الكنيسة الكاثوليكية في العالم

بقلم الأب د. يوأنس لحظي

نص محاضرة بمعهد التربية الدينية بأسيوط

مقدمة تاريخية

معلومات هامة

أقرر قداسة البابا بينيدكتوس السادس عشر إعلان التقرير السنوي للكنيسة الكاثوليكية يوم 31 يناير 2005. ويتضح من هذا التقرير التغيرات التي تمت منذ عام 2004. قام قداسة البابا خلال هذا العام بإنشاء 10 كراسي أسقفية جديدة، و6 كراسي ميتروبولتنيا، وتمت رسامة 171 أسقفا جديداً.

كما يلاحظ الارتفاع الكبير في عدد الكاثوليك بالعالم، وبالتالي حضور الكنيسة الكاثوليكية بالعالم، فقد زاد عدد الكاثوليك المعمدين من 1.071 مليار سنة 2002 إلى 1.086 مليار عام 2003 إلى 1.105.808.000 مليار. العدد في تزايد مستمر يختلف من قارة لأخر، ففي القارة الأفريقية ارتفع عدد الكاثوليك بنسبة 4.5 % بينما في القارة الأوربية فالنسبة لم تتغير. أما في بقية القارات فمن الملاحظ التزايد المستمر ففي القارة الأسيوية بنسبة 2.2% وفي المحيط (Oceania) 1.3% وفي القارة الأمريكية 1.2%.

يوضح توزيع المؤمنين الكاثوليك بحسب المناطق الجغرافية أن القارة الأمريكية تحتوي على 49ز8% من العدد الإجمالي للكاثوليك، في حين تحتوي أوروبا على 25.8%، وفي أفريقيا 13.2% وفي أسيا 10.4% ، وفي الهادي 0.8%.

عدد المسيحيين في العالم 2003

\"\" 

 عدد المسيحيين في العالم 2005

\"\"

عدد الكهنة والرهبان والراهبات

عدد الكهنة الكاثوليك في العالم 405.450 ألف (268.041 إكليروس إيبارشي، 137.405 إكليروس رهباني). ومن الجدير بالذكر أن عدد الكهنة في سنة 2002 كان قد وصل إلى 405.058 (267.334 ايبارشي، 137.724 رهباني). مما يعني أن نسبة التزايد بين سنة 2002 وسنة 2003 وصلت إلى 392 وحدة (707 ايبارشي، 315 رهباني).

عدد الرسامات الكهنوتية التي تمت سنة 2003 وصل إلى 9.317 (مقابل 2.247 في سنة 2002) مما يعني أن عدد الكهنة الإيبارشيين انتقل من 6.534 سنة 2002 إلى 6.582 سنة 2003 (والكهنة الرهبان من 2.723 إلى 2.735).

وقد انتقل أيضاً عدد الشمامسة المكتوبين في سنوات الفلسفة واللاهوت من 112.643 سنة 2002 إلى 112.373 سنة 2003 وتعتبر أمريكا اللاتينية أكثر مناطق العالم تنشيطا للدعوات الكهنوتية بنسبة 37.191 وحدة.

\"\" 

البابا في الكنيسة الكاثوليكية

من هو البابا؟

على هذا السؤال يجيب القانون الكنسي هكذا:

ق. 43

إنّ أسقفَ الكنيسة الرومانية الذي  تستمرّ  في شخصه المهمّة التي منحها الرب على وجه خاص  لبطرس أوّل الرسل، لتنتقل لخلفائه، هو رأس هيئة الأساقفة ونائب المسيح وراعي الكنيسة بأسرها في هذا العالم، ومن ثمّ يتمتّع بحكم منصبه بالسلطان المألوف الأعلى المطلق المباشر الشامل في الكنيسة، وله على الدوام الحرّية في ممارسته.

ق. 45

البند 1 – للحبر الروماني بحكم منصبه سلطان، لا على الكنيسة بأسرها فحسب، بل له على جميع الإيبارشيات وهيئاتها رئاسة السلطان المألوف، وبها يوطّد ويحمي في آن  واحد السلطان الذاتي والمألوف والمباشر، الذي يتمتّع به كل من الأساقفة في الإيبارشية المعهودة  إلى عنايته.

