إن صليتم، أصبح خلاصكم مضمونًا، وإن لم تصلّوا، فضياعكم أكيد

تعليم البابا بندكتس السادس عشر في المقابلة العامة بتاريخ 1 أغسطس 2012

 

 

روما، الثلاثاء 28 أغسطس 2012 (ZENIT.org)

ننشر في ما يلي المقابلة العامة لقداسة البابا بندكتس السادس عشر مع المؤمنين في القصر الرسولي الصيفي نهار الأربعاء 1 أغسطس 2012، والتي تكلم خلالها عن القديس ألفونس-ماري دو ليغوري.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

نحتفل اليوم بتذكار القديس ألفونس-ماري دو ليغوري، أسقف وملفان في الكنيسة، مؤسس رهبانية المخلص القدوس، (Redemptoristes) وشفيع علماء اللاهوت والمعرفين. إن القديس ألفونس هو واحد من القديسين الأكثر شعبية من القرن الثامن عشر، لأسلوبه البسيط والمباشر، ونظريته حول سر التوبة: في تلك الحقبة العصيبة، ثمرة تأثير "الجانسينية"، كان يطلب من المعرفين أن يمنحوا سر التوبة مظهرين فرح الله الآب الذي برحمته اللامتناهية لا يكل من استقبال الإبن الضال. يتيح أمامنا احتفال هذا اليوم الفرصة لنتوقف عند تعاليم القديس ألفونس حول الصلاة، تلك التعاليم المهمة والمملوءة بالنفحة الروحية. كان يعتبر بأن كتابه، "وسيلة الصلاة العظيمة"، الذي يعود للعام 1759، هو الأهم من بين جميع كتاباته. في الواقع، هو يصف الصلاة بأنها "الوسيلة الضرورية والمضمونة لنيل الخلاص وللحصول على كل النعم الضرورية للوصول إليه" (Introduction). تلخص هذه الجملة مفهوم الصلاة عند القديس ألفونس.

إن قلنا، قبل كل شيء، بأنها وسيلة، يذكرنا ذلك بالهدف الذي نطمح إليه: خلقنا الله بمحبة لكي يعطينا ملء الحياة؛ ولكن بسبب الخطيئة، ابتعد هدفنا، أي أن ننال ملء الحياة، ولكن نعمة الله فقط يمكنها أن تجعله متاحًا لنا من جديد. لشرح هذه الحقيقة الأساسية، ولجعل الإنسان يفهم أن خطر "الضياع" حقيقي، ألّف القديس ألفونس حكمة معروفة، أساسية جدًّا، تقول: "إن صليتم، أصبح خلاصكم مضمونًا، وإن لم تصلّوا، فضياعكم أكيد". وبتعليق منه على هذه الجملة الجوهرية يقول: "من الصعب جدًّا، أو حتى من المستحيل، أن يخلص الإنسان من دون أن يصلّي…ولكن ما هو أكيد، أن الخلاص بالصلاة مضمون"  (II, Conclusion). كما يقول أيضًا: "إذا لم تصلوا، ليس هناك أي عذر لكم، لأن نعمة الصلاة وهبت لكل إنسان…إذا لم نسع لخلاصنا، يكون الخطأ خطأنا وحدنا، لأننا لم نكن قد صلينا قط". أراد القديس ألفونس بقوله أن الصلاة وسيلة ضرورية أن يفهمنا بأنه في مواقف الحياة كلها، لا يمكننا أن نستمر من دون الصلاة، بخاصة في اوقات الصعوبات والتجارب. علينا أن نقرع دائمًا باب الرب بلا كلل، واثقين بأنه يهتم بأولاده، يهتم بنا. لذلك نحن مدعوون أن نلجأ إليه بلا خوف، وأن نطرح أمامه طلباتنا، واثقين بأننا سنحصل على ما نحن بحاجة اليه.

أيها الأصدقاء، هذا هو السؤال الجوهري: ما هو الشيء الأساسي حقًّا في حياتي؟ أجيب مع القديس ألفونس: "الصحة، وكل النعم اللازمة لها" (المرجع نفسه)؛ بطبيعة الحال، هو لا يتكلم فقط عن صحة الجسد، بل عن صحة الروح التي يعطينا إياها يسوع. نحن بحاجة، وأكثر من أي شيء، الى وجوده المحرر، الذي يجعل كياننا إنسانيًّا بالكامل، ويملأنا فرحًا. يمكننا أن نلقاه فقط من خلال الصلاة، نلقى نعمته التي تنيرنا وتساعدنا أن نكتشف الخير الحقيقي، وتقوينا، وتجعل إرادتنا فعّالة، أي أنها تجعلها قادرة على تحقيق الخير. ندرك في كثير من الأحيان ما هو الخير ولكننا لا نستطيع أن نحققه، ولكن بالصلاة يمكننا ذلك. يعلم تلميذ الرب بأنه غالبًا عرضة للتجارب، ولكي يتغلب عليها، ليس عليه إلا أن يطلب المساعدة من الله بواسطة الصلاة.

يعطي القديس ألفونس مثالا عن القديس فيليبو نيري، الذي "ومنذ لحظة استيقاظه، في الصباح، يقول للرب: أيها الرب، مد يديك على فيليبو، وإلا خانك" (III, 3). وأي واقعية! إنه يطلب من الرب أن يمد يديه عليه. نحن أيضًا، المدركين لضعفنا، علينا أن نطلب بتواضع، مساعدة الله، واثقين بغنى رحمته. في مقطع آخر، يقول القديس ألفونس "نحن مجردون من كل خير، ولكن إن طلبنا، لن نبق فقراء. إن كنا فقراء، فالله غني ومحرر (II, 4). على غرار القديس أغسطينس، هو يدعو كل مسيحي ألا يخشى أن يطلب من الله، في الصلاة، هذه القوة التي لا يملكها، والتي هي ضرورية له ليفعل الخير، مع الثقة بأن الرب لا يرفض مساعدة من يصلي له بتواضع (cf. III, 3). أصدقائي الأعزاء، يذكرنا القديس ألفونس بأن العلاقة مع الرب ضرورية لحياتنا. من دون هذه العلاقة مع الرب، نحن نفتقر الى علاقة أساسية، وهذه العلاقة مع الله تتحقق بالحوار معه، في الصلاة الفردية اليومية والمشاركة في الأسرار. بهذه الطريقة يمكن للعلاقة أن تنمو فينا، والحضور الإلهي ينمو فينا أيضًا، ويدلنا على الطريق، ينيره ويجعله آمن وهادىء، حتى وسط الصعوبات والمخاطر. شكرًا.

***

نقلته من الفرنسية الى العربية نانسي لحود – وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية