بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاما على المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني

إعداد ناجى كامل – مراسل الموقع من القاهرة

3 ديسمبر 2012

– افتتح قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرون المجمع بذاته في يوم 11 اكتوبر سنة 1962، وراح يتتبع الجلسة الأولى من غرفته بواسطة جهاز تلفزيون، ولا يتدخل إلا عندما تدعو الحاجة، وكان في كل ذلك يضرع إلى الله الروح القدس لينير الجميع ويفتح قلوبهم إلى الوحدة الشاملة، وبعده يستشفع بالعذراء القديسة وبالقديس يوسف.

– كانت دعوة المجمع الفاتيكاني الثاني بعد تسعين عامًا من انعقاد آخر مجمع وهو المجمع الفاتيكاني الأول وقبله مجمع ترانت في القرن السادس عشر، وقد دعا اليه طيب الذكر الطوباوى البابا يوحنا الثالث والعشرون لعقد مجمع مسكوني جديد للكنيسة الكاثوليكية عام 1959 على أن يستمر التحضير له ثلاث سنوات. ويقال أن خليفته البابا بولس السادس وكان يومذاك رئيس أساقفة ميلانو قد صرّح: "لا يدرك البابا عش الدبابير الذي أثاره". بكل الأحوال، فقد استمرت المسيرة المجمعية، وكان لها الكثير من التغييرات والإصلاحات في بنية الكنيسة حتى أنها "أعادت تشكيل وجه الكاثوليكية"، من خلال مراجعة الطقوس ومنح دور أكبر للعلمانيين والحوار مع العالم وغيرها من القضايا المرتبطة. وبحسب أقوال البابا يوحنا 23 فإن فكرة عقد المجمع راودته بما يشبه الإلهام المفاجئ، وكانت الفكرة من هذه الدعوة إصلاح الكنيسة الكاثوليكية بما يتوافق مع متطلبات العصر الحديث.

– جاء الاعلان عن هذا المجمع على لسان البابا يوحنا الثالث والعشرون خلال خطبة ألقاها بتاريخ 25 يناير 1959 بعد تسعين يوماً من انتخابه للكرسي البابوي، حيث صرح عن نيته دعوة أساقفة الكاثوليك في العالم أجمع للحضور إلى الفاتيكان لعقد مجمع مسكوني جديد وبعكس المجامع السابقة لم تكن غاية المجمع الفاتيكاني الثاني تفنيد بدعة ما أو البت في مسألة تأديبية معينة، ولكن بحسب كلمة البابا الافتتاحية فقد كان الهدف من هذا المجمع "إزالة تجاعيد الهَرَم (الشيخوخة) من وجه الكنيسة، وإعادة بهائها وشبابها إليها"، فكانت أهدافه المعلنة تجديد الكنيسة الكاثوليكية روحياً وتحديد موقفها من قضايا العالم المعاصر المختلفة.

– استقبل مشرعو الكنيسة نبأ الدعوة للمجمع ببرودة فقد كانوا مقتنعين من جهتهم بأن الكنيسة عاشت في حالة ازدهار في عهد بيوس الثاني عشر(سلف البابا يوحال الثالث والعشرين ) لذلك فلم يجدوا أي فائدة في التغييرات التي أراد إحداثها البابا الجديد.

– بعض كرادلة الفاتيكان حاولوا فعل كل ما كان باستطاعتهم لإعاقة انعقاد المجمع، ولكن البابا مضى قدماً بخطته وعاش حتى رآى إفتتاح أعماله في خريف عام 1962

– كتب البابا يوحنا الثالث والعشرون خلال حبريته عدد كبير من الرسائل والدساتير العامّة وعمل إلى تغيير وانفتاح الكنيسة الكاثوليكية على العالم. غير أنه لم يعش لير ختام أعمال المجمع الذي دعا إليه بل توفي بعد ختام الدورة الأولى منه مباشرة، ليكمل خليفته بولس السادس سائر دورات المجمع

أهداف المجمع في النقاط الخمس التالية:

1- تطوير العلاقات إلايجابية للكنيسة الكاثوليكية مع العالم الحديث.

2- التخلي عن نظام الحروم القاسي (أناثيما) المستعمل في المجامع السابقة.

3- التأكيد على حقوق الإنسان الأساسية بما يتعلق بالحرية الدينية.

4- التأكيد على أن الحقائق الأساسية تُعلم أيضاً في ديانات ومذاهب غير الكاثوليكية.

5- إصلاح الروحانية الكاثوليكية والسلطة الكنسية

– مراحل المجمع:

– تم تكوين لجان تحضيرية للمجمع بتاريخ 5 يونيو 1960 بالإضافة إلى أمانتا سر. وافتتحت أعماله يوم 11 أكتوبر 1962 واختتمت بتاريخ 8 ديسمبر 1965، وحضره أكثر من 2600 أسقف من مختلف أنحاء العالم( لذا هومجمع مسكونى )، إضافة إلى مراقبين من الكنائس البروتستانتية والأرثوذكسية الشرقية.

– المرحلة الأولى: بدأت بتاريخ 11 أكتوبر 1962، القى الكلمة الافتتاحية فيها البابا يوحنا الثالث والعشرون، و انتهت تلك المرحلة بوفاة البابا بتاريخ 3 يونيو 1963

– المرحلة الثانية: إشتملت على الجلستين الثانية والثالثة من 29 سبتمبر1963 حتى 4 ديسمبر من نفس العام. نتج عنها دستور عن الليتورجيا الكنسية ومرسوم حول إعلام التواصل الاجتماعي.

– المرحلة الثالثة: ضمت الجلستين الرابعة والخامسة من 14 سبتمبر 1964 إلى يوم 21 نوفمبر من نفس العام. خرج عنها الدستور العقائدي حول الكنيسة، ومرسوم عن العلاقات المسكونية مع الكنائس غير الكاثوليكية، وعن الكنائس الكاثوليكية الشرقية، وأعلنت فيها وثيقة " مريم العذراء اماً للكنيسة وصورة وآية لها "

– المرحلة الرابعة: بدأت بتاريخ 14 سبتمبر1965 مع الجلسة السادسة وانتهت بتاريخ 7 ديسمبر 1965 مع الجلسة التاسعة. افتتح البابا بولس السادس هذه المرحلة بإعلانه عن عمله على تشكيل " مجمع أسقفي مهمته مساعدة البابا فى إدارة الكنيسة ". كما صدر عنها أيضاً دستور عقائدي حول الإعلان الإلهي ودستور رعوي عن الكنيسة في العالم المعاصر، بالإضافة لمراسيم تتعلق بوظيفة الأسقف الرعوية وبالتجديد المناسب للحياة الدينية، وأيضاً مراسيم تتحدث عن التثقيف الكهنوتي وعن خدمة وحياة القساوسة وعن رسولية العلمانيين، وكذلك عن الأنشطة التبشيرية للكنيسة. كما نتج عن هذه المرحلة مراسيم تناولت التربية المسيحية والحرية الدينية وعن علاقة الكنيسة مع الأديان الأخرى. وحتى قبل أن يتم اختتام المجمع قام البابا بتشكيل لجان لتضع القرارت المتخذة في حيز التنفيذ.

– احتفل باختتام المجمع بتاريخ 8 ديسمبر 1965.

– ولكن يبقى "الإصلاح اللّيتورجيّ" هو أكثر المؤشّرات وضوحاً على التحوّل الكاثوليكيّ. وقد أثار إهمال اللاتينيّة لصالح اللغات المحليّة معارضة قلّة من الكرادلة و الاساقفة التقليديّين. لكنّ هؤلاء ينكرون في الحقيقة على المجمع مجمل روحيّة الانفتاح والإصلاح. يبقى أنّ هذا المجمع لم يكن حرّاً في " تقديم الحلّ لثلاثة مشاكلٍ ما تزال عالقة: سلطة البابا، وزواج الكهنة، والمطلِّقون الذين يتزوجون مرّةً جديدة ".

 

– يقول قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر فى ذكرى الاحتفال بمرور "خمسين عاما " على إختتمام اعمال المجمع المسكونى الفاتيكانى الثانى وخلال اليوم الارسالى السنوى:

" إن المجمع المسكوني هو في الواقع حدث يعلن نوره المشع في العالم وعوداً جديدة للعمل الإرسالي في بلدان الرسالة. ويرجى أن يجد المؤمنون في المجمع المسكوني المهيب المقبل دافعاً رئيسياً وحافزاً أفضل لمواصلة نشر الإيمان الكاثوليكي" .

لذلك، في روما، أم ومعلمة كافة الشعوب، وفي أضخم هيكل للمسيحية، اجتمع الأساقفة من كافة أنحاء المسكونة – رجال من كل الألوان واللغات وإنما متحدين في اللغة اللاتينية العالمية، إخوة في المسيح والأسقفية، ليشكلوا جسداً واحداً بتوجيه أكيد من خليفة بطرس – ليقدموا الرؤية العظيمة والمؤثرة لكاثوليكية الكنيسة ووحدتها. وخلال اليوم الإرسالي السنوي، سيقوم المؤمنون من العالم أجمع – الممتلئون فرحاً وحماسة وإكباراً واندفاعاً، في حماسة رسولية متجددة – برفع ابتهالاتهم وصلواتهم إلى رب الحصاد وسيضاعفون هبات محبتهم.

 بعض المصادر: الموسوعة العربية المسيحية – الموسوعة الحرة ويكيبيديا- وكالة زينيت – الموسوعة البريطانية – موقع الفاتيكان…