البند  2 –  إن  الحبر الروماني لدى اضـطلاعه بمنصبه كراعٍ  أعلى للكنيسة بأسرها،  متّحد على الدوام في الشركة مع سائر الأساقفة، بل مع الكنيسة جمعاء؛ ومع ذلك فله الحقّ في تحديد أسلوب ممارسة هذا المنصب بطريقة شخصية أو جماعية، حسب احتياجات الكنيسة.

شرح

يمارس أسقف روما بصفته خليفة القديس بطرس المهمة التي منحها يسوع المسيح لهامة الرسل، وذلك فهو:

– رأس جماعة الأساقفة

– نائب المسيح على الأرض،

– راعي الكنيسة الجامعة الأعلى،

– لحبر الروماني/الأعظم.

وهكذا يقول المجمع الفاتيكاني الأول:

"… حتى هذا اليوم وإلى الأبد (ق.بطرس) يعيش ويرأس ويمارس سلطته عبر خلفائه، وهم أساقفة الكرسي الروماني المقدس، الذي أسسه وكرّسه بدمه…".

 إن من أكثر ما يميز الكنيسة الكاثوليكية عن سائر الكنائس الأخرى هو وجود التنظيم البابوي.

إن أصل السلطة البابوية وكيفية ممارستها كما نعرفهما اليوم هما نتاج التطور التاريخي لجماعة الرسل  التي أختارها يسوع لحمل رسالته وميز من بينها، وبطريقة لا تحتمل الشك أو التأويل، "القديس بطرس" جاعلا منه "هامة الجماعة" و"أولها"[1] وقد قام الرسول بطرس مع القديس بولس بتبشير وتأسيس كنيسة روما، حيث استشهدا فيها تاركين الخلافة الرسولية "لأسقف روما". وثاني هذه العوامل هو التطور التاريخي بداية من الامبراطورية الرومانية وحتى عصرنا الحديث.

وصفات الرئاسة البابوية هي:

عليا: لا تخضع لأي سلطان أخرى في الكنيسة،

مألوفة: أي مرتبطة بالمنصب البابوي

كاملة: أي تشمل السلطة التعليمية، والتشريعية والتنفيذية، وسلطان الحكم والتقديس في كل ما يتعلق الإيمان والأخلاق (تشريعية وقضائية وإدارية).

مباشرة: أي لا يمكن تفويضها بطريقة مطلقة لأي شخص كان، فالبابا يمارسها شخصيا على الأشخاص وعلى جميع المؤسسات والهيئات الكنسية دون وسيط

جامعة: أي تشمل كل الكنيسة الكاثوليكية رومانية وشرقية: الإيبارشيات والأساقفة والإكليروس والرعايا والشعب وجميع المؤمنين في جميع بقاع الأرض

حرة: أي تمارس باستقلالية ولا تخضع لأي سلطان بشري أخر سواء كنسي أو مدني

 عصمة البابا

إن عقيدة "عصمة البابا" هي عقيدة كاثوليكية، بمعنى أنها إيمان كاثوليكي يُلزم الكاثوليك وليس سواهم، والقانون الكنسي يؤكد أن "مَن أنكر إحدى الحقائق التي يجب الإيمان بها كإلهية وكاثوليكية، أو شكّك فيها، أو جحد الإيمان المسيحي برمّته، وأُنذِر على وجه شرعي ولم يرتدع، يُعاقب بالحرم الكبير كهرطوقي أو جاحد، الإكليريكي يمكن أن تُنـزل به فضلا عن ذلك عقوبات أخرى بما في ذلك [عقوبة] الحطّ" ق. 1436 بند 1. وهي عقيدة تنبع من الإيمان بأن أسقف روما هو خليفة القديس بطرس هامة الرسل ومؤسس كنيسة روما، وهو ينعم بنعمة "العصمة" عندما يعلن بشكل علاني ونهائي وبصفته السلطة العليا في الكنيسة عقيدة أو تعليما يهدف إلى إنماء وحماية وفهم "الإيمان المستقيم".

