كيف تتعامل مع الشخصيات الصعبة

كيف تتعامل مع الشخصيات الصعبة

عندما فكرت في هذا الموضوع خطر ببالي سؤال أراه مهما وهو: من هم الشخصيات الصعبة التي نتعامل معها بصفة مستمرة، ورأيت انه من المهم البدء بمعرفة كيفية التعامل مع الذات، لأنها هي الشخصية الأولى التي يصعب التعامل معها ، ولهذا فمن الضروري أن نبدا بها.
أصعب الشخصيات التي تواجهك هي أنت
من القصص الشعبية الشهيرة – قصة "الذئب والحمل". وتحكي القصة أن الذئب رأى حملاً صغيراً يشرب من ماء القناة، فأراد أن يأكله. وكان الحمل وديعاً لطيفاً بريئاً جميلاً – حتى أن الذئب أحس بشيء من الخجل.إذ كيف يفترس حيواناً هادئاً طيباً لم يرتكب ذنباً يستحق من أجله القتل. فسعى الذئب إلى اختلاق سبب يبرر به ما نوى، فنظر إلى الحمل وهو يدّعي الغضب وقال: "أيها الحيوان المعتدي الأثيم الذي لا يحترم الآخرين – ماذا فعلت بعمك الذئب؟ لقد عكرت الماء في القناة التي أشرب منها"، فأجاب الحمل ببراءة: "وكيف عكرت أنا الماء، وأنا واقف في موقع أدنى من موقعك – والماء ينحدر من عندك فوق؟" ورأى الذئب أن الحمل على حق، فتلعثم قليلاَ ثم قال: "أنا لم أقصد أنك تعكر الماء الآن، أنا أتحدث عن مرة سابقة – لقد حدث في العام الماضي ، فأجـــاب الــحمل البرئ :
"أنا لم اكن ولـدت فــي الـعـام الماضي ،فعمري الآن لا يزيد على بضعة شهور". وهنا تملك الغيظ الذئب إذ كان الحمل منطقياَ ومقنعاً، فنظر الذئب إلى الحمل – وقد برزت أنيابه والتهبت شهوته – إذن فالذي عكر الماء هو أبوك – نعم أبوك. ولابد أن تعاقب بسبب ما فعله والدك الشرير! وهجم الذئب على الحمل وافترسه – وهو مستريح الضمير!!!
ولعل هذه القصة البسيطة تقدم تصويراً رمزياً لشكل الصراعات التي يمكن أن تدور بين شخصيتين (أو قوتين) تحمل إحداهما صورة البراءة والعقل والمنطق والعدل، بينما تحمل الأخرى إرادة البطش والقتل والسيطرة والملاوعة وقلب الحقائق!
والشخصيات التي يصعب التعامل معها ليست قاصرة على شخصية " الذئب" – الشخصية المتجنية الميالة إلى افتراس الآخرين .
 
 إن الشخصيات الصعبة كثيرة جداً والتعامل معها أصعب!
ولكن الشخصية الصعبة التي أريد أن أتحدث عنها اليوم ليست من الجيران أو الأهل الذين نتعامل معهم، وليست من أشخاص المجتمع الخارجي المحيط بنا، لكنها الشخصية التي فينا، التي نسكنها وتسكننا، إنها ذاتنا.. نفسنا.. طبيعتنا الإنسانية فالغريب أن هذه الذات – التي هي نحن – كثيراً ما تكون شخصية صعبة، إذ تجتمع فيها أحياناً توجهات وميول كثيرة. ، إن أصعب الشخصيات التي تواجهنا هي تلك النفس التي فينا، الشهوة التي تعمل في أعماقنا، طبيعتنا الساقطة الميالة إلى الأنانية والزيف والخطأ.
الذات البشرية:
 
