مداخلة الكرسي الرسولي في الدورة 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة حول النقطة 10

 

مداخلة الكرسي الرسولي في الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة حول النقطة العاشرة بعنوان: لجنة بناء السلام

نيويورك، 12 أكتوبر 2007 (ZENIT.ORG).

 ننشر في ما يلي مداخلة المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى منظمة الأمم المتحدة، المونسنيور شيليستينو ميليوري، في نيويورك أمام الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة حول النقطة العاشرة بعنوان: لجنة بناء السلام:

السيد الرئيس،

في البداية، يرغب وفدي في التعبير عن تقديره لسعادة السفير إسماعيل غاسبار مارتينز، الممثل الدائم لأنغولا، لرئاسته القديرة للجنة بناء السلام في عامها الأول. أودّ أيضاً أن أتمنى التوفيق لسعادة السفير يوكيو تاكاسو، الممثل الدائم لليابان، الذي يتولى رئاسة هذه اللجنة.

إن وفدي مقتنع بأن الضمان الأفضل ضدّ حصول نزاعات هو تمتّع الأفراد والجماعات بالسلام الدائم. ولبلوغ هذا الهدف في دولة في مرحلة ما بعد الحرب، لا بدّ من الإعتراف بالحاجات الخاصة لهذه الدولة، لكي يتمّ مساعدتها على هذا الأساس في إرساء أسس سلام مستدام. لذا، فإن الكرسي الرسولي قد رحّب بحرارة بإنشاء لجنة بناء السلام، كردّ على الحاجة إلى تناسق وتنسيق أكبر في جهود بناء السلام الدولية في مراحل ما بعد النزاعات.

وسوف يُقاس نجاح اللجنة على الأرض، من منطلق ما إذا كانت توجد فرقاً أو لا في المجتمعات والدول التي تعمل معها. ما زالت التقديرات حول ما يمكنها تقديمه في الدول الخارجة من نزاعات مسلحة تزداد باضطراد. وهذا يصحّ خصوصاً بالنسبة إلى بوروندي وسييرا ليوني حيث تخوض لجنة بناء السلام في مجالات وأنشطة غير ملحوظة مسبقاً، غير أن تركيز اللجنة على تأمين التزام ومسؤولية وطنيين متينين يعطينا سبباً لنأمل بنجاح التجربة في هاذين البلدين، كما في دول تعيش مرحلة ما بعد النزاع يتمّ التطرق إليها في المستقبل.

إن نقاشات لجنة بناء السلام ونصوصها تشير إلى أن إحدى التحديات الأساسية التي تواجهها تقضي بأن تبرهن بأنها ليست بنية فوقية عبثية تلقي بعبئها عل مختلف الأطراف المعنيين والفاعلين الذين يعملون قبلها على الأرض. بل الغاية منها أن تشكل قيمة مضافة بالنسبة إلى الجهد العالمي الآيل إلى مساعدة الدول والمجتمعات التي خرجت للتوّ من الحرب على النجاح في تحقيق الإنتقال الصعب من حالة الحرب إلى حالة السلام والتنمية المستدامين. وما يزيد هذه المهمة صعوبةً هي أن حالات ما بعد الحرب تطرح مشاكل عديدة ومعقدة للغاية تتطلب جميعها اهتماماً فورياً. ولكي تتمكن لجنة بناء السلام من تقديم الردّ المناسب لهذه الحالات، يتعيّن على المجتمع الدولي بكافة أطرافه أن يؤمن له الولاية والموارد اللازمة.

واسمحوا لي بأن أشيد بجهود "لجنة العمل حول الدروس المستخلصة" المنصبّة على تجميع أفضل الممارسات والدروس المتعلقة بمسائل بناء السلام الدقيقة، مساعدةً بذلك لجنة بناء السلام على اتخاذ القرارات بشكل أسرع مع تفادي تكرار أخطاء الماضي.

إن الكرسي الرسولي سعيد بالموافقة التي تمّ التوصل إليها على الخطوط التوجيهية لمشاركة المجتمع المدني في لجنة بناء السلام. فهذه المشاركة هي من الأهمية بمكان في العمل الميداني حيث المنظمات الدينية، من بين أطراف معنيين آخرين، ملتزمة بشكل كامل في التنمية البشرية وهي تعمل في الصف الأول على تعزيز الحوار وبناء السلام وتحقيق المصالحة في مرحلة ما بعد النزاعات.  

إن وفدي يتابع النقاشات الجارية حول ما يجب أن تكون عليه لجنة بناء السلام، وعلاقتها بعمليات حفظ السلام وحول آلياتها ومنهجياتها. هذه النقاشات، وإن كانت تساهم في عملية تطوير اللجنة، إلا أنها يجب ألا تحوّل اهتمامها أو تخرجها عن مسار مهامها التي تقضي بإقامة الفرق في حياة الشعوب والدول، خوفاً من أن تتحوّل إلى مجرّد منتدى نقاشات آخر.

يسرّ وفدي أن يؤكّد على اهتمامه المستمر بعمل لجنة بناء السلام، وأن يشجعها على مواصلة مهمتها المحفوفة بالتحديات للمساعدة على إعادة بناء حياة الأفراد والدول التي مزّقتها الحرب. وهي تكون قد نجحت في إتمام هذه المهمة على أكمل وجه عندما نرى في دولة عانت أهوال نزاع مسلح قيم التنمية والسلام والأمن وحقوق الإنسان وقد أصبحت مترابطة أخيراً ويعزز بعضها البعض الآخر.

شكراً السيد الرئيس.