وسائل الإعلام: سيف ذو حدين

تفقد وسائل الإعلام معناها عندما تختلق الوقائع بدل نقلها كما هي

الناطق الرسمي باسم الكرسي الرسولي يعلق على رسالة البابا لمناسبة اليوم العالمي لوسائل الإعلام

(روبير شعيب)

روما، 29 يناير 2008 (ZENIT.org).

 يترتب على العاملين في حقل الإعلام واجب أخلاقي هام، هو نشر الحقيقة: هذا ما صرح به الأب فيديريكو لومباردي اليسوعي.

 جاءت كلمات مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي في افتتاحية برنامج أوكتافا دييس الذي يصدره أسبوعيًا المركز التلفزيوني الفاتيكاني.

 حلل الأب لومباردي في هذا الأسبوع رسالة البابا بندكتس السادس عشر لليوم العالمي الثاني والأربعين لوسائل الإعلام الذي سيحتفل به في 4 مايو المقبل، بعنوان: "وسائل الإعلام الاجتماعية بين الريادة والخدمة. البحث عن الحقيقة لتقاسمها".

 قال الأب لومباردي: يجب علينا أن نتساءل بشكل جدي "عما إذا كانت وسائل الإعلام في خدمة خير الأشخاص وخير المجتمعات".

 "فغالبًا ما نجدنا أمام دوافع تدعو إلى الشك بذلك أو إلى الخيبة المريرة".

 "فكثيرًا ما لا تعرض وسائل الإعلام الواقع، بل تسعى إلى تقريره".

 واستشهد الكاهن اليسوعي برسالة الأب الأقدس حيث يشرح الأب الأقدس أن هذا الأمر يحدث عندما لا يتم استعمال وسائل الإعلام لنشر الأخبار بل لخلقها، أو أقله إلى تضخيمها، وإلى التلاعب بتفسيرها الصحيح، أو فرض أشكال من التفسير لدوافع إيديولوجية، ولمصالح اقتصادية أو سياسية.

 وردد الأب فيديريكو مبدأ اعتبره أساسيًا وواضحًا: "الكلمة – الملفوظة، المكتوبة أو المصورة – قد جعلت للحقيقة، لقول الحقيقة، بغية تعزيز اللقاء بين الأشخاص في تقاسم الحقيقة"، لا للخداع أو للإنقسام ولا  لتوسلها في السيطرة على الآخرين.

 وأشار الأب لومباردي أن الأمر "لا يتعلق بالحلم بعالم مثالي؛ فالمسألة تضع على المحك نوعية مستقبل المجتمع الإنساني".

وتابع شارحًا أن المسألة هي مسألة اعتبار وسائل الإعلام الرائعة "كوسيلة نفوذ" أو "كمناسبة للنمو في المعرفة".

 "خدمة الحقيقة ليست كلمة فارغة، بل هي واجب أخلاقي، متواضع وعظيم، في جهد كل يوم، وفي استخدام كل كلمة".

وسائل الإعلام: سيف ذو حدين

(روبير شعيب)

روما، 29 يناير 2008 (ZENIT.org).

ما زالت رسالة البابا بندكتس السادس عشر لليوم العالمي لوسائل الإعلام تلاقي أصداءً منوعة من مختلف الجهات المسيحية وغير المسيحية، الأمر الذي يدل على أهمية المحتويات التي تتضمنها

 فقد أصدر الأب الأقدس بندكتس السادس عشر، في 24 يناير الجاري، بمناسبة عيد القديس فرنسوا دي سال، شفيع الصحفيين، رسالة لليوم العالمي الثاني والأربعين لوسائل الإعلام الذي سيحتفل به في 4 مايو المقبل، بعنوان: "وسائل الإعلام الاجتماعية بين الريادة والخدمة. البحث عن الحقيقة لتقاسمها".

