الإِيمانُ والرَّجاء والمَحَبَّة، ولَكن أعظمها المَحبَّة

كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

 

 

روما، الإثنين 5 نوفمبر 2012 (ZENIT.org)- ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي من نافذة مكتبه في الفاتيكان، نهار الأحد 4 نوفمبر 2012، والتي تكلم خلالها عن المحبة.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

يقدم لنا إنجيل هذا الأحد (مر 28، 12-34) تعليم يسوع حول أعظم الوصايا: وصية المحبة المزدوجة: محبة الله، ومحبة القريب. إن القديسين الذين احتفلنا بعيدهم جميعًا، هم بالتحديد، من خلال ثقتهم بنعمة الله يسعون للعيش وفق هذا القانون الأساسي. في الواقع، لا يمكن لأحد أن يمارس وصية المحبة إن لم يكن يعيش علاقة عميقة مع الله، على غرار طفل يصبح بإمكانه أن يحب انطلاقا من علاقة جيدة مع أبيه وأمه.

كتب القديس يوحنا الأفيلي، الذي أعلن مؤخرًا كملفان للكنيسة، في بداية "بحثه" حول محبة الله: "أكثر ما يدفع قلبنا لمحبة الله هو أن ننظر بعمق الى المحبة التي حملها لنا…هذه الهدية تؤدي بالقلب الى أن يحب أكثر من أي هدية أخرى؛ لأن الذي يعطي هدية للآخر هو يعطيه شيئًا يملكه ولكن الذي يحب يعطي نفسه مع كل ما يملكه من دون أن يبقى له ما يعطيه" (n. 1). إن المحبة عطية قبل أن تكون وصية، هي حقيقة عرفنا عليها الرب وجعلنا نختبرها، لكي تستطيع كبذرة أن تنمو في داخلنا وتتطور في حياتنا.

إذا تجذرت محبة الله بعمق في شخص، فيصبح باستطاعته أن يحب حتى من لا يستحق ذلك، كما فعل الرب تجاهنا. الأب والأم لا يحبان أطفالهما عندما يستحقون فحسب، بل يحبانهم على الدوام، حتى عندما يفهمانهم أنهم على خطأ. نحن نتعلم من الله أن نسعى دائمًا الى الخير لا الى الشر، نتعلم أن ننظر الى الآخر ليس فقط بعيوننا بل بنظرة الله، نظرة يسوع المسيح. هي نظرة تنبع من القلب، ليست سطحية بل تتخطى المظاهر وتنجح ببلوغ أعماق الآخر: تستقبل باهتمام خاص، بكلمة واحدة: بمحبة. لكن العكس صحيح أيضًا: عندما أنفتح على الآخر كما هو، عندما أذهب للقاء به، وأكون متاحًا، أنفتح بذلك أيضًا على معرفة الله، على الشعور بأنه موجود، بأنه عطية.

بين محبة الله والقريب علاقة محبة متبادلة لا تنفصل. لم يختلق يسوع أي واحدة منهما بل أظهر بأن هاتين المحبتين في العمق وصية واحدة، لم يتحدث عن ذلك فقط بل أظهره بشهادته. إن شخص يسوع وسره بالكامل يجسدان وحدة محبة الله والقريب، كجزئي الصليب العامودي والأفقي. هو يعطينا هذه المحبة المزدوجة في سر الإفخارستيا، ببذل ذاته من أجلنا، لكيما إن أكلنا من هذا الخبز أحببنا بعضنا بعضًا كما هو أحبنا.

أيها الأصدقاء الأعزاء، لنصل لكي بشفاعة مريم العذراء يستطيع كل مسيحي أن يظهر إيمانه بالله الواحد الحقيقي مع شهادة محبة واضحة للقريب.

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية