الحلقة الثالثة: قائد المئة

كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟

دراسة في انجيل متى

مقدمة

}  عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد{ (1تي  3 :  16)، }  و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا { (يو  1 :  14)، وشابهنا في كل شيء}  لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس { (في  2 :  7). وتعامل وتواصل مع شخصيات عديدة، منها من كان ذا وجهة نظر مغايرة، او كان ذا قلب غير مستقيم، أو طبع شرير أو متهور او حسود أو مجرِّب …الخ. في الواقع، كل منا، خلال احداث حياته اليومية، عاش ويعيش هذه اللقاءات مع المختلفين عنه! لنترك للمسيح نفسه فرصة تدريبنا على حسن التعامل مع الآخر ولا سيما المختلف   } قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا  { (لو  11 :  1)

 

الحلقة الثالثة (3)

قائد المئة

 (مختلف حكيم)

النص  

}يا سيد غلامي مطروح في البيت مفلوجا متعذبا جدا فقال له يسوع انا اتي و اشفيه  فاجاب قائد المئة و قال يا سيد لست مستحقا ان تدخل تحت سقفي لكن قل كلمة فقط فيبرا غلامي  لاني انا ايضا انسان تحت سلطان لي جند تحت يدي اقول لهذا اذهب فيذهب ولاخر ائت فياتي و لعبدي افعل هذا فيفعل.  فلما سمع يسوع تعجب و قال للذين يتبعون الحق اقول لكم لم اجد و لا في اسرائيل ايمانا بمقدار هذا ثم قال يسوع لقائد المئة اذهب وكما امنت ليكن لك فبرا غلامه في تلك الساعة {(مت  8 :  13)

من خلال حوار قصير مع يسوع لنستكشف اولا شخصية قائد المئة وكيف يرى الآخرين ؟

          محترم ، يعرف قدر الآخر ويحترمه فقد خاطب السيد المسيح بقوله: } يا سيد {  إنه يتكلم  عاملا بوصية الكتاب }  باركوا الرب وارفعوه ما قدرتم فانه اعظم من كل مدح  { (سيراخ  43 :  33)

          واعٍ يعرف خاصته ويتابع ويهتم بأحوال الآخر حتى وان كان خادمه  }  غلامي {  }  الرحمة و الحق يحفظان الملك و كرسيه يسند بالرحمة  { (ام  20 :  28)

          شفوق رحيم  }  مطروح في البيت  مفلوجا متعذبا جدا { ما أروع الرحمة وما أعظم الرحماء وما أحكمهم . يقارن الكتاب بين الحكيم والقاسي فيقول:  }  الرجل الرحيم يحسن الى نفسه و القاسي يكدر لحمه {(ام  11 :  17)

         له سلطان } قائد المئة{  نعم إن مركزه عظيم كقائد مئة  فهو تابع للعدل ورحيم }  التابع العدل و الرحمة يجد حياة حظا وكرامة {  (ام  21 :  21)  

          متواضع  } لست مستحقا ان تدخل تحت سقفي{ }  لان الرب عال و يرى المتواضع اما المتكبر فيعرفه من بعيد {  (مز  138 :  6)  }لان قدرة الرب عظيمة و بالمتواضعين يمجد {  (سيراخ  3 :  21)، }  لانها ليست قوتك بالكثرة يا رب و لا مرضاتك بقدرة الخيل و منذ البدء لا ترضى من المتكبرين بل يسرك دائما تضرع المتواضعين الودعاء { (يهوديت  9 :  16)

          قنوع  } لكن قل كلمة فقط { }  قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح و ماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق و تحب الرحمة و تسلك متواضعا مع الهك { (مي  6 :  8)

          مؤمن  } فيبرا غلامي { لديه ثقة المؤمنين ورجاؤهم}  فامن بالرب فحسبه له برا { (تك  15 :  6)

          حكيم }لاني انا ايضا انسان تحت سلطان لي جند تحت يدي اقول لهذا اذهب فيذهب ولاخر ائت فياتي و لعبدي افعل هذا فيفعل{. }  لب العاقل يتامل في المثل و منية الحكيم اذن سامعة { (سيراخ  3 :  31)  هذا إنسان حكيم  يعرف جيدا مقدار قوة كلمة يسوع وسلطانه لقد استطاع ان يربط بين سلطته وطاعة جنوده لهذا السلطان وبين سلطة يسوع وطاعة الطبيعة له ، }  و لكنه يعطي نعمة اعظم لذلك يقول يقاوم الله المستكبرين و اما المتواضعون فيعطيهم نعمة {  (يع  4 :  6)

         مدهش } فلما سمع يسوع تعجب{ }  الرجل الحكيم يمتلئ بركة و يغبطه كل من يراه {  (سيراخ  37 :  27)

          شاهد لإيمانه } و قال للذين يتبعون الحق اقول لكم لم اجد و لا في اسرائيل ايمانا بمقدار هذا{ }  الرجل الحكيم يعلم شعبه و ثمار عقله صالحة {  (سيراخ  37 :  26) }  احملوا نيري عليكم و تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم { (مت  11 :  29)

          منتصر } ثم قال يسوع لقائد المئة اذهب و كما امنت ليكن لك فبرا غلامه في تلك الساعة{  فقد فاز بالنعمة }   تسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين و اما المتواضعون فيعطيهم نعمة { (1بط  5 :  5)

 

عندما يعرض علي الرب نعما أكثر من حاجتي هل اتذكر حاجات الآخرين؟  وأقول له شكرا يا رب أعطيتني الكثير وانا لست مستحق اسمح لي ان اعوض اخوتي؟ لقد راجع قائد المئة يسوع وطلب منه الحد الأدنى :(قل كلمة) فربما هناك آخرين في حاجة ماسة إلى يسوع.

ماذا فعل يسوع وكيف تعامل مع هذه الشخصية؟

         يسوع اندهش من إيمانه. رغم ان الجميع يرونه من خارج شعب الله، فهل ما زلت أندهش بفرح أمام نجاح الآخر واقتداره وحكمته ؟ أم أحيانا يمنعني الحسد من الفرح مع الفرحين وتحرمني الأنا من هذا الإحساس المحيي بالإندهاش؟

         يسوع فرح به }  يا ابني ان كان قلبك حكيما يفرح قلبي انا ايضا {  (ام  23 :  15) رغم انه من الأمم … وكأن يسوع يسألني اليوم بمن أفتخر ؟ وهل أجد صعوبة في الثناء على فعل حميد حتى وان خالف خطتي؟

         يسوع عدّل خطته متجاوبا مع طلبة المختلف الحكيم . رغم أن المسيح هو القائد الحقيقي ، وهو معلم الحكمة!! إنه يعلمنا كيف نترك دوما مساحة للآخر حتى يتمكن من الإعلان عن نفسه وفكره وتطلعاته. فقد نجد فيها ما هو رائع ومثمر.