وعصمة البابا لا تتعلق بحياته الشخصية، ولكن تتعلق فقط بإعلان البابا لعقيدة أو لتعليم كنسي بصفة نهائية ومن فوق "كرسي روما" وبصفته أسقف وبابا الكنيسة.

وقد يعاب على الكاثوليك إيمانهم بهذه العقيدة التي يرى البعض أنها تمنح البابا قدرات إلهية، فالله وحده هو المعصوم من الخطأ، ولكن يكفى النظر لهؤلاء المعترضين ولتلك الكنائس التي لا توجد فيها هذه العقيدة مكتوبة ومحددة ولكنها معاشة ومطبقة، بمعنى أن ما يقوله البابا أو السلطة التعليمية، وحتى بصفة شخصية وأحيانا مخالفا للمجامع وللتعليم المستقيم، يعتبر عقيدة لا يمكن حتى أن تناقش. وبالتالي فعقيدة عصمة البابا لدى الكاثوليك ليست توسيعا لسلطه التعليمية للبابا ولكن تحديدا لها، فليس كل ما يقوله البابا عقيدة.

ومن ناحية أخرى، يجب التأكيد بأن "عقيدة العصمة" لا تقوم على إصدار أو ابتداع عقائد جديدة ولكن على توضيح وشرح وتأكيد عقائد الإيمان والوحي والتقليد المقدس، لأن الإيمان لا يمكن أن يتغير أو أن يتبدل، ولكنه يحتاج إلى شرح وتوضيح وتأكيد وإعلان يتناسب مع لغة وعقلية العصر، هذا الإعلان يقوم على الإيمان بعمل "الروح القدس" الذي يتم في الكنيسة من خلال رجالاتها القديسين.

ويمكننا القول إن المقصود بعقيدة "عصمة البابا" هو "عصمة الكنيسة" ذاتها، وليس عصمة "شخص البابا"، هذه الكنيسة التي عندما تعلم أبنائها وتشرح لهم حقيقة الإيمان إنما تعلمهم بسلطان "مؤسسها ذاته" يسوع المسيح. وبالتالي، عصمة الكنيسة الشاملة في رسالتها الخلاصية، هي العصمة التي يمارسها البابا بطريقة فريدة، ويمارسها الأساقفة المجتمعين في مجمع مسكوني (ق. 51)، بوصفهم علماء وقضاة الكنيسة الجمعاء (الكاثوليكية)، إذ يحددون عقيدة في الإيمان والأخلاق يجب التقيد بها بطريقة نهائية، أي أن "الإعلان" "لا يـُعتبر محدّدا تحديدا معصوما، ما لم يتّضح ذلك على وجه صريح" ق 597 البند 3.

وهذا القانون مستوحاه من تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني الذي يشرح عصمة البابا بقوله: "وينعم الحبر الروماني، رأس مجمع الأساقفة بهذه العصمة بحكم وظيفته عندما يعلن، بتحديد مطلق، التعليم المتعلق بالإيمان والخلاق، بصفته أعلى راعٍ ومعلم لكل المؤمنين والذي من واجبه "أن يثبت أخوته في الإيمان" (لو 22/23). إن تعليم الحبر الأعظم، الصادرة عنه شخصيا بهذه الصفة (بصفته بابا)، غير قابلة للتعديل أو المراجعة من أي سلطان آخر كنسياً كان أم بشرياً. ويتمتع الأساقفة المجتمعين في مجمع مسكوني، بناء على دعوة منه أو من من يمثله، بالعصمة ذاتها… لا سلطة لمجمع الأساقفة أو للجسم الأسقفي إلا باتحادها بالحبر الروماني، كرأس لها" (نور الأمم، 25 و 22). وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يسقط تحت العقوبة كل مَنْ  أيّد تعليمًا أدانه كخاطئ الحبر الروماني أو هيئة الأساقفة لدى ممارستهم سلطان التعليم الرسمي، وأُنذِر على وجه شرعي ولم يرتدع (ق. 1458 بند 2).