 وقد أشار البابا منذ مطلع الرسالة بأن العنوان نفسه يضعنا أمام "الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام في حياة الأشخاص والمجتمع"، إذ "ما من بعد في الخبرة الإنسانية، خصوصًا إذا ما اعتبرنا ظاهرة العولمة المنتشرة، إلا وتلعب فيه وسائل الإعلام دورًا أساسيًا في العلاقات بين الأشخاص، وفي العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والدينية".

 واستشهد البابا برسالة اليوم العالمي للسلام التي صدرت في أول يناير حيث يقول: "على وسائل الاتصال الإجتماعي، بشكل خاص، وبما لها من قدرات تربوية، مسؤولية خاصة لتعزيز احترام الأسرة وتجسيد تطلعاتها وحقوقها، وإظهار بهائها للعيان" (العدد 5).

 وأشاد البابا بالدور الواضح الذي تلعبه هذه الوسائل، حيث تسهم في "نشر الأخبار، ومعرفة الوقائع وانتشار المعرفة"، مشيرًا إلى أنها ساهمت في تثقيف الشعوب والمجتمعات "وفي تنمية الديمقراطية والحوار بين الشعوب". وشدد بالقول أن "على وسائل الإعلام أن تكون: لا مجرد وسائل لنشر الأفكار، بل تستطيع ويجب عليها أن تكون وسائل في خدمة عالم أكثر عدالة وتضامنًا".

 وفي هذا الصدد تأسف البابا للخطر الكامن في أن تتحول وسائل الإعلام إلى "أنظمة تسعى إلى إخضاع الإنسان لمنطق ينبع من مصالح الساعة. هذا هو حال وسائل الاتصال التي تستعمل لأجل مقاصد إيديولوجية ولأجل تصريف المواد الاستهلاكية عبر دعاية ملحة".

 "وبينما تزعم تصوير الواقع، تقوم بالحقيقة بتشريع وفرض نماذج منحرفة للحياة الشخصية والعائلية والاجتماعية"، إضافة إلى ذلك، "بغية زيادة عدد المشاهدين، لا تتردد أحيانًا اللجوء إلى المغالاة اللاأخلاقية، والبذاءة، والعنف".

 وذكر البابا في هذا الإطار أن "البشرية تجد نفسها على مفترق طرق. وينطبق على وسائل الإعلام أيضًا ما كتبته في الرسالة العامة "مخلصون بالرجاء" حول موضوع غموض التطور، الذي يقدم امكانيات جديدة للتطور، ولكنه يفتح في الوقت عينه امكانيات رهيبة للشر لم تكن موجودة من قبل".

 ولذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: هل من الحكمة السماح لوسائل الإعلام أن تستعمَل لريادة دون تمييز، أو أن تقع في أيدي من يتوسلها للتلاعب بالضمائر؟ أليس من واجبنا بالحري أن تجهد لكي تبقى وسائل الإعلام في خدمة الشخص البشري والخير العام، وأن تعزز "التنشئة الخلقية للشخص البشري، في خدمة الإنسان الداخلي"؟.

البابا يعرض حسن استعمال وسائل الإعلام كتحدٍ حاسم في الألفية الثالثة

(روبير شعيب)

روما، 29 يناير 2008 (ZENIT.org).

يبدو وكأن وسائل الإعلام تتخطى أحيانًا دورها فتزعم، بدل الاقتصار على كشف الوقائع بل تقريرها، مرتكزةً على قوة وقدرة التأثير التي تتمتع بها، هذا ما صرح به بندكتس السادس عشر في رسالته لليوم العالمي الثاني والأربعين لوسائل الإعلام الذي سيحتفل به في 4 مايو المقبل، بعنوان: "وسائل الإعلام الاجتماعية بين الريادة والخدمة. البحث عن الحقيقة لتقاسمها".

 وعلق البابا على هذا "التحول في دور وسائل الإعلام" واصفًا إياه بالـ "خطير"، وهو أمر يولد القلق لدى الرعاة، لأنه يرتبط "بوقائع تؤثر بعمق على مختلف أبعاد الحياة الإنسانية (الخلقية، الفكرية، الدينية، العلائقية، العاطفية، والثقافية).

