الوحدة في التنوع بقلم: الكاردينال مايكل فيتزجيرالد

 

الوحدة في التنوع 
بقلم: الكاردينال مايكل فيتزجيرالد

عظة  19  أيلول  2006
"دع الناس يمجدوك يا الله، دع كل الناس يمجدوك يا رب!".
ليس من الصعب في تجمع كهذا التجمع الاستجابة إلى نداء صاحب المزامير، نحن مدعوون بحضور هذا العدد الكبير من الأشخاص، ينعشنا غنى ثقافاتنا المختلفة وتقوّينا في الوقت ذاته الوحدة العميقة التي نعيشها بالاحتفال معاً بالرب ذاته.

 

وهذا الأمر أقل سهولة بالنسبة إلى الأخوية وأقل منه بالنسبة إلى الزوجين. ومع ذلك، فإن السر ذاته، سر الوحدة في التنوع، موجود لديهم أيضاً. والقراءات التي استمعنا إليها خلال هذه الافخارستيا يمكن أن تساعدنا على التعمق في ذلك.
نحن نعرف جيداً مقطع سفر التكوين. كم من مرة سمعنا هذه القراءة حول خلق الرجل والمرأة، فليس حسناً أن يكون الرجل وحيداً؟ يمكن أن نلاحظ أنه حين نظر الرجل إلى جميع الحيوانات في بحثه اللامجدي عن رفيقة له، أعطى كلاً منها اسماً. وحسب الفكر السامي، هذا العمل يعطيه بعض السلطة عليها. وحين التقى رفيقته الحقيقية، أعطاها اسماً كذلك دون أن يفرضه عليها. لقد أتاه ذلك بشكل عفوي وبومضة حدس: "هذه تسمى امرأة لأنها من امرئ أخذت". وهذا الاسم يعني في الوقت ذاته التشابه والاختلاف.
ألا يتكرر هذا الموقف في كل مرة يبحث فيها شخص عن رفيق حياته؟ ستكون هناك عوامل وحدة كالمصالح المشتركة والأفكار المتقاربة والانجذاب الجسدي المشترك. ومع ذلك تبقى الاختلافات. وكلما اتجه الزوجان ليصيرا جسداً واحداً، وهذه العملية مستمرة لا تنتهي أبداً، أليس عليهما أن يجاهدا ليصبحا واحداً في الفكر والروح؟ وأليس هذا هو الهدف الحقيقي لواجب المجالسة الذي سنتكلم عليه اليوم؟
في هذا السياق، كيف نفسّر إنجيل اليوم؟ إنه الجزء الأخير من إنجيل القديس لوقا الذي يأتي بعد ذكر ظهورات المسيح القائم إلى النساء عند القبر وإلى التلميذين على طريق عماوس وإلى التلاميذ المجتمعين في أورشليم. وقبل مقطعنا تماماً، نجد الكلمات الغريبة التالية: "ولكنهم ظلّوا غير مصدقين من شدة الفرح والدهشة". رغم فرحهم بوجود الرب بينهم، لم يتوصلوا إلى تصديق ذلك تماماً إذ إنهم لم يفهموا ما حدث. لذلك شرح لهم يسوع بصبر، مثلما فعل مع التلميذين على طريق عماوس، كيف أن الكتب المقدسة قد أعلنت "أن على المسيح أن يتألم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث". بعد ذلك كلفهم بمهمة إذ عليهم أن يكونوا شهوداً، أن يكونوا شهوده أمام جميع الأمم تملؤهم قدرة الروح القدس.
هل نرى في هذا المقطع العناصر الأساسية المختلفة لواجب المجالسة وهي فعل الإيمان بحضور الرب وإعادة قراءة الأحداث في ضوء الكتاب المقدس واكتشاف الرسالة؟
حين نقوم بواجب المجالسة، سواء كان محضراً أو عفوياً أو نتيجة لظرف خاص، من المهم أن نعترف بحضور المسيح، المسيح القائم الذي يهب السلام والفرح والحياة الجديدة حتى في أصعب الأوقات. بذلك نستطيع التقاسم بعمق حول الأحداث في حياة الكوبل وفي حياة كل من الزوجين، عن طريق اكتشاف واحترام ما هو مشترك بينهما وما قد عاشه كل منهما بشكل مختلف. ويسمح الرجوع إلى الكتاب المقدس في التأكيد على أن الإنجيل لا العالم سيكون المرجع لهما. وهكذا، يمكن أن يقود التقاسم إلى فعل ملموس وإلى تبني طريقة جديدة لعمل الأشياء وإلى تحديد قرار ما وقبول التزام معين. بهذه الطريقة، لا يتمحور التبادل أثناء واجب المجالسة على الكوبل فقط بل ينفتح على حاجات العائلة والجوار والرعية وحتى العالم. إن المشاركة في الرؤية تقود إلى المشاركة في الرسالة.
القراءة الثانية وهي من رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس تعرض منهاج الحياة الذي يجب أن يتبناه تلاميذ المسيح الحقيقيون. وهذه النصائح صالحة كذلك لأن يعمل بها الأزواج المسيحيون. يتكلم بولس على التواضع واللطف أو الوداعة. ويمكننا أن نفهم ذلك كرغبة في الإصغاء إلى وجهة نظر الآخر حتى لو كان ناقداً لنا، وكالقدرة على التعبير عن وجهة نظرنا دون عدوانية أو مرارة. إضافة إلى ذلك، يؤكد بولس على الصبر والتسامح وهو يعي تماماً إمكانية حصول تراجعات متكررة. كما يذكر الرغبة في الحفاظ على الوحدة في الروح القدس. قد تعني كلمة "الحفاظ" أن مثل هذه الوحدة هشة على الأغلب. وهي بحاجة لأن نعززها باستمرار.
يمكن للمجهود أن يستمر فيما لو ساندته رؤية مشتركة في الإيمان الراسخ بالانتماء إلى جسد المسيح الذي يحييه الروح القدس نفسه وفي المشاركة بالمعمودية ذاتها باسم الآب والابن والروح القدس، هذا الثالوث الأقدس الذي يقدم لنا المثال الكامل عن الوحدة في التنوع.
حين ترك يسوع تلاميذه أعطاهم بركته فرجعوا إلى أورشليم ممتلئين فرحاً. ألا تساعدنا الممارسة الجادة لواجب المجالسة على الرجوع إلى حياتنا اليومية بشجاعة وفرح متجددين. في نهاية الأمر فإن القدرة على أن نحيا حياة مسيحية لا تنتج عن جهودنا الذاتية بل هي عطية من الروح القدس.
نطلب من الروح القدس أن يستمر في إرشادنا وتقويتنا كي نكون شهوداً حقيقيين للمسيح وحينها يمكن لجميع الأمم أن تحيا بسعادة وأن تنشد بفرح. آمين.
Michael L. Fitzgerald
لـورد في 19 أيلول 2006