التحدي الذي ينتظر المسيحيين في المجتمعات المتعددة الأديان

التحدي الذي ينتظر المسيحيين في المجتمعات المتعددة الأديان هو "الإعلان والحوار"، بحسب بندكتس السادس عشر

عيش "أولوية محبة القريب كتعبير عن إيماننا"

 27 يوليو 2007 (ZENIT.org).

 في مجتمع العولمة المعاصر، حيث يتعايش مؤمنون من أديان مختلفة بشكل متواتر ودائم، يعتبر بندكتس السادس عشر أن تحدي التبشير يتضمن كلمتين أساسيتين: "الإعلان والحوار".
المسألة هي عيش "أولوية محبة القريب كتعبير عن إيماننا".
هذا ما قاله البابا بندكتس السادس عشر نهار الثلاثاء في معرض جلسة أسئلة وأجوبة مع 400 كاهن من أبرشية بلونو-فلتري وتريفيزو، في كنيسة القديسة يوستينا الشهيدة، في أورونزو، وهي منطقة قريبة من لورينزاغو دي كادوري حيث يقضي البابا عطلته الصيفية.
فقد أخبر أحد الكهنة البابا كيف أصبح شمال إيطاليا منطقة تتوجه إليها "هجرة كثيفة"، وبالتالي بات من الضروري "القيام بحوار محترم بين الأديان"، وتساءل الكاهن عن كيفية التبشير في هذه البيئة.
فأجاب البابا مشيرًا إلى أن هذا هو التحدي نفسه الذي يعرضه عليه الكثير من الأساقفة في إفريقيا وآسيا، وأمريكا اللاتينية، وفي إيطاليا أيضًا.
"نعيش في لقاء مستمر، يشابه ربما حالة الكنيسة القديمة التي كانت تعيش وضعًا مشابهًا. فقد كان المسيحيون أقلية صغيرة، حبة خردل كانت قد بدأت بالنمو، محاطة بالكثير من الأديان وأشكال الحياة".
"لذا علينا أن نتعلم من جديد من الأجيال المسيحية الأولى. إن القديس بطرس في رسالته الأولى في الفصل الثالث يقول: "عليكم أن تكونوا مستعدين لتقدموا حجة عن الرجاء الذي تعيشون".
بهذا الشكل عبر بطرس، كيف أن على المسيحي العادي أن يربط بشكل ضروري بين الإعلان والحوار".
"لم يقل بشكل رسمي: أعلنوا الإنجيل على الجميع، بل قال: عليكم أن تكونوا قادرين، وجاهزين لكي تقدموا برهانًا على الرجاء الكامن فيكم".
أعتقد أن هذه هي الخلاصة الضرورية بين الحوار والإعلان. فالنقطة الرئيسية هي أن يكون حاضرًا فينا برهان رجائنا. علينا أن نكون أشخاصًا يعيشون الإيمان ويفكرون الإيمان، ويعرفونه بالعمق".
"وبهذا الشكل يصبح الإيمان نفسه فينا برهانًا، يصبح عقلانيًا. تأمل الإنجيل والإعلان، والعظة، والتعليم هي سبل تمكن الإنسان من أن يفكر بإيمانه، وهذه عناصر أساسية في هذا الرباط بين الحوار والإعلان".
"البعد الأول هو العيش مع الأشخاص، وأن نتعرف فيها على القريب، على قريبي. ولذا البعد الأول هو عيش محبة القريب كتعبير عن إيماننا".
"أعتقد أن هذا الأمر هو بحد ذاته شهادة قوية، وهو أيضًا وسيلة إعلان: أن نعيش فعلاً مع الآخرين محبة القريب، وأن نعترف بأنهم قريبنا حتى يتمكنوا أن يفهموا أن محبة القريب هي محبة تعنيهم بالذات"
"إذا ما تم هذا الأمر، نستطيع بسهولة أكبر أن نُقد م منبع تصرفنا هذا، أي أن محبة القريب هي تعبير عن إيماننا".
واعترف البابا أنه "في الحوار لا يمكننا أن ننتقل مباشرة إلى أسرار الإيمان الكبرى"، "الأمر العملي والممكن تحقيقه هو التوصل إلى تفاهم أساسي حول القيم التي يجب عيشها"، و "التي يتم التعبير عنها في الوصايا العشر، التي تتلخص بمحبة القريب ومحبة الله".
واعتبر البابا أن السر يكمن في "إعلان متواضع، صبور، يعرف الانتظار، وهو في الوقت عينه يجعل من عيشنا بحسب الضمير المستنير بالله أمرًا واقعيًا ".

البابا: "الخصب الرسولي والإرسالي ليس في المقام الأول ثمرة برامج وأساليب رعوية منظمة بحكمة و فعالية، بل هي ثمرة صلاة الجماعة المتواصلة"

الروح القدس هو "نقطة انطلاق رسالة الكنيسة" وهو أيضًا "نفس الكنيسة" و "مبدأ الشركة": هذه هي بعض الصفات التي نعت بها بندكتس السادس عشر الروح في إطار حديثه عن دور الروح في حياة الرسل والكنيسة بأسرها، في الرسالة التي وجهها إلى الشبيبة في العالم أجمع من أجل الاستعداد للاحتفال بيوم الشبيبة العالمي الثالث والعشرين بعنوان: "ستنالون قوة من الروح القدس الذي ينزل عليكم فتكونون لي شهودًا" (رسل 1، 8).
ورجع البابا بكلامه إلى نص لوقا 24، 49، حيث كان التلاميذ مجتمعين في العلية يصلون مع مريم، "الأم"، بانتظار الروح الموعود.
وشدد البابا قائلاً أنه على "كل جماعة مسيحية أن تعود لتستلهم باستمرار أيقونة الكنيسة الناشئة هذه".
وذكّر بكلمات البابا بولس السادس القائل بأن "الخصب الرسولي والإرسالي" ليس في المقام الأول ثمرة برامج وأساليب رعوية منظمة بحكمة و "فعالية"، "بل هي ثمرة صلاة الجماعة المتواصلة".
كما وأشار البابا أن الحب الذي كان يفيضه الروح في المسيحيين، كان العامل الأساسي في ارتداد الوثنيين إذ كانوا، بحسب ما يكتب ترتليانوس، يرتدون لدى رؤيتهم الحب الذي كان سائدًا بين المسيحيين: "انظر – يقولون – كيف يحبون بعضهم البعض" (راجع المدافع عن الإيمان، 39، 7).
فالروح القدس إنما هو "ألشهادة السنية" لحب الله لنا، " حبٌّ يتم التعبير عنه بشكل عملي بشكل "نَعَم للحياة" التي يريدها الله لكل خليقة من خلائقه. تنال "النَعم للحياة" هذه بنيتها الكاملة في يسوع الناصري وفي انتصاره على الشر في القيامة".
وتابع الأب الأقدس قائلاً: "نحمل في أعماقنا الروح القدس الذي هو وسم محبة الآب في يسوع المسيح. لا ننسينّ هذا الأمر أبدًا، لأن روح الرب يذكر كل واحد منا دومًا، ويريد من خلالكم أيها الشباب بالأخص، أن يحرك في العالم ريح ونار عنصرة جديدة".