عرفان وامتنان وتضامن مع قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر

 

تنظر الكنيسة الكاثوليكية في مصر بكل التقدير والمحبة إلى القرار الشجاع، والنادر الحدوث، الذي اتخذه قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، بالتخلي عن قيادة الكنيسة. هذا القرار الذي يعبر عن عمق روحي، وشجاعة وتواضع جم، وأمانة لله وللكنيسة، وفهم عميق للمسئولية عن رعاية الكنيسة في هذا الزمن السريع والمتقلب الإيقاع.

ورغم صعوبة تقبل الخبر لما فيه من مفاجأة، إلا أنه يثير فينا الفخر بما لقيادة الكنيسة من حكمة ووعي بمتطلبات المسئولية، وصدق وأمانة مع الله ومع الذات. فهي لا تنخدع بإغراء الأضواء والسلطة، وإنما تفضل الخير العام على المجد الشخصي.

لذلك تعبر الكنيسة عن اعتزازها بشخص قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، وتضامنها مع قداسته في قراره هذا، نظرا لكبر سنه ووهن قواه الجسمانية، رغم توهج وخصب قواه وطاقاته الروحية والفكرية. وإذ نشكر قداسته على كل ما قدمه للكنيسة وللبشرية، في كل مسيرة خدمته الكهنوتية والأسقفية والبابوية، ككاهن ومعلم ولاهوتي وراع وخليفة للقديس بطرس. ونقبل قراره الحكيم بكل احترام وتقدير ومحبة بنوية. وسنظل نحمله في قلوبنا وصلواتنا باستمرار، لكي يمن عليه الرب بكل ما يحتاجه من نعم روحية وجسدية، ليواصل عطاءه السخي للكنيسة. ونؤكد له أنه سيظل رمزا للأبوة والحكمة والشجاعة والفكر المستنير الخصب. أدامه الرب أبا ومعلما وقدوة.

كما نصلي أن يمنح الرب الحكمة و النور لمجمع الكرادلة، ويقودهم بروحه القدوس ليختاروا خلفا صالحا، وراعيا أمينا، بحسب قلب الرب لقيادة كنيسته في المرحلة المقبلة. ليساعد الكنيسة على أن تحيا الأمانة لربها ومعلمها وللرسالة التي من أجلها أقامها فاديها لتواصل رسالته لخلاص الشعوب. وليتلألأ على محياها وجه الرب في ديناميكية الروح وحيوية الكرازة المتجددة، في أمانة للإنجيل والتقليد المقدس، وفي إنفتاح على ما يقوله الروح القدس للكنيسة، وفي حوار صادق بناء مع العالم بأسره، وسعي دائم لسد احتياجات البشر أبناء الله في كل مكان وزمان.

إذ نصلي للرب أن يحفظ كنيسته، ويدبر أمر قيادتها وحمايتها من كل الشرور، ويفيض عليها روح الأمانة والتجدد. نلمتس من أمنا مريم العذراء القديسة، أم المسيح وأم الكنيسة، أن تتعهدها برعايتها ومحبتها، لتشفع فيها و لتقودها على خطى ابنها الفادي لتحمله الكنيسة على دروب العالم، من أجل خلاص وشفاء وسلام ورقي البشرية باسرها، وبالأخص الأكثر احتياجا والمظلومين، ومن ليس لهم من يدافع عنهم. لتكن الكنيسة ضميرا للعالم وصوتا لمن لا صوت لهم، وتعلن دائما الحق والعدل والرحمة والمحبة والكرامة الإنسانية.

 

+ الأنبا إبراهيم اسحق

بطريرك الأقباط الكاثوليك

ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر

  17/02/2013