كلمة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقية في القداس القبطي بمناسبة اليوبيل المئوي لتأسيس رهبنة قلب يسوع المصريات في 8 يناير 2013
صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال أنطونيوس نجيب
أصحاب النيافة الأجلاء، وممثل القاصد الرسولي
الأم الرئيسة العامة لراهبات قلب يسوع المصريات
الآباء الكهنة والرهبان، إخوتي وأخوات في المسيح الرب
أشكر الرب وأشارككم بسعادة الليتورجيا الإلهية شكراً لله في اليوبيل المئوي لتأسيس رهبنة قلب يسوع للراهبات المصريات. حملني قداسة البابا بندكتوس السادس عشر قبل سفري من روما بركته الرسولية لغبطة البطريرك الكاردينال أنطونيوس نجيب ولغبطة البطريرك غريغريوس الثالث لحام وللأم عايدة بطرس، الرئيسة العامة وكل الراهبات والرعاة وجميع المشتركين في الاحتفال. أنه قريب منكم بالصلاة الدائمة.
1– لبيت بفرح شديد الدعوة للمشاركة في هذه المناسبة السعيدة. نشأت رهبنة قلب يسوع للراهبات المصريات، بنت الكنيسة القبطية الكاثوليكية منذ مائة عام في هذا البلد الغني بتاريخه وتقاليده مهد الحياة الرهبانية التي انتقلت منها إلى العالم أجمع. يقع يوبيل الرهبنة التي لا تتوقف عن الشهادة والبذل في العام الذي تحتفل فيه الكنيسة الجامعة بسنة الإيمان. هذا التوافق يذكر أن كل عمل محبة لا يدوم ولا يستمر إلا بمساندة الإيمان. الإيمان وحده يجعلنا راسخين وبلا لوم في المحبة التي هي خدمة ومساعدة وليست فقط عامل مساعد بل غذاء الحياة: «أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يبقى فيّ وأنا فيه يأتي بثمر كثير لأنه بدوني لا تستطيعون شيئا (يو5:15).
لذلك لا يبدو السادس من يناير 1913 بعيدًا. توحدنا مسيرة حب المؤسسات السبعة مع هذا اليوم وهو حب تكمله من يوم لأخر مكرسات أخريات بعطاء سخي للمحتاجين والمهمشين، في الغيرة الرسولية التعليمية والخدمات الطبية والمدارس
يبدو لنا أمر عادل أن تقر بدفعة المحبة للمؤسسات التي تتجدد دوما مجسدة لتعاليم الإنجيل. إنها حقيقة. ولكن من المؤكد أنه وراء ملابسات حياة كل مهن المتشابكة، وراء كل نعم، ليكن حسب قولك» كل منكن، وراء البذل الكامل في المشورات الإنجيلية (الطاعة، الفقر والعفة) هناك اختيار الراعي الصالح «ما أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتم لتذهبوا وتثمروا و يكون ثمركم دائما (يو 15: 16). هذا الثمر هو أمامنا وفي وسطنا نراه في خدمات الراهبات اليومية، في الـ «نعم» التي تقال في كل موقف في صمت مثل صمت مريم وهو صمت مقبول وهو طريقة كلام متجسد في فعل حب هو بمثابة بذور لمن يستقبله.
هذه هي وصيتي: «أحبوا بعضكم كما أحببتكم أنا. ليس حب أعظم من هذا: أن يبذل المرء حياته لأجل أحبائه» (يو 15: 12-14) بحثت الراهبات المصريات دوما عن الوحدة في إطار خبرات ومحاولات عديدة. يضم اليوبيل المئوي كل هذه المعانى. ويبرز عيد الميلاد هذا الأمر. ففي الليلة الميمونة اكتمل انتصار البشرية ورجاؤه بإعلان عمانوئيل ابن الله المتجسد. كما يبرزه من جانب آخر عيد الظهور الإلهي وهو إعلان ملك المسيح على العالم.
2- لقد كانت شهادتكن عبر هذا القرن، أيتها الراهبات المصريات، شهادة إيمان ومحبة في الكنيسة وفي المجتمع بحضوركن الصامت وغيرتكن الرسولية واستعدادكن للحوار والانفتاح تحقيقا لما يقول الكتاب «ها نذا أصنع كل شيء جديدا (رؤ 21: 5). لنشكر الله من أجل كل أعمال الخير التي قدمت الراهبات المصريات طوال مائة عام لكل شعب بدون أي نوع من التمييز: للمسيحيين والمسلمين الذين وحدتهم محبة الراهبات المصريات وحب الله. لقد اندمجت رهبنتكم اندماجاً تاما في الواقع المصري وامتدت إلى السودان وتونس.
إننا نأمل خيرا لمسيرة الحب هذه. الإيمان بالله يقينا كل شك لا بل يشجعنا «الرب راعي فلا يعوزني شيء» (مز 1:23).
إن مسيرتكن تأخذ دفعة من هذه الكلمات وتصبح دوما واعية بما يدور في الحاضر. يختلف المجتمع اليوم عما كان عليه قبل مائة عام. ولكن يكفيكن أيتها الأخوات العزيزات، النظر إلى منشأ رسالتكن: مصر البلد المضياف الذي استقبل يسوع طفلا، لكي تجدنا صيغ جديدة لممارسة المحبة حسبما تقتضي الظروف. اقبلن الرب اليوم، كما قبلتنه في الماضي في كل من تقابلن، بنفس البذل والالتزام. وسيكون الراعي الصالح قائدكن في مسيرتكن باسمه «را مز 3:23). سوف يسمع المتألمون الذين تقتربن منهم: تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وأنا أريحكم… أنا وديع ومتواضع القلب.