وثيقة إعتذار لعام 2000 اليوبيل العظيم

مراسم الاعتذار

بدأتْ مراسمُ الاعتذارِ بِوَقفةٍ طويلةٍ للبابا متأملاً بعمقٍ تمثالَ الرّحمةِ لفنانِ عصرِ النهضةِ المُبدع ” مايكل أنجلو” ثمَّ انتقلَ بعدَها ليتأملَ مذبحَ الاعترافِ بالذنوبِ وطلبِ الغفرانِ داعياً جمهورَ الحاضرين الغفير، وفي مُقدمتِهم الكرادلةُ والأساقفةُ ورجالُ الدينِ والسفراءُ والحجاجُ للتوبةِ والندمِ على ما اقترفَه الآباءُ والأجدادُ من ذنوبِ في الماضي الطّويل. وبعد فترة من الصّمتِ والتّركيزِ العميقِ تَقدَّمَ سبعةٌ من كبارِ الكرادلةِ والمسؤولين بالفاتيكان بتلاوةِ الاعتذار عن الأخطاءِ السّبعةِ الرّئيسيّةِ الّتي اقْتَرَفتْها الكنيسةُ الكاثوليكيّةُ على مَدَار ألفي سَنة في كلِّ مرَّةٍ كان البابا يعتذرُ فيها عن أحدِ هذه الأخطاءِ طالباً الغفران تتمُّ إضاءةُ إحدى الشّموع السّبع من الشّمعدان الفضيّ العتيقِ الموضوعِ أمامَ صليبٍ من الخشب يعودُ إلى القرن الرابعَ عشرَ الميلاديّ. أمّا الأخطاءُ أو الذّنوبُ ” الاعترافات السّبعة ” فقدْ جاءتْ بالتّرتيبِ التالي:

 

1.  الاعتراف بالذنوب بصفةٍ عامة وبكلِّ ما صدرَ عن المسيحيين مخالفاً للإنجيل مع الالتزام بالسّيرِ على نهجِ كلِّ ما جاءَ به من تعاليم.

 

2.  الاعتذار عمَّا سببتْه الحروبُ الصليبيةُ من عنفٍ وعدمِ تسامح وانتهاكاتٍ ضدَّ المنشقين وضدَّ الدِّيانات الأُخرى بالإضافةِ إلى الاستغفار أيضاً عن الآخرين الَّذين جاروا على المسيحيين واضطهدوهم بسبب ديانتِهم.

 

3.  الاعتذار عنْ الأخطاءِ الَّتي أدَّت إلى انقسام المسيحيين واضطهادِ بعضُهم لبعضٍ، ثم أعربَ البابا عنْ أملِه في أنْ يمهِّدَ الرَّبُّ الطَّريقَ للمصالحةِ بين جميعِ المذاهبِ المسيحيَّة.

 

4.  لاعتذار عن الأخطاء الَّتي اُرتُكِبَتْ في حقِّ شعبِ إسرائيل مِنْ احتقارٍ واضطهادٍ وعنفٍ ولاسيَّما الصَّمت الَّذي الْتَزَمَتْ به الكنيسةُ خلالَ فترةِ الإبادةِ الجماعيةِ لليهود على يدِ النازيَّةِ في ألمانيا. وقد أضافَ البابا اعتذارَه عن مسؤوليَّةِ المسيحيين في معاناة اليهودِ حيثُ قالَ في دُعائِه إلى الله :” يؤسفُنا أشدَّ الأسفِ تصرّفُ مَنْ تسبَّبَ على مرِّ العصورِ في معاناةِ أبنائِك ونحن إذْ نَستغْفِرُك نَتَعَهْدُ أمامَكَ أيُّها الرَّبُّ بالسَّعي مِنْ أجلِ إقامةِ أخَويةٍ صادقةٍ مع شعبِ التَّحالفِ والمُعاهدةِ”.

 

5. الاعتذار عن انتهاكِ حقوقِ الشُّعوبِ والثَّقافاتِ والدِّيانات الأخرى خلالَ عملياتِ التَّبشيرِ وإبانَ عصرِ اكْتِشافِ الأمريكتين. وقَدْ ندَّدَ البابا في صَلاتِه بمُمَارَساتِ عدمِ التَّسامحِ الَّتي قَامَ بها المُستَعْمِرُون والمُبَشِرُون المسيحيون الَّذين تصرّفوا على حدِّ قولِ البابا بمنطقِ القوةِ وانتهكوا حقوقَ طوائفَ عرقيةٍ وشعوبٍ أخرى.

 

6.  الاعتذار عن الأخطاء الَّتي مسَّتْ كرامةَ الإنسانِ، وفي حقِّ المرأة والاثنيات المختلفة ” لم تَتَطرقْ الكَّنيسةُ من قَبْلُ وبهذه القوةِ للاعتذار عمَّا بدرَ من أتباعِها إبان عصورِ العبوديةِ الَّتي دامتْ مِنْ القَرن الخامسَ عشرَ و حتى التاسعَ عشر.

 

7.  الاعتذار عن الظُّلم الاجتماعيّ وانتهاكات حقوقِ الإنسانِ واستغلالِ الفقراءِ والأطفالِ وتهْميشِ الأقلياتِ ثمَّ اعتذرَ البابا عن الذُّنوبِ الَّتي اقترفَها الجشعون وعشَّاقِ المالِ والسُّلطةِ في حقِّ الفقراء، كما اعتذر عن كلِّ مَنْ لمَْ يُولدوا مِنْ الأطفال بسبَبِ الإجهاض . وعَقِبَ نهايةِ هذه المراسمِ توجَّه البابا إلى الصَّليبِ الخشبيّ العتيقِ مُعلنًا الوعودَ الخمْسة:

 

أوُّلاً ،  عدم الوُقوفِ في وجهِ الحقيقةِ أو الإحسان

 

ثانيًا ،    عدم الوُقوفِ أمامَ وحدةِ الكَّنيسة

 

 ثالثاً ،   عدم اضطهادِ أيَّ شعبٍ أيًا كان

 

رابعاً ،   عدم اللُّجوءِ إلى العنف  

                      

خامساً ،  عدم التَّمييز أو القهر، أو الاحتقار، أو التَّهميش بين البشر.

 

 

المرجع: جَريدةُ الأهرام 20/3/2000م ص 6