البيان الختامي للمؤتمر الرابع عشر 2004

البيان الختامي للمؤتمر الرابع عشر 2004

بعد اجتماعات استمرت يومين في بكركي، اصدرت الامانة العامة للمجلس، البيان الآتي:
“مقدمة
عقد مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك مؤتمره الرابع عشر بين 3 تشرين الثاني و5 منه 2004 في المقر البطريركي – بكركي في ضيافة نيافة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك انطاكية وسائر المشرق، بمشاركة اصحاب النيافة والغبطة البطاركة:  الكاردينال اسطفانوس الثاني غطاس، بطريرك الاسكندرية للاقباط الكاثوليك، البطريرك غريغوريوس الثالث، بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، والبطريرك اغناطيوس بطرس الثامن عبد الاحد، بطريرك السريان الانطاكي، والكاثوليكوس نرسيس بدروس التاسع عشر بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، والبطريرك ميشال صبّاح، بطريرك القدس للاتين، وسيادة المطران ميشال قصارجي، اسقف بيروت للكلدان، ممثلا غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دللي، بطريرك بابل للكلدان، وكان موضوع المؤتمر تقويم المؤتمرات السابقة للمجلس.
افتتح المؤتمر بصلاة في كنيسة الصرح البطريركي، ترأسها صاحب الغبطة والنيافة مار نصر الله بطرس صفير وحضرها اصحاب الغبطة البطاركة، وسيادة السفير البابوي في لبنان المونسنيور لويجي غاتي، وعدد من المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين العلمانيين. وخلال الصلاة القى السفير البابوي كلمة حول المحبة والمسؤولية التي يدير بها الاسقف كنيسته وألمح الى ان كنائسنا في حاجة الى العيش مع المؤمن على مستوى حاجاته اليومية الامنية والاقتصادية خصوصا. وشدد على ان التنوع هو وحدة في ما بين الكنائس يجمعها الروح القدس بتناغم كلي وواضح.
ثم القى كلمة الافتتاح البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، فرحّب بالحاضرين وقدم لموضوع المؤتمر عارضا المراحل التي قطعها المجلس وأهم المشاريع والامور التي قام بها. وشدد على ضرورة التعاون من اجل الوقوف في وجه كل المصاعب وخصوصا ما يعانيه شعبنا من ضيق اقتصادي وامني، وذكر خصوصا شعب العراق.
 
