وثيقة التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين العرب

بالتعاون والتنسيق مع المركز الأردني لبحوث التعايش الديني

 

 

جل الديب، الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 (ZENIT.org)

 لمناسبة زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان، عقد التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين العرب بالتعاون والتنسيق مع المركز الأردني لبحوث التعايش الديني، ندوة صحفية، ظهر اليوم في المركز الكاثوليكي للإعلام، قدّم خلالها وثيقة "تؤكد على ضرورة التصدي لهجرة المسيحيين من هذا الشرق" شارك فيها رئيس لجنة السياحة والتراث في مجلس الأعيان الأردني الوزير عقل بلتاجي، ممثلاً رئيس التجمع دولة الأستاذ طاهر المصري، رئيس المركز الأردني، الأب نبيل حداد، فضيلة الشيخ سامي ابي المنى، والسيد علي الأمين، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها السيد زياد الصايغ  ورئيس نادي الصحافة يوسف الحويك، وعدد كبير من رجال الدين المسلمين والمهتمين وممثلي وسائل الإعلام.

بداية رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور  باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، الذي تغيب عن هذه الندوة، لإرتباطه بموعدٍ سابق في ندوةٍ حول "كتاب قداسة البابا" في الجامعة اليسوعية  وقال:

"يشرفنا أن نستقبل في المركز الكاثوليكي للإعلام، رئيس التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين العرب، رئيس مجلس الأعيـان الأردنـي السـيد طاهر المصري ممثلاً بالوزير عقل بلتاجي للتحدث عن الوثيقة الجريئة في مضمونها وتوقيتها، والتي تعبّر عن موقف التجمع، المبارك من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ونحن على مسافة بضعة أيام من زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا بندكتوس السادس عشر إلى لبنان."

أضاف: "هذه الوثيقة التي ترتكز على مرتكز الكرامة البشرية والإنسانية الملازمة للشخص البشري والتي تؤكد على ضرورة التصدي لهجرة المسيحيين من هذا المشرق. وبالتأكيد فإن هذا الأمر يتلازم مع دعوة قداسة الحبر الأعظم إلى المسيحيين على ضرورة التثبت بأرضهم والتمسّك بجذورهم وعاداتهم وتقاليدهم، فهم أهل هذه الأرض وليسوا طارئين عليها، فالمسيحيّة إنطلقت من هذا الشرق إلى كل العالم وحملت معها بذور المحبة والسلام، والإلفة وروح الأخوة وأسست لمفهوم العيش المشترك مع المسلمين واليهود وسواهم من أهل المنطقة، وهم ساهموا في النهضة العربية، وكانوا من رواد الفكر والإنفتاح. هذا الدور الذي لعبه المسيحيون على مر العصور، دفع إلى تعزيز وجودهم، وجعلهم جزءاً  لا يتجزأ من مكونات المجتمع العربي ذو الوجه الإسلامي".

وتابع: "قد يعتقد البعض أن المسيحيون أقليّة في هذه المنطقة، ويجب التعاطي معهم على هذا الأساس، لهؤلاء نقول، لا يوجد أكثرية أو أقليّة فكرامة الإنسان، الذي ارتكز عليها التجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين هي المعيار الذي يجب أن يحكم منطق التعاطي مع بعضنا البعض في منطقتنا، أقصد منطقة الشرق الأوسط، وإلاّ ستحكمنا العنصرية والأصولية". "فالكلام على أقلية أو أكثرية هو كلام رجعي يفتت المجتمعات، فالإنسان صورة الله ومثاله هو قيمة مضافة على هذه الأرض، وبالتالي فإن المسلم الذي يخاف الله هو قيمة مضافة على المسيحي، والمسيحي الملتزم بتعاليم إنجيله هو قيمة مضافة على المسلم، وفي كل الأحول تبقى القيم الإنسانية هي الميزان الذي يجب أن يحكم في مواجهة التفلّت والجهل وروح التفرقة".

