تصريحات البابا الصحفية قبل سفره إلى استراليا

"نحن نستطيع أن نقوم بأشياء كثيرة، ولكننا نعجز عن خلق مناخنا"

البابا يتحدث عن العولمة وعن حاجة الإنسان المعاصر إلى الله

 بقلم روبير شعيب

 سيدني، الاثنين 14 يوليو 2008 (Zenit.org).

عبّر بندكتس السادس عشر في لقائه مع الصحفيين أثناء رحلته إلى استراليا نهار السبت الماضي 12 يوليو عن فرحه للقائه بالشبيبة من جديد بعد لقاء كولونيا في ألمانيا، وتطرق في جوابه الثاني إلى موضوع العولمة في استراليا التي تشكل جزءًا من العالم الغربي، حيث يمر الإيمان بأزمة، ولكن، حيث يعيش الإنسان أيضًا خبرة حاجته إلى الله وبالتالي نهضة ونضوجًا في الإيمان الشخصي.

 دام اللقاء زهاء 20 دقيقة، أجاب خلاله الأب الأقدس على 5 أسئلة.

 لقاء الشبيبة العالمي

 عبّر الأب الأقدس عن الرجاء الذي يعقله على لقاءات الشبيبة العالمية وذلك في معرض جوابه على السؤال الأول الذي طرحه أحد الصحفيين بشأن "آنية" لقاءات الشبيبة العالمية التي بدأها البابا يوحنا بولس الثاني . وقال بندكتس السادس عشر أنه يزور استراليا بفرح كبير، وذكر خبرته الأولى في كولونيا، حيث كان اللقاء مع الشبيبة "احتفالاً إيمانيًا عظيمًا"، و "لقاءً إنسانيًا للشركة مع المسيح"، لقاء يفتح المعابر ويزيل الحواجز بين الشعوب.

 وأمل البابا بأن يتم الأمر نفسه في سيدني، انطلاقًا من موضوع هذه السنة الذي يتمحور على الروح القدس، الذي هو "الروح الخالق"، وهذه الصفة الإلهية للروح القدس هي ذات آنية كبرى. الروح القدس – تابع الأب الأقدس – هو الذي أوحى الكتاب المقدس، وهو روح المسيح الذي يقود الجميع إلى الشركة مع يسوع.

 وقال الأب الأقدس: "تخلق الأيام العالمية للشبيبة تاريخًا، أي تخلق صداقات، وتطلق إلهامات جديدة"، ولفت أنه يجب النظر إلى لقاءات الشبيبة ليس من المنظور الضيق المحصور بأربعة أيام، بل انطلاقًا  من كل المسيرة التحضيرية والتي تلي اللقاء.

 "من هذا المنطلق –  ختم البابا جوابه الأول – تبقى لقاءات الشبيبة العالمية أداة فعالة تعدنا لفهم المسير معًا من وجهات نظر مختلفة"، وبالتالي هي ما زالت فعالة حتى اليوم، وحتى المستقبل القريب على الأقل.

 العولمة

 وتطرق السؤال الثاني الذي طرحه صحافي استرالي من جريدة " The Australian Newspaper" إلى مستقبل الكنيسة في استراليا، والتي يعتبر مجتمعها من أكثر المجتمعات عولمة في العالم. وسأل الصحافي البابا عما إذا كان قلقًا بشأن إمكانية اتباع كنيسة استراليا مسيرة الانحطاط الأوروبية.

 انطلق البابا في جوابه من الإشارة إلى امتثال استراليا لما يسمى "العالم الغربي"، اقتصاديًا وسياسيًا، وبالتالي " من الواضح أن تتقاسم استراليا نجاحات ومشاكل العالم الغربي". فالعالم الغربي عاش نحو 50 سنة من النجاح الاقتصادي، ولكن الدين فيه يمر بأزمة كبيرة. "وهذا واضح لأننا نشعر وكأننا لسنا بحاجة إلى الله، إذ يمكننا أن نفعل كل شيء من تلقاء ذاتنا، ولا نحتاج لله لنكون سعداء، ولا نحتاج لله لنخلق عالمًا أفضل".

 "من ناحية أخرى، نرى أن الدين حاضر دومًا في العالم، وسيبقى حاضرًا دومًا لأن الله حاضر في قلب الكائن البشري ولا يمكنه أن يختفي. يمكننا أن نرى كيف أن الدين هو حقًا قوة في العالم وفي دوله".

 واعتبر الأب الأقدس أننا لسنا بصدد "انحطاط" بل "أزمة"، لأن الإيمان يظهر بأشكال مختلفة، و "في هذه الحقبة التاريخية بدأنا نفهم مدى حاجتنا إلى الله. فنحن نستطيع أن نقوم بأشياء كثيرة، ولكننا نعجز عن خلق مناخنا. توهمنا أننا نستطيع القيام بذلك، ولكننا لم نستطع. نحن بحاجة لهبة الأرض، لهبة الماء، نحن بحاجة للخالق؛ الخالق يعاود الظهور في خليقته".

 وأشار الأب الأقدس أن الإيمان سيواجه أزمة في العالم الغربي، و"لكن سيكون هنالك دومًا نهضة إيمان، لأن الإيمان المسيحي هو حقّ ببساطة، والحقيقة ستبقى أبدًا حاضرة في العالم الإنساني"، ولهذا السبب عبّر الأب الأقدس عن "تفاؤله" بشأن مستقبل الإيمان.

البابا: الاعتذار عن بيدوفيلية بعض أفراد الإكليروس يعني أيضًا إعادة النظر بالتنشئة الكهنوتية

جدد الأب الأقدس بندكتس السادس عشر استنكاره وإدانته لظاهرة التحرش الجنسي من قبل الإكليروس في معرض الحوار الذي أقامه مع الصحفيين الـ 43 الذين رافقوه في رحلته إلى استراليا للاحتفال باليوم العالمي للشبيبة.

  وأشار البابا إلى أن هذا الموضوع، الذي سلط الضوء عليه في زيارته إلى الولايات المتحدة، سيكون أيضًا موضوعًا رئيسيًا في هذه الزيارة. كما وأشار أنه سيعمل على تحسيس الشبيبة على المسؤولية نحو البيئة.

 فعلي السؤال الذي طرحه صحفي من التلفزيون الاسترالي بشأن مطالبة ضحايا الاعتداء الجنسي من قبل الاكليروس الأبَ الأقدس بالكلام عن الموضوع وتقديم اعتذار إلى الضحايا، قال الأب الأقدس: "إن المشكلة مماثلة لمشكلة الولايات المتحدة. وقد شعرت بضرورة الكلام عنها في الولايات المتحدة لأنه من الضرورة أن تقوم الكنيسة بالمصالحة وبدرء هذه المشاكل".

 ولفت أن هنالك ثلاثة أبعاد ينبغي توضيحها:

 البعد الأول هو التعليم الخلقي. "يجب أن يكون واضحًا، كما كان واضحًا دومًا منذ العصور الأولى، أن الكهنوت لا يمكن أن يختلط بهذه التصرفات، لأن الكاهن هو في خدمة ربنا، وربنا هو القداسة بالذات". 

 "يجب أن نفكر بما نقص في تربيتنا وتعليمنا في العقود الأخيرة: فقد كانت هنالك فكرة التناسبية في الأخلاق في الخمسينيات، والستينيات والسبعينيات: وتقول هذه النظرية أن ما من شيء سيء بحد ذاته، بل هو كذلك تناسبًا مع الآخرين؛ وانطلاقًا من التناسبية بات من الممكن التفكير بأن بعض المواضيع – ومن بينها البيدوفيليا – يمكن أن تكون أمرًا جيدًا. ولكن يجب أن نقول بوضوح أن هذه لم تكن أبدًا تعليم الكنيسة الكاثوليكية. هناك أمور هي سيئة دومًا، والبيدوفيليا سيئة دومًا".

 وأشار الأب الأقدس إلى ضرورة تنشئة الإكليريكيين والكهنة على أن يكونوا "قريبين حقًا من المسيح، أن يتعلموا منه أن يكونوا مسعفين ولا أعداء لإخوتهم البشر والمسيحيين".

 ولذا لفت البابا أنه سيقوم بكل ما هو ممكن لتوضيح تعليم الكنيسة بهذا الشأن، وللمساعدة في تنشئة الكهنة عبر التنشئة الدائمة، والقيام بكل ما هو ممكن للمصالحة مع الضحايا.  وعبّر قداسته أن هذا هو جوهر كلمة "اعتذار"، "فالأهم هو أن نقدم مكنون التعبير، ويجب على المكنون أن يلفت إلى ما لم يكن كافيًا في تصرفنا، وما يجب أن نقوم به في هذه اللحظة، كيف يمكننا أن نشفي ونصالح".

