قداس لراحة نفس الأب رغيد والشمامسة الثلاثة في روما

روما، 7 يونيو 2007 (zenit.org).

 الكنائس مغلقة، السيارات مفخخة، والاختطافات مستمرة: في العراق يموت المسيحيون، والكنيسة تختفي شيئاً فشيئاً تحت ثقل الاضطهادات، التهديدات والعنف من قبل المتطرفين الذين لا يتركون خياراً: الارتداد الى الإسلام أم الهرب

هذه هي الصرخة التي أطلقها الأب فيليب نجم، ممثل الكنيسة الكلدانية لدى الكرسي الرسولي، في القداس الذي ترأسه في الإكليريكية الإيرلندية في روما، لراحة نفس الأب رغيد كني، الكاهن العراقي الذي اغتيل يوم الأحد الماضي مع ثلاثة من الشمامسة معاونيه في الموصل بعد تلاوته القداس الإلهي.

في بداية القداس، الذي شارك فيه كلّ من الكاردينال إغناطيوس موسى الاول داود رئيس مجمع الكنائس الشرقية، الكاردينال ديمند كونيل والكاردينال برنارد لاو، المطران ميخائيل جميل ممثل البطريركية السريانية الإنطاكية، سفير الجمهورية العراقية لدى الكرسي الرسولي، السيد الببير يلدا، والسفراء الإيرلندي والبريطاني لدى الكرسي الرسولي، وممثل للسفير الأمريكي لدى الكرسي الرسولي وعدد كبير من الرهبان والراهبات والعالمانيين، ألقى مدير الإكليريكية  الإيرلندية، حيث سكن الاب رغيد خلال فترة دراسته في روما، كلمة قال فيها: "عندما وصل الأب رغيد الى روما ومكث هنا في هذه الإكليريكية عام 1996، أدهشتنا روحه البشوش المليئة بالمحبة والعاطفة نحو الجميع. تمتعنا بصداقته الاخوية، ونعلم كم عمل وجهد في سبيل كنيسته وبلاده".

وتابع مدير الإكليريكية الإيرلندية قائلاً: "لا نزال لا نصدق ما حدث، ونتألم كثيراً لهذا الغياب الدائم. كان رغيد مثالاً ساطعاً للمسيحي والكاهن بالنسبة لنا جميعاً وبالنسبة للكنيسة العراقية، هذه الكنيسة الشهيدة، كنيسة الشهداء الجدد".

وبالعودة الى عظة الوكيل البكريركي، قال الأب نجم: "منذ فترة، باتت الجماعة المسيحية العراقية عرضة للاختطافات، التهديدات وأساليب التهويل والتخويف، دونما حماية من قبل الحكومة أو من قبل قوات التحالف. إن الاعتداءات لأسباب عقائدية تحصل في كل انحاء البلاد، والمسيحيون هم المستهدَفون وهم بمثابة كبش المحرقة، للاستغلال والحذف. لا يمكنهم أن يعلنوا إيمانهم بحرية، وتُجبر النساء على وضع الحجاب، وتُنزع الصلبان من الكنائس".

"في هذا العراق الذي يتضاعف فيه عدد السيارات المفخخة، وحيث يُخطف الكهنة، حيث يُجبر المسيحيون على دفع جزية للبقاء في منازلهم أو في إيمانهم، وحيث ينقص الماء والكهرباء، يصبح الحل الوحيد هو التخلي عن الجذور والرحيل عن الوطن".

 "بعد الحصار "المفروض وغير العادل"، وأربع سنوات من "الاحتلال الأمريكي"، لم يبق سوى عراق ممزق طائفياً ودينياً، حيث لا يلقى المسيحيون أي دعم، ولا من يحارب من أجل قضيتهم، وباتوا بمفردهم. إنه ظلم كبير على الصعيد التاريخي، السياسي والإنساني".

 "إن الأب رغيد – تابع الأب فيليب –  هو شهيد الكنيسة الكلدانية المتألمة والغارقة في الدماء والتي يسميها البابا بندكتس السادس عشر كنيسة "الشهداء الأحياء". إن شهادة الأب رغيد، يجب أن تكون فجراً جديداً للحياة والسلام المستقبلين في العراق".

 وختم الوكيل البطريركي قائلاً: "نحن بحاجة لأن يشجع الكرسي الرسولي الكنيسة العراقية وجميع المسحيين على الوحدة. ولتكن تضحية الأب كني زاداً حيوياً لجماعته، لكنيسته العراقية وللكنيسة جمعاء".

 وبعد كلمة الأب فيليب، تُليت على مسامع الحاضرين رسالة من الرئيسة الإيرلندية، ماري ماكليز، لمناسبة جناز الأب رغيد في الإكليريكية الإيرلندية في روما.

  وجاء في الرسالة: "إن موت الأب رغيد مدعاة للحزن وسط الشعب العراقي، وهذا ما أظهر جنازه في شمال العراق… لقد عاد الأب رغيد الى الموصل ليمارس خدمة الكهنوت هناك، وكان يعي مدى الخطر المحدق به…ولا يسعنا إلا أن نصلي مع البابا بندكتس السادس عشر، لكيما تلهم هذه التضحية الثمينة، الى الابتعاد عن البغض والعنف".

 واستشهدت ماكليز في كلمتها بشاعر إيرلندي كتب عن إمكانية الإيمان حتى وسط الاضطهادات والاضطرابات الاجتماعية، مشيرة الى ان "موت الأب رغيد يحثّنا على العمل من أجل المصالحة بين المتعتقدات، والى خلق عالم حيث لكل كان بشري مكانه واحترامه".

 وختمت الرئيسة الإيرلندية رسالتها قائلة: "لقد عاش الأب رغيد حياته كوصية محبة. وفي حزننا نتذكر، في عيد خميس الجسد، تضحيته وشهادته في سبيل إيمانه. وأنا أشكر الله اليوم على النعم التي أعطايا إياها بالأب رغيد".

وفي ختام القداس منح الكاردينال إغناطيوس موسى الاول داود، رئيس مجمع الكنائس الشرقية، البركة الختامية، طالباً من الله أن يرحم نفس الأب رغيد والشمامسة الثلاثة، ويسكنهم الأخدار السماوية.