لقاء البابا بنديكتوس السادس عشر مع اعضاء المحكمة الرومانية

عرض ألأب د.  هاني باخوم
قدم قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر التهنئة بالعام القضائي الجديد وشكر كل الحاضرين على الرسالة السامية التي يقوموا بها من اجل خلاص النفوس، هذا الخلاص الذي هو القانون الأسمى في مجموعة القوانين الكنسية، وبمناسبة سنة الإيمان أراد قداسة البابا أن يتعرض لموضوع العلاقة بين الإيمان والزواج.
فأزمة الإيمان الحالية والتي تهم العديد من المناطق في العالم، تحمل معها أزمة في العلاقة والرباط الزوجي، مع كل الصعوبات والآلام التي تنصب بعد ذلك على الأبناء.
قداسة البابا يبدأ حديثه بملاحظة تشابه جذور الكلمات اللاتينية للإيمان وللرباط (العقد) fides e foedus. فالزواج هو عقد كما تنص القوانين اللاتينية بين رجل وامرأة (ق 1055 بند 1)، لا يمكن الرجوع عنه. وفيه يعطى كل شخص ذاته كاملا للأخر.
وعلى المستوى اللاهوتي هذا الرباط يأخذ معنى أكثر عمقا، فبين المعمدين يصبح هذا الرباط (العقد) سر مقدس كما أراده وأسسه المسيح.
مما لاشك فيه ان هذا الرباط الغير قابل للانحلال، لا يتطلب الإيمان الشخصي لكل منهما. ولكن يتطلب كشرط ادني، ان تكون نية المتقدم إلى الزواج، نفس نية ورغبة ما تفعله الكنيسة. ويجب أن لا نخلط بين نية المتقدم للزواج وإيمانه الخاص. لكن يؤكد قداسة البابا: " بالرغم من ذلك لا نستطيع فصلهما عن بعضهما البعض  تماما"….
ان وضع الثقافة الحالي يضع تساءل أمام الإنسان المعاصر: هل رباط من هذا النوع طوال الحياة يناسب طبيعة الإنسان ام انه يتعارض مع حريته وتحقيقه لذاته. فالفكر السائد هو أن الإنسان يحقق ذاته عندما يكون مستقل ويدخل في علاقة مع الأخر، تكون هذه العلاقة قابلة للانحلال في أي وقت.
ولكن عندما ينفتح الإنسان على حقيقة الله يستطيع أن يفهم ويحقق ذاته فعليا كإنسان، ابن لله، ولد من جديد بواسطة العماد. "من يبقى في وأنا فيه يحمل ثمارا كثيرة، بدوني لا تستطيعوا ان تفعلوا شيء" (يو 15: 5). المسيح كان يعلم التلاميذ ان الإنسان بمقدرته الخاصة غير قادر على عمل الخير الحقيقي. فرفض العرض او الدعوة الإلهية يخلق عدم اتزان قوي في كل العلاقات البشرية، ويسهل الفهم الخاطئ للحرية الشخصية.
في حين انه مع تلقى الإيمان يستطيع الإنسان ان يعطي ذاته كاملا. فالإيمان هو جوهر النعمة الإلهية فهو عنصر أساسي لحياة مشتركة وأمينة. وهذا لا يعني ان الزواج الطبيعي، بين غير المعمدين، لا يتحلى بهذه الصفات، فهو يتسم أيضا بخيرات منحها الرب الخالق. ولكن في نفس الوقت الانغلاق والبعد عن الله ورفض البعد السري للرباط الزوجي بصورته السامية كما تتفهمها الكنيسة، حسب مشروع الله، قد يؤثر على صحة هذا الزواج، وبطريقة عملية عندما يرفض احد الأشخاص الواجبات الأساسية النابعة من الزواج كالأمانة الزوجية او احد خيرات الزواج الأخرى….
يستمر قداسة البابا في عرض مفهوم الخير الزوجي وعلاقته بالإيمان وفي النهاية يؤكد على: "بهذا الحديث لا أود بكل تأكيد اقتراح أي من الرباط الاتوماتيكي السهل بين نقص الإيمان وبطلان الزواج ولكن اود توضيح ان نقص الإيمان قد، و ليست بالضرورة، يمكنه ان يجرح أيضا الخير الزوجي".

واختتم قداسة البابا حديثه بطلب شفاعة العذراء مريم للجميع.