وختم بالقول: "إن ما نشهده من هجرةٍ مسيحية من هذا الشرق وبنوع خاص من العراق، هو مقلّق للغاية وعلينا أن نتدارس السبل التي من شأنها أن تحدّ من هذه الهجرة، وكلنا ثقة أن هذا التجمّع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين سيكون له الأثر الفاعل في نفوس العرب الأصيلين".

ثم كانت مداخلة الوزير بلتاجي جاء فيها:

"نستذكر أن الصيحة العربية في بدايات القرن العشرين، برز معها القومية العربية من اساتذة وعلماء كانوا مسيحيين عرب. فألتقى الهاشميون في ثورتهم مع العرب وخصوصاً المسيحيين، وهبوا هبة واحدة لنهضة عربية ورسالة. فليس بالغريب أن يكون الأردن منطلقاً للتجمع العربي للتصدي لهجرة المسيحيين ليحمل هذه المسؤولية، فرسالة عمان كانت الأقوى ويذكر سماحته (في إشارة إلى السيد علي الأمين) أنه شارك في اكثر من لقاء عقد لهذه الغاية."

أضاف: "إن وقوفنا على مساحة قريبة مما يحدث، فنحن لربما في قلب الوطن العربي، ولكن ما يحدث في بعض البلدان العربية غريب علينا وعلى الأردن، لأن هذا لا يحدث في الأردن. أذكر أن جلالة الملك عبدالله في ردهات الكونغرس الاميركي قال: "إن الكنيسة العربية هي الدرع للإسلام لأنني أوكل الدفاع عن الإسلام لأهلي واخواني العرب المسيحيين، والكنيسة العربية بالذات".

تابع الوزير بلتاجي: "وهذا كان أيضاً عندما حملنا للراحل العظيم  الحسين، طيب الله ثراه، خبر اكتشاف معمودية السيد المسيح على أرض الأردن وعلى الضفة الشرقية من النهر، لنقول له إن هذا حدث كبير، فالمولد كان في بيت لحم ومولد الكنيسة كان في الأردن، فقال : "سيروا على بركة الله، فهذه بركة مضافة لأرضنا، أرض الرباط، الأرض التي شهدت وقفة موسى عليه السلام في جبل نابو، والأرض التي صعد منها الياس إلى السماء، والأرض التي شرفها ابراهيم ويعقوب وشرفها الأنبياء والمرسلون ليأتي بعد ذلك يوحنا المعمدان، ومعمودية المسيح".

وقال: "هذا الأردن الذي يحمل كل هذه المعاني وهذا الإرث، عليه أيضاً واجب في الدفاع عن حقوق العرب جميعاً وجلهم العرب المسيحيين. جلالة الملك عبدالله الثاني حريص في زياراته في الخارج وفي الأميركيتين بالتحديد، أن يناشد الأهل بالعودة إلى الوطن، والوطن لا يعني الأردن فقط بل الوطن العربي، وجلهم من المسيحيين العرب المتميزين والذين تبوأوا أعلى المراكز الاقتصادية والسياسية".

أضاف: "إذاً نحن اليوم بانتظار قداسة البابا والذي شرفنا في الأردن في ايار 2009، كما وتشرفت برفقته على جبل نابو، وفي المغطس، والأردن أيضاً الذي تشرف أيضاً بزيارة الراحل الكبير يوحنا بولس الثاني، الذي يحمل اسم الأردن، لان الأردن تحمل اسم جان وهو قديس الأردن".

وقال: "أنتم في لبنان اليوم من كل الطوائف فرحون بقدوم قداسة البابا، وعلينا أن نعلم قداسته بهذا الهمّ العربي الذي يداهمنا اليوم، وهو هجرة أهلنا وأبنائنا وبناتنا العرب المسيحيين من بعض اقطارنا العزيزة، وكيف علينا أن نوقف ذلك لأن هنالك مخطط غربي فيه تلوين صهيوني، ليفرغ البلاد من أصولها، ويأتي بقوم أخرين".