وختاماً نؤكد أن بهاء وعظمة الكنيسة الكاثوليكية يتلخص في وصفها "أم ومعلمة" أي في كونها منارة الخلاص، حصن الإيمان، هذا الإيمان الذي لا تقوى قوى بشرية أن تغيّره أو تبدله. هذا الإيمان الذي يتسم بصفتين: الأولى انه محدد وقاطع: أي غير متروك لمزاجات وطباع وأفكار البشر بل يحميه الروح القدس والسلطة الكنسية العليا. والثاني أنه "غني"، بمعنى أن الإنسان كلما تبحر فيه أكتشف جهله به، ولمس حاجته إلى مزيد من التعمق، وهنا يأتي دور الكنيسة التي تضع مهمة "التعليم" وشرح الإيمان في أولى اهتماماتها، وعصمة البابا ليست إلا تأكيدا على ذلك. فيكفي أن نفتخر بأن في كنيستنا الكاثوليكية عقائد الإيمان قد تمّ جمعها وشرحها في كتاب "تعليم الكنيسة الكاثوليكية" هذا الكتاب الذي قد يتطور بحسب متطورات العصر ليشرح لكل إنسان ولكل ثقافة ولكل لغة "حقيقة الإيمان الواحدة"، ولكنه لن يتغير بتغير الباباوات ولن يتبدل بحسب آرائهم الشخصية.

الأشخاص المساعدون للحبر الروماني في ممارسة مهمته: البطاركة والكرادلة والأساقفة والإكليروس…

ق. 46

البند 1 – يعـاضد  الأسـاقفة الحبر الروماني في ممارسة مهامّ منصبه، ويمكنهم أن يتعاونوا معه بطرق مختلفة، منها سينودس الأساقفة؛ ويساعده  فضلا عن ذلك الآباء الكرادلة والدائرة الرومانية والمندوبون الحبريون، وغيرُهم من الأشخاص والمؤسّسات المختلفة، حسب احتياجات الزمن، ويضطلع كل هؤلاء الأشخاص وهذه المؤسّسات بالمهمّات المعهودة إليهم باسمه وبسلطته، لخير جميع الكنائس، وفقًا للقواعد التي يقرّرها الحبر الروماني نفسه.

البند 2 – البطاركة وسـائر الرؤسـاء الكنسـيّين، الذين يرئسـون كنائس متمتّعة بحكم ذاتي، تحكم مشاركتهم في سينودس الأساقفة، قواعد خاصة يقرّرها الحبر الروماني نفسه.

من البديهي أن البابا لا يستطيع ممارسة مهمته بمفرده، لذا فهو يستعين بشبكة من المساعدين القادرين على التعامل مع المسائل المتعددة التي تنشأ سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الكنسي.

تتكون هذه الشبكة من:

 سينودس الأساقفة:

يتألف من مجموعة أساقفة تمّ اختيارهم من مختلف أنحاء العالم (وليعكسوا الطابع العالمي للكنيسة). وهؤلاء الأساقفة يجتمعون في أوقات محددة لمناقشة بعض القضايا الهامة ولتعضيد العلاقة بين الحبر الروماني والأساقفة ولمساعدة قداسته في الدفاع عن الإيمان والأخلاق والحفاظ على النظام الكنسي وتعزيزه.

II  الآباء الكرادلة أو مجمع الكرادلة:

يشير لقب كاردينال إلى الأساقفة والكهنة الذي يختارهم البابا لمساعدته في حكم الكنيسة الجامعة وهم مجتمعون يشكلون "مجمع الكرادلة"، والتي كانت تسمى في العصور الوسطى ب"الهيئة البابوية" (الهيئة الوزراء).

وقد بدأ اختيار بعضهم من خارج الإكليروس الروماني بداية من القرن الثاني عشر

1- دور الكرادلة:

أ- مساعدة البابا في حكم الكنيسة بحسب ما يراه وما يحدده البابا والقوانين الكنسية

ب- انتخاب البابا: وذلك منذ عام 1095 بحب قرار البابا نقولا الثاني.

وقد ظهر دور الكرادلة من وقت مبكر في الكنيسة وكان يطلق عليهم "نبلاء/أمراء" لكونهم مساعدون في الحكم (وزراء) لمدينة "روما"، ولكون دورهم مرتبط بالحكم فقد شابه عبر التاريخ بعض الاعتراضات والاتهامات لا سيما في العصور الوسطى، حيث انحصر اهتمامهم بالجانب الإداري على حساب الجانب الروحي والرعوي.

2- عدد الكرادلة

لم يكن يتخطى عدد الكرادلة في القرون الأولى الثلاثين ثم تم تحديده بسبعين في عام 1970 من قبل البابا سيستو الخامس (6 أساقفة و50 كاهن و14 شماس)[2].

وفي عام 1985 قرر البابا يوحنا الثالث والعشرون زيادة عددهم واختيارهم من بين الأساقفة[3].

وقد قرر البابا بولس السادس جعل البطاركة الشرقيين جزاء من "مجمع الكرادلة"[4] وقد حد عدد الكرادلة الذين ينتخبون البابا الجديد ب 120 سنة 1973[5].

كما قرر سقوط حق الانتخاب لمن تجاوز سن 80 (أي سقوط حق الاشتراك في الكون كلافي Conclave)، وكذلك التوقف عن جميع الوظائف والمهام الخاصة بالدوائر الرومانية ومدينة الفاتيكان.

وقد أقر البابا بولس السادس في 11 شباط 1965 إمكانية انضمام البطاركة الشرقيين إلى مجمع الكرادلة. وفي 21 تشرين الثاني لعام 1970 أقر البابا بولس السادس عمر 80 سنة كحد أقصى لخدمة الكرادلة في الدوائر الرومانية ومنظمات الكرسي الرسولي ودولة الفاتيكان، كما يفقدون الحق في التصويت لاختيار البابا والاشتراك في الاجتماع المغلق لاختيار البابا. وفي 5 تشرين ثاني عام 1973 رفع البابا بولس السادس عدد الكرادلة الذين يحق لهم انتخاب البابا إلى 120، وقد أكد البابا يوحنا بولس الثاني هذا القرار في الوثيقة حول الكرادلة التي نشرت في 22 شباط 1996.

 3- فئات الكرادلة:

توجد ثلاث فئات للكرادلة:

– كاردينال "أسقف": وهم الكرادلة الذي يجملون اسم إيبارشية

– كاردينال "كاهن": وهم الكرادلة الذي يجملون اسم رعية

– كاردينال "شماس": وهم الكرادلة الذي يجملون اسم إحدى الخدمات الشماسية

 ويلاحظ أن اللقب لا يرتبط بالحالة أي أن لقب كاردينال شماس قد يعطى لاسقف…

ومن الجدير بالذكر أنه يوجد ثلاثة كرادلة عرب في مجمع الكرادلة وهم الكاردينال اسطفانوس الثاني غطاس، بطريرك الأقباط الكاثوليك في مصر، والكاردينال أغناطيوس موسى داود، ، بطريرك السريان الكاثوليك سابقاً ورئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، والكاردينال مار نصرالله صفير بطريرك الموارنه في لبنان ومن يدري فقد يأتي دور كنيسة القدس أم جميع الكنائس، أفلا تستحق أن يكون لها كاردينالا مثل سائر الكنائس في العالم؟!

بقي أن نقول كلمة وجيزة وسريعة عن انتخاب البابا: فعند وفاة البابا يجتمع جميع الكرادلة من جميع أنحاء العالم في الفاتيكان، ويدخلون الاجتماع المغلق في "الكابيلا سكستينا" الشهيرة، وينقطعون عن العالم حتى ينتخبوا من بينهم البابا الجديد، وبعد كل جلسة مغلقة تنتظر الجموع الغفيرة المجتمعة في ساحة القديس بطرس رؤية الدخان الذي يتصاعد من مدخنة مشرفة، فإذا لم يتم الاختيار يصعد دخان أسود وإذا تم الاختيار يصعد دخان أبيض، ويخرج بعد قليل عميد الكرادلة إلى شرفة كنيسة القديس بطرس ويقول باللاتينية "لدينا بابا" ويعلن عن اسمه ويقدمه للجماهير الغفيرة المتواجدة في الساحة. وقد تستغرق هذه العملية جلسات وقد تستمر لأيام ولكن الكرادلة لا يخرجون دون انتخاب البابا.