 وسلط الأب الأقدس الضوء على هذه الحقيقة: "ما كل ما هو ممكن تقنيًا، يمكن تطبيقه خلقيًا"، لافتًا إلى أن "وقع وسائل الإتصال على حياة الإنسان المعاصر تطرح أسئلة لا يمكن تحاشيها، وهي تتطلب خيارات وأجوبة لا يمكن تأجيلها".

 وبما أن وسائل الإعلام باتت تلعب دورًا متكاملاً مع المسألة الأنتروبولجية، فهي تطرح نفسها "كتحدٍ حاسم في الألفية الثالثة".

 وأضاف محذرًا: "عندما تفقد وسائل الإعلام الركائز الخلقية وتتجاوز الرقابة الاجتماعية، يؤدي بها الأمر إلى إهمال محورية وكرامة الشخص البشري"، وتتعرض لخطر التأثير سلبيًا على ضميره، وخياراته، مؤثرة بالتالي بشكل حاسم على حرية الشخص البشري وحياته عينها.

 لهذا السبب من الضرورة بمكان أن "تدافع وسائل الإتصال الاجتماعية بغيرة كبيرة عن الشخص البشري وتحترم كرامته بالكلية.

 وأشار البابا إلى أن الكثيرين يشعرون بضرورة " الإعلام الأخلاقي" تمامًا كما توجد البيوأخلاقيات في الحقل الطبي والبحث العلمي وتتعلق بالحياة.

 "يجب أن نحرص على ألا تصبح وسائل الاتصال الاجتماعي مكبرًا لصوت المادية الاقتصادية والنسبية الخلقية، التي تشكل طاعون عصرنا الحقيقي. فوسائل الإعلام تستطيع أن تساعد المرء في معرفة الحقيقة، وحمايتها بوجه من يسعى إلى إنكارها أو إلى تدميرها".

 "تقود وسائل الاتصال والإعلام الجديدة والهاتف والانترنت بشكل خاص بتغيير وجه الاتصال عينه، وربما هذه هي الفرصة المؤاتية لإعادة رسم هذا الوجه، لجعله مرئيًا بشكل أفضل".

 ثم تحدث الأب الأقدس عن عطش الإنسان العميق إلى الحقيقة بالقول: "يعطش الإنسان للحقيقة ويبحث عنها"؛ والبرهان على ذلك هو الانتباه الذي تحوزه البرامج ذات النوعية حيث "يتم الاعتراف بجمال وعظمة الشخص البشري، مع بعده الديني".

 وتابع بالقول: "لقد قال يسوع: ‘تعرفون الحق والحق يحررك‘ (يو 8، 32). المسيح هو الحقيقة التي تحررنا، لأنه هو وحدة يستطيع أن يجيب بالكامل على العطش إلى الحياة والحب الكامن في قلب الإنسان. من التقى بالمسيح، وانجذب إلى رسالته يختبر الشوق الذي لا يمكن اخماده لمشاركة هذه الحقيقة ونشرها. يكتب القديس يوحنا في هذا الصدد: "ذاك الَّذي كانَ مُنذُ البَدْء ذاك الَّذي سَمِعناه ذاك الَّذي رَأَيناهُ بِعَينَينا ذاكَ الَّذي تَأَمَّلناه ولَمَسَتْه يَدانا مِن كَلِمَةِ الحَياة, […] نَشهَد ونُبَشِّرُكمِ بِتلكَ الحَياةِ الأَبدِيَّةِ الَّتي كانَت لَدى الآب فتَجلَّت لَنا ذاكَ الَّذي رَأَيناه وسَمِعناه ,نُبَشِّرُكم بِه أَنتم أَيضًا لِتَكونَ لَكَم أَيضًا مُشاركَةٌ معَنا ومُشاركتُنا هي مُشاركةٌ لِلآب ولاَبنِه يسوعَ المسيح. 4 وإِنَّنا نَكُتبُ إِلَيكم بِذلِك لِيَكونَ فَرَحُنا تامًّا" (1 يو 1، 1 – 3).