ثم كانت كلمة للسيد علي الأمين حول الوثيقة أثنى فيها على كلام بلتاجي وقال: "لقد تحدث عن جزء من العلاقة التاريخية بين المسيحية والاسلام وذكرني بالعلاقة الأولى التي ربطت بينهما، عندما كان الاسلام مطارداً ومحارباً في مكة المكرمة، وعندما اولي المؤمنون بالرسالة الجديدة، والذين خرجوا من الوثنية والشرك، فأشار عليهم الرسول أن يذهبوا إلى الحبشة، التي كانت تحكمها المسيحية، فقال لهم: "اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكاً لا يظلم عنده الناس".

أضاف: "وذكرني بهذا الترابط بين الرسالات السماوية عندما ذكر القرآن الكريم ذلك الرابط بين المسيحية والاسلام، عندما أخبرهم بانه غلبت الروم في أدنى الارض، الذين كانوا يحملون المسيحية غلبوا يومئذٍ من الفرس الذين كانوا وثنيين، فأخبرهم القرأن بانهم سيغلبون من بعد ما اصابهم، ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله. هذا الإيمان الذي جمع بين الرسالات، هو الايمان بالله سبحانه تعالى".

وقال: "ونحن في مشرقنا العربي لا نعتبر أن هناك فريقين، نحن وهم أو هم ونحن، نحن عائلة واحدة تحدرت من عائلة واحدة، تنوع انتماء ابنائها الديني والسياسي. فكلنا في هذا الشرق أمة واحدة وإن تعدّد انتماء المنتسبين إليها دينياً وسياسياً، والهجرة المطروحة اليوم، والتي نحاول أن نتصدى لها، هي ليست مقصورة في الحقيقة على المسيحيين، وإنما هي عامة على المسيحيين والمسلمين".

وتابع: "ذلك منبثق من خلال أنظمة، جعلت ممارستها الوقوف على أبواب السفارات أملاً للخلاص والنجاة؛ وكأن الكثيرين من هؤلاء الحكام يريدون أن يحكموا بلاداً بلا شعب من خلال منطق الاستبداد ومن خلال الظلم والاضطهاد. الذي يدفع بهذه الهجرة هو هذه الأنطمة الاستبدادية التي لا تنطلق من قواعد المواطنة والإنسانية التي تساوي بين جميع المواطنين، وهذا ما ينبغي أن نسعى إليه من أجل أن نثبت أبناءنا وأهلنا وشعبنا في أوطانهم وفي مناطقهم."

وأضاف: "لذلك تأتي زيارة قداسة البابا في هذه الظروف لترسخ في أنفسنا هذا العيش المشترك الذي امتد قرونا وأجيالاً، وأسسه الأباء والأجداد. هو آتٍ من أجل أن يرسخ هذه القيم التي عشنا عليها في وطننا لبنان وفي المنطقة العربية كلها".

ورحب "بزيارة البابا المباركة التي تصبُ في تعزيز القيم الدينية ومبادئ التسامح بين مختلف المكونات الدينية في منطقتنا العربية، وتصب دائماً في تعزيز هذه الوحدة وهذه الإلفة التي أرادها الله بين خلقه".

كلمة الشيخ سامي ابو المنى جاء فيها: "قال الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، جميعاً ولم يقل بعضكم، ولا تفرقوا، أي أننا يجب أن نكون جميعاً معتصمين بحبل الله، عاملين بوحي من قرآننا ومن الإنجيل، بوحي من الأديان التوحيدية التي دعت إلى المحبة والرحمة. ومنبع الإديان التوحيدية واحد، وقد انطلقت من هذه المنطقة المشرفة بالإنبياء والرسل. وما بين الاسلام والمسيحية في هذه المنطقة الغالية من العالم، والتي كان لها شرف حمل هذه الرسالات وأن تكون مهبطاً لها، ما بين الاسلام والمسيحية عقد لا تنفصم عراه، منذ القدم كان ذلك في القيم المشتركة والتاريخ المشترك والحضارة العربية الاسلامية الواسعة التي تحتضن هذه الأديان التوحيدية. وفي هذا الإرث المشترك هناك إنجازات مشتركة، ونضال مشترك، في أوطاننا وفي بلادنا، وهناك آلام مشتركة أيضاً، ودروس وعبر، يجب أن نتعلم منها".