يمكننا القول مع قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لدى إعلانه عن الكرادلة الجدد: "إن المرشحين للكردينالية ينحدرون من أنحاء مختلفة من العالم ويضطلعون بمهام مختلفة في خدمة شعب الله، فإنهم باختلاف مهامهم يعكسون الصورة الجامعة والعالمية للكنيسة الكاثوليكية". التي تمثل حوالي أكثر من مليار مسيحي في العالم. وهذا يؤكد كلام السيد المسيح عندما أرسل الرسل: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى انقضاء الدهر" وكذلك وعد السيد المسيح للقديس بطرس عندما أقامه هامة للرسل: "أنت الصخر وعلى هذا الصخر سأبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها".

 III الدوائر الرومانية

تعد الدوائر الرومانية أو الكوريا الرومانية المؤسسة الأساسية التي تساعد البابا في إدارة الكنيسة الجامعة على المستوى الكنسي وعلى المستوى العالمي. وهي تتنوع بحسب تنوع الخدمات والأنشطة الرسولية المختلفة.

قام قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بإعادة تنظيم "الكوريا الرومانية"[6] سنة 1988 عندما أعلن الرسالة الرسولية "الراعي الصالح" والموجهة إلى الدوائر الرومانية والتي تحدد اختصاص ودور كل دائرة ومجمع. وفي الواقع تحتفظ معظم الدوائر بمجال اختصاصها.

أهم هذه الدوائر:

1- دائرة سكرتارية الدولة (Segreteria di Stato) وتنقسم إلى قسمين (وزارة الداخلية ووزارة الخارجية):

أ‌)       الأعمال العامة

ب‌)  العلاقات الدولية

2- المجامع الكنسية:

أ‌)       مجمع العقيدة والإيمان

ب‌)  مجمع الكنائس الشرقية

ت‌)  مجمع العبادة الإلهية والأسرار الكنسية

ث‌)  مجمع القديسين

ج‌)     مجمع تبشير الشعوب

ح‌)     مجمع الإكليروس

خ‌)     مجمع الحياة المكرسة والرسولية

د‌)      مجمع التعليم الكاثوليكي(الجامعات والمعاهد والمدارس والإكليريكيات…).

ذ‌)      مجمع الأساقفة

3- المحاكم الكنسية

أ‌)       محكمة التوبة الرسولية

ب‌)  المحكمة الرسولية العليا

ت‌)  محكمة الروتا رومانا (المحكمة المقدسة).

4- المجالس الحبرية

أ‌)       مجلس العلمانيين

ب‌)  مجلس وحدة المسيحيين

ت‌)  مجلس العائلة

ث‌)  مجلس العدالة والسلام

ج‌)    مجلس «Cor Unum» من أجل خدمة المحتاجين والمهمشين

ح‌)     مجلس الرعوي للمهاجرين

خ‌)     المجلس الحبري للصحة

د‌)      مجلس تفسير النصوص التشريعية

ذ‌)      مجلس الثقافة والحوار مع الديانات الأخرى

ر‌)    مجلس وسائل الاتصال الاجتماعي.

5- المكاتب الرسولية

أ‌)       المكتب الرسولي

ب‌)  مكتب إدارة ثروة (تراث) الكرسي الرسولي

ت‌)  مكتب إدارة الأعمال الاقتصادية للكرسي الرسولي

ث‌)  مكتب إدارة البيت الحبري

ج‌)     مكتب الاحتفالات الطقسية الحبرية

6- اللجان الحبرية

أ‌)       لجنة أموال الكنيسة الزمنية

ب‌)  لجنة علم الآثار المقدسة

ت‌)  لجنة الكتاب المقدس

ث‌)  اللجنة اللاهوتية العالمية

ج‌)    لجنة اللقاءات الافخارستيا العالمية

ح‌)    لجنة علم التاريخ

خ‌)    لجنة "كنيسة الله"

د‌)      لجنة دولة الفاتيكان

ذ‌)      لجنة أمريكا اللاتينية

7- الحرس السويسري

8- سينودس الأساقفة

9- الجامعات الحبرية

10- مكتب العمل الخاص بالكرسي الرسولي

11- الهيئات الأخرى المرتبطة بالكرسي الرسولي.