اولا – موضوع المؤتمر “تقويم اعمال المؤتمرات السابقة”
استهل الآباء جلسات المؤتمر بتوجيه برقية الى قداسة الحبر الاعظم البابا يوحنا بولس الثاني، طالبين الى قداسته مباركة اعمال مؤتمرهم ومجددين تمنياتهم في الذكرى السادسة والعشرين لحبريته.
تناول المؤتمر لهذه السنة اعادة النظر في مجمل اعمال المجلس للاعوام الثلاثة عشر الماضية بهدف التقويم وتفعيل ما وجب تفعيله ثم التطلع نحو مستقبل افضل لوضع كنائسنا.
وقد عرضت أعمال المجلس ونشاطاته وتوقفوا عند العناوين الآتية:
أ –  المؤتمرات السنوية
– وعددها ثلاثة عشر: ثمانية منها في لبنان وثلاثة في مصر واثنان في الاردن وتضمنت الموضوعات والعناوين الآتية: تأسيس مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، الحضور المسيحي في الشرق، العلاقات المسيحية الاسلامية والحياة اليومية، تعددية التراثات في خدمة وحدة الكنائس الشرقية “من انا في قولكم انتم؟” الحركة المسكونية في الشرق، “ليكن فيكم من الاخلاق ما في المسيح يسوع” “اتيت لتكون لهم الحياة، وتكون لهم اوفر”، “المسيح هو هو، امس واليوم والى الابد”، “الحضور المسيحي للشباب في الشرق، شهادة ورسالة”، حضور الكاهن في الشرق الاوسط، شهادة ورسالة”، “العائلة، مسؤولية الدولة والكنيسة”.
ب – العلاقات الكاثوليكية – الكاثوليكية
رأى اصحاب الغبطة ان التنسيق والتعاون بين الكنائس قد تحققا على صعد عدة، منها تبادل الرسائل الراعوية البطريركية بين الكنائس، وايفاد مندوبين للمشاركة في اعمال المجالس الاسقفية في الغرب لشرح وضع المسيحيين ووجودهم في الشرق، الانفتاح على رابطة اللاهوتيين الآسيويين لتنسيق المواقف اللاهوتية والعلمية والعلاقة مع الاسلام، تعميق بعض الموضوعات التي تهم جميع الكنائس الكاثوليكية كالزواج والعائلة والكاهن.
ج- العلاقات المسكونية
اعتاد اصحاب الغبطة دعوة اخوتهم بطاركة الشرق الاورثوذكس من لبنان وسوريا الى كل المؤتمرات، مما وثق روابط المودة والتقارب في ما بينهم، وتوصلوا الى بعض الانجازات الراعوية منها: العمل على تحضير معلمي التعليم المسيحي المشترك، توقيع وثيقة الشرفة عام 1996 حول الزيجات المختلطة والمناولة الاحتفالية. ووضع كتاب تعليم مسيحي مسكوني. وقد تدارسوا ايضا وضع مجلس كنائس الشرق الاوسط، ونظروا في طريقة تفعيله وتعديل نظامه.
د- الحوار المسيحي – الاسلامي
عرض اصحاب الغبطة النشاطات المحققة على هذا الصعيد، وركزوا على اهمها: تشجيع المسيحيين والمسلمين على التعرف كلٌ على دين الآخر من خلال المناهج التربوية والنشاطات الثقافية، اعداد كوادر مسيحية متخصصة في مجال الحوار الاسلامي – المسيحي. وأصدروا في هذا المجال ثلاث رسائل راعوية.
هـ_ هيئات المجلس ولجانه
– نظر الآباء في الهيئات المنبثقة من المجلس وهي:
ذ – هيئة التنسيق والمتابعة: وتضم اضافة الى الامين العام للمجلس الامناء العامين لمجالس البطاركة والاساقفة في كل من مصر ولبنان وسوريا والعراق والاراضي المقدسة مع امناء سر السينودسات البطريركية.
2 – هيئة التعليم المسيحي في الشرق الاوسط.
3 – لجنة “عدالة وسلام” في الشرق الاوسط.
4 – الامانة العامة للشباب الكاثوليكي في الشرق الاوسط.
و- الامانة العام ونظام المجلس
راجع المجتمعون بعض الامور التنظيمية التي اقروها على صعيد الامانة العامة ونظام المجلس اهمها ادراج اسم مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك على الدليل الحبري الصادر عن الكرسي الرسولي في روما، كذلك ارسال مندوب يمثل المجلس في مؤتمر راعوية المغتربين والمهاجرين.
ثم درسوا وضع النظام الداخلي للمجلس باللغتين العربية والفرنسية الذي نشر عام 2000.
ز – الموضوعات الراعوية المشتركة
درج اصحاب الغبطة على درس موضوعات راعوية في المؤتمرات التي عقدوها ومنها:
1 – الشباب الكاثوليكي في الشرق الاوسط وقد تم تكليف اللجنة الاسقفية درس الملف المتعلق برسالة العلمانيين في لبنان ومتابعة المساعي لتأسيس امانة عامة للشباب الكاثوليكي في الشرق الاوسط.
2 – شؤون راعوية حول الكاهن، وهذا ما تم النظر فيه خلال المؤتمر المنعقد عام 2002 في الربوة حيث تمت دراسة شؤون الكاهن وشجونه ورسالته وتطلعاته.
3 – شؤون راعوية حول العائلة والزواج
تقرر خلال المؤتمر المنعقد عام 2003 في القاهرة تعيين لجنة قانونية في كل بلد لتحديث قوانين الاحوال الشخصية واقرار الزامية الاعداد للزواج وتوصية المراجع بانشاء مراكز للاعداد للزواج ومرافقة المتزوجين في كل ابرشية. وتقرر ايضا تعميم تعليم الكنيسة الرسمي في شأن خلقيات الحياة، كما تبنّى المجتمعون في مؤتمر القاهرة 2003 المطالبة بالمساواة في التشريع بين المسيحيين والمسلمين وتطبيق القوانين المشتركة في مجال حماية الاسرة والحياة. وتابعوا ما يصدر في شأن الزواج والعائلة في البلاد العربية.
-4 تبنوا تأسيس فرع في لبنان لمعهد يوحنا بولس الثاني للدراسات حول الزواج والعائلة.
ثانيا – اللقاء المسكوني
في اليوم الثالث من مؤتمره المنعقد في بكركي، اجتمع مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك مع اصحاب الغبطة والسيادة الارثوذكس في لقاء مسكوني لدراسة امور كنسية مشتركة. حضر عن الكنائس الارثوذكسية: صاحب الغبطة اغناطيوس الرابع، بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس، وصاحب القداسة اغناطيوس زكّا الأول عيواص، بطريرك أنطاكية للسريان الأرثوذكس، والمطران كيغام خاتشريان ممثلاً صاحب القداسة آرام الأول، كاثوليكوس بيت كيليكيا للارمن الارثوذكس، وأصحاب السيادة المطارنة: بولس مطر، جورج خضر، والياس عوده، والياس قربان، وجورج صليبا، والآباء بولس وهبة وبولس روحانا والأساتذة ابرهيم طرابلسي وشفيق حيدر.
ناقش المجتمعون الأمور الراعوية المشتركة وأهمها:
-1 الوجود المسيحي في الشرق كوجود فاعل وكشهادة للقيم المسيحية.
-2 كيفية تفعيل دورنا ككنائس في مجلس كنائس الشرق الأوسط.
-3 ايجاد آلية لتعديل نظام مجلس كنائس الشرق الاوسط من خلال لجان المجلس نفسه.
ومن ثم عرض الآباء المجتمعون مشروع كتاب التعليم المسيحي المشترك الذي صدر حديثا وأثنوا على الجهود التي بذلت لاصداره، وتمنّوا على لجنة المطارنة ومساعديهم متابعة العمل لما فيه خير ابنائنا خدمة لوحدة كنائسنا في هذا الشرق.
 
ثالثاً – الأوضاع الراهنة
أ- العراق
ثم وجه الآباء البطاركة نظرهم الى شؤون بلدانهم وهموم الناس فيها. وتوقفوا أمام الحرب الدائرة رحاها في العراق وآلامه وما يجري في هذا البلد الشقيق من ويلات ومآس ويسقط من ضحايا بريئة ومن تدمير للكنائس والاديار. وهم يوجّهون نداءهم الى جميع الكنائس وبخاصة إلى أخيهم غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلّي بطريرك بابل للكلدان. ورسالتنا إليكم، أيها الاخوة، هي رسالة توصية بالصبر ودعوة الى المساهمة في بناء حاضر العراق ومستقبله. ولكم نقول: اثبتوا في إيمانكم وفي بلدكم. فان العراق في حاجة الى حضوركم المسيحي وشهادتكم فيه وخصوصا في هذه الأيام العصيبة لتكونوا عاملاً على تأليف القلوب والدعوة الى البناء في المحبة والاحترام المتبادل بين جميع فئات الشعب العراقي وقطاعاته.
ب – لبنان
وتوقف أصحاب الغبطة أمام الاوضاع في لبنان، وتبيّن لهم انه ينعم على وجه الاجمال بالامن الذي تخرقه بين الحين والحين تفجير سيارات تستهدف رجال السياسة، ولكنه تبيّن لهم أيضاً ان الاحداث السياسية تقسّم اللبنانيين موالين ومعارضين. وهذه ظاهرة سليمة في الأنظمة الديموقراطية، الا ان تردي الأوضاع مرده الى عدم التوصل حتى الان الى اقامة علاقات سليمة بين لبنان وسوريا، ولهذا لا بدّ من ان تقوم بينهما اوثق علاقات الاخوة على اساس الاحترام المتبادل وحرية كل منهما في اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤونه الداخلية التي تحفظ له سيادته واستقلاله وقراره الحرّ على ان يكون ثمة تنسيق بينهما في الشؤون الخارجية، وهذا ما نتمناه لهما.
ج – سوريا
ونقف مع رعايانا وجميع المواطنين الى جانب بلادنا العربية لأجل تقدمها وازدهارها ولا نقبل ان تفرض عليها قِيَم من الخارج تتجاهل قِيَم هذه البلاد وأوضاعها الراهنة.
ونعتبر أن اسلوب الضغوط السياسية والاقتصادية له تأثير سلبي على شعوبنا وبخاصة على لبنان وسوريا. كما أنها تعيق مسيرة السلام والحرية والديموقراطية في الشرق الاوسط وتثير مزيداً من الحقد والكراهية والعداء بين الشعوب وبخاصة بين الشرق والغرب. والحصيلة النهائية هي زيادة المخاطر على الحضور المسيحي في المنطقة.
 
