كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

منطق الله مغاير لمنطق البشر، فهو لم يخش الإتضاع لأجل خلاصنا"

 

روما، الإثنين 24 سبتمبر 2012 (ZENIT.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي  في باحة القصر الرسولي الصيفي نهار الأحد 23 سبتمبر 2012.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

دخلنا الأحد الماضي في القسم الثاني من إنجيل مرقس، أي الرحلة الأخيرة، نحو أورشليم ونحن قمة رسالة يسوع. فبعد أن أعلن بطرس، باسم التلاميذ، إيمانه قائلا بأن يسوع هو المسيح (راجع مرقس 8، 29)، بدأ يسوع يتكلم بصراحة عما ينتظره. يشير الإنجيلي عن ثلاث نبوءات متتالية عن موت يسوع، وقيامته، في الفصل 8، و9، و10: يعلن يسوع بوضوح أكبر عن المصير الذي ينتظره وضروريته الجوهرية. يحوي إنجيل هذا الأحد النبوءة الثانية. يقول يسوع: "ابن الإنسان- وهي عبارة يشير بها الى شخصه- سيسلم الى أيدي الناس فيقتلونه، وبعد قتله بثلاثة أيام يقوم" (مرقس 9، 31). ولكن التلاميذ "لم يفهموا هذا الكلام وخافوا أن يسألوه" (الآية 32). في الواقع، ومع قراءة هذا القسم من نص مرقس، يظهر جليًّا بأن هناك هوة عميقة تفصل ما بين يسوع وتلاميذه؛ وإن جاز التعبير قد نقول بأنهم كانوا لا يفهمون بعضهم البعض، لأن كلمات المعلم لم تكن مفهومة أو لأنها كانت تفهم بشكل سطحي.

بعد أن أعلن التلميذ بطرس إيمانه بيسوع، سمح لنفسه بلومه لأنه كان قد تنبأ بآلامه وموته. وبعد الإعلان الثاني عن الآلام، كان التلاميذ يتجادلون في من هو الأكبر (مرقس 9، 34)؛ وبعد الإعلان الثالث، طلب يوحنا ويعقوب من يسوع إن كان بإمكانهما أن يجلسا واحد عن يمينه والآخر عن يساره في مجده (مرقس 10، 35-40). كما نجد علامات أخرى عن هذه الهوة الشاسعة، فالتلاميذ مثلا لا يمكنهم شفاء صبي مصاب بالصرع وبالتالي شفاه يسوع بقوة الصلاة (مرقس 9، 14-29)؛ أو حتى عندما أتى الأطفال الى يسوع فانتهرهم التلاميذ، ولكن على العكس استاء يسوع وطلب منهم البقاء لأن لأمثال هؤلاء ملكوت الله (مرقس 10، 13-16).

ما الذي نفهمه من كل هذا؟ هذا يذكرنا بأن منطق الله "مغاير" دائمًا  لمنطقنا، وهذا بالضبط ما قاله الرب على لسان النبي أشعيا: "لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ مُمَاثِلَةً لأَفْكَارِكُمْ، وَلاَ طُرُقَكُمْ مِثْلُ طُرُقِي". لهذا السبب يتطلب اتباع الرب من الإنسان تحول عميق، أن يغير في طريقة تفكيره وعيشه، يتطلب منه أن يفتح قلبه للإصغاء لكي يستنير ويتغير من الداخل. إن الكبرياء هو العنصر الرئيسي الذي يجعل الفرق بين الله والإنسان: فلا كبرياء في الله، لأنه "كامل"، ويحب ويعطي الحياة. ولكن الكبرياء متجذر فينا نحن البشر ويتطلب يقظة ونقاء دائمين. نحن الصغار جدًّا نسعى لنكون كبارًا، وأوائل، بينما الله لا يخشى أن يتضع ويكون صغيرًا. إن العذراء مريم في "تناغم" مثالي مع الله. فلندعو اسمها بثقة، لكيما تعلمنا أن نتبع يسوع بإخلاص على طريق الحب والتواضع.

***

نقلته من الفرنسية الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية