بحسب أعمالكم تدانون، احفظوا الوصايا وافعلوا خيرًا

كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

 

 

حاضرة الفاتيكان، الإثنين 17 ديسمبر 2012 (ZENIT.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي من ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، نهار الأحد 16 ديسمبر 2012.

***

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

يقدم إنجيل هذا الأحد من زمن المجيء من جديد شخصية يوحنا المعمدان، ويمثله متوجهًا للأشخاص الذين أتوا اليه على نهر الأردن ليتعمدوا، لأن يوحنا كان يحثهم بكلمات لاذعة على التحضر لمجيء المسيح، وكانوا يسألونه: "ماذا نعمل؟" (لوقا 3، 10. 12. 14). هذه الحوارات مثيرة جدًّا للاهتمام.

إن الإجابة الأولى كانت متوجهة للحشد بشكل عام. فقد قال يوحنا: "من كان عنده قميصان، فليقسمهما بينه وبين من لا قميص له. ومن كان عنده طعام فليفعل كذلك" (الآية 11). يمكننا أن نرى هنا معيارا للعدالة، تحركه المحبة. تقضي العدالة بالتغلب على الخلل الموجود بين من لديه فائضًا مما يملكه، ومن تنقصه مستلزمات العيش الرئيسية؛ تدفعنا المحبة الى الاهتمام بالآخر والى محاولة تلبية احتياجاته، عوضًا عن ايجاد مبررات للدفاع عن مصالحنا الشخصية. العدالة والمحبة لا تتعارضان، بل كلتاهما ضروريتان وتكملان بعضهما. "ستكون المحبة ضرورية دائما حتى في المجتمعات الأكثر عدلا"، "فستتواجد دائما حاجات مادية، تتطلب المساعدة، بمعنى محبة ملموسة للآخر." (Enc. Deus caritas est, 28).

من ثم نرى الإجابة الثانية تتوجه لبعض "العشارين"، أي الذين يجبون الضرائب للرومان. كان العشارون يحتقرون بسبب عملهم، لأنهم كانوا يستخدمون مركزهم للسرقة. لا يطلب منهم المعمدان أن يغيروا عملهم، بل ألا يجبوا أكثر مما فرض عليهم. (راجع الآية 13). لا يطلب النبي باسم الله أفعالا غير اعتيادية، بل قبل كل شيء أن يحقق كل شخص واجبه بنزاهة. إن الخطوة الأولى نحو الحياة الأبدية هي دائما التأمل بالوصايا، ومنها الوصية السابعة: "لا تسرق" (cf. Ex 20,15).

تتوجه الإجابة الثالثة الى الجنود، وهم فئة أخرى بيدها سلطة معينة، وبالتالي تميل الى الاستفادة منها. فيقول يوحنا للجنود: "لا تتحاملوا على أحد، ولا تظلموا أحدًا، واقنعوا برواتبكم" (الآية 14). هنا أيضًا يبدأ الارتداد بالنزاهة واحترام الآخرين: وهو مبدأ ينطبق على الجميع، لا سيما على أصحاب المسؤوليات الكبيرة.

بالنظر الى هذه الحوارات بمجملها، تظهر واقعية كلمات يوحنا: سيديننا الله بحسب أعمالنا، فهنا بتصرفاتنا علينا أن نتبع مشيئته. لذلك ما أشار اليه يوحنا يتماشى والحاضر دائما: في عالمنا المعقد، قد تسير الأشياء بشكل أفضل لو تأمل كل شخص بقواعد سلوكه. فلنصل إذا للرب، بشفاعة القديسة مريم، ليساعدنا كي نتحضر للميلاد مثمرين ثمرا يدل على توبتنا. (راجع لوقا 3، 8).

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية