قرابتنا مع المسيح

إعداد الأخت سامية صموئيل

من راهبات القلب المقدس – فبراير 2013

"لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء اللهالروح نفسه أيضا يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله. فإن كنا أولاداً فإننا ورثة الله ووارثون مع المسيح"

(رومية 14:8،16-17).

نحن أولاد الله! أبناء الله! ورثة الله – ووارثون مع المسيح! وهناك صلة قرابة وثيقة بيننا وبين المسيح، فما هي صلة قرابتنا به؟

 يحدثنا القديس كيرلس الكبير بخصوص قرابتنا مع المسيح، ويعتبرالقرابة الطبيعية التي تربطنا بالمسيح (بحسب الناسوت) قرابة وثيقة جدًا حتى إنه يمكن مقارنتها بالقرابة الطبيعية التي تربط المسيح بالآب (بحسب اللاهوت)، فكما أنه قريب للآب والآب قريبه بسبب المساواة في الطبيعة، هكذا نحن أيضًا أقرباؤه وهو قريبنا من حيث أنه صار إنسانا.

فنحن مرتبطون به لأنه قد صار "قريبنا" و"مساويًا لنا في الجوهر" ، و "مساويًا لنا في الطبيعة" و "واحدًا منا". يستخدم القديس كيرلس الكبير التعبير "المساواة في الجوهر" للتعبير عن علاقة المسيح بأبيه من جهة الاهوت، وعلاقته بنا من جهة الناسوت. ]هو بعينه مساو للآب فى الجوهر من حيث لاهوته، ومساو لنا في الجوهر من حيث أنه إنسان[. يستخدم القديس كيرلس لفظ "المساواة في الجوهر كمرادف للألفاظ الدالة على "القرابة" سواء كان بالنسبة لعلاقة المسيح بأبيه، "مساويًا لنا في الجوهر" أو بنا من جهة الناسوت . فجسد المسيح هو قريب لأجسادنا نحن، أي أنه مساو لها في الجوهر- إذ قد ولد من إمراة- من حيث أنه جسد ناطق ومفكر ومتكلم. وهو قريب للآب بمعنى أنه مساو له في الجوهر. وهكذا التعبير "المساواة في الطبيعة" يستخدم في كلتا الحالتين، أي في علاقة المسيح بأبيه وعلاقته بنا.

ونتيجة هذه القرابة المزدوجة بين المسيح وأبيه من جهة، وبينه وبيننا من جهة آخرى، هى إننا نحن أنفسنا قد صرنا أقرباء للآب من خلال جسد المسيح المتحد بلاهوته اتحادا كاملا فائقًا للوصف. وسر المسيح هو وحدته بأبيه وبنا في نفس الوقت. فهو بعينه "واحد من الثالوث" وقد جعل نفسه "واحدًا منا " .

– أساس قرابتنا مع المسيح

 لقد صرنا أقرباء للمسيح لأنه أخذ جسدنا وصار مثلنا في كل شئ ما عدا الخطيئة ، صرنا له أخوة لأنه دخل في طبيعتنا، أشترك بطريقة فعلية في لحمنا ودمنا وصار واحدا منا " كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شئ" (عب2: 17). ويرى القديس كيرلس أن مشابهة المسيح لنا في كل شئ تجعل بيننا وبينه صلة قرابة وثيقة جدًا هي أساس أنتقال كل ما فيه إلينا. ولتثبيت هذه الحقيقة ( مشابهة المسيح لنا في كل شئ ما خلا الخطيئة ) يصف القديس كيرلس المسيح الطفل وهو يرضع اللبن من ثدي أمه العذراء مريم، كذلك في وصفه لجروح الرب يركز على واقعية هذه الجروح وعلى واقعية هذا الجسد الإلهي المجروح من أجلنا.

– نتيجة قرابتنا للمسيح

 نتيجة هذه القرابة هي أن كل ما في المسيح ينتقل إلينا ، فقد أمات ما أصاب الجسد أولًا في جسده الخاص، ثم أفاض علينا شركة هذه النعمة بسبب أننا أقرباؤه بحسب طبيعة الجسد. ويؤكد القديس كيرلس على شمولية القرابة العامة بين البشر جميعا والمسيح: } هذه القرابة العامة شاملة للجميع، للذين يعرفونه وللذين لا يعرفونه، غير أن هذه القرابه لن تنفع شيئاً للمفترين بالمعصية، ولكنها مكافأة ممتازة ستعطى بالحري للذين يحبونه {. ومثال لذلك فأن أمر القيامة سيأتي على الجميع بفعل قيامة المخلص، لأنه أقام معه كل طبيعة الإنسان غير أن القيامة لن تفيد شيئاً للذين يعيشون في الخطيئة. لقد أدركت القرابة مع المسيح الجميع أشراراً وصالحين، غير أنها لم تؤول للجميع إلى نتيجة واحدة بل للمؤمنين به أنشأت نسباً وقرابة حقيقية مع الأمتيازات اللائقة بهذه الكرامة.

فهناك إذًا نوعان من القرابة بالمسيح:

  قرابة طبيعية بحسب الجنس الواحد .

  قرابة بالمشاركة في النعمة والكرامة.

الاولى عامة شاملة لكل الجنس البشري بمقتضى تجسد الرب، وأما الثانية فخاصة " بالمؤمنين به" ، و" الذين أحبوه " و " الذين تدربوا على الحياة الفاضلة " ، أي الذين تمسكوا بالإيمان والمحبة والأعمال الصالحة.

والآن عزيزي القارئ بعدما تيقنت أنك قريب المسيح وهو قريبك ، الا تشعر بالفخر لذلك ؟ إنه شرف كبير أن تكون من عائلة الله، ولكن لكي تدخل في هذه القرابة وتتمتع بها عليك أن تتحلى بالفضائل التي تؤهلك أن تكون حقًا من أقرباء يسوع المسيح وأصدقاؤه المخلصين. لنصلي إلى الرب كي يرسل روحه القدوس ليرشدنا ويؤهلنا لهذه النعمة.