أغسطينوس: رجل قديم معاصر

 

(روبير شعيب)

الفاتيكان، 9 يناير 2008 (ZENIT.org).

تحدث بندكتس السادس عشر اليوم عن القديس أغسطينوس محاولاً إعادة تركيب المراحل الأساسية من مسيرته الروحية، والمسيرة الفكرية المتعلقة وأشار إلى السهولة النسبية في إعادة تركيب سيرة القديس انطلاقًا من الكتابات، وبوجه خاص الاعترافات، "وهي السيرة الذاتية الروحية الرائعة، التي كتبت تمجيدًا لله، وهي مؤلفه الأشهر".

وبالكلام عن الاعترافات قال البابا: "تشكل اعترافات أغسطينوس، نظرًا لانتباهها على الحياة الداخلية والنفسية، نموذجًا فريدًا في الأدب الغربي، وليس في ذلك وحسب، بل في الأدب غير الديني، وصولاً إلى الحداثة".

وتابع قائلاً: "هذا الانتباه على الحياة الروحية، على سر الأنا، على سر الله الذي يتخفى في الأنا، هو أمر رائع لا سابق له ويبقى دومًا، إذا صح القول "قمة" روحية.

وتحدث بندكتس السادس عشر عن مسيرة أغسطينوس الفكرية والروحية التي أدت به إلى اعتناق المانوية لأنه رغم اعجابه بشخصية يسوع المسيح "لا بل كان يقول أنه لطالما أحب يسوع"، كان "يتباعد أكثر فأكثر عن الإيمان الكنسي، وعن الممارسة الكنسية، كما يحدث اليوم لكثير من الشباب".

واقترب أغسطينوس من المانويين الذين وعدوه بديانة عقلانية بالملية، ولكن، مع مرور الوقت، "بدأ أغسطينوس يبتعد عن إيمان المانويين الذين خذلوه من الناحية الفكرية لأنهم لم يستطيعوا أن يجدوا حلولاً لشكوكه".

ولم يجد أغسطينوس جوابًا إلا بعد ان سمع تعليم القديس أمبروسيوس حيث "لاقت مشكلة العهد القديم الكبيرة، المتمثلة بنقص في الجمال البلاغي وفي السمو الفلسفي، حلها في عظات القديس أمبروسيوس ، بفضل التفسير التنميطي للعهد القديم".

وشرح الأب الأقدس: "لقد فهم أغسطينوس أن العهد القديم كله هو مسيرة نحو يسوع المسيح. ووجد هكذا المفتاح لفهم جمال وعمق وحتى فلسفة العهد القديم وفهم كامل وحدة سر المسيح في التاريخ وأيضًا التأليف بين الفلسفة والعقلانية والإيمان في اللوغوس، في المسيح الكلمة الأزلي الذي صار بشرًا".

ثم أضاف: "وفي وقت يسير أدرك أغسطينوس أن القراءة المجازية للكتاب المقدس وللفلسفة الأفلاطونية الحديثة التي كان يقوم بها أسقف ميلانو تسمح له بحل المصاعب الفكرية التي كانت تبدو له مستحيلة الحل أول ما قارب النصوص الكتابية عندما كان أصغر".

وهكذا تبلورت مسيرة ارتداد أغسطينوس حيث باشر قراءة الكتاب المقدس وخصوصًا رسائل القديس بولس. وشكل الارتداد إلى المسيحية في 15 أغسطس 386 "قمة مسيرة داخلية طويلة ومتألمة".