تابع: "كل هذا يدعونا لأن نتمسك بصيغة العيش المشترك التي هي أساس الوجود والأوطان في هذه المنطقة، ولا يمكن أن تكون أوطاننا عزيزة، إلا بالحفاظ على هذه الصيغة، التي بنيت على هذا التاريخ وعلى هذه الحضارة وعلى هذه القيم المشتركة".

أضاف: "إن تجربتنا في لبنان، وتجربتنا في الجبل، كانت تجربة العيش المشترك، وإن مرت في بعض الأحيان في ايام محن وصعاب وصدام، لكنني لا أخفي عليكم، بل أنني أؤكد أننا خرجنا من المحن ومن الصدام أكثر قوة، وأكثر يقيناً بأننا لا يمكن أن نستغني عن بعضنا البعض، بل إننا بحاجة إلى بعضنا البعض: المسلم بحاجة إلى المسيحي، والمسيحي بحاجة إلى المسلم، بكل مذاهبه. لذلك نحن نربا بأنفسنا أن نتصادم ثانية لأننا نجد الأكثر مودة قربنا والذين لا يستكبرون هم أيضاً معنا وإلى جانبنا، ومعهم نبني الجبل ونبني الوطن ونبني هذه الأمة".

أضاف: "إننا نمر اليوم بمرحلة دقيقة تحمل الكثير من المتغيرات والمخططات المشبوهة التي تريد أن توقع الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة، والوطن الواحد، والكثير من التطرف من كل الجوانب والجهات، وكأنهم يريدون أن يحولوا الصراع الذي يقوم بين الديكتاتوريات، وبين الثورات المنادية بالديمقراطية وكرامة الإنسان، إلى صراع ديني، وهذا أخطر ما في الأمر. لذلك الأمر يتسحق المواجهة والوقوف معاً في التصدي لكل تلك التحديات والمخططات المشبوهة. وهذا يكون بالمزيد من الإصرار على الحوار وبالمزيد من الحفاظ على بعضنا البعض ومنع الهجرة والإنعزال ومنع التقوقع، ومنع الخوف الذي يحيطه البعض".

أضاف: "والمواجهة تكون أيضا بالإنخراط بالعمل الاجتماعي والوطني، كل في موقعه ومكانه وأن نثبت أنفسنا وإلا كنا تهجرنا منذ زمن بعيد. كلنا أقليات، فالمواجهة تكون أن نشكل أكثرية مع بعضنا البعض، وهذا ما تدعو إليه هذه الوثيقة، وزيارة الحبر الأعظم قداسة البابا".

ودعا إلى الاستفادة من فرصة زيارة البابا لتقوية العزيمة في هذه المواجهة والمحافظة على بعضنا البعض والحد من هجرة المسيحيين وترك أرضنا إلى الغريب".

ثم تلا الوثيقة الاب نبيل حداد وهي بعنوان: مسيحيون ومسلمون في سبيل كرامة الإنسان (النص الكامل للوثيقة)

يشهد عالمنا العربي مرحلة مفصلية واستثنائية من تاريخه أصبحت تُعرف بـ "الربيع العربي"، وهو ربيع يحمل معه تحولات كبرى وواعدة في الواقع العربي، رغم حزننا الشديد على كل الدماء البريئة التي سالت وما تزال تسيل.

هذه المرحلة تُحتِّم علينا أن نسعى معاً، كلٌّ من موقعه وبحسب إمكاناته، في سبيل الذود عن كرامة الإنسان كل إنسان في منطقتنا العربية، مهما كان دينه ومعتقده وميوله وآراؤه. وأن نحافظ على نموذج العيش المشترك الذي ظل سمة مجتمعاتنا وحضارتنا العربية لقرون طويلة.   

وتُحتِّم علينا هذه المرحلة العمل على تعميم قيم حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية والمواطنة والعدالة الاجتماعية وحق الاختلاف وحريّة المعتقد وحرية الفرد والجماعات ضمن الحدود الأخلاقية والقانونية، بالإضافة إلى رفضِ كل أشكال التطرّف وذهنية الإقصاء ومسلك إلغاء طرف لطرف آخر، ومنطق الغلبة والإستِقواء بالقوة القاهرة، وثقافة الذميّة وممارسات الاستتباع.

