الكاردينال برتوني: الإيمان المسيحي لا ينفي الثقافات بل يجعلها أكثير إنسانية

 

بقلم روبير شعيب

 لاهابانا- كوبا، 26 فبراير 2008 (Zenit.org).

 العلمانية السليمة تجد ركيزتها في كلمة المسيح، بحسب أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال ترشيسيو برتوني.

 ففي المحاضرة التي ألقاها أمس في جامعة لاهابانا في كوبا، تحدث  الكادرينال الذي يقوم بزيارة رسمية فاتيكانية لكوبا عن "العلمانية السليمة" وأشار إلى أنها تتطلب تمايزًا بين الدين والسياسية، وبين الكنيسة الدولة. "فالمؤمنون وغير المؤمنين يجدون هذه الركيزة مسطرة في الكتاب المقدس عينه، عندما يحض يسوع على إعطاء "ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" (متى 22، 21)".

 "ولكن هذه العلمانية لا يمكن أن تعني أن يكون الله مجرد أطروحة خصوصية، تنفي الكنيسة والدين من الحياة العامة".

 وذكر برتوني بما قاله بندكتس السادس عشر في سوبياكو قبيل اعتلائه السدة البطرسية حيث لاحظ أن كل المحاولات لبناء الواقع البشرية بمعزل عن الله، إنما أدى دومًا إلى تهميش كامل للإنسان. وقد دعا قداسة البابا إلى العيش " veluti si Deus daretur " "كما لو أن الله موجود"، مقدمًا النصيحة عينها التي قدمها باسكال لأصدقائه غير المؤمنين.

 ثم عاد برتوني في نهاية محاضرته إلى السؤال الذي انطلق منه في أولها: "ما هو إسهام الثقافة المسيحية في وضع ركيزة لخلقية العيش البشري؟".

 وصرح أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان أن الجواب لا يمكن أن يكون إلا التالي: "تقديم المسيحية كدين اللوغوس والمحبة"، وعلى الكنيسة أن تكون أمام الشعوب والمجتمع "ذاكرة تذكّر بوجود أسس للقيم" وبهذا الشكل تسهم الكنيسة في أنسنة المجتمع.

 وعليه، "لا يؤدي الإيمان إلى تدمير أية ثقافة كانت بل يسهم في تطهيرها من كل ما يتعرض لكرامة وحقوق الشخص البشري ومن كل ما يعارض أنسنة المجتمع".

برتوني إلى الجامعيين في كوبا: الثقافة حق للجميع، وليست حكرًا على نخبة من الأشخاص

بقلم روبير شعيب

 لاهابانا- كوبا، 26 فبراير 2008 (Zenit.org).

هذا ما قاله أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال ترشيسيو برتوني في المحاضرة التي ألقاها أمس في جامعة لاهابانا في كوبا

بعنوان: "الثقافة والركائز الخلقية للعيش البشري".

 انطلق برتوني من قول المفكر الكوبي الشهير، خوسي مارتي القائل: "السبيل الوحيد لكي نكون أحرارًا هو أن نكون مثقفين"، وتساءل معلقًا: "كل الناس يقدرون الثقافة كخير هام ولكن لماذا تعتبر الثقافة خيرًا؟".

 وعرض أمين سر دولة حاضر الفاتيكان الجواب الذي أعطاه يوحنا بولس الثاني: "الثقافة هي الوسيلة التي من خلالها يصبح الإنسان أكثر إنسانية، أي أن "يكون" أكثر من أن "يملك"" (خطاب إلى اليونسكو 2 – 6 – 1980).

 ثم استشهد بالمجمع الفاتيكاني الثاني الذي يقول:" من خلال الثقافة يعزز الإنسان خصائصه الروحية والجسدية" و "يجعل الحياة الاجتماعية أكثر إنسانيةَ" (راجع "فرح ورجاء" 53).

 وتابع الكاردينال قائلاً "إذا ما كانت الثقافة خيرًا، يجب إذًا أن تكون بمتناول الجميع، وألا تكون حكرًا على نخبة من الأشخاص".

 وأوضح أن الثقافة "لا تقتصر على الرغبة الفردية البسيطة في تعلم معارف جديدة"، "فالثقافة تتضمن زخمًا داخليًا يدفعها دومًا إلى تجاوز ذاتها باتجاهين":

 باتجاه أفقي، فتلتقي بالثقافات الأخرى مغتنية من تنوعها.

 وباتجاه عامودي، نحو النبع الآخر للحق والجمال والخير.

 وتطرق إلى مسألة التنوع الثقافي الذي يمكن أن يكون مصدر غنى ولكن في الوقت عينه قد يشكل خطرًا على بعض الثقافات التي قد تزول وتذوب في حضن ثقافات أخرى.

 كما وإن تنوع الثقافات يؤدي بالبعض إلى "التصريح بعدم وجود شرعٍ أدبي مشترك وموضوعي"، فالنسبية الخلقية تتقوى في حضن النسبية الثقافية، وقد قام البابا بندكتس السادس عشر بإيضاح هذه الظاهرة في محاضرة ريغينسبورغ في 12 سبتمبر 2006 في ألمانيا.

 ولفت برتوني إلى أن السبيل للانعتاق مما أسماه بندكتس السادس عشر "ديكتاتورية النسبية" هو "التمييز الأساسي" المتمثل "بالخط الفاصل بين الخير والشر"، فمن دون هذا التمييز، ما من سبيل للتخلص من "ملك العشوائية".

 ولفت إلى أن هذا السبيل يتمثل بما تسميه الفلسفة "الشريعة الطبيعية". وشرح أن القانون الطبيعي يستلزم "مفهوم طبيعة مرتبطة جوهريًا بالعقل" الذي هو "اشتراك وصورة للعقل (اللوغوس) الخالق".

 وعليه فالقانون الطبيعي هو بمثابة "القواعد" المتسامية التي تفسح المجال أمام الشعوب المختلفة لتتحاور.