مقابلة مع المونسينيور سامويل أكيلا

الموت ليس قويّا بما يكفي لكي يفصل بيننا وبين الله الذي هو محبّة

 

دنفر: مقابلة مع أسقف كولورادو ، المونسينيور سامويل أكيلا

 

 

روما، الأربعاء 2 أكتوبر 2012 (ZENIT.org). – مر أكثر من شهرين على إطلاق النار الذي جرى في مدينة أورورا ، في دنفر (كولورادو/ الولايات المتحدة الأميريكيّة)، والذي أدّى إلى 12 ضحيّة وحواليّ الـ 50 جريح. هذه الأحداث تتالى سنويًا في الولايات المتحدة حيث التشريع يسمح بشراء الأسلحة كما يتم شراء المواد الأولية. هذا الأمر يطرح تساؤلات كثيرة حول الخير، الشرّ والتسامح، حول التشريع الوطني واعتبار اقتناء الأسلحة جزءًا من حرية الفرد. تغطي وكالات الأنباء الأحداث الدامية، إلا أنه عندا يغيب وقع الصدمة تسكت وهذا هو بالتحديد ما لا يجب القيام به. على وسائل الإعلام، المسيحية منها بشكل خاص، أن تسلط الضوء من جديد على هذه المآسي بغية التوصل إلى حلول ملموسة. في هذا الإطار، ولإعادة إحياء وقع القضية التقت زينيت بأسقف دنفر ، المونسينيور سامويل أكيلا.

مع أن وسائل الإعلام لم تعد تتحدث عن إطلاق النار الذي حدث في أورورا، في ذات المدينة التي شهدت مسبقاً إطلاق نار آخر رهيب، الكولومبين، فألم الأهل الذين فقدوا أولادهم لم يلبث صارخًا وموجعًا. ما هو وقع هذا الحدث الرهيب على المجتمع المحلّي الآم؟

المونسينيور سامويل أكيلا: إن إطلاق النار الذي منذ شهرين هو عمل شرٍّ، عمل عنف حقيقيّ. إن مجتمعنا حزين ومصدوم. وكمجتمع يثير تساؤلات عن الخير والشرّ، وعن الحرب الروحيّة والأخلاقيّة بين الخير والشرّ. حتى في خضمّ فوضى وشرّ ذلك الصباح، ظهرت قصص أبطال، قد حاولوا في وسط إطلاق النار حماية أصدقاء وأشخاص أعزّاء. وبفضل نعمة الله، قام سكان كولورادو بالوقوف إلى جانب الضحايا وأهالي المفقودين مع حبّ كبير، محبّة ورحمة. هناك وحدة كبيرة بين أبناء ولايتنا، وهذه نعمة حقّاً.

إنّ الغفران نعمة صعب جداً تطبيقها عندما يتعلق الأمر بجرائم كهذه، وبالأخصّ فور وقوعها. ماذا يمكنك أن تقول للأشخاص الذين جرحوا بهذا العمل حتى تساعدهم للوصول إلى الغفران؟

 المونسينيور سامويل أكيلا: من ارتكب هذه المجزرة قد قام بعمل شرير جدّاً. وينبغي التعامل معه بحسب ما تنصّ الإجراءات المدنيّة. الجواب على المستوى البشري هو غضب شديد وربما الإنتقام.  ولكني أفكّر بالغفران الشخصيّ الذي منحه يوحنّا بولس الثاني إلى نعمة علي أغا. وطبعاً إني أفكّر بالغفران الذي منحه يسوع المسيح لكل واحد منّا على الصليب حيث عانى من الموت العنيف.

ليس من السهل الغفران بهذا الشكل، ولكن نعمة المعموديّة تخولنا أن نحبّ بمحبّة إلهيّة. يعطينا ربنا توجيهات واضحة بما يتعلق بالغفران: "إذا غفرتم للناس خطاياهم، فإن أباكم السماويّ سيغفر لكم خطاياكم" (متى: 6,14). حتى ولو أن الغفران يستغرق وقتاً، إنه السبيل الوحيد لشفاء الجراح والآلام. أصليّ حتى يتمكن من قام بهذا العمل الشرير بلقاء يسوع المسيح، وأتمنى من الآخرين الإنضمام إلى صلاتي.

ما هو نوع الدعم الذي تقدمه الأبرشيّة إلى الضحايا وأهالي المفقودين وأحبائهم؟

المونسينيور سامويل أكيلا: قدّم كهنة وشمامسة أبرشيّة دنفر العناية الروحيّة في المستشفيات، في المنازل والكنائس للذين عانوا من هذه المأساة. أتيحت لي الفرصة بلقاء عائلات الضحايا، أشخاص يعانون حقّاً. أصلّي حتى نتمكن من إيصال يسوع المسيح إليهم.

وضعت الجمعيات الخيريّة الكاثوليكيّة خدمة الإرشاد ريجينا شيلي بتصرّف المحتاجين. وقدمنا قداديس ولقاءات صلاة عامّة. وسنستمر بتقديم صلواتنا، وتضامننا ودعم مجتمعنا بوقت حيث وجود المسح ضروريّ جدّاً.

ما هي الرسالة التي تريد إيصالها إلى الضحايا وعائلاتهم؟

المونسينيور سامويل أكيلا: إنّ هذا النوع من الحدث مؤلم جداً بالنسبة لنا لأن لا معنى له، يشّوه معتقداتنا بما يتعلّق بالإستقرار، العدالة والأمن. يبدو أنهم ماتوا بدون سبب. إنيّ أفهم هذا الألم وهذا الحزن. وغالباً ما تأملت بمعنى هذا الألم، الذي هو الفرصة للتعرّف أكثر على الله. ويمكننا الذكّر بأنّ يسوع ذاته قد تعرّض لموت عنيف وهو بريء.

عاشت مريم تحت الصليب موت ابنها فهي ترافق كل أب وأم فقدا ابناً بموت عنيف وغير منتظر. ونحن كمسيحيين نعلم أنه بالإيمان، أن الموت والخطيئة قد هُزِما بقيامة المسيح. ويمكننا أن نطلب من يسوع أن يتعهّد بأمواتنا، على يقين أن به يمكنهم العيش إلى الأبد. إن الآب لم يسمح للموت والخطيئة أن يهزما ابنه،

ولكنه بقيامة يسوع هزم الموت وكشف عن الحياة الأبديّة. إن الموت ليس قويّا بما يكفي لكي يفصل بيننا وبين الله الذي هو محبّة.  

*** نقلته إلى العربيّة ماري يعقوب.