البابا يصلي من أجل الشركة الأنغلكانية لكي تجد أجوبة معاصرة أمينة للإنجيل

 

 

تطرق الأب الأقدس في جوابه على السؤال الرابع الذي طرحه الصحفيون الذين رافقوه في رحلته إلى استراليا إلى  القمة الأخيرة للدول الصناعية الكبرى الثماني التي عقدت مؤخرًا في اليابان، ومسألة التحولات المناخية.

 

 وأشار إلى أن موضوع احترام البيئة سيكون رئيسيًا في لقاء الشبيبة في سيدني، لأن الحديث عن الروح القدس يقود إلى الحديث عن الخليقة وعن مسؤوليتنا تجاهها.

 وأوضح أنه لا يبغي أن يقدم حلولًا هي من اختصاص أهل العلم بل أن يقدم نقاطًا أساسية لرؤية مسؤوليتنا، لكي نتمكن من التجاوب مع هذا التحدي الكبير: "إعادة اكتشاف وجه الخالق في الخليقة، وإعادة اكتشاف مسؤوليتنا عن الخليقة أمام الخالق".

 الشركة الأنغليكانية

 وتطرق السؤال الأخير إلى لقاء الأساقفة الأنغليكانيين في مؤتمر لامبث، الذي يود التوقف بشكل خاص على مسألة الشركة بين المناطق للحؤول دون اتخاذ بعض المناطق قرارات تناقض الإنجيل والتقليد، الأمر الذي يعرض الشركة الأنغليكانية لخطر الإنشقاق وإمكانية طلب بعض الأساقفة الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية.

 لفت البابا في جوابه إلى أن إسهامه الأكبر يمكن أن يكون الصلاة وحدها، وأكد: "سأكون قريبًا جدًا بالصلاة من الأساقفة الأنغليكان الذين سيجتمعون في مؤتمر لامبث.

 وصرح: "نحن لا نستطيع ولا يجب علينا أن نتدخل في نقاشاتهم، نحترم مسؤوليتهم، ورغبتنا هي أن يتمكنوا من تحاشي انقسامات وانشقاقات جديدة، وأن يجدوا حلاً مسؤولاً أمام عصرنا، ولكن أيضًا أمينًا للإنجيل. يجب على هذين الأمرين أن يتماشيا سوية".

 "فالمسيحية هي معاصرة دومًا وتعيش في هذا العالم، وتحمل في هذا الزمان رسالة يسوع المسيح، والتالي تقدم إسهامًا حقًا لهذا الزمن فقط عندما تكون أمينة بشكل ناضج، بشكل خلاق وأمين لرسالة المسيح. نأمل، وأنا أصلي شخصيًا، لكي يجدوا سويةً سبيل الإنجيل في عصرنا".

ومن الجدير بالذكر أن

البابا يلتقي الكاردينال بيل والمطران فيشر في كنتهورست في اليوم الثاني لزيارته الرسولية إلى استراليا

سيدني، أستراليا، 14 يوليو 2008 – عن إذاعة الفاتيكان

بدأ البابا بندكتس السادس عشر اليوم الاثنين بقداس صباحي في كابلة مركز أوبوس داي للرياضات الروحية في كنتهورست حيث يمضي ثلاثة أيام من الراحة، بمشاركة الوفد المرافق وكهنة وجماعة المركز. ومن ثم التقى الكاردينال جورج بيل رئيس أساقفة سيدني والمطران أنطوني فيشر منسق اليوم العالمي للشبيبة 2008 وتدارسوا الاستعدادات لهذا الحدث. وعند الخامسة بالتوقيت المحلي، استمع الحبر الأعظم إلى كونشرتو كلاسيكي عزفت فيه أوركسترا سيدني سيمفوني فِللووز مقطوعات لشوبيرت، موزارت وشومان.

هذا وتتواصل اللقاءات الشبابية التحضيرية لليوم العالمي في سيدني، إذ انعقد اليوم الاثنين اللقاء الجامعي الأوروبي والأسترالي حول موضوع "شهود الإنجيل في الجامعة" في ساينت جون كوليدج التابع لجامعة سيدني الذي نظمه مكتب الراعوية الجامعية في نيابة أبرشية روما بالتعاون مع المرشديات الروحية الكاثوليكية في أبرشية سيدني وجمعية الطلاب الكاثوليك في استراليا. كذلك احتفل الشباب الفرنسي بالعيد الوطني أي ذكرى سقوط الباستيل وأقاموا مهرجانا حاشدا في سيدني كونفنشون سنتر شاركت الشبيبة الفرنكوفونية من أفريقيا واستراليا والمحيط الهادئ.