كلمة قداسة البابا قبيل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء 31/3/08

كاستل غاندولفو، الاثنين 31 مارس 2008 (Zenit.org).

 ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر من شرفة القصر الرسولي في كاستل غاندولفو قبيل تلاوة صلاة افرحي يا ملكة السماء نهار الأحد 30 مارس 2008.
* * *

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

خلال يوبيل العام 2000، جعل خادم الله الحبيب يوحنا بولس الثاني في كل الكنيسة الأحد التالي للفصح – إضافة إلى كونه أحد الحواريين (الأحد الأبيض) – أحدًا للرحمة الإلهية. وجاء هذا تزامنًا مع إعلان قداسة فاوستينا كوفالسكا، الراهبة البولندية المتواضعة، المولودة عام 1950 والتي رقدت بالرب عام 1938، الرسولة الغيورة لرحمة يسوع.

الرحمة هي بالواقع النواة المحورية للرسالة الإنجيلية، هي اسم الله بالذات، هي الوجه الذي كشف به عن نفسه في العهد القديم وبالملء في يسوع المسيح، تجسد الحب الخالق والفادي.

ينير هذا الحب الرحوم وجه الكنيسة أيضًا، ويتجلى بواسطة الأسرار، وبوجه خاص بواسطة سر المصالحة، كما وعبر أعمال المحبة الجماعية والفردية. كل ما تقوله الكنيسة وتفعله يعلن الرحمة التي يكنها الله للإنسان. وعندما تضطر الكنيسة أن تذكّر بحقيقة أُسيء فهمُها، أو بخير تم التغاضي عنه، تقوم بذلك مدفوعةً من الحب الرحيم، لكي تكون الحياة للبشر وتكون لهم بوفرة (راجع يو 10، 10).

من الرحمة الإلهية التي تصالح القلوب ينبع من ثم السلام الأصيل في العالم، السلام بين الشعوب والحضارات والأديان المختلفة.

كالأخت فاوستينا، صار يوحنا بولس الثاني بدوره رسولاً للرحمة الإلهية. عشية سبت الثاني من أبريل 2005 التي لا تُنسى، عندما أغلق عينيه على هذا العالم، كانت عشية الأحد الثاني بعد الفصح، وقد لاحظ الكثيرون المصادفة الفريدة التي وحدت بين البعد المريمي – السبت الأول من الشهر – وبعد الرحمة الإلهية. وبالواقع، كان هذا النواة الأساسية لحبريته الطويلة والمتعددة الوجوه؛ تتلخص رسالته كلها في خدمة الحقيقة بشأن الله والإنسان والسلام في العالم بهذا الإعلان، كما صرح هو بالذات في كراكوفيا-لاغييفنيكي عام 2002، في افتتاحه لمزار الرحمة الإلهية الكبير: "ما من مصدر آخر للرجاء للبشرية خارج رحمة الله". رسالته، مثل رسالة القديسة فاوستينا، تقود إذًا إلى وجه المسيح، الإعلان الأسمى لرحمة الله. التأمل بشكل متواصل بوجهه: هذا هو الإرث الذي خلفه لنا، ونحن نتقبله بفرح ونجعله خاصتنا.

في الأيام المقبلة سيتم التأمل بشكل خاص بالرحمة الإلهية بمناسبة المؤتمر الرسولي العالمي للرحمة الإلهية الذي سيعقد في روما والذي سيفتتح بقداس إلهي سأترأسه، إن شاء الله، صباح الأربعاء 2 أبريل، بمناسبة الذكرى الثالثة لموت خادم الله يوحنا بولس الثاني.

نضع هذا المؤتمر تحت حماية مريم الكلية القداسة، أم الرحمة. نوكل إليها القضية الكبرى قضية السلام في العالم، لأن رحمة الله تحقق ما يستحيل على القوى البشرية وحدها، ولكي تنفح القلوب بشجاعة الحوار والمصالحة.

* * *
نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)
حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2008.