طفل المغارة يصرخ: ماذا فعلتم بي ؟ كـــــارول علمــــــات – عمّان

سكن الشوقُ القلوبَ….. فطالَ الانتظار …..

أطل نجمُ بيت لحم ….. فكان اللقاء بين المحبة والسلام …..

 

أمام مغارة الميلاد ….. تهادت نسمات السلام ….. عَبقتْ السماء ببخور الحب …… فأضاء نجمها عتمةَ ليلِ بيت لحم ……

 

أجراسُ الكنائس ….. ترنم أناشيد المجد مع أجناد العلاء…… بيت لحم الصغيرة …..

يغلفها الفرح والحبور بمولد الفادي المخلص …..

 

من ليلِ فقرهم وبسطاتهم يأتون …… رعاةٌ يسجدون بخشوع ٍ وذهولٍ ووجوم…… يسكنهم فرح لا يفيه وصف …….

 

فهناك من المشرق ، لاح نجمٌ قادَ قوما ًفى معارج الصحاري وبرد الليالي ومتاهات الدروب إلى حيث ولد ملك المجد ….

 

له سجدوا وقدموا قبل  ذهبهم ولباِنهم  ومرّهم قلوبهم العامرة بالإيمان والمليئة بالفرح ِ والسلام.

 

\"\"

بوستر فيلم : الميلاد

الطفل ينشر سلامه وسط أحداث عاصفة

طفلٌ رضيعٌ مضجعٌ فى مذودٍ حقير …. تلّف جسده الطاهر قطعة من قماش…… تلسعه نَسماتُ اليل الباردة ….. يداه ترتجفان حبّاً ….. يستدفئُ من أنفاس ِ حيواناتٍ أليفة …..

حوله أمه البتولُ مريم ….. متهللة فرحاً وطرباً إذ أبصرت أخيراً عيناها ابن الله المتجسد ثمرة أحشائها التى قبلته فيها بتلكَ "الَنعَمْ" التي شكّلت منعطفاً في تاريخ البشرية…..

 

ويوسف البار المحتجب وراء أسوار صمته وخشوعه، يختلجُ كيانُه بفرح ٍ مقدس ٍ صامت حطّم عتمة ليل بيت لحم التي أوصدت أبوابها في وجه هذا الضيف الإلهي.

مشهدٌ ميلادي ولا أعظم ….. مغارةٌ حقيرة …..فيها قد ولد ملك الكون …. وُلد ليُنادي فينا التواضع، المحبة والسلام.

 

أفرحى وتهللي يا بيت لحم فقد نُقش فرُح الميلاد على جدرانك ليبقى للزمن شاهداً على ملكٍ قد وُلد ومعه ولد السلام….. ولدت المحبة….. فكان الخلاص.

 

تجسدت المحبة في مذود بيت لحم…… نمت وأثمرت وتجلّت بأسمى معانيها على صليب الخلاص وخشبة الفداء.

 

لقد أحبنا حتى الذل والهوان والفقر وأخيراً الموت على الصليب.

 

واليوم ونحن على أعتاب ليلة الميلاد، يبتدىء المسير نحو جلجلة الخلاص يداً بيد مع الطفل الإلهي…… طفل المغارة.  

 

فما أحوجنا إلى لحظة صمتٍ وتأمل ……ما أحوجنا أن تُسكت من حولنا أصوات وضجيج العالم ……ما أحوجنا إلى توبةٍ صادقة…… إلى غفران ٍ ومسامحة……

إلى وقفةٍ صادقة مع الذات……

 

طفلُ المغارة يخاطبكم اليوم: "ماذا فعلتم بي؟"…… فكما خاطب المسيح المتألم الشعب في طريق الآمه:" يا شعبي، ماذا فعلتم بي ؟" يخاطبنا اليوم طفل المغارة.

