كنيسة الروم الملكيين الكاثوليـــك افتتحت السينودس المقدس

عن  tebayn.com

ذكّر بطريرك انطاكيا وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم غريغوريوس الثالث لحام الرؤساء الثلاثة وزعماء الاحزاب بقول الكتاب المقدس: "ان كل بيت ينقسم على ذاته يخرب"، وشدد على ان لبنان الرسالة وديعة في عنق اللبنانيين، وبتضامننا ووحدتنا نحافظ عليه.
إفتتحت كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك السينودس المقدس برئاسة البطريرك لحام، في المقر البطريركي الصيفي في بلدة عين تراز – قضاء عاليه، في حضور أساقفة لبنان، سوريا، الأردن، فلسطين وبلاد الإنتشار والرؤساء العامين.
بدأ السينودس بالصلاة، ثم ألقى البطريرك لحام كلمة قال فيها: "أيها الأخوة الأحباء، نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس تكون مع جميعكم. بهذه التحية يحيي الكاهن المؤمنين في مطلع الصلاة الإفخارستية، داعيا إياهم إلى رفع قلوبهم إلى العلاء وإلى شكر الله تعالى على نعمه الفريدة الظاهرة والخفية، وبخاصة على سر التدبير الخلاصي الذي من خلاله وحد سيدنا الرب يسوع المسيح الأرضيات بالسماويات في جسده في سر الإفخارستيا في المناولة، وجعل من البعيدين والقريبين جسدا واحدا، وأزال حائط العداوة الفاصل بينهم. وقد بلغ هذا التدبير الخلاصي ذروته بحلول الروح القدس على التلاميذ يوم العنصرة المجيدة، بهيئة ألسنة نارية، داعيا إياهم إلى حمل بشارة الإنجيل، إنجيل المحبة إلى العالم بأسره.
لقد دعيت في مطلع هذا الشهر حزيران 2007 إلى دير قديم من القرن الثامن أسسه الإمبراطور شارلمان، في كورفاي قرب مدينة بادربورن الألمانية، وألقيت محاضرة في الثالث منه، حول حدث العنصرة، الذي وصفه منظمو المؤتمر بأنه بدء الحوار العالمي: الله يحاور العالم! الكنيسة تحاور العالم، بلغة الناس كل الناس، وبحضارات الناس كل الناس، وتنقل إليهم بقوة الروح الإنجيل المقدس الذي هو إنجيل الحوار، إنجيل المحبة، إنجيل الوحدة، وفيه نرى يسوع رجل الحوار الأكبر، لا بل نرى الله نفسه في شخص يسوع المسيح إلهنا ومخلصنا يحاور الناس، يحبهم، يخبرهم حكايات حب الله الآب لهم، ويجددهم بروحه القدوس، ليجعل من الاثنين واحدا، من الله والإنسان، ومن الإنسان أخيه الإنسان".
أضاف: "ما أجمل أن نعيش هذه الوحدة في هذا المقر البطريركي، في هذا السينودس ونكتشف أهمية عيش هذه الوحدة في عالم منقسم: العالم منقسم، عالمنا العربي منقسم، لبنان منقسم، مدمر، وفلسطين الأرض المقدسة أرض الخلاص والفداء، دامية مهمشة، والعراق أرض أبينا جميعا، أرض إبراهيم أبي المؤمنين، مسيحيين ومسلمين ويهودا، العراق مقسم مضرج بالدماء والمجازر والأحقاد.
إن وحدتنا الكنسية كروم كاثوليك مهمة جدا في مجتمعنا العربي، ومن خلال تواجدنا بأعداد كثيرة في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن ومصر، بأعداد أقل في العراق والكويت والأقطار العربية الأخرى في السعودية والإمارات وعمان. هذا ناهيك عن أهمية وحدتنا في بلاد الانتشار في العالم بأسره: في أوروبا، في كندا والولايات المتحدة الأميركية، في أميركا اللاتينية، خصوصا في المكسيك والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا، وفي أوستراليا ونيوزيلندا.
وحدتنا في كل هذه المناطق العربية وفي العالم، مهمة عربيا، مسيحيا وإسلاميا، وعالميا. وحدتنا مهمة لكي يؤمن العالم، كما صلى سيدنا يسوع المسيح قبيل آلامه. أجل إن وحدة كنيستنا في خدماتها ومؤسساتها وكنائسها ورعاياها، وحدة المطارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات ومؤمني رعايانا، هذه الوحدة هي عامل كبير في إيمان العالم ووحدته، وبعث الرجاء فيه وإنماء المحبة بين شعوبه. خلاص العالم في وحدته، وهلاكه في انقسامه.
أجل، لتكن وحدة كنيستنا نموذجا للوحدة في عالم منقسم. وحدتنا إكليروسا وشعبا دعم روحي لجميع ابنائنا، في إيمانهم، وفي إيقاظ روح المسؤولية في أوطانهم، المسؤولية الإيمانية والاجتماعية والسياسية.
تابع: "حضوركم ومعرفتي الواسعة لأحوال أبرشياتكم، وتقديري لمشاريعكم، ونشاط أبنائنا وبناتنا العلمانيين، إلى جانبكم، يوحي إلي بهذه الخواطر، التي ستكون حاضرة أمامنا من خلال مداولاتنا المهمة. لقد أرسلنا إليكم مسبقا لائحة بالموضوعات التي ستعالج فيه. والملف بين أيديكم. هذه الموضوعات تتعلق خاصة بتنظيم العدالة الكنسية حسب القوانين المقدسة، ومسيرة تنشئة الكهنة في إكليريكية القديسة حنة في الربوة التي أسسها السعيد الذكر سلفنا البطريرك مكسيموس الخامس. هذا إلى جانب أمور أخرى أذكر منها خصوصا الاستعداد للمجمع البطريركي الذي سيعقد في أيلول المقبل كما ذكرت أعلاه.