لا شك أن النفس البشرية مازالت تحمل أسراراَ بعيدة لا نعرف تفاصيلها، حتى أن العلوم الإنسانية أفردت للنفس علماَ مستقلاَ أسمته " علم النفس" ! كما أن الفلاسفة القدامى والمحدثين تناولوا النفس الإنسانية بدراساتهم وتأملاتهم العقلية. محاولين إيجاد التفاسير لما يدور في داخل الإنسان من أسرار!
ففي حديث أفلاطون مثلاً عن " المدينة الفاضلة" يقول: "إن النفس البشرية تنقسم إلى ثلاثة أجزاء الجزء العلوي مركزه العقل، والجزء الأوسط مركزه القلب، أما الجزء الأدنى فمركزه البدن. ويتمثل الجانب الأعلى في الفكر، والجانب الأوسط في العاطفة وحب الشرف والطموح وكل ما هو نبيل. أما الجزء الأدنى فيتعلق بالشهوات البهيمية. ولكل جانب من الشخصية الإنسانية فضيلته، ففضيلة العقل هي الحكمة، وفضيلة القلب هي الشجاعة، وفضيلة البدن هي العفة وضبط النفس. ويقول أفلاطون إنه إذا أدى كل منهم عمله على الوجه الأكمل – نشأ من اكتمال هذه القوى وتعاونها فضيلة رابعة هي العدل، الذي هو سر السعادة في المجتمع الأفلاطوني". غير أن هذه القوى داخل النفس الإنسانية لا تتعاون ولا تتفق، بل تتصارع وتختلف اَ، ويجد الإنسان نفسه أمام شخصية صعبة هي نفسه ذاتها!
فماذا نرى نحن في اختباراتنا اليومية، هل تتوازن القوى في داخلنا وتقودنا إلى الفضيلة، أم أن نوازع النفس تتبلور في صورة صراعات داخلية – تقودنا إلى مواقف متباينة ومتعثرة بين الخير والشر؟ وهل تسيطر عقولنا على مشاعرنا فتستسلم هذه المشاعر للعقل دائماً، أم تسيطر ميولنا على عقولنا في أغلب الاحيان ؟
الواقع أن عقولنا قد تجد في داخلنا شهوات مشتعلة يصعب على العقل السيطرة عليها. كما أن عواطفنا قد تجد في عقولنا أنماطاَ ومخططات جامدة تقتل كل عاطفة، فيؤدي ذلك إلى صراعات أو إحباطات عنيفة!
وقد تتفق عقولنا مع شهواتنا لفعل الخير مرة، ولفعل الشر مرات! فنعيش بهذا الصراع والتناقض القائم في داخل أنفسنا.لا شك أن ذواتنا شخصيات صعبة تحتاج إلى مسايسة، ونحن لا نملك أدوات الترويض!
التعامل مع النفس:
إذا كانت نفوسنا (العقل/ العاطفة/ الشهوة) تمثل إحدى الشخصيات الصعبة التي نتعامل معها بالليل والنهار – وعلى امتداد العمر، فكيف نحل هذه الإشكالية، وكيف نحقق أفضل صورة للعلاقات داخل أنفسنا؟ هناك في حياة الناس عدة توجهات لتسيير هذه العلاقة، منها:
التجاهل:
وهو الحل العشوائي الأكثر انتشاراً، الذي فيه يترك الإنسان ذاته لمن يحكمها، فتراه أحياناً عقلانياً صارماً، وتراه أحياناً مغرقاَ في عواطفه. وهو تارة ملائكي النزعة، وتارة أخرى شيطاني الرغبة. إنه كالقشة في مهب الريح!
التدليل:
والمقصود تدليل النفس، واتباع الهوى، وإشباع الرغبات والنوازع الطارئة.
الخداع:
وفيه يكذب الإنسان على نفسه، مثلما يكذب على غيره، فهو يمارس رغباته سراَ، وينكرها في العلن، وهو يرضي ضميره بالإنكار. ويظل يخدع ذاته حتى يصدق ما يدَّعيه. وتبقى النار مشتعلة والداء قوياَ والصراع محتدماً وراء الإنكار!
المواجهة والمصارحة:
وهي مواجهة النفس، وفهم دوافعها، واكتشاف صراعها، ومحاسبة الذات ولومها وهذه الخطوة هائلة على طريق إصلاح الذات. فاعرف نفسك، ثم اتخذ الخطوة التالية:
طلب القوة الإلهية:
الواضح أن محاولاتنا واجتهاداتنا البشرية لم تسفر عن حياة منتصرة أو متوازنة، ولم تحقق صلحاً مع النفس. لذلك نحن نحتاج إلى قوة إلهية تجري
هذا الصلح في داخلنا، وتحقق لنا نصراَ على أفكارنا وشهواتنا الجامحة ورغباتنا الخفية!.
وهذه القوه الإلهية تحتاج منا إلى خطوات نقوم بها حتى يساعدنا الله علي التقدم في حياتنا والتغلب علي الميول والرغبات الشريرة بداخلنا ولهذا نقدم لكم طريقة مبسطة لمراجعة حياتنا يوميا والأخذ بيد أنفسنا ، وهي قراءة حياتنا يوميا علي ضوء محبة الله ، لنكتشف نقاط قوتنا وضعفنا ، ونعمل بإخلاص ومثابرة علي خلع الإنسان القديم ، كي نلبس يسوع المسيح . ونتحول من شخصية الذئب الماكرة إلى شخصية الحمل الوديعة والمنطقية.
