الكنيسة الكاثوليكية ورسالة التنمية الأب أنطون فؤاد

مقدمة :
عمل التنمية دائماً عمل مصاحب لعمل الدعوة في الديانات ويمكن القول إن الدين في حد ذاته هو تنمية لعلاقة الإنسان بالله ويمكنا أن نلمس بعض مظاهر العمل التنموي في كل الديانات مثل السنة السبتية في اليهودية والاهتمام بالفقراء في المسيحية وتحرير العبيد في الإسلام وهكذا . 
* الكنيسة الكاثوليكية  والفكر التنموي :
             أسس الفكر التنموي في الكنيسة الكاثوليكية : –
1-            مبدأ التضامن
             فالإنسان كائن جماعي يحيا شركة مع البشر في الخير وأيضاً في الشر بمعنى أن كل نفس ترتفع  ترتفع  معها البشرية وكل نفس تنخفض تنحدر معها البشرية
2-  مبدأ جماعية الخلاص
       ويمكن التعرض لهذا المفهوم في عدة نقاط كما يلي :-
   –   مفهوم الخلاص : 
*  لغوياً  :-   هو النجاة من الهلاك أو الأخطار
* مسيحياً :- هو حضور الله حضوراً محباً ومحيياً في كل إنسان وفي الجماعات البشرية وفي التاريخ بأسره لتجديد الإنسان والبشرية والتاريخ
      هذا الحضور الذي تم قديماً حينما انحنى الله وأخذ تراباً وجبل الإنسان وخلقه على صورته ؛ ومجدداً حينما انحنى الله على البشرية في شخص أبنه يسوع المسيح الذي جاء مخلصاً للإنسان بتجسده وحياته وموته وقيامته 
– الخلاص الجماعي في الكتاب المقدس:
* العهد القديم: هناك عدة مواقف في العهد القديم  تظهر أن خلاص الله هو عام لشعب يتكون من أفراد ومن أمثلة هذه النصوص:
( خر3:7-10 )        ( خر19 : 5)       ( أح 25 )       ( أش58: 6-12 )
* العهد الجديدأتى يسوع ليخلص العالم وخلاصه لكل البشر وقد حقق هذا :
– بتجسده    ( لو2:10-11 )
– بأعماله    ( لو4: 14-15 )    ( لو7: 47)    ( مر6: 56)    ( مت9 :21 )
– بموته وقيامته      ( يو15 : 13 )    (يو3:6 )

 

3- التنمية الإنسانية جزء من رسالة الكنيسة :
          شغلت قضية التنمية الكنيسة منذ نشأتها وبصفة خاصة قضية الفقراء والتوزيع العادل للثروات ولعل القارئ للفصول الأولى من سفر أعمال الرسل خير شاهد على هذا الفكر
– فكر التنمية لدى أباء الكنيسة
بالرغم من عدم وجود تعليم رسمي أي مجمعي للكنيسة في القرون الأولى بخصوص قضايا التنمية إلا أن بعض أباء الكنيسة تكلموا في تعاليمهم عن بعض القضايا التنموية مثل : 
     # القديس باسليوس: الذي يركز على حق الفقير في الخيرات المتراكمة لدى الغني
     #  القديس يوحنا فم الذهب: يتكلم على أن الله هو مالك كل الخيرات والإنسان ينوب عنه في توزيعها توزيع عادل على الجميع
     # القديس أغسطينوس: يستفيض في الكلام عن العدالة الاجتماعية وارتباطها بالإيمان
     # القديس توما الأكويني: يدافع عن الملكية الخاصة ولكن بشرط أن تكون في صالح العامة

 

– فكر وتعاليم الرسائل البابوية بخصوص التنمية
يمكنا التأكيد أن العمل التنموي لم ينقطع يوماً من رسالة الكنيسة ولكن في العصر الحديث بدأ الكلام مباشرة على بعض القضايا التنموية مثل :
+ رسالة الشئون الحديثة : البابا لاون الثالث عشر         1891
+  أربعون سنة على الشئون الحديثة : البابا بيوس الحادي عشر    1931
+  أم ومعلمة: البابا يوحنا الثالث والعشرين      1961
+ ترقي الشعوب:  البابا بولس السادس                1967
+ السنة المائة:  البابا يوحنا بولس الثاني                1991
+ والرسالة الهامة هي الاهتمام بالشأن الاجتماعي: البابا يوحنا بولس الثاني  عام 1987
كل هذا إلى جانب وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني

 

كل هذه السائل تساعدنا على استخلاص الفكر التنموي للكنيسة الكاثوليكية الذي يمكن تلخيصه فيما يلي :
–  كل إنسان هو مخلوق مميز من قبل الرب له كل التقدير والإجلال لأنه صورة الله
– رسالة الكنيسة الكاثوليكية هي الاهتمام بكل إنسان وبكل الإنسان
– رسالة التنمية ليست لها أغراض سوى رفعة الإنسانية
– مجالات العمل التنموي تنبع من احتياجات البشر وليست فقط من رؤية ممارسي التنمية