لبنان: لبنان يستضيف سينودسات الروم الكاثوليك منذ حوالى ثلاثمئة سنة، لأنه بلد الأمن والأمان والازدهار والسيادة والاستقلال. وأضاف خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني لقبا آخر رائعا وفريدا قائلا: لبنان رسالة.
إن الأوضاع الأمنية المزرية وسلسلة الاغتيالات التي طاولت رموزا كبيرة وتهدد كل لبناني في كل مكان، والانقسامات الداخلية واعتصامات كل فريق في جزء من بيروت، وتمترس الأحزاب وزعمائها كل وراء نظريته الدستورية، وكأنها الأبراج الاقطاعية في قرون غابرة، كل هذا شوه هذه اللوحة التاريخية التراثية الرائعة للبنان الخالد بأرزه، بحيث أصبح اللبنانيون يخافون على يومهم وعملهم ولقمة عيشهم وجامعتهم ومدرستهم ومؤسساتهم وحاضرهم ومستقبلهم.
إننا نحب أن نتوجه باسمي وباسم جميع الآباء المطارنة أعضاء السينودس المقدس إلى جميع اللبنانيين، إلى الرؤساء الثلاثة، وإلى زعماء الأحزاب، مذكرين إياهم بقول الكتاب المقدس: "إن كل بيت ينقسم على ذاته يخرب" وهذا ما نراه بأسف شديد في لبنان. إن للبنان رسالة فريدة، إنه رسالة مميزة لجميع أبنائه بكل طوائفهم، وهو رسالة عربية في البلاد العربية، ووجه الشرق الأوسط أمام العالم بأسره.
فلسطين: وقال: "نتوجه بكلمة إلى اخوتنا وابنائنا الفلسطينيين الذين خدمناهم على مدى ست وعشرين سنة، ونذكرهم بكلمات المزامير المقدسة، "لو عيرني العدو لاحتملت، ولو قرعني مبغضي لتواريت عنه. ولكن أنت أيها الانسان نظيري ومرشدي وأليفي…" (مزمور 54). ونزيد على ذلك أنت أيها الفلسطيني أخي رفيق الجهاد والانتفاضة، أنت تقتلني وأنا أقتلك! إن هذا التقاتل الشرس عار علينا وهو الشر المستطير الذي يدمر آمال شعبنا بأن يعترف العالم بقضيته وينال حقوقه المشروعة التاريخية في أرضه ووطنه ومقدساته. نقول لهم كفوا عن الاقتتال، وهلموا إلى كلمة سواء، واتحدوا معا لأجل نجاح قضيتكم".
العراق: تابع "ونقول لأخوتنا العراقيين وهم أيضا يزيدون إلى آلام الاحتلال مآسي اقتتالهم، والمسلسل الاجرامي الدامي الذي يدمر حياة المواطنين وأملاكهم جميعا، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة وسواهم. إن وحدة العراق هي مستقبل العراق.
سوريا: لا بد من كلمة لأجل سوريا حيث مقر كرسينا البطريركي الأنطاكي: إننا نعرف الضغوط الكثيرة على سوريا الحبيبة، ونعرف عمق الجراح في العلاقات السورية اللبنانية، كما نعرف التحديات الكبيرة في مسيرة السلام في المنطقة ولبنان وسوريا، وهما البلدان والوحيدان في المواجهة المباشرة الحدودية في قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكلاهما يدفعان الثمن الأغلى.
ولهذا ندعو الله لأجل تحسين العلاقات بين البلدين الشقيقين في التراث والعقلية والروابط العائلية والاقتصادية والتاريخ والجغرافية، مما يضمن مسيرة السلام الذي إليه تصبو خصوصا أجيالنا الشابة.
ختم: "نترحم على أرواح إخوتنا الذين انتقلوا إلى بيت الآب، المثلثي الرحمة المطران يوحنا منصور والمطران ميشال حكيم وأختنا الراهبة لوسيان فاندبلاس التي خدمت البطريركية على مدى خمسين سنة. كما نرحب بالأعضاء الجدد سيادة المطران ميشال أبرص المعاون البطريركي والمطران عبده عربش الاكسرخوس الرسولي في الأرجنتين والمطران إيلي حداد رئيس اساقفة صيدا ودير القمر، ونتمنى لهم كل التوفيق في خدمتهم الجديدة المباركة.
في الختام أشكر لكم محبتكم جميعا وآمل أن تكون أعمال السينودس ومداولاتنا لمجد المخلص وخير كنيسته وتثبيت أبناء وبنات رعايانا، خصوصا الشباب في دعوتهم المسيحية، في إيمانهم وانتخابهم وفي الشعور بمسؤوليتهم ودورهم في أوطانهم وفي مجتمعهم.
وأخيرا نذكر سيدتنا الفائقة القداسة مريم العذراء والدة الإله سيدة البشارة شفيعة هذا الدير المقدس، نذكر شفعاءنا وشفعاء أبرشياتنا القديسين، ونودع المسيح الإله أعمال سينودسنا ذواتنا وبعضنا بعض وحياتنا كلها. وليكن المسيح بيننا، إنه كائن وسيبقى دائما".