 

IV المندوبون أو الممثلون الحبريون

ممثلو البابا هم الأشخاص الذين يرسلهم الحبر الروماني لدى مختلف البلاد والكنائس لتمثيله، وهم إما مؤقتون أو دائمون[7]. ويُحدّد اختصاصهم بناءً على ألقابهم على الشكل الآتي:

1- السفير البابوي: هو دائما رئيس أساقفة، وله مكانة "سفير دبلوماسي" أي أنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، وغالبا ما يكون رئيس الهيئة الدبلوماسية للبلد المعتمد لديها.

2- القاصد الرسولي: هو من يرسلة الحبر الروماني في مهمة محددة ويعطيه الصلاحيات الكاملة لهذه المهمة، وغالبا ما تكون مهمة القاصد الرسولي مهمة كنسية.

3- المبعوث الخاص أو المراقب: هو مبعوث البابا في حدث خاص يجري في بلد معينة (كمؤتمر القربان والاحتفالات الخاصة بمناسبات معين أو أعياد هامة) أو لدى منظمات عالمية (الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي…)

 سر قوة الكنيسة الكاثوليكية: ما يميزها

– الأمانة للكتاب المقدس والتقليد الرسولي

– الوضوح العقائدي والإيماني والرعوي: (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، كتاب مجموعة قوانين الكنيسة (اللاتينية)، كتاب مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (الكاثوليكية)، الرسالة البابوية "الراعي الصالح"، كتاب موجز التعليم المسيحي الكاثوليكي…).

– مركزية السلطة وقوة التنظيمية وقوة الحس القانوني

السياسة الخارجية

للفاتيكان سفراء معتمدون في معظم دول العالم و خاصة الكاثوليكية منها. كما أن لهذه الدول سفراء في الفاتيكان، عادة يكونوا سفراء أيضاً لبلادهم في إيطاليا ومقيمين في روما لضيق مساحة المدينة. تتمتع الفاتيكان بصفة مراقب في الأمم المتحدة، كما أنها عضويتها في كثير من الاتفاقات الدولية هو ليس إلا لترسيخ الفكر الديني والسلمي والتعاوني مع الدول الأخرى، على سبيل المثال عضويتها في منظمة الوحدة الأفريقية أو معاهدة عدم انتشار الأسلحة الكيميائية.

الثقافة

ثقافة الفاتيكان هي ذات تأثير قوي في العالم كله لوجود مقر الكنيسة الكاثوليكية فيها. أضف إلى ذلك التحف المعمارية المنشأة في المدينة مثل كنيسة القديس بطرس و الكنيسة السيستانية التي يعود تاريخ بناءها إلى قرون مضت. ساهم فنانون عالميون مثل مايكل أنجلو، بوتيشيلي و بيرنيني في تزيينها. ممتلكات مكتبة الفاتيكان و المتاحف الفاتيكانية هي ذو قيمة لا تقدر بمال. العاملين و السياح يجب أن يرتدوا ملابس تليق بالمكانة الدينية للفاتيكان قبل دخول




[1]  أنتَ صَخرٌ، وعلى هذا الصَّخرِ سأبني كَنيسَتي، وقوّاتُ الموتِ لنْ تَقوى علَيها. وسأُعْطيَكَ مفاتيحَ مَلكوتِ السَّماواتِ، فما تَربُطُهُ في الأرضِ يكونُ مَربوطًا في السَّماءِ، وما تحُلٌّهُ في الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السَّماءِ"(مت16/17-19، و أيضاً يو 21/15-19). وأنت متى عدت فثبت أخوتك….

[2] Costituzione Postquam verus, 3 dicembre 1586

[3] Motu Proprio Cum gravissima del 15 aprile 1962

[4] Ad Purpuratorum Patrum dell\’11 febbraio 1965

[5] A.A.S., anno 1973, vol. LXV, pag. 163

[6]  كلمة كوريا كلمة لاتينية الأصل وتعني محكمة.

[7]  أنظر القانون الغربي ق. 362 – 366.