ظاهرة خطف البنات وصمة عار في جبين مصر

 بقلم منير بشاى

أحسست أن أوصال قلبي تتقطع وأنا أشاهد هذا الفيديو كليب القادم من مصر. فلا يوجد شيء أصعب على النفس قدر أن ترى منظر أم وأب ينتحبان على فلذة أكبادهم. صعب أن ترى الآباء يدفنون أبنائهم، فالطبيعي أن يحدث العكس. ولكن مشكلة الخطف تزيد صعوبة عن مشكلة الموت، فالموت ينهي كل المشاكل، ويسدل الستار على أخر فصول الحياة ويرجع الوديعة إلى جابلها، ويعطينا الضمان أنها وصلت أخيراً إلى مقرها الأبدي. ولكن في مأساة الأختفاء بالخطف ما تزال الفتاة على قيد الحياة ولكن بطريقة ما أنتزعت من بين أحضان أسرتها الى مكان قد يكون مجهولا ويمارس ضدها أعمال إجرامية كالاعتداء الجنسي وتغيير الدين والزواج على غير إرادتها، ثم دفعها إلى مستقبل مظلم لا يعرف أحد مداه!!
كأب أحسست بالمأساة التي تعيشها تلك الأم المتوشحة بالسواد وهي تبكي أبنتها ذات السبعة عشر ربيعاً والتي اُختطفت من بين يديها فجأة ودون سابق إنذار.
وأعترف أنني لفترة كنت أميل إلى التخفيف من حدة ظاهرة خطف البنات في حكمي، ظناً مني أنها غالباً حالات قليلة وغير مؤكدة، ولكن الموضوع قد زاد عن حده والحالات ثابتة وموثقة والأسماء معروفة وكذا التواريخ وملابسات ووقائع حوادث الخطف. وحتى لو أفترضنا جدلاً أنها حالت نادرة فهذا لا يقلل من بشاعتها ولا يضفي عليها الشرعية أو القبول. ولكن الاحتمالات في اعتقادي هي لصالح الترجيح باحتمال الزيادة أكثر من النقص، فوصمة العار التي قد تلتصق بالفتاة وأسرتها كنتيجة  للخطف قد تدفعهم إلى محاولة كتمانها لدرء الفضيحة. ولا يختلف الأمر عندي لو ثبت صحة ما يشاع من أن هناك حالات مقابلة لاختفاء بنات مسلمات وأن المشكلة ليست دائما تتعلق بالمسيحيات، فظاهرة الخطف همجية لا إنسانية مهما كانت خلفية الضحية. وهي أيضاً عمل خسيس وجبان لأن الجاني يستغل ضعف الضحية وعجزها عن الدفاع عن نفسها. 
هذه الظاهرة لا صلة لها بحق الإنسان في تغيير دينه طالما يتم هذا على أساس سليم، ويُبنىَ على قرار حُر لا ضغوط فيه، وطالما يدرك الإنسان الأبعاد الكاملة لِما هو مُقدِم عليه والتداعيات المختلفة لقراره. وإذا تحققت هذه الضمانات فإننا سنرى الموضوع سيغيّر مساره بعيداً عن ما نراه حالياً من التركيز على ملاحقة الفتيات، سنرى الموضوع قد أكتسب صفة العمومية والمساواة فيُفتَح الباب لكل مَن يريد أن يغيّر دينه عن اقتناع سواء كان رجلاً أم امرأة، مسيحياً كان أم مسلماً. ولكننا جميعاً نعرف أن الأمور لا يمكن أن تصل إلى هذه الدرجة المتكافئة في التعامل في ظل مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحكم مصر في هذه الأيام.
الكرة في ملعب الدولة، سواء أرادت أم لم ترد لأنها الجهاز الذي يحكم بين المواطنين ويوفر الحماية والأمان للضعيف والإحساس بالعدل للمظلوم. ولكن لاعتبارات ازدياد الجرعة الدينية رأينا الدولة مؤخراً تحاول أن تدفع الكرة عن ملعبها، تحاور وتراوغ بها، وبدلاً من أن تركب الصعاب تسعى لكي تجد مخرجاً سهلاً للمشكلة،،، وفي سبيل ذلك رأينا الدولة تتبع سياسة دفن الروؤس في الرمال محاولة إنكار وجود المشكلة لعل الزمن يكون كفيلاً بحل المشكلة أو تأجيل التصدي لها إلى أقصى وقت ممكن. يحدث هذا على خلفية أن الدولة لا تجد من رد الفعل القبطي ما يضعها أمام الأمر الواقع ويُجبرها أن تضطلع بالدور التي هي منوطة به أمام الله والوطن والعالم كله\\.
والمشكلة أساساً هي مشكلتنا كأقباط وعلينا كأقباط سواء داخل مصر أو خارجها أن ندرس القضية من جميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والدينية ونحاول أن نقفل كل الثغرات التي تساهم في ازديادها. وكرجال ينبغي أن يكون لنا النخوة لحماية بناتنا ولو أدى الأمر إلى التضحية بأرواحنا

13/02/2008