من هم هؤلاء الذين يصعب عليك التعامل معهم؟
إنهم هؤلاء الأشخاص ذوو الطباع الصعبة الذين لا تعرف كيف تتصرف معهم، ولا يمكنك تغيير طباعهم ، ولكن الأمر يكمن في معرفة كيفية التعامل معهم عندما يسيئون التصرف.
بعض الشخصيات الأكثر صعوبة في التعامل معها ومنها نذكر:
1– الدبابة:
وهو الشخص المتحدي والغاضب دائماً، ممثلاً لأقصى درجات السلوك العدواني.هذا النوع يوجه كل ما بداخله من مشاكل ومتاعب إليك، ويصب جامات غضبه عليك . فهو عندما يلقيك بالأحجار، يحس بأنه حقق ما يريد. فهو ملئ بالغيرة والغيظ والغضب الشديد ، ولعله يعاني في أعماقه من مركب النقص ومن قلق شديد واضطراب عنيف ، فيفجر ما بداخله في غيره.
2– القناص
هو من يجعلك تبدو أحمقاً وجاهلاً وذلك من خلال تعليقاته الساخرة أو اللاذعة كلما تحدثت. يبذل الجهد باحثا عن خطأ لمن يريد الإساءة إليه ، فـهــو يــتصيـد
الأخطاء من خلال النبش في الماضي أو الحاضر أو يؤلفها أحيانا. هو يفعل ذلك بقصد الإساءة لشخص معين وذلك لوجود منافسة بينهما ، أو رغبة في الإقلال من شأن شخص بلغ شهرة معينة. فالحقد من الدوافع الأساسية للباحث عن أخطاء الآخرين ، فنحن في مجتمع لا يقدر أن يري الناجح دون أن يهاجمه أو يعترض عليه أو يطعنه، فمجتمعاتنا مليئة بالحقد . والقناص يريد مجالا للانتقاد ، فحتي الصواب الذي يتم انجازه ، يمكنه أن يفسر علي انه خطأ، وهذا ناتج عن إحساس هذه الشخصية بعدم الثقة في نفسها وإنها مهددة ، ولذلك ينتقد كل شئ وينكر أي انجاز للآخر.
3– العلامة :
هو شخص يشعر انه دائما علي حق ، وان فكره سليم، وبدونه يضيع كل شئ . وهو من لا يقبل التصحيح أو المخالفة لأي معلومة أو قصة يرويها ، حتى لو كانت غير دقيقة . فرأيه وحده هو الموضوع والاتجاه.
4 – المتردد :
قد تكون مشكلة عدم الثقة بالنفس هي المشكلة الأصيلة التي تقف وراء المتردد ، ففاقد الثقة بالنفس غير محدد ، غير واضح ، يقرر ويغير ، ربما لا يحس بالأمان ، وربما لا تكون له الكفاءة المناسبة لعمله ، أو انه يخشي الخطأ. والمتردد قد يتمني أن حلا ما يأتي رغم انفه ، فيجد نفسه ملتزما بقرار يصدر من غيره ، وفي هذه الحالة فصاحبنا يعاني من عدم القدرة علي اصدر القرار المناسب في الوقت المناسب. و الخوض في المناقشات قد يكون هو الحل الأمثل مع بعض هذه النماذج وخاصة عندما "يتكهرب الجو".
· قد يمكنك وضع نفسك مكان هذا الشخص لتعرف دوافعه وخلفية تصرفه، وعندئذ قد يمكنك فهمه أو إيجاد أرضية مشتركة بينكما تمكنك من مواصلة الحديث معه.
أحيانا يكون التعامل والارتباط بمصالح وعلاقات مع بعض الناس سهلاً للغاية، والتعامل مع الآخرين مسألة في غاية الصعوبة والتعقيدوالسبب في ذلك هو أننا عندما نتعاون ونتحد معا ؛ فإننا نحتمل أخطاء بعضنا، على حين يأتي الخلاف من الانقسام وإتباع أسلوب التفرقة.
التواصل الناجح يحتاج منا أن نسمع جيدا لكي نفهم ، عندما يُعبِّر الناس عن أنفسهم فإنهم يحتاجون للآخرين لكي يشعروهم أنهم يهتمون بأمرهم، وأنهم قد فهموهم أيضاً.
تكلم لكي يفهمك الآخر: إن صوتك، إشاراتك، تعبيراتك كلها، تقدمك لمن تتحدث إليهم.
راقب نبرة صوتك: فإنها تدل على حالتك النفسية، ويمكنك أن تعتذر عنها لمحدثك، حتى لا يفهم كلامك على أنه غضب موجه إليه.
كن صادقاً في كلامك، وكن مرناً أيضاً، ولا تتعصب لرأيك فقط، وأعط فرصة للآخر لكي يتحدث.
يوجد نوع من الناس يفضل عدم الاحتكاك به ، فأترك الطاغية المستبد وشأنه ، متى رأيت ذلك مناسبا.
* كيف تستخرج أفضل ما في الناس وهم في أسوأ حالاتهم ؟!
* لا تيأس من إمكانية التعامل معهم، وانتظر فقط حتى يهدءوا، ويمكنك اللجوء إلى شخص أمين وقريب من هذه الشخصية ليساعدك على معرفة " كلمة السر" للدخول إليه.
* عندما تجد منهم مقاومة أو ردوداً مهينة، لا تتراجع، واحتفظ بهدوئك، وانتظر، ثم فكر كيف تبدأ الكلام معهم مرة أخرى حتى تكسب ثقتهم.

