القيامة وحياتنا (2)

" لماذا تطلبن الحي  بين الأموات ، ليس هو ههنا  ، لكنه قام "

 

يذكر الإنجيليون أن المريمات ذهبن إلي القبر وهن متحيرات "من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر" لا ليقوم المعلم ولكن لندخل نحن إلي هذا القبر . من يدحرج لنا الحجر لكي نُطيب هذا الجسد، وفيما كن في هذه الحيرة وفي هذا الارتباك تطلعن إلي القبر، فرأين الحجر قد دحرج .                         

    هكذا ينزل الله إلي صميم حيرتنا  وقلقنا والي ارتباكنا إذا طلبناه . إذا كنا نحن نلتمسه حقا فكل ما نشعر به كحجرا جاثما علي صدورنا يُدحرج لان الرب لا يدع أحباؤه متحيرين ، ولا يدعهم في قلق . لذا ينهض فيهم المسيح حيا ليس لأنه قام منذ ألفي سنة ، بل لأنه حي فيهم، قائم في قلوبهم.                       

 

" أتطلبن يسوع الناصري المصلوب، قد قام ليس هو ههنا"            

كلام الملاك إلي حاملات الطيب موجه اليوم لكل منا عندما يكون في حيرة من أمور الحياة ، يقول الله له : " لا تظن أن فيك شيئا ميتا إلي الآبد ، لا تنظر إلي الموت ،  أي لا تنظر بعد إلي ضعفك وخطاياك " بل أطلب الحقيقة والنور ، أطلب الغفران،هذه هي الأشياء الناهضة فيك المسيح ليس مدفونا في القبر فيما بعد ، تابع سيرك مع المسيح القائم ، قم من قبرك وحزنك ، قدم للمسيح كل ما يؤلمك وكل ما يعوق حياتك لتكون مسيحيا حقيقيا ، وامش مع النور ، انه قام .                                           

" ليس هو ههنا ، لكنه قام "

أن في  إعلان الملاك هذا  خلاصة الكرازة التي أسست الكنيسة ، قام المصلوب من بين الأموات وهو يسبقكم إلي الجليل ، وبالنسبة إلي النسوة هذه هي ساعة الرسالة ، إعلان القيامة للرسل الذين بدورهم سيعلنونها إلي كل الأمم.                                         

" وفي أول الأسبوع " هذا  هو الصباح العظيم ، صباح القيامة ، تعلنه النسوة . هذا الخلق الجديد وحياة القيامة التي يدشنها يسوع المسيح ، تشهد له أمرآتان. سمع التلاميذ هذا الخبر المذهل فقالوا

" ثرثرة وهذيان " ( لو24 : 11 ) . تحدثتا عن الزلزلة ، وعن الملاك وعن البرق اللامع النازل من السماء ، دحرج الحجر عن القبر !! في الواقع العادي ثرثرة وهذيان !! وهذا الملاك يتكلم ، يقول أول خطبة  عن القيامة ، وهي التي ستسمعها البشرية علي مر الأجيال : لا تطلبوا يسوع المسيح في القبر ، لقد قام . قام !! انذهلت المرأتان . ما عادتا تتحركان ، هزهما الملاك وقال لهما :

" اذهبا ، أسرعا وقولا للتلاميذ : انه قام من بين الأموات "  ركضت المرأتان . رأتاه في حنانه المعهود ، حياهما : السلام لكم ، لا تخافا. وتحدث عن أخوته (تلاميذه ) وأعلن فرح القيامة : هناك يرونني.

 

نحن نعيد عيد الفصح ، عيد القيامة حين نتعلم من جديد أن نري يسوع ، قال الملاك : ليس يسوع في القبر ، ليس بين الأموات ، بل بين الأحياء . ونحن نراه حيث يعيش البشر بصعوباتهم ومشاكلهم وآلامهم وأفراحهم. 

وتظل القيامة خبرة شخصية ، مبنية علي الإيمان ، وإيماننا ليس اقتناع بحدث معين ، لكنه علاقة واعتراف ،  ومن هنا تكون  شهادتنا بالقيامة ليس بإقناع الناس بل عندما نبشر ونحيا هذه القيامة.

 

كيف تعمل القيامة في حياتنا اليوم ؟

     يؤكد العهد الجديد بقوة أن المسيح جعل البشرية تعبر معه إلي القيامة مرورا بالموت . " كذلك أحسبوا أنفسكم أمواتا عن الخطيئة ، أحياء لله في يسوع المسيح … بل أجعلوا أنفسكم في خدمة الله . علي إنكم أحياء قاموا من بين الأموات " ( روم 6 : 11 + ). " فإذا اتحدنا به فصرنا علي مثاله في الموت ، فسنكون علي مثاله في القيامة أيضا "

 ( روم 6 : 5 ) .  لنتأمل عمل القيامة اليوم في حياتنا ، فهي المحبة ، التسامح ، النظرة الايجابية.

 

الــمحـــبــة 

     "نحن نعلم إننا انتقلنا من الموت الي الحياة لأننا نحب أخوتنا، من  لا يحب بقي رهن الموت" (1يو 3 : 14).

 

الــــمغـــفرة

   بقيامة المسيح أنقذنا من الموت ومن ميولنا القاتلة، فالبغض والضغينة يُولدان الموت (علي مثال ما فعل قايين بهابيل) علي خلاف التسامح والمغفرة فهما يُلدان الحياة .

الـــنــظـــرة المــحــيـــية

وهي إعلان القيامة، بقبولنا للآخر دون شرط ، نظرة صانعي السلام والقلب النقي الرحيم، نظرة مباركي الأب ، نظرة الرجاء.

 

والسؤال الآن : بأي طريقة يمكنني أن أشارك المسيح في قيامته؟ كيف أجدد حياتي، وحياة من حولي، كيف أكون رسول القيامة ؟