ما من امرأة تولد مومس، هناك دومًا شخص ما يجعلها تصبح كذلك

بقلم روبير شعيب

 روما، الخميس 19 يونيو 2008 (Zenit.org).

 لربما يخطر في البال أن العبودية أمر انطوت عليه صفحة الماضي، ولكن الألفية الثالثة ما زالت تحمل في طياتها مآسٍ إنسانية خطيرة تتألف من استعباد الأطفال والنساء للإنتاج والدعارة. غالبًا ما تمر هذه العبودية دون أن تلفت انتباهنا لأن قيودها ليست قيودًا يغطيها الصدأ بل ملابس ناعمة وحتى حريرية. إلا أنه وراء الوجوه الباسمة بسمة غوى، هناك قصص مؤلمة وعبودية مدروسة تضطر الكثير من الشابات في الدول الفقيرة إلى العيش بين أنياب شهوات "الأسياد" وتحت رحمة قبضات "الزبائن".

 يلمع من بين أنبياء عصرنا الذين استنكروا لهذه الظاهرة ليست فقط عبر الكلام، بل أيضًا عبر العمل لتحرير هذه الضحايا، الأب أوريستي بنزي، الذي انتقل في أواخر العام الماضي إلى الأخدار السماوية. وكان شعار الكاهن، مؤسس جمعية البابا يوحنا الثالث والعشرين: "ما من امرأة تولد مومس، هناك دومًا شخص ما يجعلها تصبح كذلك".

 بعد موت الأب بنزي لم تتوقف جمعيته عن العمل، من ناحية على توعية الضمائر على هذه العبودية "الناعمة" – إذا جاز التعبير، لأنها تخفي بالحقيقة وراء نعومة المظاهر مآسي عنف، واستعباد وابتزاز يطال غالبًا ،ليس الفتيات فقط بل عائلاتهن. من ناحية أخرى، ما زالت الجمعية تعمل بشكل ملموس على تحرير هذه الفتيات عبر استقبالهن في مراكز الجمعية للتأهيل الإنساني والاجتماعي.

 في مقالة له ظهرت اليوم في جريدة الأوسيرفاتوري رومانو، تحدث جوفاني باولو راموندا، المسؤول العام لمؤسسة جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين، عن ضرورة عدم الاستسلام أمام ظاهرة "تسويق الكائن البشري".

 واستنكر راموندا لظاهرة الاستغلال الجنسي التي هي "نتيجة مباشرة لهيكليات ظالمة تضطر بسببها الضحايا، بغية تحسين أحوالهن أو بكل بساطة بغية منهن بالبقاء على قيد الحياة، إلى أن تصبح بضاعة سهلة لتجار لا يعرفون رادع أخلاقي".

 وأشار إلى أن ظاهرة العولمة وفتح الحدود الأوروبية سهلت التنقل والهجرة نحو غرب غني، وقد استغل الكثير من المجرمين هذا الانفتاح وأرغموا عددًا كبيرًا من النساء على الدعارة تحت تهديد العنف والابتزاز وحتى الموت.

 واستشهد بالبابا يوحنا بولس الثاني القائل: "حانت الساعة لإدانة ظاهرة العنف الجنسي على النساء بشكل فعال، عبر خلق وسائل قانونية مناسبة".

 واعتبر المسؤول العام لمؤسسة جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين أمرًا غير مقبولاً وصاعقًا الاقتراح الذي يقدمه البعض في خلق "مناطق أضواء حمراء" مكرسة للدعارة. وتساءل مقدمًا مثلاً: كيف يمكننا أن نقول أن السرقة هي جريمة، ونقوم مع ذلك بخلق مساحات يمكن فيها السرقة!

 وأشار أن الحل يقوم "بتأسيس قاعدة قيم"، تسمح للشبيبة أن تنمو في "مجتمع سليم وغير مرائي".

 وأضاف أخيرًا مستشهدًا بالأب بنزي الذي كان يقول: "لا يكفي أن نعزي النساء ضحايا الدعارة، ولا يكفي أن نساعدهن ماديًا، يجب أن نحررهن!".