 

"ماذا فعلتم بي؟" إنها صرخة الميلاد…… تحطّم صمت بيت لحم الحزينة…… ويدُويّ أنينها في فضاءات العالم…… "ماذا فعلتم بي؟" وُلدت لأهبكم السلام…… فأين السلام الآن بينكم؟

 

حروبٌ، صراعاتٌ، أنانيةٌ ، حقدٌ وبغض …… وها إنكم تحتفلون بالميلاد!!!……

 

تحتفلون بميلاد ملك السلام…… وأنتم تفتقرون لسلام القلب…… لسلام العائلة…… لسلام الشعوب……

 

"ماذا فعلتم بي؟" لقد وُلدت فقيراً لكم…… غنياً بحّبكم….. ومتّ معّرىً من أجلكم لتكتسوا ثوب الخلاص……

 

ولدتُ طفلاً رضيعاً بريئاً…… فأين أنتم من براءة طفولة اليوم؟ لقد خدشتم حياءها وشوّهتم الإنسانية بعلمكم…… أجزتم الإجهاض والاستنساخ…… إنكم تقتلون براءة الطفولة بإسم العلم والتقدم والتحرّر والأنانية.

 

فهاهم أطفالُ اليوم…… قتلى…… جرحى …… مرضى على أرصفة العالم الجائع…… الجائع للمحبة، لكرامة الإنسان.

 

تحتفلون بالميلاد وتغريكم مظاهر العالم فتغرقون في خضم ذواتكم……

 

"ماذا فعلتم بي؟" صرخة ٌٌ أستنهض بها الإنسان فيكم…… فكم من طفلٍ يغفو والجوعُ غطاؤه…… كم من محتاج ٍ مسكين ٍ يطرق بابكم في ليل لهوكم ولامبالاتكم فلا تأبهوا به؟؟

 

تلبسون أفخر الحُلل وتأكلون ما لذ َّ وطاب…… تزينون أشجار الميلاد في بيوتكم وقلوبُكم تُغلفها الأنانية وحب الذات وموصدة ٌ تجاه إخوة لكم أعمل البؤس فيهم أنيابه!!!!……

 

\"\"

أعطنا سلامك سلاحاً ومحبتك زادا

أيها الطفل…… الفادي المخلص…… نَمْ قرير العين في مهدك الصغير وأعطنا سلامك سلاحاً ومحبتك زاداً فنعبر درب المجيء بالتوبة والصلاة وعمل الرحمة بعد أن نكون قد رسمنا إبتسامة الفرح والحبور على الشفاء المجرّحة بسيوف الإهمال والتهميش والإستغلال وأعدنا الأمل لقلوب ٍ كوتها نار البؤس واليأس والجحود…… وكسونا أجساداً قرّحتها سياط القهر والظلم ِ والإستعباد…… وأطعمنا أفواهاً حرمتها الأنانية والإحتكار والجشع من ماء يرطبها ولقمةٍ تسدّ رمقها…… وفتحنا أبواباً لمن أوُصدت في وجهه كلُ سبل ِ العيش فعاشُ طريداً مشرداً محروماً من عطف أخ ٍ ينعم برغد العيش وبحبوحته…… وبعدما نكون قد مسحنا دمعة حزن ٍ من عيون ٍ أدماها الألم والشقاء والفراق والغربة،  حتى إذا ما جاءت ليلة ُالميلاد المجيدة…… تجدنا كالمجوس أمام مغارة الميلاد وفي أيدينا بخورُ صلواتنا ولبانُ أعمالنا ومّر صعوباتنا نضعها أمام عزتك الإلهية مستمطرين نعم الميلاد.

 

وأنتِ أيتها البتول القديسة الجاثية أمام مذود الخلاص…… ارْمُقينا بعطفِك وحنانِك

وتشفعي لنّا أمام العزة الإلهية وهبينا فرح الميلاد ونعِمَ السماء.

 

ساد الصمت…… قُرعت الأجراس…… تهللت الملائكة…… فكان الميلاد.

 

 فلنفتح مغارة قلوبنا ولنزين شجرتها بمصابيح الشوق والإنتظار ولنهمسْ في أذن طفل المغارة……

 

"ها إننا كالرعاة نأتي وكالمجوس نسجد وكالعذراء ويوسف نؤمن وكأجناد العلاء نسبّح قائلين :

 

"ليَعُمْ مجدُك الأرض وليشملْ سلامُك المعمورة".   

 

alamatcarol@hotmail.com  

 

عن موقع ابونا 

 كـــــارول علمــــــات