د – القدس
وجّه الآباء البطاركة أنظارهم الى المدينة المقدسة، وانهم ليرون فيها رغم كل الشرور الحالّة بها مدينة الله والعدل والسلام. وانهم يوجهون نداءهم الى جميع القيادات فيها وفي الارض المقدسة ليتبعوا طرق الله في ارض الله، وهي طرق السلام، وليس طرق القتل والكراهية التي تهدم المنازل وتتلف المزروعات وتقتل الانسان وضميره، بحجة الأمن المنشود. وإلى جميع اخوتنا في فلسطين نقول: تجنّبوا حبائل العنف واعملوا على بناء مجتمع فلسطيني آمن لجميع أبنائه، وتضامنوا في هذه اللحظات الحرجة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
ونناشد الأسرة الدولية لتتحمل مسؤوليتها وللعمل الجاد في سبيل وضع حدّ لمأساة الأرض المقدسة وإحلال العدل والسلام فيها.
 
رابعا – الشؤون الادارية
اطّلع الآباء على التقرير السنوي للأمانة العامة للشباب الكاثوليكي في الشرق الأوسط الذي قدمه سيادة المطران جورج اسكندر، رئيس اللجنة الأسقفية للعلمانيين في لبنان، والامين العام للشبيبة السيد طانيوس شهوان، فأثنوا على الزيارات التي قاموا بها، وعلى اللقاءات التي أجريت مع الأساقفة والشبيبة، وخصوصا في اللقاء الذي جمعهم في مدينة حلب. ووافقوا على مشروع عمل الامانة العامة لسنة 2005، وشجّعوها على المضيّ في إعداد البرامج للمراحل اللاحقة حيث اتخذ الآباء القرارات والتوصيات الآتية:
-1 وافق المجلس على تنظيم لقاء مشترك للشباب الكاثوليكي العربي المشارك في الأيام العالمية للشباب في ألمانيا في شهر آب 2005.
-2 وافق المجلس على ان تهتم الأمانة العامة للشباب في الشرق الأوسط بتنظيم الفوروم الأول للشباب الكاثوليكي في بلدان الشرق الاوسط في 31 آذار 2005 في عمّان.
وتدارس الآباء البطاركة أيضا تقرير الهيئة الكاثوليكية للتعليم المسيحي في الشرق الاوسط الذي عرضه الأخ ايلدوفونس خوري، رئيس الهيئة، وإذ يشكرونه وأعضاء الهيئة على ما تم من نشاطات ومبادرات لتعزيز التعليم المسيحي، وبخاصة في الخليج العربي فانهم يشجعونهم على مواصلة خدمة الكلمة وإنجيل الخلاص.
وقرر المجلس عقد مؤتمره المقبل في البطريركية اللاتينية في عمّان، ما بين 28 تشرين الثاني و2 كانون الأول تحت عنوان: “دور الكنيسة في قضايا العدل والسلام”.
 
خاتمة
لقد مرّ على تأسيس مجلسنا اربعة عشر عاماً عقدنا فيها مؤتمرات، واتخذنا فيها قرارات وتوصيات، وأصدرنا الرسائل، وصلّينا معاً، وتعمّقنا في معرفة بعضنا بعضاً، وتبادلنا همومنا وآمالنا المصيرية في هذا الشرق.
ومع اقتراب عيد الفطر السعيد، يتوجه الآباء البطاركة الى اخوانهم المسلمين بأحرّ التهاني مؤكدين إيمانهم بالعيش المشترك وخصوصا في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ بها منطقتنا.
وإننا نتوجه الى إخوتنا المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين، في زمن الاستعداد لميلاد السيد المسيح المخلّص، سائلين الله ان يغمرنا بنعمه وبركاته، وأن يجنّب منطقتنا وشعبنا الأخطار والفتن ويجمع القلوب، ويحلّ سلامه المنشود، إنه أمير السلام.
وإنّا اذ ننهي أعمال مؤتمرنا الرابع عشر، نتقدّم بالشكر من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، استضافته هذا المؤتمر، نسأل الله أن يبارك لبنان وشعبه ويمنّ عليه بالازدهار والاستقرار”.