وتُحتِّم علينا هذه المرحلة أن نُعزِّز معاً ثقافة الحوار المسيحي – الإسلامي، من خلال توسيع مساحة الالتقاء حول القيم الإنسانية والإيمانية المشتركة بين الديانتين، وهي قيم نتسلح بها لمواجهة كل مسالك العَزْلِ والانعزال، وخطاب الخوف والتخويف، والنزعات لتغليب ثقافة الأكثرية العددية على الأقليات العددية.  فالإرث التاريخي المشترك لمسيحيي ومسلمي العرب، يؤكد اعتبار كل منهما مكوناً أساسياً وأصيلاً للنسيج الإجتماعي والمضمون الثقافي للمنطقة العربية، وأن العيش المشترك بين المكونات العربية المتعددة، من مسيحيين ومسلمين، كان وسيبقى العلامة الأبرز في طبيعة العلاقة بينهما، رغم بروز توترات واضطرابات آنية، ليست نابعة من ثقافة وقيم الطرفين، بقدر ما هي تلبيةٌ لنزعاتٍ شخصية داخلية أو مصالح دولية خارجية.

وتُحتِّم علينا هذه المرحلةُ رفض أي استدراج داخل أوطاننا لحمايات دولية أو تدخلاتٍ خارجية، ونبذ أي إنخراط أو التزام بأجندات خارجية لا تخدم الوطن ومصالحه الكبرى. كذلك رفض أي تعاط طائفي أو مذهبي مع القضايا الوطنية الكبرى وتحديّات الكيان العربي ومصيره. وهي مسؤولية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين على السواء، فالهوية العربية والوطنية تتوزّع في مآثرها ومسؤوليتها بالتساوي على الجميع. ولا قيمة لهذا المشرق بدون مسيحييه أو بدون مسلميه.

وتُحتِّم علينا هذه المرحلة العملَ معاً على بناء أوطاننا على أسس عقلانية وحديثة وقانونية، وبآفاق نهضوية نتلمس آثارها التنموية في كل الأصعدة، مع الحرص على تأمين حيز واسع وكبير للمبادرة الخلاقة لشبابنا ولفعالية أجيالنا القادمة، وتحفيز التجديد المبدع من دون أن يعني ذلك القطيعة مع الذاكرة والتاريخ والهوية الأصيلة.

وتُحتِّم علينا هذه المرحلة دعم جميع حركات التحرّر العادلة ضد القهر والاستبداد واحتكار الخيرات العامة، بالإضافة إلى الإلتزام الثابت بدعم وتأييد مطالب العدالة الاجتماعية.  

 وتُحتِّم علينا هذه المرحلة الإلتزام بدعم القضية الفلسطينية دعماً مطلقاً، وعلى أسسٍ عادلة وشاملة وشرعية، والعمل مع المنظمات الدولية لتنفيذ لحل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام على قاعدةِ حلِّ الدولتين وحقِ العودة للاجئين وحمايةِ هويّة القدس عاصمةَ سلامٍ ونموذجَ تعدديةٍ وموئلَ الديانات التوحيدية، ووقفِ الاستيطانِ وتهويدِ الأرضِ، بالإضافة إلى الحرصِ الشديدِ على تحريرِ ما تبقى من الأراضي المحتلة في لبنان وسوريا بالوسائل المناسبة والفاعلة.

 رسالتنا معاً هي المحبةُ بلا حدود والعطاءُ المتبادَلُ بلا مقابِل، وقضيتُنا الأساسيةُ معاً تبقى بناءَ الوطن الذي يصون كرامة الإنسان ويحترم حياته ويقدّس حريته ويطلقَ العنانَ لعقلهِ الخلاق.

وهذه الوثيقة وقعها العديد من الشخصيات السياسية والدينية والثقافية والفكرية من لبنان، الأردن، الكويت، العراق، فلسطين، غزة، القدس ومصر.