَن يَدِ رَبِّنا يسوعَ المسيح!» (1كو15: 54-57). لذلك فأم الله الجليلة القدر، المتحدة منذ الأبد بيسوع المسيح، بطريقة سرية، في "ذات المرسوم الواحد" بالاختيار السابق، الطاهرة تمامًا في حبلها، والعذراء النقية جدًا في أمومتها الإلهية، الرفيقة الكريمة للفادي الإلهي الذي أحرز ظفرًا كاملاً على الموت وعواقبه، قد حصلت أخيرًا، كتتويج أسمى لامتيازاتها، على أن تحفظ من فساد القبر، ومثل ابنها، بعد الغلبة على الموت، أن تُرفع بالجسد والنفس إلى المجد في أعلى السموات، لتشرق هناك كملكة إلى يمين ابنها ملك الدهور الذي لا يموت: «لِمَلِكِ الدُّهور، الإِلهِ الواحِدِ الخالِدِ الَّذي لا يُرى، الإِكْرامُ والمَجْدُ أَبَدَ الدُّهور. آمين»(1 تيمو1: 17). … تمجيدًا لله القادر على كل شيء الذي أفاض على العذراء إحسانات عطفه الخاص جدًا، وإكرامًا لابنه، ملك الدهور الذي لا يموت، المنتصر على الخطيئة والموت، ولزيادة مجد أمه الجليلة القدرة ولفرح الكنيسة جمعاء وابتهاجها، بسلطان ربنا يسوع المسيح والرسولين المغبوطين بطرس وبولس، وبسلطاننا الخاص، نثبت، ونعلن ونحدد، كعقيدة أوحى بها الله، أن مريم أم الله الكلية الطهر، مريم الدائمة البتولية، بعد أن أنهت حياتها على الأرض، قد رُفعت بجسدها ونفسها إلى المجد السماوي. وبالتالي إذا تجرّأ أحد، لا سمح الله، ووضع بإرادته موضع الشك ما حدّدناه، فليعلم أن تخلّى كليًا عن الإيمان الإلهي والكاثوليكي». بالإضافة تُعيد لها الكنيسة بعيدها الشهري كل يوم21 من الشهر القبطي على مدار السنة الطقسية، وفي شهر كيهك تكرّس الكنيسة هذا الشهر كلّه تسابيح وتماجيد تخص كرامة مريم العذراء.

 

بنعمة الله

أخوكم الأب إسطفانوس دانيال جرجس

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما