روما، 9 نوفمبر 2007 (Zenit.org)
طلب الكرسي الرسولي من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة "قراراً جديداً حول احترام الحرية الدينية للمؤمنين من كل الديانات من دون استثناء".
في ما يلي النص الأساسي باللغة الفرنسية لكلمة الكاردينال سيليستينو ميغليوري، السفير البابوي والممثل الدائم للكرسي الرسولي في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، التي ألقاها في 5 نوفمبر أثناء الدورة الثانية والستين من الجمعية العمومية للأمم المتحدة خلال اللجنة الثالثة حول البند 65: "تقرير مجلس حقوق الإنسان".
السيد الرئيس،
ها قد مر أكثر من عام على إنشاء مجلس حقوق الإنسان. أود بدايةً أن أعبر عن تقدير وفدنا للجهود المبذولة لتعزيز المؤسسة الجديدة، وفي الوقت نفسه، ندرك التحديات الضخمة التي يواجهها المجلس من أجل حماية هذه الحقوق.
في إطار قانون الأسرة الدولية وأخلاقياتها الحالية، تبدو كرامة الإنسان المصدر الذي ترى فيه كل الحقوق النور وبالتالي، يجب أن تستبدل إرادة الدول السيدة والمستقلة لتشكل أساس كل نظام قضائي، بما في ذلك النظام القضائي الدولي. إنه تطور لا عودة عنه لكننا نلاحظ أن تطبيق هذا المبدأ لا يترافق في العديد من البلدان مع احترام حقوق الإنسان بشكل ملموس.
بالنظر إلى عالم اليوم، يساورنا القلق حيال وضع حقوق الإنسان. فإذا أخذنا في عين الاعتبار عدد الحقوق المذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية حول الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والحقوق السياسية والمدنية، والصكوك القانونية الدولية الأخرى، نلاحظ أنه لا يوجد صك واحد لم يتم انتهاكه أو تجاهله بشكل فادح في العديد من البلدان، بما فيها ولسوء الحظ، الدول الأعضاء في المجلس الجديد.
غالباً ما يعود ذلك إلى القناعة المتجذرة باعتبار السلطة صاحبة القرار النهائي في مضمون حقوق الإنسان. فهذه الرؤية تسهل تطبيق ممارسات لا تحترم كرامة الإنسان. وقد تصل الأمور في بعض الظروف إلى إنكار الحق بالحياة، وادعاء التحكم بضمائر المواطنين والحصول على المعلومات، وتقييد الحرية النقابية، ومنع المحاكمة القضائية العلنية وحق الدفاع عن النفس، وقمع المنشقين السياسيين، وفرض سياسة ولادات لا تأخذ في الحسبان إرادة الأهل، والحد من الهجرة من دون تمييز، والسماح بالعمل في ظل ظروف مهينة، والموافقة على التمييز ضد المرأة، والتضييق على الحرية الدينية: هذه مجرد أمثلة عن الحقوق المنتهكة.
إن مجلس حقوق الإنسان مدعو لسد الفجوة بين مجمل الصكوك القانونية الدولية حول حقوق الإنسان وواقع تطبيقها في مختلف أنحاء العالم. على كل الدول أن تتحمل هذه المسؤولية الضخمة فردياً وجماعياً. ومن واجب أعضاء المجلس بشكل خاص احترام هذا الموقع المميز وإظهار ارتباطهم بالمجلس من خلال تطبيق الصكوك القانونية حول حقوق الإنسان.
السيد الرئيس،
يظهر تقرير مجلس حقوق الإنسان، موضوع هذا النقاش، أن المعايير الدولية التي تحمي هذه الحقوق تتضح أكثر فأكثر لضمان تنفيذها بشكل فعال. وأود في هذا الإطار الترحيب نيابة عن الكرسي الرسولي بالإجراءات التي اتخذت وإبداء كامل استعدادنا بتقديم كامل تعاوننا.
بالإضافة، نجد اليوم أن العديد من الديانات تقع فريسة السخرية والإهانات: إما بحق المؤمنين إما بحق رموزهم الدينية أو المعنوية. يشكل ذلك ظاهرة مقلقة تهدد السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي، وتنتهك الكرامة الإنسانية، وعلى الأخص الحق بالحرية الدينية.
نتمنى أن يضع مجلس حقوق الإنسان ويعتمد قراراً جديداً حول احترام الحق بالحرية الدينية للمؤمنين من كل الديانات من دون أي استثناء. على هذا القرار أن يوصي أيضاً بالحوار والتناقش بين المؤمنين من الديانات المختلفة، من دون تناسي من لا ديانة له، كوسيلة ملموسة لتعزيز التوافق وتحقيق السلام والتعاون المتبادل. فهذه الخطوة سوف تعزز مصداقية المجلس التي هو بأمس الحاجة إليها في هذا المجال.
السيد الرئيس،
إن استجابة مجلس حقوق الإنسان للتحديات التي تقوض الحرية في العديد من الدول حول العالم تضع مصداقية الأمم المتحدة ومصداقية كامل النظام القضائي الدولي موضع تساؤل اليوم. وأخيراً، نأمل أن تعمل هذه القرارات على تعزيز الالتزام الاجتماعي والسياسي الفعلي لكل دولة من أجل احترام كرامة وحرية كل رجل وامرأة.
شكراً السيد الرئيس.