* لا تهرب من التعامل معه فقد يكون رئيسك في العمل أو أستاذك أو معلمك، وأنت بذكائك وذوقك ستتمكن من الكلام معه حتى في أضيق الحدود.

* لا تعتبر أسلوبه الفظ أو المتعجرف أنه موجهاً إليك وحدك، ولكن هذا هو أسلوبه مع الجميع أو مع معظم المتعاملين معه، ولا تركز على نقائصه حتى يمكنك الاستفادة من مقابلته.
لا تغضب مع الغاضبين ، فهم يحسون بالظلم فلا ترميهم بالحجارة حتى لا يزداد إحساسهم بالظلم فهم يحتاجون إلي أذنا صاغية ، وتجاوبا هادئا ، إنهم يريدون صديقا يفهمهم ويتجاوب معهم ، وأحيانا تكون الدعابة أو النكتة التنفيسية فرصة للتعبير عن النفس ، فيبدأ التجاوب بدلا من رمي الأحجار.تحتاج دائما أن تترك العدائي الغاضب حتى يهدأ ، ثم تبدأ في الكلام بهدوء ، فالصوت العالي لا يجدي . ورغم هدوئك كن حازما دون انفعال ، أحصل علي احترامه وتفادي الصدام معه ، لا توقفه عندما يغضب ، دعه يغضب ودعه يتكلم حتى ينتهي من كلامه .
لا تهاجمه ،لا تنتقده أثناء ثورته ، لكن أسال أسئلة هادئة تدفعه لإجابة محددة واضحة.
* تذكر أيضاً أن هناك أشخاصاً تغيروا للأفضل، لأنهم وجدوا من يستمع لهم، ويتعامل معهم ؛ مما ساعدهم على نزع فتيل الغضب من حياتهم.
عندما لا يمكنك أن تغير ذوي الطباع الصعبة، فبإمكانك أن تتواصل معهم بطريقة تجعلهم يغيرون من أنفسهم.
الاحباء: ليسأل كل منا نفسه بصدق : هل إنا أحدي هذه الشخصيات الصعبة؟ فإذا كانت الإجابة بنعم ، عليك أن تبحث عن الطرق والوسائل التي تساعدك للتغلب علي نقاط الضعف فيك .. فكل إنسان في عمق أعماقه خًير، أنت مخلوق علي صورة الله فابحث عن هذه الصورة التي ربما تكون قد تشوهت بسبب طبيعتنا الساقطة ، واطلب من الله أن يساعدك ويخلقك من جديد علي صورته كمثاله. من المؤكد انك تتألم من طبيعتك الصعبة ، التي تجعل الآخرين يبتعدون عنك وعندئذ تشعر بالوحدة وعدم القبول وهذا إحساس مؤلم.
ابحث بإخلاص عن تحقيق صورة الله فيك وعندئذ ستكون سعيدا وتحقق السعادة لمن حولك والرب معكم ويبارك حياتكم
 
منقوول